الفصل الثامن عشر
—————
للاسف حامل !!!!!!
اغمض عينه بقوة مع ضم قبضته لفمه في اسف ثم يسألها باضطراب :
-هنعمل ايه دلوقت ...مالك والحاج حافظ لازم يعرفوا ...
-لا طبعا ..!!!!
كانت هذه جملتها التي خرجت منها باستنكار غريب لتكمل بكره:
-مالك مالوش حق يعرف حاجة زي كده ..لانها مش هتحتفظ بالعيل ده ......
صرخ بوجهها معترضًا:
-انت مجنونة ...ازاي تفكري في حاجة زي كدة ..ده ابنه ومن صلبه ولازم يعرف ....
-هو طلقها والموضوع انتهى .....وكده اساسا عدتها قربت تخلص وكل واحد يشوف طريقه ...كفاية بقى اللي جرالها منه لحد دلوقت ....
ضحك بسخرية من تفكيرها ليقول :
-وعدتها تخلص ازاي وهي حامل ...بلاش غباء ..مالك لازم يأخذ فرصة يمكن يردها لما يعرف ...
أشاحت تشير له لنافذة حجرتها القابعة فيها المسكينة :
-ودي ..مش صعبانة عليك ..عايز يردها عشان الولد بس ..عايزه يدخل حياتها يدمرها تاني ..أنا حاكتلك كل حاجة يا فزاع بينهم ..ومش هسمح لمالك يدمر الغلبانة اكتر من كدة ..والحمل ده لازم ينزل ...عشان خاطرها هي قبل أي حد .....
تركته بغضب تضرب الأرض بقدمها تخطو خطوات واسعة متجهة حيث ذلك العريس المنتظر لها منذ اكثر من ساعة ...
.........
كانت تجلس فوق فراشها مخفضة ساقيها تلامس الأرض مستندة بكف يدها اليمني فوق الفراش بجوارها واليد الأخرى تلامس بطنها المسطحة بشرود وذهول ..يظهر على ملامح وجهها الصدمة ...لقد شكت امينة منذ عدة أيام في امرها عندما زاد خمولها وعدم مكوث اي طعام بمعدتها الصغيرة ليشحب وجهها ويزبل لونه ،.ولكنها لم تهتم بالأمر كثيرا ..لم يكن لديها طاقة للتفكير في موعد اخر عادة شهرية ...لتتفاجأ بدخول امينة عليها باختبار الحمل المنزلي ...لتتأكد بعدها بإيجابيته ..هل عليها الان ان تتراقص فرحا ام تصرخ حزنا ؟!.....مشاعر متضاربة متداخله اصابتها لتسمع بعدها صوت شجار فزاع معها،.بشأنها .....شقت وجهها ابتسامة تدريجية بلهاء تهمس بعدم تصديق :
-أنا حامل .....أنا حامل .....حاااامل !!!!
.....................
جلست امام زوج خالتها بجوار والدتها تسمع ترحيب امها المبالغ فيه بزميلها في العمل وأخته التي تكبره سنًا ولم تستسيغها منذ دخولها بسبب برود سلامها ونظراتها المتفحصة لها بكل وقاحة فتمرر عينيها بصمت على ذلك الواقف مستندا على إطار الباب مكتف ذراعيه امام صدره وعلى وجهه ابتسامة صفراء على وجه بلاستيكي فترسل له نظرة متسائلا بمعنى (على اي شئ تبتسم )....فما كان منه الا ان رفع كتفيه بلا مبالاة بمعني (ولا شئ).....فتزداد ابتسامته .....
فيقول انور برسمية :
-احم أنا ياحاج كنت جاي يشرفني انهاردة أجي اطلب أيد امينة من حضرتك.....أنا مدرس لغة انجليزية وماليش في الدنيا اللي اخواتي البنات هيام وهادية ...وعندي شقة المرحومة والدتي ممكن اوضبها و اسكن فيها ....
الحاج حافظ يمرر نظرة بعدم راحة على الجميع يقول بدبلوماسية :
-والله يا أستاذ انور ...الرأي رأي امينة وأمها...بس أنا ما تأخذنيش ما سبق ليك الجواز قبل كده ..واللي قدك عياله بقوا طوله ..ايه اللي اخرك في الجواز كل ده ...
كاد ان يجيب بوجه متعرق فوجد من تلكزه بخفة وتسرع في القول :
-اخويا ربنا يحميه يا حاج ...ما يعيبوش حاجة ...هو مأخر جوازه عشاننا أنا وأختي ....هو اه امينة سبقلها الجواز وهو لا بس هنقول ايه ؟...نصيب!!!.....
لتنهي كلمتها بإصدار صوت من فمها ...
لم يخفى علي الجميع تصرف اخته وسيطرتها على اخيها والرد نيابة عنه ..ليظهر ويوضح امامها خامة انور وضعفه امام اخته ..فتستقيم في جلستها بكبريائها المعتاد وترفع ساق فوق اختها تهزها برتابة تقول بلهجة ذات مغزى:
-والله اللي سبق لها الجواز قبل كده احسن من اللي فاتها القطر ولا عانس ...على الأقل أنا دوقته احسن من اللي عمره ما هيدوقه ......
كتم فزاع ضحكة كادت ان تخرج من فمه ليتدارك الامر ليتنحنح ويحك رقبته ينظر للسقف وهو يرى اخت عريس الغفلة تخرج نارًا من رأسها كالتنين ...ويجد ذلك الأنور متعرقا يحاول تلطيف الجلسة يقول للحاج حافظ :
-ما سمعتش رايك يا حاج ؟!.....
كاد ان يجيب ليصدح صوت امينة مقاطعا تقول بلطف مبالغ فيه سبب له بالضيق:
-عن إذنك يا حاج قبل ما نقول رأينا ...لازم أستاذ انور وأخته يعرفوا حاجة مهمة جدا ...وكنت متوقعة انهم هما اللي يسألوا ......
ردت هيام بسخرية ونزق :
-خير يا عروسة !!!!...
-انتوا ما سألتوش عن سبب طلاقي وانفصالي عن جوزي ......
رفعت طرف عينيها لذلك المستند على إطار الباب ولاحظت اختفاء الابتسامة تدريجيًا ويظهر لفحة ألم بعينيه فتشيح بوجهها بكبرياء ترفع انفها تصدمهم :
-أنا عقيمة!!!!!!!
.................
دخل على ام سعد التي تقوم بعملها بطريقة عملية بحتة من تنظيف الصحون لإعداد الطعام مع متابعتها لإعداد القهوة للضيوف الغير مستساغة لوجودهم ..تحدثه بضيق واضح:
-والله يافزاع طليق امينة برقبته ..كانت رجعتله بدل خيال المقاتة اللي جوه ده هو وأخته الحيزبون ....
رد ببرود:
-ما لناش دعوة يا ام سعد كل واحد حر .....
قالت وهي تشيح بيدها وتتحرك تسكب القهوة :
-على رايك ....بس ياكبدي امينة ما تستأهل اللي جوه ده ...قُصْرُه....أنا جبتلك عروسة إنما ايه ...زي ما وصتني تمام أدب واخلاق وبنت ناس طيبين عارف بنت الشيخ عبد الرحيم ...عنده بنتين كل واحدة فيهم بنت بنوت ..والله لا أوزع شربات علي البلد لو .......!!!!
دخلت ببرود تقاطعهم تحاول التهرب من نظراته تحدث الأخيرة :
-ام سعد العصير جاهز ؟.....
قالت لها بضيق :
-مافيش عصير ..هو قهوة حلو اوي في المناسبة دي !!!...
-ام سعد !!!!.....
أصدرت ام سعد صوت بفمها تجيبها :
-يوه يا امينة يا بنتي ...أنا بعمل الغدا ...
رفعت نظرها له لتجده يكتم ضحكته لتقول لها وهي لازالت تنظر له بتحدي :
-ماشي يا ام سعد ....ما ناس ليها قهوة...وناس ليها شربات !!!!...
فتتحرك بحامل القهوة متجهة للمكان الضيوف وتشيعها عينيه بألم ....
..................
جلست بجوارها مستندة بظهر فراشها شاردة امامها بحزن غريب ..لا تعلم متى كانت بمثل هذا الضعف والتأثر ..؟بعد سماعها عن امر إعداده لخطبته ورحلة البحث عن عروس مناسبة له سنًا ولم يسبق لها الزواج من قبل (بنت بنوت)...ابتسمت بحسرة على مدي تأخر تفكير المحيطين بها وبالأخص هو ..لما تفكر به وتهتم ؟...فكل إنسان حر له مطلق الحرية باختياره سواء كان صائبا او خاطئا ....لما سيتنازل ويرتبط بامرأة سبق لها ان لامسها غيره وتمتع بها ..وإضافة لذلك اتصفت "بالعقم ".....
التفتت تنظر لتلك القابعة المستكينة بوضع الجنين بجوارها مفتوحة العينين يخيم عليها هدوء غريب بعد معرفتها بخبر حملها ....تمد يدها تمسح فوق خصلات شعرها بهدوء ويتصادف معها سماعها لصوت التلفاز بالخارج يصدح منه كلمات مست قلبهما الأخضر معًا :
_••••••••••••••
أنت تقرأ
باليرينا الشرق( مكتملة)محولة للورقي الآن مع تعديل السرد وتحويلها للفصحى كليا
Romanceأنت برد ونار أنت طريق غير مختار قدر يلاعبنا كالأوتار من بين لقاء ووداع لقاء نبني عليه قصور من الأحلام ووداع يقطع أوصال أفئدتنا لأشلاء