التاسع والثلاثون
———-يوم العرض بالاوبرا
،،،،،،،،،،،،،،،
بحجرتها المخصصة لها جالسة بفستانها الوردي ذات الطبقات المنفوشة التي تكاد تلامس ركبتيها كما امرها بان تختار فستانا طويلا مناسبا لها ...رفعت اعينها تنظر لملامح وجهها الحزين المنعكسة بمرآتها ... المزينة بالقليل من طلاء الوجه الهادئ ..رفعت يدها بحرص تضبط وضعية تاج رأسها الاغريقي الذي يجمع خصلات شعرها فوق رأسها ... المزدان باوراق الشجر المرصعة بفصوصها اللامعة ..انتبهت لرنين هاتفها الذي لم يتوقف منذ عدة ايام وقبل ان تنظر لشاشته كانت على علم بهوية المتصل التي لم تكل او تمل من معاودة الاتصال فتقابله هي بالتجاهل ككل مرة ....لتجبر منذ عدة ايام على ارسال رسالة مختصرة لها تفيد بانشغالها بعرضها المنتظر في الفترة الحالية حتى تتوقف عن الاتصال ....ولكن حالة من الحزن تتملكها الان
فقد بدأت نسبته في التفاقم رويدا رويدا ..ترى ما يمنعه عن إجابة اتصالاتها في مثل هذا اليوم الفاصل في حياتها ...؟!..ولكنها سريعا عادت تلوم نفسها على ثقتها التي وضعتها في حضوره لمثل هذا العرض ..لما يهتم ؟!..عادت تسأل مرة اخرى... أَلم تشعر بالشعور ذاته منذ عدة سنوات مضت عندما خذلها مالك ولم يهتم بالحضور؟ ...وها هي تخذل للمرة الثانية ...وصلها صوت مدربتها يصدح بالاجواء تطلب من الجميع التحرك باتجاه المسرح .....تحركت بجسد مثقل بالهموم ورأس منكسة تنظر لقدميها بروح مجروحة واعين على وشك البكاء ...فأعاق استمرار سيرها رؤيتها لحذاء رجالي امامها فتلقائيا رفعت رأسها لتجد من يقف امامها بابتسامة تزين ثغره بجاذبية فصرخت بقوة بأسمه ...تقفز باحضانه ليتلقاها بسعادة متبادلة سمعها تردف بسعادة بالغة :
-كنت متأكدة ...كنت متأكدة انك مش هتتخلى عني في يوم زي ده !!....
ضمها بقوة لصدره يجيبها بعشق :
-تفتكري ينفع افوت اهم يوم ليكِ ..ده انا ادفع نص عمري واشوفك وانتِ على المسرح ...
ابتعدت عنه تنظر لبذلته السوداء ورابطة العنق الجديدة عليه بانبهار تردف :
-شكرا يا حازم !!..حضورك ده هيفرق معايا كتير انهاردة ...
تلاقت اعينها باعين تحفظها عن ظهر قلب وسط الزحام والاضواء المتداخلة فسرعان ما تبدلت ملامحها ...منذ خروجها وهي اصلها ذبذبات غير مرئية لا تشعر بها الا بوجوده هو فقط ... ظلت تنظر حولها بريبة فسألها باهتمام :
-في حاجة ...؟!....
هزت رأسها تنفض عنها شكوكها ..ليصلهما صوت مدربتها الحاد ينادي عليها مرة اخرى يستعجلها للحضور فألتفت له تمسك كفيه برجاء تردف على عجالة :
-اتفرج عليا كويس ...العرض جديد ومختلف هيعجبك ..
كادت ان تبتعد خطوة لتعود تكمل بسرعة :
-بعد العرض محضرة لك مفاجأة هتعجبك اوووي ...باي!!!
ابتعدت عنه بسرعة لتختفي بين الزحام وتغيب عن اعينه مؤقتا ....
..........
جلس بين الصفوف الاولى يشاهد تألقها بالعرض بروح مسلوبة كان اول مرة له يشاهدها بتلك البراعة والاتقان ...ظل يشاهد العرض باهتمام بالغ حيث كانت تمثل دور الاميرة التي تجوب الغابة مع القليل من خدامها الاتي يرتدين نفس ملابسها بلون مختلف .ومع جولتها تتعثر باحدى سكان الغابة المشردين مرتدية ملابس ممزقة فتنشب علاقة صداقة بينها وبين المشردة ..وتدور الاحداث بمحاولة شيراز تقليد نوعية رقص المشردة التي ترقص (الهيب هوب) باحترافية لتفشل شيراز في ذلك في بداية الامر وتسقط فوق المسرح ..انتفض جسده خوفا من سقوطها المفاجئ وكاد ان يقفز من مقعده ليجدها تستقيم وتستمر في اداء حركاتها ليعلم بعدها ان سقطتها ليست الا جزء من العرض ..تسير احداث العرض حتى استطاعت الرقص مع المشردة بنفس حركاتها ءمع مزج حركات الباليه بطريقة متوازية ...ولكن في النهاية ألمه قلبه عند رؤيتها محمولها بين ايادِ الفتيات بحزن مغدور بها من صديقتها المشردة ليقفل الستار بعدها معلنا نهاية العرض ...لم يستطع الانتظار في مقعده حتى يراها تحيي الجماهير ..تحرك بسرعة خلف المسرح بلهفة يريد ضمها لصدره بقوة يخفيها عن الانظار يكسر عظامها بقوة عاشق ....
...........
جرت اتجاهه بلهفة طفلة تنتظر الحلوى من ابيها ..اندفع هو الاخر يحملها بين ذراعيه يشتم عبق عبيرها دافنا انفه بعنقها بقوة ...يبلغها بعشق :
-تجنني ...تجنني يا شيرو.....
ابعدت وجهها تنظر لوجهه وهي محمولة بين ذراعيه بوله اكبر ..تطلب منه برجاء وسعادة :
-انا عايزة اروح ....حاااالا ....
..........
حملها بين اذرعته بتملك شديد تحيط بعنقه مريحة رأسها فوق صدره باستمتاع ..بعد ان طلبت منه الرجوع على الفور للمنزل لم يصدق إلحاحها ورغبتها في ذلك ...وضعت اذنها فوق صدره تستمع لدقاته الصاخبة المتوترة و شعرت بقوة احتضانه لها ...احتضانا متملكا ...اما عنه لم يصدق طلبها بحملها بين يديه كان ذلك امرا غريبا وجديدا عليه ..ابطء في خطواته صاعدا الدرجات بتهمل لعله يُطيل تلك اللحظات النادرة بينهما يشتم رائحتها المُسكرة بهيام ..الى متى سيظل الوضع بينهما على هذا المنوال؟..يكتفى شاكرًا للقليل من قطرات المياة التي تقدمه ليروي ظمأه في صحرائها القاحلة ..ولكن لا يهم ..الاهم انها معه وبين احضانه مستسلمة لا معارضة ...وصل امام باب حجرتها يُمنى عقله بالكثير ..والكثير ...اخفضها ببطء حتى استقامت واقفة امامه تنظر له نظرات راضية مع ثبات ابتسامتها الساحرة تقول برسمية زادت من غيظه :
-شكرا يا حازم على تعبك !!!..و سوري(sorry)هتنام في الاوضة التانية ..اصل تعبانة جددددا انهاردة ...جعانة نوم ...
اكملت بالايطالية (puona notte)
تصبح علي خير !!!!!
إلتفتت تولج داخل حجرتها بهدوء تكتم ضحكاتها على هيئته الغاضبة ..وقف ينظر لاختفائها خلف الباب .صرخة مكتومة يليها انحنائه ممسكا قدمه نتيجة ضربه الحائط بغضب طفولي على فعلتها يهدر بصوت عالي اجش:
-(بونا نوتى )يا اختي ...!!!!...
تحرك بغيظ اتجاه حجرته يضرب الارض بقدمه كطفل غاضب يكمل بعلو صوته مستهزئا :
-ما تنسيش تتغطي كويس ..ها !!!!.....قال (بونا نوتي )قال!!!!
..............
ألقى بجسده اسفل المياة الباردة المنهمرة في محاولة فاشلة منه ان يهدئ نوبة غيظه ولهيب شوقه الذي يأكل ثنايا قلبه لمدة لا تقل عن ربع الساعة حتى فشل في تبريد نار شوقه ...انتبه لصوت ضوضاء صادرا من الخارج فاسرع باغلاق المياه حتى اتضح له صوت صدوح اغاني بطريقة مزعجة فصدرت عنه زمجرة شرسة يتوعد لها بغيظ :
-هو ده اللي جعانة نوم يا بنت حفني ..اما علمتك الادب ما بقاش حازم ابن منصور ....!!!
تحرك خارج الحجرة بغيظ ملتف بمنشفته الخاصة يقترب من باب حجرتها يفتح باندفاع غير محسوب قاصدا تربيتها ولكن ما شاهده كان كفيل لان يثبت عن الحراك بجسد متصلب كالتمثال الرخامي مع صدوح كلمات المطربة :
أنت تقرأ
باليرينا الشرق( مكتملة)محولة للورقي الآن مع تعديل السرد وتحويلها للفصحى كليا
Romansaأنت برد ونار أنت طريق غير مختار قدر يلاعبنا كالأوتار من بين لقاء ووداع لقاء نبني عليه قصور من الأحلام ووداع يقطع أوصال أفئدتنا لأشلاء