الواحد والاربعون

4.7K 176 17
                                    

الواحد والاربعون

وصل اليها قبل ان تبتعد فالتفت على صراخه باسمها خوفا منها ان يسمعه
احد ويلفت لهما الانظار  ..ولكنها عندما إلتفت رأت وجها غريبا عليها... وجها محتقن دمائه بعيون شديدة الاحمرار منتفخة الاوداج ...ظلت تنظر له بريبة مما هو عليه مع رؤية ترنحه  الغريب و محاولته للوقوف ثابتا كما كان منذ قليل ..ولكن ماطرأ عليه جعل عيونها تجحظ برعب حينما شاهدت خط من الدماء الساخنة تخرج من انفه فهمست برعب محذرة :
-مالك !!!!...
رأته يرفع انامله يمسح دماء انفه بجسد مترنح بشدة وعيون زائغة ومع  محاولته التشبث بأي شئ وجدته يفشل ويزاد ترنحه ليسقط امامها من اعلى المركب نزول لمياة البحر العميق  ..صدرت  منها صرخة لا إرادية باسمه ..هرولت اتجاه الحاجز تنظر للمياة بروح مسلوبة تبحث عنه بعينيها برعب ..فصرخت مرة اخرى لعل احد يسمعها وينقذه . ...ترجمت اشارات عقلها سريعا تعرضه لحالة إغماء قبل سقوطه من اعلى المركب ....ما كان منها الا انها قفزت  بتهور خلفه بالمياة متناسية  سلامة أمانها ....كل ما ترغب فيه انقاذه من الغرق المحتوم .....
غاصت بعمق  المياة الباردة للحظات حتى استطاعت مرة اخرى استعادة اتزانها للصعود فوق السطح  بسرعة لتأخذ نفسا كبيرا تتلفت حولها لعلها تجده  فتعود مرة اخرى للغوص بطريقة هستيرية وجنونية ظلت تكرر فعلتها بصراخ هستيري حتى لمحته يغوص لقاع المياة واستطاعت اخيرا في الوصول اليه تخرجه لسطح المياة ...انتباهها سعالا حادا مع محاولتها لجذبه معها لتلاحظ فقدان وعيه التام ..كان من الصعب عليها التشبث به بسبب جزعه العاري..صرخت باسمه حتى يستجيب لها ويعود لوعيه ...و رفعت نظرها لاعلى المركب لتتفاجأ باصطفاف كل الموجودين يشاهدون ما يحدث برعب جلي وتوتر شديد وصراخ البعض رعبا ...فشاهدت رجلا في العقد الخمسين استنتجت انه  قائد المركب واقفا فوق سلم جانبي .خلف اليخت في محاولة منه جذبها فصرخت بصوت متحشرج بهم :
-هيفلت منيييييي ...مش قادرة امسكه ...حد يساعدني بسرررررعة.......
.............
جلسا مستندا بجزعه  القمحي العاري فوق فراشه يدخن سيجارته بوجوم وذهن شارد ..ماينظر له يجد وجهًا شرسا ينبئ بالخطر ..أفاق على حركة اناملها الرفعية واظافرها ذو الطلاء الاسود القاتم تتلاعب بجوع بصدره العاري ..مع استخدامها اساليبها الإغرائية الذي بات يحفظها منذ عدة سنوات عن ظهر قلب ..فهمست له باثاره عالية بلغتها الاصلية :
-حبيبي !!..ألم تشتاق إلى حبيبتك"چولين"..؟..فانا الاحظ غضبك مني منذ علمك بحضوري بطريقة فجائية...
نظر لها بوجه جامد غير مقروء ملامحه يردف بضيق :
-لقد خالفتي اوامري (چولين )ألم احذرك من التهور والسفر الي هنا ؟!...
-اوه حازم!!! ...لم استطع انتظار عودتك ..ولم اتحمل مدة غيابك عني ...
فانا اشتاق لك بشدة ..حتى وانا بين احضانك يزداد اشتياقي لك ...مثلما يحدث معي الان ...
دفعها عنه بضيق :
-اتركي شهواتك الان  ..وكفى الاعيب ....واخبريني ما الذي أتى بك ؟
مالت عليه بجسدها العاري تحاول اثارته .وتحريك شهوته لها تهمس باذنه وهي تمرر اناملها فوق صدره تنطق بكلمات لها مخزى :
-انها لم تسعدك كما افعل معك ...أليس كذلك ؟!...
نظر لها بضيق من علو يجذبها من خصلاتها السوادء يردف بنبرة تحذيرية:
-لقد حذرتك من قبل الا تتحدثي عنها مطلقا ..من الواضح انكِ تشتاقين لعقابي....(چولين)....
اطلقت صرخة متألمة ممزوجة بضحكاتها المثيرة فهذا ما ترغب به قسوته ..تعشقها حد المرض تجيبه بخبث:
-بلى!!...اريد عقابك حازم ..احب تعذيبك لي ..لما اصبحت اقل قسوة ..طريًا لينًا كشاب مراهق ...أهذا بفعل ساحرتك الصغيرة ..هي من علمتك ذلك ..يبدو انها تؤثر عليك تأثيرا كبيرا ...
-"چولين "لما لانترك الحديث عنها ..ونتحدث عنّا وعن العمل ...أنتِ تعلمين ظروف زواجي منها ..
اعتقد لديك شئ جديد اكثر من اشتياقك لي يجعلك تفاجئني بحضورك ...
-بلى !ولكن قبل ان ابلغ بما لدي أريد عقابك الشرس الذي اشتاقه ....
ألقى بها على الفور يعتليها حتى يشبع رغباتها المريضة بعقل فارغ وروح خالية من المشاعر قائلا:
-لكي ما تريدين !!!!.....ولكن بعدها سأحصل على ما اريد!!!
..............
حالة من القلق انتابتها على هيئته الشاحبة التي لا تبشر بالخير ..اراحت رأسه فوق الفراش لتأخذها ساقيها لحجرة الطبخ بتوتر تجلب بعض من الماء الفاتر لعلها تخفض من درجة حرارته ..رفعت ظهر كفها تجفف عرقها الظاهر من شدة توترها ورعبها عليه ..أثناء خروجها باتجاهه قطع خطواتها صوت الهاتف المنزلي الذي نادرا ما تسمع صوته ..فكل ما يحتاجهم يتصل على هاتفهم الخاص ..رفعت يدها تمسح دموعها التي اغرقت وجهها حزنا عليه فقالت بصوت متحشرج وصل للاخر متقطعا :
-السلام عليكم ...
اعتدل في جلسته يدقق في صوتها يجيبها بحذر :
-وعليكم السلام ..انا ..انا فزاع يا امينة !!!
وصله صوتها باكية :
-ايوه يا فزاع في حاجة؟!...
تنحنح باحراج يجيبها :
-انا اسف لو كنت ازعجتك بس انا بتصل بمالك من الصبح وتليفونه مقفول ..كنت عايزه في موضوع مهم لو ينفع اكلمه .....
اغمضت عينيها بقوة تسيطر على انهيارها تجيبه بضيق :
-مالك مش هنا ..مسافر وانا كمان  بتصل بيه عشان عايزاه ومش عارفة اوصل له ....
اعتدل في مجلسه يمسك قلما يكتب في ورقة فارغة امامه بدون تركيز اسمها يخبرها بثبات :
-تمام ..هبقى اكلمه اما يرجع ...مع السلامة .
باغتته بلهفة قبل ان ينهي المكالمة :
-فزاع !!..لو لو مالك رد عليك قوله يتصل بيا ضروري ..ضروري يافزاع ...
انتبه للنبرة صوتها المريبة لوجود امر ما تخفيه فسألها بحرص حتى لايظهر تدخله  :
-في حاجة يا امينة ؟!..صوتك مش عجبني ..انت بتعيطي...؟
كتمت شهقاتها التي انفلتت منها لتصله بوضح  فسألها بقلق اكبر:
-في ايه يا امينة ؟!...
-حمزة ..حمزة تعبان اوي وحرارته مش عاوزة تنزل ..ومالك مسافر ومش عارفة اعمل ايه ؟
انتفض من مجلسه يجذب مفاتيحه يأمرها :
-انا دقيقة واكون عندك تكوني لبستي وجهزتيه اوديه المستشفى..
ارتبكت من حديثه كيف سيحضر ومالك غير موجود فاجابت مسرعة :
-لا لا ...مش هينفع انت عارف ان مالك مش هنا ...
-امينة !!!.ثانية واكون عند وهتصل بيكي تنزلي بالولد ..انا بفهم في الاصول كويس ولا نسيتي ؟.
...........
اوقف سيارته بالاسفل يتصل بها يبلغها بوصوله فوصله صوتها المنهار صارخا :
-الحقني يا فزاع ..حمزة قاطع النفس ...
ترحل من السيارة بسرعة حتى نسى الاطمئنان على غلقها متجها للمصعد صعودا للطابق المحدد بقلب مخلوع فصراخها ينذر بالخطر المؤكد. وقف امام الباب يطرقه بلهفة منتظرا فتحة باعصاب محترقة ولكنه تفاجأ بفتح باب الشقة المجاورة لهم بنفس الطابق وتظهر منه باسدالها الملفوف فوق رأسها بعشوائية بعيون ووجه منتفخ ..للحظة تعجب من وجودها بالشقة المجاورة ولكنه انتفض على كلمتها التي ألقاها قبل فرارها للداخل :
-حمزة هيروح مني ....
دخل خلفها ينظر لجوانب المكان بحاجب معقود  فهو لم تطء قدمه ذلك المكان من قبل ..ليجدها تظهر من احدى الحجرات حاملة بين ايديها حمزة تحتضنه لصدرها برعب جلي ..رعب ام على طفلها فكر للحظة ماهذا الترابط بينهما ؟!...اقترب وحمله عنها ليشعر بسخونة جسده الخطرة فرفع نظره لها يطمئنها ان الامور ستكون على ما يرام ...
..............
جلست تنظر لكف يدها المستريح لحجرها تحاول اشغال حالها عن ذلك الجالس جوارها تاركا مسافة آمنة يحاول هو الاخر عدم النظر اليها ولكن محاولته  تبوء بالفشل وتلمحه يحاول النظر لها بجانب عينيه في نظرات مسروقة ...شعرت به يتحرك و يتكئ فوق ساقيه بذراعيه يحاول خلق اي حديث يسرق به الوقت لحين خروج دكتور الطوارئ يطمئنهم :
-ان شاء الله هيكون كويس ..هو الدكتور قال انهم هيحطوه تحت الملاحظة عشان يشخصوا حالته كويس...
ظلت تخفض راسها تجيبه بصوت متأثر صادق :
-مش عارفة لو ما كنتش اتصلت في الوقت ده ..كنت هعمل ايه ؟..المكان اللي ساكنين فيه مقطوع و كنت خايفة انزل بيه لوحدي في وقت متأخر ...
ابتسم على شكرها له ..فهو الممتن لما حدث حتى ينظر لها ويشبع من ملامحها الجنوبية الساحرة ولكن سريعا استغفر ربه على منحنى تفكيري فهي الان زوجة اخيه ...ولا يحق له التفكير بها فاجابها بصوت متزن:
-انا ما عملتش حاجة ؟..ده ابني زي ما هو ابن مالك ...
بس هو مالك متعود يسافر ويسيبكم كده ؟..
هزت رأسها بلا تجيبه :
-لا ..بس السفرية دي كانت مهمة بالنسبة له ..
نظرت للباب المغلق الذي يمكث خلفه ابنها تسأل بقلق :
-هو الدكتور أتأخر ايه؟..انا خايفة على الولد...
تحرك بجسده يوليها كل اهتمامه :
-ماتقلقيش ..اكيد دور برد ..
عاد الصمت يطفو في الاجواء مرة اخرى لايجد ما يقوله لها ليطمئنها فأشغل نفسه بهاتفه لعل مالك يجيب على اتصاله ويبلغه بوجوده معها فقطعت انشغاله بكلمات صادقة ضربت قلبه العاشق لها :
-انا اسفة يا فزاع.....
رفع نظره لها ليجد سحابة من الدموع تحيط بعيونها ..عيونها التي تزهدت كحلها فاصبحت خالية من كحلها المذهب للعقل ..كأن تحكيل عينيها سابقا كان احتكارا له فقط لا لغيره ..ابتلع ريقه يريد سؤالها عن سبب اعتذارها فوفرت عليه جهد السؤال واكملت بعيون حمراء :
-اسفة على كل حاجة حصلت ..اسفة على حياتك اللي اتقلبت اما دخلتها ..و اسفة انى وعودي ما عرفتش اوفي بيها ..
نظر لها ذاهلا من كمية الاعترافات التي انطلقت من صدرها بعد كبت ثلاث سنوات ..اراد القول بأنه هو الآسف ..آسف على تسرعه في تركها ..آسف على هالة الحزن التي تحيطها بعد تخليه عنها ...على ضياعها قبل ضياعه ..انتبها كلاهما لخروج الطبيب فكانت هي اول من اقتربت تسأله بلهفة أم كادت ان تفقد وليدها :
-طمني يا دكتور الولد ماله ؟...
الطبيب بعملية :
-الولد مبدأيا كان عنده دور برد شديد سببت السخونية وضيق التنفس اللي جاله......
حدثه فزاع باهتمام :
-طيب هنقدر ناخده ونروح ؟!..
الطبيب:
-لا للاسف هو حاليا بياخذ جلسات بخار عشان ينظم التنفس عنده ...ممكن على بكرة الصبح يكون حالته اتحسنت ..عشان نراقب درجة حرارته كمان ...
هزت رأسها تحمد ربها بصوت غير مسموع انه لم يصبه مكروه ..سأل الطبيب فزاع بحرص :
-حضرتك والده ؟!
نظر لها بطرف عينه يجيبه :
-لا انا عمّه  ..والده مسافر حاليا !!..
-طيب ممكن تتفضل معايا ثواني ..
اقتربت منهما بقلب مخلوع لا تطمئن لملامح الطبيب تمرر عينيها بينهما تقول :
-هو في حاجة حضرتك مخبيها مش عايز تقولها قدامي....
أمرها فزاع بشئ من اللين :
-استني بس يا "امينة "نفهم من الدكتور في ايه !!...
قال الطبيب بتردد:
-بالكشف المبدئي كده شاكين  ان يكون في حاجة في القلب ..هنحتاج نعمل اشاعة على قلبه ...عن اذنكم ...
ترقرقت الدموع مرة اخرى بعينيها تضع كفها فوق فمها بصدمة ..اقترب منها يخفف عنها لا يجد ما يخبرها به فقال بصوت هادئ:
-انا هفضل معاكِ هنا لحد ما نطمن على حمزة ....ولازم نوصل لمالك عشان يكون موجود مع ابنه  ..
-انا خايفة اوي يا فزاع ..خايفة اوي ..
حاول بث الطمأنينة بقلبها رغم قلقه البالغ :
-ان شاء الله خير .........................
...............
في اليوم التالي
...............
قضت ليلتها تصارع حالها على عدم التهور والذهاب اليه لتطمئن علي حالته ..واكتفت بالاطمئنان من "نورهان" حتى تلك اللحظة لا تصدق ما فعلته ...عندما ألقت بحالها خلفه بدون تفكير بتهور كل ما كان يشغل عقلها في تلك اللحظة انقاذه فقط ...حتى بعد سحبه من بين يدها  فوق اليخت ومحاولة احداهم في مساعدته لاستعادة وعيه المفقود حينها كانت تجلس امامهم فوق ركبتيها ممسكة بصدرها بلهاث شديد وخوف اكبر خوف بدأ يتفاقم حجمه رويدا رويدا مع كل لحظة تمر  عليها وهو رافض للعودة  حتى انفجرت كمية المياة من فمه بقوة يليها سعاله الخشن الذي ينبئها ويطمئنها بعودته للحياة مرة اخرى ........
زفرت بهواء رئتيها زفرة بسيطة لعلها تكتسب بعض الهدوء وتستطيع السيطرة على ضربات قلبها المؤلمة ..ف
اثناء تفكيرها وعقلها المشغول اكتشفت انها وصلت لوجهتها المقصودة  ..و حمدت الله ان الساعات العصبية مرت عليها بسرعة ..لقد كانت تتوق لبروغ النهار حتى تستطع الوصول اليه والاطمئنان بنفسها على حالته ..سمعت صوت رنين هاتفها  لتجد اسم امينة يظهر فوقه بوضوح ..فحولته لوضع الصامت انها تفقد القدرة على الحديث مع اي شخص في تلك اللحظة ...دخلت تبحث عنه باعينها فقد علمت من "نورهان "هبوطه من غرفته استعدادا لتناول وجبة الافطار والاستمرار بعمله بعد ذلك ..
وقعت زرقاوتها عليه وهو شارد للفراغ ..امامه صحنه كما هو لم يمسسه ....اقتربت بهدوء تجلس امامه بهدوء اكبر تحاول اخفاء خوفها ورعبها عليه..حرك مقلتيه ببطء شديد حتى ارتكزت عليها  بعيون شاردة فهي الان على يقين من صراعه الداخلي المخالف لثبات ملامحه المتجهمة نطق بهدوء شديد ..رعبها :
-اي خدمة ؟....
اخذت نفسا عميقا تحاول استعادة ثباتها و اردفت بعيون هاربة :
-جيت اطمن عليك .يعني ع......!!!!
قاطعها بصرامة رغم هدوئه:
-شكرا ..!!في حاجة تانية حابة تقوليها ؟!...
عضت على شفتيها ارادت ان تنهي حديثهما بصورة لائقة لكلاهما  ..حديثهما الذي انتهى بسقوطه المريع امام اعينها بالمياه ..يجب ان يكونا اكثر تحضرا مما هما عليه ...قالت بصوت مهزوز:
-ايوه يا "مالك" في كلام تاني لازم تسمعه مني ..بس ارجوك تسمعني كويس ...وما تقاطعنيش...
صمتت للحظات واكملت بعد ان لاحظت انتباهه واهتمامه الصامت لحديثها :
-عايزه اقولك ان مش بكرهك ولا حاجة زي ما انت قولت وعمري ما هكرهك عشان اللي بيحب عمره ما يعرف يكره ..يمكن حبي ليك ما يكونش عايش جوايا دلوقت بس هفضل دائما شاكرة ليك ...شاكرة لكل ذكرى حلوة عدت بينا ...شاكرة لك عن كل يوم حبيتك فيه ومشاعري اللي كانت مشاعر وردية وقتها ...
مشاعر بنوتة كل اللي كانت بتحلم بيه هو فارس احلامها الشهم اللي بيحتويها بقلبه واحتوائه ..كل ده مش هنكر ان دي احلى ايام واحلى ذكرى عدت عليا وانا كنت بحبك وقتها ..
كاد ان يقاطعها بلهفة مصدوما من اعترافاتها الثمينة ولكنها منعته برفع يدها تسكته وتكمل بصوت بتألم :
-احنا الاتنين اما اتقابلنا اول مرة ده من غير ميعاد كان قسمة ونصيب اننا نشوف بعض واتسحر بيك ..مش بايدي ولا بيدك..القلوب مش عليها حارس  ..لكن عدم استمرارنا بعد كده كان بايدنا واختيارنا وكل واحد فينا لازم يتحمل نتيجة اختياره .انت من البداية اخترت وانا ما اقدرش الومك في ده ....وانا اخترت ان اكمل مع حازم ..لان يستاهل ان اكمل معاه ..انا كمان استاهل ان اكمل حياتي باختياري استاهل ان اكون ام ..ام يا"مالك" عشان كده كنت لازم اختار لابني اب عمره ما هيتخلى عنه فيوم من الايام ...اب هيعرف يحافظ على امه لاخر نفس في صدره ..
اغمض اعينه بقوة فهاجمته حرقه شديدة باعينه.. كابد في عدم اظهار دموعه امامها ارادت اخباره بما جاءت اليه لعله يلتفت لحياتها وينساها ..فقاطعها اهتزاز هاتفها مرة اخري لتجدها "امينة "فتصر على عدم الرد مرة اخرى و قالت تحاول انهاء ما ارادت فعله :
-مالك!!.إلتفت لحياتك ..وابنك اللي محتاجك بظروفه الخاصة  ..حاول ترجع لغادة لو ينفع عشان"حمزة"ابنك  ...وكمان امينة ..من حقها تكون ام ..امينة ما تستحقش ان تكون دي حياتها .بلاش تظلمها زي ما "اكرم "عمل ..ياما تعتبرها زوجة ليك ..يا تحاول تقف جنبها وتوصلها لبر الامان ..
فتح عينيها الغارقة بدموعه ببطء ينظر لها بتألم :
-ده قرارك يا شيراز ؟؟..
اخذت نفسا مهزوزا واجابته :
-ايوه يا مالك ده قراري ولازم تحترمه  ..وعشان تكون مطمن ان ده قراري حابة ابلغك بحاجة محدش يعرفها  ..انا.... ......!!....
اهتزاز الهاتف مرة اخرى قاطع تركيزها فحمدت ربها انها لم تنطق بكلمتها الاخيرة فقال متعللة:
-دي امينة بتتصل بيا من الصبح ..مش عارفة عايزة ايه ؟...
فاجابها بروح مسلوبة :
-ممكن تكون قلقت عليا .موبيلي وقع في المية و مش شغال ...
قامت بالرد مع هروب اعينها منه ليصلها  بكاء امينة وصوتها المبحوح :
-شيراز!!! ...الحمد لله انك رديتي انا محتاجة "مالك "ضروري
سألتها شيراز بريبة من امرها :
-في  حاجة ولا إيه؟...
اثناء تركيزها شاهدت اقتراب "نورهان "منهما لتنضم لجلستهما فسمعت امينة تخبرها ما حدث ليلا لحمزة ظهر التوتر على اعينها و سرعان ما ألتقطه مالك ليسألها بفضول :
-في ايه ؟
مدت يدها المهزوزة  بالهاتف ليتلقاه بتساؤل لم تمر لحظة الا ووجدته انتفض من مجلسه امام دهشة "نورهان "التي اتخذت مكانها اثناء حديثها ليردف بقلق بالغ بعد اغلاق الهاتف :
-"حمزة "تعبان ..تعبان اوي ..انا لازم اسافر ...
وقفت امامه تألمت لخوفه على وليده وهزت رأسها بتفهم فقال بتردد:
-بس ..بس انا مش هينفع اسيب هنا  ..
رفع انامله يحك جبهته بحيرة يجهل القرار الصائب فقطعت توتره تريحه:
-سافر يا مالك ..لازم تكون معاه ...
-بس انا ......!
امرته بحدة ودودة:
-اعتبره أمر من مرات صاحب شركتك ..وانا اللي بأمرك انك ترجع حالًا ..وما تخافش !!!!....
نظر لها يريد اخبارها ان ما يقلقه وجودها بدون حمايتها لتبادله النظرات كأنها فهمت ما يدور بخلده تجيبه بصمت (لا تقلق فانا دائما وحيدة اتدبر حمايتي بدونك) ....
راقبت تحركه بسرعة من امامها حتى تلاشت صورته لتتخاذل ساقيها الهلاميتان تجلس فوق مقعدها كما كانت  بشرود تحت مراقبة انظار "نورهان "الفضولية فقد اكتفت بالمراقبة الصامتة لما يحدث بشك كبير لحالتهما  ...حينها كانت الاخرى في عالمها الخاص ترفع كف يدها ببطء شديد تريحها فوق بطنها المسطحة بشرود وقلب معذب ...
......................
بعد شهرين
...........
في حجرتها الخاصة جالسة فوق مكتبها بيدها قلمها الخاص تحاول استذكار و انجاز ما يمكن انجازه من المواضيع المتبقية بالكتاب الاخير القابع بين يدها فتعتبر تلك اخر مادة سيتم اختبارها بها ...رافعة شعرها في عقصة عشوائية فوق رأسها ..تجهل متى استطال بهذا الطول فجأة ..انتفضت يدها فجأة تلقي بالقلم عند استشعارها بوغز  مؤلم بظهر كف يدها  ...تسارعت انفاسها تنظر فوق كف يدها برعب تحاول تدليك كف يدها لعل  يزول المها  ..اغمضت اعينها تحاول الحصول على هواء يريحها من التوتر التي اصبحت عليه مؤخرا ..فهذه ليست اول مرة تستشعر مثل هذه الوغزات المفاجئة بكفها وباطن ذراعها كانت من فترات طويلة تستشعرها بدرجة اقل مما هي عليه الان ...اغمضت عينيها للحظات تريح ظهرها فوق مقعدها ..فهناك اشياء غير صائبة تحدث لها مؤخرا بطريقة اكبر مما كانت عليه سابقا....ارجعت ذلك لايقاف تناولها للمهدئات في تلك الفترة المهمة ..عند تلك النقطة رفعت كف يدها تمسح فوق بطنها المنتفخة انتفاخا بسيطا بارتياح ..ترى هل جنينها يشعر بها الان ؟..واذا كان يشعر بها لما لا تشعر بحركته داخل رحمها حتى الان ؟...انتفضت مرة اخرى على صوت مألوف يناديها من بعيد ولا تحدد هويته ...فزعت كما تفزع كل مرة تلتف حولها برأسها باحثة عن مصدر  هذا الصوت لتقوم بالبسملة في سرها رعبا ..فهي لا تؤمن مطلقا بمثل تلك الخرافات ولكن دائما تسمع اصوات مختلفة تحدثها وتطلب  منها الحضور ..خافت ان تقص على حازم ما يحدث لها من هواجس ليظن جنونها ...تحركت ببطن ببطنها المنتفخ تجلس فوق حافة فراشها بتعب مما يطرؤ عليها واضعة رأسها بين كفيها بأسى ..تفكر وتفكر !!!..وصل لحاسة الشم لديها التي ازدادت فاعلية الان في تلك الفترة عن ذي قبل بفعل الحمل كما ارجعته!!! ...لرائحة عطر تحفظها عن ظهر قلب رائحة عطر "مالك "عند تلك النقطة رفعت رأسها منتفضة توقعت وجود حازم لقد اصبح عطره مؤخرا متداخلا بطريقة غريبة مع عطر "مالك "..ولكنه وجدت الحجرة فارغة الا منها  فازدادت رعبا ..فما كان منها الا ان اطلقت العنان لساقيها تهرول مسرعة تبحث عنه تاركة تلك الحجرة التي تقبض قلبها و روحها .....
ركضت بطريقة لا تلائم حملها وبطنها المنتفخة كالريشة التي لا تحمل ثقلا ..فوق الدرج تبحث عنه بخوف يجب ان تقص عليه ما يحدث عليها مؤخرا ..يجب استشارة احد فيما يحدث لها ...اندفعت تبحث عنه بحجرة مكتبه فوجدته يتحدث بهاتفه بصوت خافت مواليا ظهره لها ..إلتف لها بارتباك عندما استشعر وجودها بالمكان واسرع بانهاء المكالمة بعيون زائغة ..اقتربت منه بتوجس وشجعت حالها لاحتضانه عندما فتح ذراعيه بدعوة صريحة لها ..بدون تفكير اندفعت  لصدره تمسح رأسها باحضانه كالقطط تستنشق عبيره براحه غريبة  ولكن ما صدمها عدم وصول عطره لانفها كالمعتاد لا تشتم الا رائحة الا رائحة ...رائحة ال....... !!!!!!...لما ظروف هذا الحمل غريبة رفعت رأسها تهمس لها بعذاب :
-حازم !!!..انا محتجالك اوي .
وربت على ظهرها بخفه لم تستشعرها قوية كما كانت في السابق يردف بثقة:
-وانا دايما  موجود ..الجميل مالو بقى؟...
-حازم ..الموضوع صعب اشرحه... انا حاسة ان متوترة ومتلغبطة ..شكلي محتاجة اروح للدكتورة تاني .....
هز رأسه بتفهم لما تقول فاردف بوضوح:
-ده شئ طبيعي أنتِ  متوترة عشان ضغط الامتحانات وكمان الحمل !! ...كل ده طبيعي ..اكيد بعد الامتحان هتكوني احسن ...
تنهدت بشي من الراحة كانت تريد ان تقص عليه ما يحدث معها ....ليسألها قاطعها استرسال تفكيرها :
-لسه مش عاوزة تيجي معايا البلد ؟؟.."آمنة "عايزة تشوفك وبتسألني كل زيارة هتيجي امتى؟عايزة تطمن على حفيدها ياستي...
كان يعلم سبب رفضها فهي منذ وفاة الحاج حافظ و حزنها  الشديد عليه رفضت ان تطئ قدماها البلدة مرة اخرى حزنا على ابيها الروحي الذي طالما وفر لها الرعاية والحب تحت كنفه...
تنهدت تنهيدة مؤلمة اخترقت صدره فتألم لألمها ..يعلم انها تلقت نبأ موته بثبات تعجب منه ولكن هذا لا يمنع انه يرى لمحة الحزن بزرقاوتها ..ابتعدت عن مجال ذراعيه تردف بهدوء:
-خليها بعدين اما استعيد نشاطي بعد الامتحان ..بس هو انت هتروح قريب وتسيبني..؟
-لا ..ممكن أأجل السفر شوية لحد ما تخلصي لان في شغل مهم لازم يخلص هنا ...
قاطع حديثهما ولوج الخادمة بهاتفها الخاص تقول برسمية :
-تليفون حضرتك بيرن من فترة يا مدام ..
حملته عنها بفضول لتتسع عينيها بقلق وتقول بسرعة :
-دي امينة !!..
فرفعت اناملها تفرك جبينها بتوتر وقلب مقبض :
-انا ازاي نسيت ان ميعاد عملية حمزة انهاردة؟!...
نظر اليها منتظر ردها تحت مراقبته :
-السلام عليكم!!!
وصلها صوت شهقات امينة المتقطع الذي ينذر  بكارثة ...فتبادلت النظرات بينهما في صمت مع رفع يدها الحرة تريحها فوق بطنها برعب مما ستسمعه ..لحظة مرت عليها سنين عدة ..كأن الزمن مُصر على ايذائهما ..دائما يخطف من بين ايديهما كل ما يتمنياه ..اخفضت الهاتف ببطء عن اذنها بصدمة وعيون لامعه تهدد بانهيار دموعها المالحة تخبره بحسرة :
-حمزة !!!!!..حمزة مات ياحازم .....
.........................
احتضنتها بلوعة ام مرعوبة ان تفقد جنينها مرة اخرى ..ما يراها بملابسها السوداء الفضفاضة محتضنه تلك المكلومة في ابنها الصغير يظن انها تبثها الصبر وتخفف عنها لا يعلمون انها هي من احتاجت لمثل هذا الاحتواء ..احتواء يقنعها بانها بخير هي وجنينها ولن يصيبهما مكروه ثانيا ...قبلت اعلى رأسها تبثها الهدوء وتواسيها في مصيبتها تهمس بصوتها العذب:
-امسكي نفسك شوية يا امينة !!.ماينفعش الانهيار ده ..لازم تكوني اقوى من كده ..اكيد حالته اسوء من كده ...
-ابني يا شيراز ..ابني مات ..بعد ما كبرته وراعيته اتخطف مني....
شددت من احتضانها بقوة لا تعلم ما تقوله فهي مثلها قضت يوما كاملا في نحيب متواصل بعد سماعها الخبر وفشل حازم بكل الطرق في تهدئتها من اجل صحة جنينها  ....اجابتها بكسرة :
-عارفة ..والله عارفة ...ادعي له يا امينة بالرحمة ده ملاك ....
فجأة شعرت بابتعادها عن احضانها تنظر لبطنها بتعاطف تقول :
-خلي بالك منه ..وحافظي عليه .....
انتبهتا كلتاهما لاقتراب احدى السيدات  تقدم واجب العزاء بملامح حزينه اقول :
-البقاء لله يا ميس امينة
-عظم الله اجركم يا ميس ميرفت ..نطقتها امينة بصوت متألم ..
فابتعدت الاخرى لتجلس بجوار الاخريات ....
ظلت تبحث باعينها خارج الحجرة لعلها تلمح وجوده اردت تعزيته بقلب مجروح على حاله ..بعد وصولها هي وحازم وجدت فزاع يستقبلهما بوجه شاحب يشير اليها جهه حجرة منفصلة عن الرجال بعد ان تلقى العزاء منهما ..فتحركت مبتعدة بدون ان تلمحه ...قالت امينة تجذب انتباهها ببصوت حزين :
-أنتِ في الكام دلوقت؟
-في الشهر الرابع ......
قالتها شيراز وهي تنظر خارج الحجرة تشاهد ولوج العديد من الرجال لتقديم واجب العزاء له ...لم تجد بدا الا لتسألها عن حالته:
-هو عامل ايه يا امينة ؟!..
-ياحبيبي حالته تقطع القلب مش بيسيب اوضة حمزة نهائي ......
جرس رسالة وصلت لها لتجدها من حازم يبلغها انه ينتظرها امام المصعد بعد ان قدم واجب العزاء لمالك ..
تنهدت بألم تنظر للوجوه المحيطة المتشحة بالسواد كانت تريد مواساته في ألمه ولكن لم يكتب لها رؤيته في تلك اللحظة رفعت كف يدها تمسح دموعها و امسكت بحقيبتها تقبل وجنتها  بتأثر واضح قائلة:
-مضطرة امشي ..حازم مستني ..ابقي عزي لي مالك ما عرفتش اشوفه .....
وقفت امينة توصلها لباب الغرفة تودعها وتوصيها بنفسها خيرا ...
تحركت للخارج لتلاحظ وقوف فزاع خارج حجرة الرجال فشجعت نفسها تتقدم اتجاهه مع ثبات نظره عليها تطلب منه بارتجاف:
-هو مالك جوه ؟...
في تلك اللحظة كان جالسًا شاردا امامه لايشعر بما يدور حوله من خروج ودخول العديد من الرجال يقدمون عزائهم و يتلقاه هو بروح خاوية  ..فقرر ان يتجه خارج الحجرة يلتقط انفاسه بعيدا عن الضوضاء  ..ليشاهدها تقف امام فزاع بملابسها الفضفاضة السوداء ..وقف امامها بوجهه شاحب حزين وقفت امامه لا تعرف ما تقول له مواسية له في ذلك الموقف الحزين وسمعها تهمس بصوتها المبحوح :
-البقاء لله يا مالك ..شد حيلك ...
نظر لعيونها بعيون غائرة تحيطها هالات سوداء ووجه شاحب يظهر عليه التعب والارهاق اجابها بروح مثقلة :
-حياتك الباقية ...
اخفض نظره لبطنها المنتفخة فشقت  شفاه ابتسامة مريرة ابتسامة حسرة على ضياع كل حبيب وعزيز من بين يديه يردف بصوت خاوي :
-خلي بالك من نفسك ..ارجوكي تحافظي علي نفسك مش هستحمل ان حد تاني يضيع وانا واقف اتفرج .....
هزت رأسها بالطاعة ارادت احتوائه تخفف عنه ولكن ما بيدها حيلة فاصبحت الان ملك غيره ..لا يسمح لها الاقتراب حتى للمواساة ...رفعت كف يده تريحه فوق بطنها تجيبه :
-خلي بالك انت من نفسك ....اكيد ربنا شايلك الاحسن ربنا يصبركم ....مع السلامة .....
انصرفت تحت انظاره المودعة لها بأسى يشعر بانقباض غريب اتجاهها ..فحرك شفتيه بكلمات غير مسموعة (مع السلامة يا شيراز ).........
..................
شيراز؟....شيراز؟!..
انتبهت لمناداته المستمرة لها لتكتشف انهما استقطعا مسافة كبيرة للعودة .فقالت وهي تمرر نظرها علي الطريق المظلم ووجهه :
-كنت بتقول حاجة؟!..
ابتسم على شرودها يخبرها :
-ابدا يا هانم كنت عمال اسألك سرحانة في ايه ومش بتردي..
-مافيش يا حازم ...بس حزينة عشان حمزة ...
هز رأسه بتفهم وهو مسلط نظره على الطريق فتنحنح قائلا سؤاله الذي يلح عليه منذ زمن ولم تأت الفرصة لسؤالها :
-شيراز كان عندي فضول اسألك عن حاجة من فترة !!..
جذب انتباهها نبرة صوته الجدية فاكمل بثبات:
-عمرك ما حكيتي عن امك ..او اتكلمتي عنها ...
نظرت له باهتمام ثم قالت بصوتها المبحوح يملؤه التأثر:
-مامي !!..مامي ماتت من سنين ..هتصدق لو قولت لك ان مش فاكرة شكلها ..
اراد استغلال تلك الفرصة ليكمل مسرعا :
-انا عارف انها ميتة ..بس مش عارف ظروف موتها ..هي كانت بتشتكي من حاجة ...
-لا...كانت صحتها كويسه وكانت صغيرة ....بس فجأة رجعت من المدرسة وعرفت انها انتحرت ....
-انتحرت ؟!...قالها حازم بتعجب واضح ليتدارك نفسه يسأل :
-انتحرت ؟!..انتحرت ازاي ؟...
اغمضت  عينيها ثم اراحت رأسها فوق مقعدها بارهاق لم ترغب في تذكر تلك الذكرى المؤلمة التي داوما تحاول تناسيها تقول بهمس:
-رمت نفسها من الدور التاني ...
صمتت للحظات فتغلغل لسمعها صوت اراحها صوت قارئ لأيات قرآنية كانت تسمعها دائما من الحاج حافظ قديما فقالت برجاء :
-حازم !!!علّي صوت الراديو ..صوت الشيخ حلو اوي ..مد يده لزر المسجل يعلي صوته تدريجيا ليتخلل لسمعها تلك الايات المحببة لقلبها
قال تعالى:
"6) يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8) قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا "
...........

بخطوات بسيطة نزلت الدرج الفاصل ..بفضول من هوية تلك المجهولة التي طلبت مقابلتها ..ورفضت ابلاغ الخادمة بهويتها ..
تحركت باتجاه غرفة الاستقبال فقابلتها خادمتها خارجة بعد ان قدمت واجب الضيافة فطلبت منها الانصراف لتكمل عملها ..دخلت بفضول تمرر نظرها على تلك الواثقة امامها بشعرها الاسود الكاحل الغجري المموج الذي يصل لاخر ظهرها  ذات التنورة السوداء الضيقة و القصيرة بشكل فج ..فتلاقت عين تلك الغريبة بعينيها بنظرة غريبة فرحبت شيراز بها برسمية :
-اهلا بحضرتك ...انا شيراز ..اي خدمة ؟!..
ايتسمت الاخرى بمكر جلي لم يخف على تلك البريئة فاجابتها بلغتها الاصلية التي فهمتها شيراز بسرعة :
-مرحبا مدام شيراز!!!..
انا چولين !!!!!
...........
يتبع،

باليرينا الشرق( مكتملة)محولة للورقي الآن مع تعديل السرد وتحويلها للفصحى كلياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن