الخامس والعشرون

4.9K 189 8
                                    

الخامس والعشرون
———-
(((مستني ايه امشي
الحلم ما نفعش
فوق من خيالك فوق ..... انسي بقي وامشي)))))

&&&&&&&&&&&&&
وقف في الصباح الباكر واضعًا يديه بجيبيه كعادته شاردا في المنظر اسفل نافذة حجرتها الزجاجي بوجهه الصلد الرخامي يكابح نفسه بأن يخرج سيجارة من علبته يدخنها حتى ينفث بها ضيقه الغير مسبب ..منذ ان تواصل معه طبيبها المتابع يبلغه بإمتناعها عن الطعام والحديث مع محاربتها للنوم ليومان ...لم يهتم كثيرا فقد ظن انه دلال أنثى في بداية الامر وسرعان ما غير نظرته عندما ولج لحجرتها وشاهد وجهًا يغمره الشحوب يحاكي الأموات بإضافة لجسد هزيل فاقدًا لوزنه غائبًا عن الوعي بفضل المنومات ...لم يشعر بنفسه الا وهو يقترب منها يزيح خصلاتها القصيرة عن عينيها ليتأمل سكونها اثناء غفوتها ولكن سرعان ما نهر نفسه بسبب ضيقه منها لم يجد سببًا مقنعًا يبرر ذلك الضيق كلما نظر إليها ..ألم تسير خطته كما رسم لها منذ اول مرة اكتشف هويتها الحقيقية ...هل ضيقه يكمن من امتلاك "مالك "لها قبله ؟!...أم بسبب فشله في حمايتها ؟!...أم بسبب وصولها لتلك الحالة بعد زواجه منها ؟!...أسئلة تدور وتدور تفتك برأسه ....
انتبه لدخول الممرضة تضيف علاج اخر بالمحلول المعلق فيسألها قبل ان تبادر :
-هي هتصحى امتى؟
انتبهت له الممرضة فتجيبه بعملية :
-المفروض دلوقت ..كادت ان ترفع يدها بالإبرة الطبية فقاطعها متسآئلا بريبة :
-ايه اللي هتديهولها ؟!
اقترب بضع خطوات يسمعها :
-ده مضاد حيوي عشان الجرح ..
هز رأسه برتابة يراقبها تقوم بعملها...
جلس على حافة فراشها بعد خروج الممرضة يحاول إفاقتها من نومها الطويل يربت بأصابعه الخشنة فوق وجنتها مع ندائه بخشونة:
-شيراز!!!...شيراز......فوقي ...شيراز ..
ظل يربت فوق وجنتها بإصرار على إفاقتها حتى لاحظ تململها بضيق غير راغبة بفتح اعينها ..اقترب منها بإصرار مع علو نبرة صوته بإصرار اكبر يأمرها بالاستيقاظ :
-شيراز ..يلا فوقي ...فوقي حالًا ...يلا....بلاش دلع ...
فتحت عيونها ببطء ليظهر له فيروزتين بلون البحر الأزرق الصافي كان اول مرة يشاهد لحظة استيقاظها ليلاحظ ان لون عينيها اكثر صفاء في تلك اللحظة ..ظلت تنظر له بدون ملامح لا تنم عن شئ ..انتظر ان تبادر بأي فعل يدل على تفاعلها معه ولكنه ظلت تنظر له بثبات كالشاردة في المجهول فقرر ان يبادر هو لعله يقيم وضعها المقلق الذي اخبره به طبيبها فسألها اول سؤال طرأ برأسه :
-عاملة ايه انهاردة ؟..حاسة انك احسن!!
ظلت تنظر له بصمت بدون ان تحيد نظرها
تنهد بملل مع تحركه يدور بالحجرة يحمل كيسًا قابعًا بالأرض فاكمل بعملية:
-أنا شايف انك بقيتي احسن ..عشان كدة طلبت من الدكتور يكتبلك إذن خروج انهاردة ..مالوش لازمة قعاد في المستشفى ..هقدر اوفرلك الرعاية في البيت ...هتكوني تحت عيني افضل ....
لاحظ عدم تجاوبها بالحديث معه فزم شفتاه بضيق وهو يتحرك لفراشها مرة اخرى يضع كيسًا كبير فوق ساقيها المغطاة يكمل بجفاء:
- اشتريت هدوم مؤقتا وحاجات خاصة ليكي عشان لما تخرجي ..أنا هطلب من الممرضة تجيب الأكل تاكلي وتغيري هدومك ...
لاحظ تحركها ليجدها تتحرك تنقلب علي جانبها الأيسر تواليه ظهرها باهمال ولا مبالاة ..واضعة كف يدها اسفل وجنتها ..استشاط غضبًا من تعمد تجاهله وتلك المعاملة الجافة فهجم عليها يديرها بقوة اجفلتها من تحوله ..يقول من بين أسنانه بطريقة إخافتها :
-اول درس لازم تتعلميه لما تتكلمي مع حازم منصور انك لازم تنتبهي لكل كلمة بيقولها ، والصغيرة قبل الكبيرة ..أنا صابر عليكي عشان عاذرك انك ما تعرفنيش لسه ...ومقدر ظروفك اللي أنتي فيها ..مش عايز أحذرك تاني ......
تركها بإهمال ترتطم بفراشها تتألم من جرح بطنها فتنتفض عند سماعها صوت ارتطام الباب بقوة خلفه ..فيجب عليها ان تكون حذرة التعامل معه من الواضح انه ليس بالخصم السهل ..متى سيريحها خالقها من تلك الابتلاءات التي تستمر في اجتيازها باستمرار..متى ستستريح ويقبض روحها ..؟...فكرت كثيرًا بانهاء حياتها بيدها لتنال الراحة الأبدية التي تستحقها ...سيكون هذا الحل الأمثل لإراحة نفسها والجميع من حولها ...
...........
"معلش يا رأفت اتصرف ....حاليا مش هقدر اسافر في مشاكل في البلد احلها وأكون عندك "
قالها حازم بضيق من الأوضاع والظروف التي تكاتفت حتى تأتي جملة واحدة ..حك جبينه بضيق يزفر عند سماع كلمات الجهة الأخرى فيجيبه بحدة:
-اومال أنا سايبك بتعمل ايه ؟..اتصرف انت وتابعه وهو في الحبس واعرف هيطلع امتى ..عينك ما تتشالش من عليه ..
_...............
ابتسم بسخرية عما قاله رأفت ليقول :
-خليها على نار عايزها تستوي على الهادي....لحد أما أجي يكون افضل ....
وابقى بلغني بكل حاجة ..وقولها ان هكلمها فأقرب فرصة...
إلتفت حازم على خروج الممرضة لينهي مكالمته سريعا فيسمعها تقول برسمية:
-أنا غيرتلها علي الجرح وغيرت هدومها بس رفضت تأكل ..
هز رأسه بضيق ثم ادخل يده داخل سترته اخرج منها ورقة نقدية قدمها لها لتنتشلها بفرحة تقول :
-ما لوش لزوم يا باشا خيرك سابق
وأسرعت في وضعها بجيب زيها المخصص ..تمني نفسها بوجبة دسمة بجزء من المبلغ الذي يتعدي ربع راتبها بالمشفى وتوفير الباقي لمصروف البيت ...
...........
ولج لحجرتها وجدها جالسة شاردة امامها بملامح غريبة مرتدية فستانا ورديا رقيقا باكمام طويلة يصل لكاحلها ،متشابكة الأصابع فوق ساقيها قدميها لاتصل لأرضية الحجرة ..ما هذا ؟!...لقد نسى احضار شيء لقدمها العاريتين ..تنحنح حتى تنتبه له ..ولكنه اصرت على تجاهله للمرة الثانية ...كاد ان يوبخها ولكن منعه دخول الطبيب بابتسامته عملية يقول :
-السلام عليكم ..لا لا احنا بقينا عال العال وزي الفل ...شكل أستاذ حازم ليه غلاوة عندك ..
ظلت صامتة ولم تهتم للالتفات لثرثرة ذلك الطبيب الذي لم يكل من ذكر ووصف اهتمام ومراعاة حازم لها فترة وجودها بالمشفى ...
نظر الطبيب لحازم بريبة من صمتها ليرفع حازم كتفيه باستسلام واضح ...ليكمل بعملية وهو يقدم ورقة طبية :
-دي الأدوية اللي هتمشي عليها وهتجيلي كل يومين نطمن على الجرح ونغير عليه ....
مد حازم يده يحمل الورقة ..يشكره على اهتمامه ....
......
بعد انصراف الطبيب الثرثار شعرت بخلو الحجرة الا منها فتنهدت بصوت غير مسموع تفكر ترى هل ملّ منها وقرر تحريرها وتركها ..لم يمر ثانية الا وسمعت صوت شئ فوق الأرضية الناعمة رفعت طرف عينها لتجده ممسكا بكرسي متحرك يثبته امام فراشها يأمرها :
-يلا ....!!!
ظلت تنظر للكرسي بوجوم لم تفهم مقصده ليقول بغلظة :
-اتخرستي وقلنا ماشي ...أنما ايه مش سمعاني ولا مش فاهمة ؟!...خلصي لان مش فاضي للدلع ده ...
عندما لم تنظر اليه شعر بغيظ يملأه ليزفر بقوة ويقوم عض باطن وجنته الداخلي بحركة معتاد عليها عندما يشعر بالضيق ..ليتحرك يقف متحفزا واضعًا يديه بخصره يقول بسخرية:
-اتفضلي الكرسي مستني حضرتك هتعرفي تنزلي ولا اشيلك !!!..
انتظر ثانية واحدة ظن انها ستستمر بعنادها في تجاهله يدعو الله ان يصبره عليها سرًا كاد ان ينحني يحملها ولكنه فوجئ بتحركها البطئ من فوق فراشها العالي تخفض ساقا تليها الأخرى بحرص تستند بيدها علي فراشها وعندما حاولت الاستقامة صدرت منها صرخة نتيجة تألمها من جرحها الذي لم يندمل بعد
اجفلته فاقترب منها يساندها يقول بحرص :
-خليني أساعدك افضل عشان جرحك !!!
لم ينتظر إجابتها ليقرر حملها بين احضانه وينخفض بها بحرص يضبط وضعيتها فوق مقعدها الذي قام بشرائه خصيصا لها ..وتراه ينخفض يريح قدميها بمكانهما المخصص على المقعد ثم قام بضبط وضعية فستانها بحرص حتى لا يتطاير اثناء سيره بها وينكشف ساقها ....تعجبت من تصرفه الغير ملائم لخشونته معها
..................
بعد لحظات كان يدفع بها مقعدها في هدوء بعد ان أمر احد رجاله بحمل حقيبتها الصغيرة ..كانت تنظر لمن يمر بجوارها بشرود وروح مسلوبة غير قادرة على المقاومة لا تعلم ما تخفيه لها الأيام القادمة ..ابتسمت بسخرية من تفكيرها وعلى سذاجتها هل تعتقد ان سيكون لها نصيب بسيط من السعادة في أيامها القادمة ؟!..إذا كان لم تحصل عليها منذ ولوجها لهذا البلد وتركها إيطاليا ..هل ستحصل عليها الان ..ولكن بعد تفكير مضني وصلت لنتيجة واحدة وجودها بالحياة مع وجود السعادة ...امر مستحيل حدوثه لذا يجب عليها منذ زمن التخلص من هذه الحياة البائسة الكارهة لوجودها بها ...
انتبهت لتوقف المقعد فجأة لتكتشف وصولها لقاعة استقبال المشفى وتسمعه يقول باضطراب :
-شكلي نسيت تليفوني في الاوضة ...خليكي هنا ..ثواني وراجع ....
تحرك بسرعة غريبة ليلحق بهاتفه قبل ان يقع في يد اخر ...تعجبت لما اصر عل الرجوع بنفسه لحمل هاتفه وكان من الممكن أمر احد رجاله بتلك المهمة ...ارادت الا تهتم بتفاصيله يكفيها ما بها وما ستعانيه ولكنها تمني نفسها بالراحة القريبة ....
لفت انتباهها سمعها لكلمات المطرب الذي يصدح من هاتف موظفة الاستقبال وهي تقوم بعملها كأن المطرب يعلم بحالتها ويوجه لها رسالة خفيفة من بين كلماته :
&&&&&&&&&&
مستني ايه امشي
الحلم ما نفعش
فوق من خيالك فوق ..... انسي بقي وامشي

باليرينا الشرق( مكتملة)محولة للورقي الآن مع تعديل السرد وتحويلها للفصحى كلياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن