الفصل الحادي عشر

6K 235 3
                                    


الفصل الحادي عشر
........

مر شهر علي الجميع كل يدور في فلكه ..قامت أمينة باستيلام وظيفتها كمدرسة للابتدائي بإحدى المدارس القريبة من بلدتهم بتوصية مسبقة من ابن خالتها مالك  ..اصطدمت في البداية من اختلاف مستوى التعليم بين القاهرة وتلك المحافظة ولكنها اعتادت الأمر فيما بعد ...
تقول لما يقبع بجوارها ويجلس خلف عجلة القيادة :
-تعباك معايا يافزاع ...كل يوم توصلني وتأخذني من المدرسة ..واكيد معطلاك...
يجيبها برسمية:
-ولا تعب ولا حاجة يا استاذة امينة ....أنا في الخدمة ....
-لا بجد أنا فعلا تعباك ...كل يوم الصبح بتصحى توصلني المعدية وترجع تاخدني...وكمان أنا حاسة بالإحراج أن مالك اللي طلب منك ده ...أنا ان شاء  هتفق مع سواق تاكسي ..عشان كدة كتير....
التفت اليها مجفلا  من حديثها يقول:
-ازاي الكلام ده ؟!...ومين هيوافق على كدة؟!..تروحي وتيجي مع واحد غريب ...
رفعت حاجبها باعتراض:
-وحضرتك ايه بقي ؟!...مش غريب...
-أنا غريب !!...انا!.....لا طبعًا مش غريب انتي نسيتي ولا افكرك......
رفعت كتفيها بلا مبالاة :
-مش فاهمة تقصد ايه؟!......
ضحك على اسلوبها في الإنكار :
-فاكرة المقلب اللي عمله فيكي مالك واحنا صغيرين ...أما حبسك جوه الإسطبل وقفل عليكي وانتي بتخافي من الأحصنة وانا اللي انقذتك ..فاكرة ولا نسيتي.....
ردت بعند:
-لا مش فاكرة ....
-مش فاكرة ...مممم طيب..يعني معنى كدة انك مابقتيش تخافي منهم ..وتقدري تركبيهم .....
خافت امينة من تلك الفكرة فتقول مسرعة :
-لا ...لا ما أقدرش ......ما أقدرش أنا بخاف  منهم.....
-لا شكلك بتكدبي...وهدخلك الإسطبل اول ما نوصل.....
زفرت بقوة تقول:
- خلاص ..خلاص ..افتكرت ياساتر عليك ..
-ههههه...جبانة ..
-مش جبانة ...أنا بس بخاف من الحيوانات بشكل عام ..مش اكتر .....
نظر إلى الطريق يفكر بخبث في شئ ما بقول :
-طيب أنا عندي شرط لو منفذتيش هحبسك في الإسطبل انهاردة ...
-ايه هو؟!.....
نظرت له لتجده يبتسم بسعادة غريبة ليصمت عدة لحظات ثم يقول بعد ان أخذ نفسًا عميقًا :
-افتكري ..انقذتك ازاي ....وانا أسامحك ..
هزت رأسها بملل لتنظر إلى الطريق بجوارها ..انتظر قليلا لتجيبه وعندما طال صمتها وجدها تقول هامسة كأنها ترى المشهد امام اعينها:
-نادتني ..من شباك الإسطبل وقولتلي اقف على التبن المتكوم عشان اطول الشباك و قولت لي نطي....
ضحكت عندما تذكرت الموقف فاكملت :
-ولما عيطت لان الشباك عالي عن الأرض وانا كنت خايفة رحت وقفت تحت الشباك وقولتي اسندي على كتافي برجليكي وماتخافيش مش هوقعك......
نظرت له تتأمل ملامحة بخجل ها هو فزاع التى التقت به عدة مرات قليلة  في الاجازات ..تذكرت على الفور عند رؤيته ولكنها تعمدت انكار ذلك خجلًا منه ليقول مبتسما :
-يعني فاكرة اهو كل حاجة ؟!...يبقى غريب ازاي بقى....ههههه
خجلت من صراحته الشديدة معها تتذكر قديمًا كيف كانت تسخر من اسمه ليغضب بشدة عندما تلمح لذلك ...ظلت تتأمل ملامحه الشرقية الجذابة بفضول ..غير مدركة ملاحظته لذلك ...فهذا الوجه لايليق عليه اسم فزاع مطلقًا ...انه وسيم جذاب انيق في ملابسه ..مهتما بحاله ...
ظلت شاردة به..تتفحص كل جزء به ...
فتشعر بتوقف السيارة فجأة لترتطم  رأسها نتيجة التوقف  مع سماع صريرها العالي...فترفع عينها لتصطدم بعيون غاضبة تقسم بحرق الأخضر واليابس......
.........
تجلس على المائدة تقوم بتقطيع أوراق الملوخية كما علمتها ام سعد مسبقا وهي شاردة فيه...لقد اقترب موعد زفافه وستنتهي القصة للأبد قصة عشق لم تكتمل ...قصة لم يكن بها خاسرا الا هي ....فتسمع صوت ام سعد موبخة :
-يابنتي ...انتي بتحطي الورق على الاعواد ...كده كل الملوخية هتروح في الزبالة ....
-آسفة ..سرحت شوية....
لتقول ام سعد بنزق :
-انتي حالك بقالوا مدة مش عاجبني ...مالك فيكي ايه؟!....
نظرت لام سعد مع رسم ابتسامة متكلفة :
-مافيش حاجة ....قوليلي اخبار سندس ايه ومحمد ؟!....أنا عارفة مقصرة معاهم...
تحركت ام سعد من جوارها لتتابع الأواني على الموقد وهي تحرك الملعقة تقول:
-كل يوم سندس تسأل عليكي ومغلبة ابوها وامها في عمايل الواجب بتتحجج بيكي ....ومحمد اهو ربنا يشفيه ياقلب امه بيذاكر ربنا معاه.......
قامت خديجة تحتضن ام سعد من الخلف تقول :
-قوليلهم هجيلهم انهاردة .....
التفت ام سعد لها تواجهها تضع يدها فوق وجنتها بحب حقيقي :
-أنا مش عارفة من غيرك كنا عملنا ايه ؟..ربنا يكرمك ويفك كربك يابنتي ويريح بالك ....
تربت خديجة فوق يد ام سعد بامتنان وكادت تتكلم الا انها سمعت صوت صراخ عالي صادر من الخارج لتقول بخوف :
-ايه الصوت ده ؟!...
تحركت مسرعة للخارج تتبع الصوت لتجد شخص ما يضرب فزاع ويلكمه عدة لكمات متتالية مع صراخ أمينة المتواصل لتضيق عينيها تحاول الاقتراب لمعرفة هويته لتجحظ عينيها بذهول وتهمس باسمة (اكرم )!!!!!.....
...........
عندما رفعت عينيها وجدته هو ..نعم هو ...اكرم !!! طليقها ..مقيدها ..سجانها ..منتظرها امام بوابة المنزل الخارجية ...لم يتركها لتفكر مرتين فوجدته يندفع اليها بخطوات واسعة ليصل اليها ويفتح الباب بقوة ويجرها من من ذراعها يجرجرها ارضا غير مبالي باتساخها فقد كان في نوبة غاضبة من نوباته ..لقد هربت من مطاردته المستمرة له وانتقل للعيش هنا حتى تتخلص منه ...ولكن هو كان له رأى اخر ......فيقول بغضب:
-فاكراني مش  هعرف أوصلك ..ده أنا أجيبك لو في بطن امك ......مين ده يا أمينة؟!......
تصرخ بوجهه خوفًا من حالته:
-سيبني يا مجنون ..عايز مني ايه ؟!.....
لم تكمل حديثها لتجده  يحررها غصبا بسبب مهاجمة فزاع له ولكمه بوجه:
-أما نعرف مين انت الاول ..تبقى تعرف أنا مين ؟!....
ترنح اثر اللكمة المباغتة وتركها غصبا فينظر له اكرم بغضب وهو يمسح خط الدماء النازف من انفه يقول:
-ده أنت ليلة اهلك سودا ..تعالا ياروح امك أعرفك أنا مين....
ظل الاثنان يتناوبان في اللكمات مع علو صراخ امينة بان يتوقفا عن الشجار لتجد زوبعة سوداء تجري اتجاهها بإصرار كالفارس المغوار ضيقت أمينة عينها تدقق في وجهها المكشوف ..هذا الوجه المألوف ..انها خديجة!!! ...خديجة ؟...ش....شيراز !!!!!!
برقت عين أمينة المتابعة لها ناسية امر المتقاتلين من اجلها ...ما هذا التشابه ؟!...وقفت كالصنم الاصم لا تستطع التحرك من صدمتها لتجد الأخرى تقفز فوق ظهر اكرم صارخة تلف ذراعها بقوة حول عنقه ظنا منها ان ذلك سيردعه عما يفعله  :
-سيبوا يا اكرم ...سيبوا يا متخلف ......
شعر اكرم بثقل أنثوي فوق ظهره تحاول خنقه بضعف فيمسك ذراعها ويدفعها ارضا بقوة لتسقط صارخة من قوة الدفعة ....لتصرخ بوجه امينة المتصنمة لا تنظر الا لها هي فقط تقول خديجة بصراخ:
-انت وقفة تتفرجي ..اكرم هيقتله ......
رمشت عدة مرات غير مصدقة انها تعرفه ..تعرف طليقها ..هي كانت تعرفه!!! ..نعم شيراز تعرفه!!..لتجد نفسها تبتسم ببلاهة عجيبة ،.فتنظر لها خديجة بغيظ وترفع عينها للسماء بضيق وتتتحامل على ذراعها تستند ارضا حتي تستطع الوقوف وفي لحظة شعرت بملمس الرمال تحت كفها لتقفز في عقلها فكرة ...فأسرعت بمسك كومة من الرمال بكفها ووقفت امامه وهو يعتلي فزاع الذي يقاوم اختناقه ...تنادي عليه بإصرار يشوبه الغضب :
-اكراااام!!!!!
رفع اكرم وجهه لها فتسرع وتلقى بوجهه كومة الرمل بقوة لتجعله يصرخ من الألم ويرفع يده يحاول مسح وجهه متخلصا من الرمل داخل عينه ..استغل فزاع الفرصة فيسقطه ارضا على ظهره وكاد ان يكيل له اللكمات فوجد أمينة توقفه عن ذلك حتى لايتورط معه بسبب نفوذه بالشرطة .....
اقترب منها بوجهه الدامي وشفاه المجروحة يقول:
-أنت كويسة ...؟....
كادت تنطق لتجد وقوف اكرم مرة اخرى بعد ان نجح في تنظيف وجهه يقترب من خديجة ويصفعها صفعة قوية أوقعتها ارضا لتصرخ امينة باسمها الذي خرج عفويا منها :
-شيرااااااز!!!!!
دون ان تدرك للشخص الذي جاء مهرولا عندما أبلغته ام سعد بالواقعة ليشهد الصفعة الأخيرة لها مع صراخ ابنة خالته الغريب باسم حبيبته المفقودة ...
......
شعرت بالدوار الشديد وآلامًا بالوجه ولكن ما زاد من خوفها سماع صراخ أمينة باسمها مع تداخل صوت مالك ..يتوعد لمعتديها ...هل علم ؟...هل كشفت شخصيتها ؟...لا ...لا ..لن يحدث...
فتسمع صوت أمينة الباكي يلمس فوق وجنتها تقول :
-حبيبتي  ...ليه ماقولتيش ...ليه...؟
ارادت حثها على عدم ابلاغه لترفع يدها تبحث عن نقابها تحاول تغطيها وجهها بضعف تقول وهي تستسلم لدوارها :
-مالك ..مايعرفش ...أوعي تقوليله ..أوعي........
.....................
اصرت امينة على نقل خديجة بحجرتها ...لتترك الرجال يتعاملون مع طليقها بمجلس الرجال بعد ان حضر زوج خالتها واوقف عراك مالك الثائر وفزاع المصاب مع اكرم ...ليهم مالك بحمل تلك الساقطة ارضا مغشيا عليها بخوف عازما على التوجه بها لحجرتها الا انها اصرت اخذها للملحق لمراعتها بعد ان أسرعت في اخفاء وجهها كما طلبت قبل ان تستسلم لاغمائها ....
جلست بجوارها تحتضنها بعد صرف امها وطمئنتها على خديجة ..شعرت بضعفها وخوفها فهي لم تتوقف عن البكاء والرجاء لها بضعف لتقول امينة بإصرار:
-اهدي ياشيراز ...اقسملك ما حدش هيعرف بس أنا لازم افهم ...ليه مخبية نفسك عن مالك ....
لم ترفع شيراز وجهها ظلت تبكي وجسدها يهتز من شدة البكاء وتزداد تشبثًا بالأخرى تقول:
-ارجوكي يا امينة لو لسة بتحبيني ..مالك بالذات لازم مايعرفش ...لازم .....
-مالك ؟...طيب ليه ؟!...ده مالك الوحيد اللي عمره ما يفكر يأذيكي ..انتي ماتعرفيش حالته شكلها ايه بعد.......
قطعتها شيراز بحدة وهي تكافح ان تسيطر على انهيارها :
-مالك الوحيد اللي آذاني في الدنيا دي كلها ...محدش آذاني قده .......محدش قتلني وذبحني قده عشان كدة مش لازم يعرف حقيقتي ...لازم اخد  حقي منه ولازم اختفي واعيش بعيد عنه بس قدري دايما بيربطني بيه غصب عني......
ضيقت أمينه عينيها باستغراب من شخصيتها فهل تلك هي الفراشة المبهجة التى دخلت حياتها فيوم من الأيام ...ماذا فعل بها مالك ليتحول عشقها له لكره اسود ؟!....
تسألها بحذر شديد:
-مالك عمل ايه ياشيراز يخليكي تحولي حبك ليه لكره بالشكل ده ؟..مالك دايما يتهرب مني بعيونه زي مايكون مخبي حاجة أنا مش عارفاها ..........
قوست شيراز شفتيها للأسفل تكابح بكائها تقول :
-لو حكتلك ..توعديني تساعديني ..حتى ده لو كان ضد مالك .......
-أوعدك .......
لم تفكر امينة مرتان لتسرع تؤكد لها انها في بجوارها ولن تتخلى عنها.......
بدأت تقص عليها ما حدث منذ عدة سنوات لتشرد بحزن وتنفصل عن واقعها وتبدا في أخبارها
.......
((((((((كانت تضع سماعتها بإذنها تسمع أغنيتها المفضلة شاردة في امر سفرها ...لقد عرض عليها السفر مع فوج الجامعة لمدة اربع أيام لافضل الأماكن السياحية (شرم الشيخ)...ترغب في هذة السفرة بشدة ..وتعلم انها إذا طلبت من والدها السفر لن يمانع في ذلك ولكن المشكلة فيه هو ..(مالك)...الذي كاد ان يخنقها من شدة تتبعه لتحركاتها كطفلة بلهاء ..رغم عدم وجود رابط شرعي بينهما ولكنه ينصب نفسه ولي امرها ...بعد ان طلب يدها من والدها وبعد موافقته على وعد من مالك بعد انتهاء العام الدراسي سيأتي بابيه لتكون خطبة رسمية .يطلبها  رسميا من والدها الذي اصبح يقضي معها اطول وقت ممكن يرعاها ويعتني بها ليعوضها فترة بعده
فيقطع شرودها والدها الذي ربت فوق ساقها بحنان :
-سرحانه في ايه ياديدا ......
ضاقت شيراز من دلال  والدها فهو مصر مناداتها  باسمها الحقيقي التي تمقته بشدة :
-بابي ..please
مش بحبك تنادي عليا بالاسم ده ...حتى مالك نفسه مكسوفه اقوله ....
فعبس حفني بوجهه ينهرها:
-بقي خديجة وحش. ...خديجة زوجة الرسول (صلى الله عليه وسلم)..وحش..طيب تعرفي بقي لو قولتي لمالك أفندي هيفرح بيه ..وكمان ماتنسيش انه كدة كدة لازم يعرف عشان الجواز ولا ايه.....
-أما يجي وقتها هبقى اعترف له......
صدحت ضحكته الوقورة يبعثر شعرها بيده :
-انت هتجننيني وتجنني الشاب معاكي..ربنا يكون في عونه...ها قولي مكشرة ليه ؟....
-في مشكلة مضيقاني ...مش لاقية حل.....
يقترب منها يحتضنها من كتفها :
-مادام بابي موجود يبقى كل مشكلة ليها حل ......
-في رحلة طالعة شرم ....وانا عايزة اسافر ولو قولت لمالك هيقول ..(لا ..لا ...لا....)
ظل حفني صامتا بضع لحظات ليقول مستفهما :
-انت جربتي تطلبي منه؟...يمكن يوافق ...وكمان أنا عايز أفهمك حاجة انتي بنتي ولسه في بيتي يعني أنا اللي أقول لا او ايوه .....عموما أنا موافق ...وجربي اسأليه لو وافق كان بها ...ما وافقش يبقى هسيب لك حرية الاختيار ساعتها......
هزت رأسها باقتناع من حديث والدها وقد عزمت على الطلب منه اولا وأخذ موافقته ......
...........
كان يقف امام الموقد يعد فنجان القهوة بشقته المؤجرة المشترك معه أخذ زملائه بالاكاديمية يضع الهاتف فوق أذنه ويقول بصرامة :
-لا ياشيراز ....يعني لا....فكرة سفرك لوحدك مرفوضة .....
شيراز بضيق :
-يامالك افهمني دي حتبقى مع إدارة الكلية والمشرفين ايه المشكلة أما اسافر ....
-قولت لا ....انتي مابتفهميش .....
حبست الدموع بمقلتيها ..لتجيبه بغيظ :
-أنا بكرهك يا مالك ..بكرهك ..
تغلق المكالمة بوجهه وترتمي فوق فراشها تبكي بانهيار ...وبعد ان هدأت قررت التراجع عن تلك السفرة حتى لا يغضب منها .......
دار بينهما في عدة أيام مكالمات مختصرة جافة بسبب غضبه منها وضيقها منه مع انشغاله الدائم بتدريباته الخاصة بالشركة الجديدة التى تجعله يغيب عدة أيام لا يحادثها ...يدخل عليها والدها حجرتها يجلس جوارها فوق الفراش يجذب من يدها المجلة يداعبها:
-هتفضلي زعلانة ..ما أنا قولتلك سفري ....
رفعت كتفيها بضيق:
-خلاص أصحابي راحوا ورجعوا كمان ...
-طيب واللي يعملك مفاجئة تعملي ايه ؟!....
ضيقت عينيها بتساؤل :
- مفاجأة؟!.....
هز رأسه ويده تداعب شعرها بحنان يقول:
-"اندرو"لسه مكلمني وقال انه نازل شرم  بكرة مع وفد إيطالي وكان نفسه يشوفك......
قفزت فوق الفراش تصفق بيدها فرحة تقول:
-مش معقول "أندرو"..اخيرا جه مصر .....
يسألها حفني بمكر:
-ها اقوله هتروحي ولا ايه ؟!...خلي بالك هو مش هيطول في شرم ......
-اكيد هروح ...لازم اشوفه........)))))))))
...........
في مكان اخر
ظل يجوب بالحجرة ذهابًا وإيابًا يشد خصلات شعره يكاد ان يجن لقد سمعها ..واثق انه سمعها تناديها شيراز لم يخطئ في ذلك ...ولكن لما أنكرت امينة عندما واجهها بما سمعه منها..!لتبرر له انها تحت ضغط نفسي لم تدرك بما تقول......
لما ارتعب من رؤيته لاكرم يصفعها تلك الصفعة ؟...رغم عدم تذكره بملامح وجهها المكشوف ..وقف امام المرآة ينظر لعينيه الصقريتين يعيد عقله هو الآخر ذكرى بعيده ...ذكرى لمشهد مماثل كان فيها هو الجاني..........
(((((((وقف يقلب بهاتفه حتى ينتهي صديقة من إملاء بيناتها للاستقبال واستلام مفتاح الحجرة ....لقد طلب منهم التوجه لشرم بطريقة فجائية لبدأ الاستعداد لقيادة اول طائرة تحلق بسماء مصر والعمل في الخطوط الداخلية مبدائيا ..كان عليهم النزول بأحد الفنادق القريبة للمطار ليكونا على اهبة الاستعداد عند الاستدعاء ...
يقول نادر له:
-يلا ....عشان نلحق ناخذ لنا غطس في المية ....
زفر مالك بضيق:
-هي الشبكة مالها ..مش مجمعة ليه ...؟!...بقالي ساعة بتصل الرقم مش مجمع.....
-انت لسه بتتصل بيها ..يابني سيبلي نفسك انهاردة  وانت تدعيلي...
نهره مالك وهو يجر حقيبته ذات العجلات:
-بقولك ايه يانادر...العك بتاعك ده ماليش فيه وانا بحذرك إياك الاقي جايب حد في الاوضة ..أنا مش ناقص نجاسة....
ضحك نادر على قوله :
-نجاسة ..!!!.بقى الجنس الناعم ده نجاسة ..يابني دول أكسيم الحياة .....
فيتقدمه مالك ويدفعه من امامه بضيق:
-بلا قرف ..أنا مش عارف هتتهد امتى وتبطل عكك ....
-هههه طيب يلا يا شيخنا ..يلا......
.............
قام بتغيير ملابسه لملابس تلائم الشاطئ من سروال قصير وقميص قطني مع وضع نظارته الشمسية فوق وجهه وقف ينظر من النافذة واضعًا هاتفه فوق أذنه منتظر إجابة الاتصال ..فتسحر عينه زرقة المياة وصفائها تذكره بلون عينيها ...
فيجد الهاتف يفتح ويقول متلهفا :
-شيراز ؟؟..حبيبتي انتي سمعاني ....
لم يجد إجابة منها وتتداخل الأصوات الضاحكة والضوضاء التي لم يميز فيها شئ ..ليضطر باغلاق الهاتف مرة اخري ويزفر بضيق ......
يجد  نادر يدخل عليه بمرحه المعتاد :
-يلا ياشيخ مالك ..مش هتنزل ؟..الجو تحفة تحت ...وايه ؟!...المزز بالهبل .....
التفت له مالك ينهره:
- يا ابني اتقي الله ده احنا. شوية وهنكون متعلقين في الهوا ببركة ربنا....
-هههههه طيب ماتزعلش يا شيخ مالك اوي كدة ....يلا نتغدى أنا ميت من الجوع .....
........
اتجها كلاهما للشاطئ بعد تناول وجبة الغذاء وتسطح مالك على مايسمى (الشازلونج )..رافضا نزول المياه يستمع لحركة المياه مغمض العينين ..ليجد نادر يأتي مهرولا اتجاهه يقول:
-يالهوي على الجمال ..هو في كدة ؟!.....
انتبه له مالك بسبب ابتلاله نتيجة اندفاع نادر اتجاهه الخارج من المياه ينهره بقوة :
-انت بني ادم مش طبيعي ..حاسب ياجدع بلتني ......
-بليتك ايه ؟..خلينا في اللي أنا شفته ...حتة بت مشكلة جسم ايه وحلاوة ايه لا وبتتكلم مصري ......قالها نادر هو يشير له اتجاهها وهي تسير أمامهم
أشاح مالك بيده بضيق وينظر للاتجاه الآخر لما يشير نادر فينتفض من تسطحه يوقع هاتفه ارضا وتجحظ عينيه بقوة ليقول نادر بمرح:
-مش قولتلك اديك نطيت لما شوفتها ....
وقف مالك بغضب يحاول التأكد مما رأى ..لا يمكن ان تكون هي ...لا ...كيف ستكون هنا بدون علمه ..لابد انها شبيهة لها ...حاول السير بضع خطوات وراء شبيهتها ...شبيهتها التى تسير بين احضان رجلا غريبا يحيطها بذراعه ..ويضع قبلاته فوق وجنتها ....لا من المستحيل ان تكون هي ....
زادت خطواته سرعة عندما لاحظ اتجاه الاثنين إلى مرسى اليخوت..ليساعدها ذلك الغريب الأجنبي في الصعود اعلى اليخت ..ويختفيا داخله ..يجب عليه التأكد ..كيف سيتأكد ؟!....
رجع مهرولا إلى مكان صديقه بملامح واجمة ليعقد نادر حاجبه متسائلا:
-في ايه يابني مالك ؟!..هي المزة عجبتك ولا ايه؟
-اخررررس......!!!!!
قالها مالك بغضب عجيب ووجه اصفر متعرق يبحث بعينه عن هاتفه ليجده ملقى فوق الرمال ..ينتشله بسرعة يحاول الاتصال بها مرة اثنان ...في المرة الثالثة وجد الخط يفتح كالمرة السابقة ويظهر صوتها التي لم يخف عليه اهتزاز تقول :
-مم..مالك !!...عامل ،..ااايه؟......
ضيق مالك عينيه يحاول الانصات بدقة لصوت الخلفية لديها لعله يستريح فيجيبها بحذر:
-الحمد لله ،..وانتي؟...
-أنا تمام ......بقالك كتير مكلمتنيش....
شرد للامام يحاول ترتيب كلماته :
-حقك عليا ..بعد كدة هكلمك كتير ..كتير اوي....أنا كنت فاكرك زعلانه مني عشان منعتك من السفر لشرم .....
-ردت بصوت مرتبك :
-ايه ؟؟..اه ..لا مش زعلانه ..مش زعلانه خالص ......
سمع من خلفها صوت موسيقى هادئ يدل على حميمة المكان فيزاد ناره وشكه بها فيسألها:
-ايه ياشيراز ياحبيبتي الصوت ده ؟...
-صوت ؟!...صوت ايه ؟!...ده ال pallet
(موسيقى الباليه)....في الt.v
يسألها بمكر :
-انتي في البيت ؟!....
-ايوه في البيت ......
بدأ ينهر نفسه على شكه ويؤلمه ضميره فيقول :
-حبيبتي ..أنا عايزك تعرفي انك أغلى حاجة عندي ياشيراز ..واني بخاف  عليكي جدا ومش عايزك تزعلى مني ابدا ....
شعرت بالراحة من حديثه لتتنهد تقول :
-وانا كمان بعشقك ...مش عايزاك تغضب مني حتى لو عرفت ان عملت حاجة غلط ...ماشي يامالك ....
-ماشي يا قلب وروح مالك ...مع السلامة ...
اغلق الخط لقد اطمأن اطمئنانًا جزئيا انها ليست هي ولكن يوجد شئ يقلقه لايعلم سببه ..فيواجه صديقه الذي كان يقف بجواره مستمعا للمكالمة فيقول :
-يا عيني على الصبر .....مالك ابن الحاج حافظ بيحب ياجدعان ....
-يا اخي اتلهي ....أنا طالع الاوضة اريح شوية ....
تركه ينظر له يضرب كفًا فوق كف على حاله المتقلب.....
........
في المساء اتجها كلاهما إلى (الديسكو)بعد إلحاح نادر عليه ليجلسا فوق طاولة قريبة من المكان المخصص للرقص مع صدوح موسيقى هادئة  ليقول له نادر:
-فك شوية ياكابتن الستات مابتحبش الرجالة القفل اللي زيك ...شوف أنا البنات بتترمى عليا ...
لم يجبه  مالك لقد كان مشغول البال والقلق يقتله ....يرفع يشرب كوب المياة الغازية .....
فيضحك عليه نادر بسبب وجومه ..مر الوقت بين ثبات مالك بمكانه وتنقل نادر من بين الفتيات يضحك ويرقص لا يحمل همًا ..مع ازدياد على صوت الموسيقى التى جعلت الجميع يتمايلون ويرقصون في نوبة نشاط وثورة ....يبتسم مالك على طيش صديقه وفقدان سيطرته على حاله ليجد نادر يتوجه يحلس بجواره يلهث من شدة الرقص يقول:
-يخربيتها ...البت اتحرشت بيا واحنا بنرقص اي البنات دي؟!....
لم يعلق مالك ظل يراقب الجميع كأنه ببرج عالي واضعًا ساقًا فوق ساق ...
فيجد كوب العصير امام صديقه فأراد مشاكسته ...فجذبه على حين غرة وتناوله باستمتاع ..تبرق عين نادر لما حدث ..ليقول نادر بذهول :
-يخربيتك انت عملت ايه ؟
رد مالك بلا مبالاة :
-اطلب غيره ماتوجعش راسي 
يهز رأسه بملل :
-ده بالذات مش هعرف اطلب غيره ده كان الأخير وأملي الليلة دي ...
تحسر نادر على الفرصة التى أضاعها منه مالك بدون قصد ..حيث قام بوضع بعض المنشطات  بكأسه  الخاص ممنيا نفسه بليلة جامحة ...
لم ينتبه الأخير لحديثه ولا لمايقصده .....
ليجد صديقه يشير برأسه يقول:
-مش دي المزة اللي هبلتك الصبح وجريت وراها؟ .....
قبض قلب مالك لينظر خلفه ليجدها فوق ساحة الرقص باحضان ذلك الغريب طويل القامة ترقص معه رقصات هادئة ...ثبت مكانه في صدمة لا يعلم ماذا يفعل انها هي ..هي ...كذبت عليه وخدعته ...من هذا الذي تتمايل معه بحميمة بين احضانه ...تلك الأحضان التى كانت تنتظرها منه هو فقط. ..خدع لتوسلاتها ودموعها الكاذبة بان لا يتركها ....ولكن قلبه لايصدق عينيه ..يوجد شئ خاطئ ...
يرفع يده يمسك هاتفه القابع فوق الطاولة يضرب رقمها ويراقب انفعالاتها من بعيد ..انتظر ثم انتظر ...ليجدها تتململ بين احضان الآخر وتضع يدها فوق سروالها الضيق تخرج هاتفها منه بايدي مهتزة ..من الواضح انه على خاصية الاهتزاز لشعورها به وسط الضوضاء ....يجدها تتلفت حولها بتوتر وتحدث من معها بضع كلمات لينصرفا معًا من المكان))))))))))) .........
...............
كانت جالسة امامها فوق الفراش ضامة ساقيها لصدرها شاردة بعينيها صمتت للحظات لتجد امينة تربت عليها بتأثر ووجه مبتل تقول:
-خلاص ياشيراز كفاية ...لو مش قادرة تحكي بلاش......
لم تلتفت لها فأكملت بقهر ودموع مهددة بالظهور :
- لحظة ما اتصل بيا وانا مع اندرو حسيت ان في حاجة غلط ...حسيت بالرعب اكنه شايفني ..بقيت ادور عليه في المكان ..خايفة لا يعرف ان سافرت من غير مايعرف ...مش آمنة رد فعله ...حس بيا أندرو وقررنا نسيب المكان ونطلع علي اوضنا نريح فيها كانوا جنب بعض بس واكتشف ان المفتاح مش موجود معاه وقع وهو بيرقص وللحظ أندرو جاله تليفون بيتصلوا بيه من شركة السياحة عايزينه يرجع على إيطاليا ضروري ...دخلنا من عندي ..ولقيته بيطلب مني اجهزله شنطته ولبسه بسرعة عقبال ماياخد شاور رحت طبعًا دخلت من الباب اللي فاصل بينا اخذت حاجته كلها عندي وضبت له  شنطته الصغيرة وجواز سفره ...فضلت قاعدة خايفة وقلبي مقبوض وببص على التليفون برعب ...عايزة اعترفله ان سافرت من وراه ..بس مش قادرة .......
في ثواني كنت مودعة أندرو ...كان هيوحشني اوي ...هو الحاجة الوحيدة من ريحة مامي الله يرحمها ......كان اه الأخ الصغير والوحيد ليها بس دايما كنت بحس بحبه ليا واكني مسئولة منه....
حسيت بالإرهاق الشديد ولقيت مالك بيتصل بيا تاني ....
قولت ادخل اخد شاور يهديني وبعدين اخرج أكلمه ..واعترفله ان كسرت كلامه وسافرت .من غير مايعرف عشان كان نفسي اشوف أنكل اندرو ......واكيد هيفهم ...
تسائلت امينة بحيرة :
-كل ده ماشي كويس ..ايه اللي حصل بعد كدة ؟
شردت لتقول :هقولك....
........
(((((((كانت تحت المياه الدافئة تحاول مساعدة عضلاتها على الاسترخاء لتسمع عدة طرقات قوية بالخارج ظنت ان خالها قد عاد او نسى شيئًا ...لتخرج بعد إغلاق المياة تقوم بارتداء مأذرها  وتلف شعرها بمنشفة صغيرة بعشوائية ...تخرج علي عجالة يساقط منها قطرات المياة الدافئة تفتح الباب وهي تقول :
-نسيت حاجة أكي........
تسمرت برعب من تلك الواقف مستند بذراعه على إطار الباب مخفض رأسه تهمس برعب :
-مممالك!!!!
رفع رأسه ببطء باعين يصعب عليها تفسيرها فتجد ابتسامه غريبة تشق جانب فمه يقول :
-وحشتيني .......
ضمت جوانب مأذرها بخوف من رد فعله تحاول تبرير فعلتها تقول بخوف:
-مممالك أنا .....أنا.....
يتقدم جهتها لتتراجع وتجده يدخل ويغلق الباب خلفه يقول بنبرة هادئة:
-ايه مش هتقوليلي اتفضل ......
-مالك اسمعني ...اقسملك أني كنت هكلمك حالًا واعترفلك ...ارجوك لازم تسمعني ....
ابتسم لكذبها فاقترب منها خطوتان بهدوء يضع كف يده بحنان بالغ فوق وجنتها اليسرى يمرر إبهامه عليها يهمس بصوت غريب :
-ششش...مش عايز اسمع حاجة دلوقت ...أنا اللي عايزك تسمعيني ....لان ده افضل وقت تسمعيني فيه .....
نظر لعينيها الفيروزتين بألم حاول إخفائه لقد طعنته ..رآها بعينيه تودعه بالأحضان وهو خارج من غرفتها ..ولن يكذب عينيه ......
نظر الفراش من خلفها بتعجب ليجده مرتب لم يستلقي عليه احد ليقول ساخرا :
-غريبة ..ههه...السرير زي ماهو ؟!....
ردت عليه بتساؤل :
-تقصد ايه ؟!.......
وقع نظرة على قطعة ملابس بجوار الفراش ارضا فيبتعد عنها بهدوء يحملها بين أصابعه يقول وهو يشير به:
-ايه ده ؟!.......
ابتلعت ريقها عندما رأت لباس اندرو الداخلي الأسود فيما يسمى(بوكسر)...لقد نست وضعه بحقيبته اثناء تجهيزها ...رفعت يدها تمسح جبينها بتوتر من العرق الوهمي تقول:
-ده بتاع اندرو ...أنا كنت قولك ان سافرت عشان .......
وجدته يقترب منها يجذبها لاحضانه يبتلع باقي كلماتها في قبلة عنيفة حاولت التملص منه ..حتى نجحت في الابتعاد شعرت بالرعب من حالته الغريبة وهدوئه الأغرب يقول لاهثا امام وجهها:
-أنا مش عايز اسمع كلام منك ...قولتلك أنا عايزك تسمعيني وبس.......
ازدادت ضربات قلبه وتصلب جسده من قربها ليقول :
-انتي عارفة بحبك قد ايه ؟!...عمري ماحبيت ولا كنت اتخيل ان اسلم قلبي لحد  ..وقابلتك انتي ..انتي خطفتيني من اول لحظة ..اه كنت بقاوم وأقول انتي ماتنفعيش مالك بن حافظ .....بس لقيت نفسي حبيتك وعشقتك .....
-أنا كمان بحب.....
-ششششش...قولتلك اسكتي ماتتكلميش أنا عارف هتقولي ايه انك بتحبيني صح ..بس..ايه يثبت ده ؟!......
تساءلت  بألم من حالته لا تعرف هل جن ام يهذي ام به شئ لا تعلمه ؟......
-اي حاجة هتطلبها هنفذها ..عشان اثبتلك ان بحبك ...سامحني أني كذبت عليك......ارجوك.....
-اقلعي !!!!.....
صمتت بذهول من كلمته تقسم ان سمعها اختل لتقول بتعجب :
-ايه ؟؟؟؟.....
ضمها اكثر لصدره يقول أمرًا :
-زي ماسمعتي ...اقلعي ...
-انت اكيد مجنون ..او مش في وعيك....
مسك وجهها بقوة يقول بهسيس غريب:
-ليه مجنون ...أنا عايز اشوفك وانتي عريانه من حقي أن اعرف تفاصيل اللي هتبقى مراتي واقضي معها وقت لطيف ..مش يمكن مااعجبهاش ...
وجدت يده تتحرك لتحرر مأزرها فتصرخ من فعلته تلصق جسدها به تحتمي به منه تقول:
-لا يامالك ...لا ...مش انت اللي تعمل كده ...لا....
-ليه ؟...أنا مش راجل ...أنا اهو بقولك ياشيراز أنا عايزك وحالًا .....
ارتعش بدنها مصدومة من سلوكه الغير سوي حاولت الهرب منه صارخة تترجاه بالا يفعلها ..لا يسقط التمثال التي صنعته له في عقلها ...وجدته يلقي بها فوق فراشها بقوة يثبتها بجسده يقول متوعدا :
-ايه ياشيراز مش أنا مالك اللي بتحبيه بخلانة عليه بشوية وقت معاكي .....اثبتيلي انك بتحبيني....
-صرخت بقوة مستنجدة به مما يفعله:
-لا ارجوك ...لا ...ماتعملش كده ...انت بتعمل كدة لييييه؟!.......
فتح مأزرها ليكشف عن جسدها الأبيض المتلفح بالحمرة يوزع قبلاته بوجهها وعنقها يجدها تهمس له ببكاء ..انها تحبه ولا يفعل ذلك بها ووجد مقومتها بدأت بالهبوط ..رفع وجه لتتلاقى عيناه الحادة بفيروزتها التى تغرق في نهر من الدموع يسألها بسخرية:
-مالك ؟...خايفة ليه؟...
زمت شفتاها تحاول السيطرة على ارتعاشهما ..لقد قررتا مآزرة جسدها الذى لم يتوقف عن الانتقاض منذ دخوله تهز رأسها بالنفي غير مصدقة لما يصدر منه ..مالك صاحب المبادئ والقيم ..."مالك "من دافع عنها وحماها من معلمها ...من متحرشها ...!!!!هو الان يغتالها بقسوة ..بدون شفقة ...ولكن يجب عليها إيقافه ..هي دائما ضعيفة هشة امامه ..حان الوقت لتمردها عليه ..يجب عليها مقاومته وعدم استسلامها له لتقول من بين أسنانها بتحدي غريب :
-أنا مش خايفة يامالك ...أنا خايفة عليك...
لم تنتظر ان يستعب كلماتها ..لتثني ساقها وتدفعه عنها بقوة مباغتة جعلته يسقط ارضا مصطدما بالجدار  خلفه ..تستغل ذلك لتنتفض من فوق الفراش تغلق مآزرها بسرعة تخفي جسدها لتقول له محذرة:
-مالك ..أنا بحذرك ...خلينا نتكلم بعقل .....
لتجده يقف كالأسد الذي يريد الانقضاض على فريسته يقول بكره شديد :
-طلعتي بتخربشي ياشيراز ..أنا مش مصدق....بتضربيني ؟...أنا !!!
أمسكت بيدها المصباح المجاور لها تحتمي به تحذره:
-اطلع بره يامالك انت مش في وعيك ...
عشان ماتعملش حاجة تندم عليها ...
صدحت ضحكته الخشنة وهو يرنو  بخطوات بطيئة اتجاهها ليقول لها من بين أسنانه:
-هو أنا لسه هندم ...أنا خلاص ندمت ..ندمت ان وثقت في واحدة طايشة زيك...ندمت ان كنت فاكر ان ممكن أغير واحدة عايشة طول حياتها بتحرر ...أنتي لو في بلدنا كان زمانهم رجموكي ودفنوكي حية...
عارفة ليه؟!...لانك نجسة ....أنا مش مصدق ازاي كنت مغفل وهسلمك اسمي...
تألمت من كلماته لها ..ماذا اقترفت ؟..لما يجلدها بتلك الكلمات لمجرد انها سافرت لتقول والصدمة تعتلي وجهها تحارب دموعها :
-أنا يامالك ..نجسة؟!.... أنا...!!!!
شعرت بانها تحارب ضد شئ تجهله ..عن اي شئ يتحدث ؟...
تحاول تمالك حالها حتى لا تنهار باكية امامه وحتى لا تضعف تقول باختصار:
-ميرسي على ذوقك .......يا كابتن....
تحركت من امامه بثقة زائفة اتجاه الباب وهي تأمره:
-اتفضل لو سمحت عشان تعبانة ومحتاجة انااااااااااا........
لم تكمل خطواتها ليجذبها بقوة من ذراعها ويلطمها لطمة قوية أفقدتها توزانها لتسقط ارضا غير مستوعبة انه قام بضربها بهذه الطريقة باي حق يضربها وهي لم تتعرض طول حياتها لمثل هذه الإهانة حتى من والديها ..رفعت رأسها تواجه ممسكة وجنتها بانهيار تهز رأسها بالنفى رافضة لكل ما يحدث ..انه ليس هو ..مؤكد شخص شبيهه ....تراه ينخفض لمستواها يمسكها من خصلاتها يهزها بقوة يقول بغضب:
-الشكر هيجي بعدين ...بعدين ياشيراز ..ساعتها هتشكريني من قلبك ....
يلقيها بقسوة ارضا ..شعرت بالخوف والرعب منه ..اول مرة منذ معرفتها به تشاهده في مثل هذه الحالة غير المتزنة ..سارعت بالزحف للخلف تحاول الهروب منه فما كان منه الا ان جرها من ساقيها ليحكم قيدها ..تسارعت نبضاتها برعب مما هو اتي تراه ينزع قميصه عنه باهمال لتتوسله بصوت مبحوح وهي تدفعه عنها من صدره العاري:
-ارجوك يامالك ..ماتعملش كدة ...لااااااااا....مش انت اللي تعمل كدة ..أنا وثقت فيك ....
رفع يديها فوق رأسها يثبتها بجسده المتعرق يلهث امامها بعيون حمراء من شدة ارتفاع ضغط دمه يصرخ بوجهها:
-أنا ما اتخدعش ياشيراز ..مااتخدعش !!!!!.....
كان غضبه وحالته الغريبة مسيطرة عليه حتى هو شعر بأمر غريب يحدث بجسده المتعرق حاول السيطرة على افعاله ..ولكن لم يستطع بوجودها امامه بهذا الشكل بجانب معرفته لخداعها له بمهارة......اخفض رأسها يقبلها بشهوة قبلات متسارعة فوق عنقها ووجهها ..يشعر كأنه بقطار مسرع يريد إيقافه ولا يستطع التحكم في مركز قيادته لايقافه قبل حدوث كارثة..امر مستحيل ...
ظل يسمع توسلاتها له بأذن لم تعي معناها وعقل مغيب كسحابة سوداء حجبته عن الإدراك ..شعر بارتعاشها. وانتفاضها الشديد وهدوئها المفاجئ ليرفع رأسه يظن استسلامها يجدها مغلقة العينين مبتلة الوجه ملتصق شعرها الذهبي بجبينها بعشوائية ليبتسم بخبث يلمس وجهها بانامله ..ثم يبتعد عنها يحملها بين ذراعيه يتجه لفراشها ويلقيها باهمال فوقه ..وقف ينظر لها نظرات غريبة ...بصدر يعلو ويهبط بسرعة ..لينحني ينزع عنها مأزرها بقسوة يلقيه ارضا وينحني فوقها هامسا بأذنها بشراسة :
-هتندمي ياشيراز........)))))))))))
........................
فاق من ذكرياته المؤلمة على كف يده النازف لينظر اليه بشرود ..لقد قام بكسر زجاج مرآته عندما كان تائهًا بذكرياته المؤلمة معها ولقائهما الأخير المخزي ..
تحرك بإرهاق يغسل كف يده المجروح تحت مياة الصنبور الجارية ..يشعر بحاجة ملحة للاطمئنان عليها ..لا يعرف لما شعر بذلك الشعور ليجد نفسه يخرج من الحمام ثم من الغرفة ينزل درجات الدرج الخشبي برتابة ليسمع صوت ابيه الصارم يناديه ليلتفت له يجده جالسًا بالمجلس مستندًا على عصاه..يقترب منه بخطوات متمهلة يقول:
-ايه ياحاج اللي مقعدك هنا ؟..
-اقعد يا مالك عايزك .....
نظر مالك بتردد لباب البيت كان يريد الخروج للاطمئنان عليها ..ولكنه يخضع لطلبه ويجلس امامه يقول:
-خير ياحاج !!!..
-هتعمل ايه في موضوع امينة وأكرم؟
ربع كتفه بلا مبالغ يجيبه:
-هنعمل ايه...؟ولا حاجة...احنا أخذنا عليه محضر بعدم التعرض ..هو اه حبايبه كتير ومشوا الموضوع ودّي ..بس يبقى يجي تاني ويكون اخر يوم في عمره....
-يابني الجدع أنا اتكلمت معاه ..ولقيت عنده رغبة يرد مراته ...احنا ناخذ رايها وافقت يبقى خير وبركة ...
ظل يفكر مالك في ذلك الأمر فيبدو ان اكرم لن يستسلم بسهولة:
-انا هسألها ونشوف رأيها.....
-وخديجة يامالك ؟...سأل ابنه بنبرة ذات مغزي
ليجيبه بلا مبالاة:
-مالها دي كمان ؟.......
-انت يابني كاتب عليها بقالك مدة ..وكل واحد في ناحية..ده انت حتى ماتعرفلهاش وش .... تبقى جوازة ازاي......
هرش مالك في رأسه كيف سيبلغه باتفاقهما ليقول بتردد:
-ربنا يقدم اللي فيه الخير ياحاج ...
-مافيش الكلام ده ..أنا عايز رد منك ..خديجة هتنقل في أوضتك بليل ..ولو على اللي شغالين هنا هما مش بيبقوا موجودين في البيت بالليل ..يعني محدش هيعرف لحد مانعلن جوازكم ..
هز رأسه برتابة لا يعرف كيف يتصرف في هذا المأذق ليقول :
- تحت امرك ياحاج .....عن إذنك
ينصرف تحت أنظاره المراقبة لها لينتهد بإرهاق يدعو له بالصلاح...
...........
جحظت عيون امينة لما سمعته لا تصدق ماقصته شيراز عن ابن خالتها لتقرل بصدمة :
-اكيد في حاجة غلط ...أنا مش مصدقة ان يطلع منه كده
رفعت عيونها الدامية بانكسار تهمس بضعف:
-يعني أنا هتبلى عليه يا امينة...
جرت امينة تمسكها من كتفيها تعتذر لها:
-ابدا ما اقصدش ..أنا مش بس مش مستوعبة ..اكيد في غلط...
صرخت بوجهها تقول:
- بقولك فوقت لقيت نفسي عريانة في السرير و سايبلي ورقة بيقول فيها (انه قضى معايا وقت لطيف واني غبية عشان فكرت ان واحد زيه ممكن يقبل واحدة زي ويخليها زوجة ليه)....انهرت أما عرفت  ..اتصلت بيه كتير كتير لقيت تليفونه مقفول وبعد كده فتحه ومبقاش يرد عليا ..ولا على رسايلي وتوسلاتي ..حتى شقته في القاهرة رحتها وبلغت صاحبه ان يكلمني ضروري ..كل ده ليه؟!!...أجرمت في حقه عملت ايه ؟!...
-اهدى ياشيراز ..أنا آسفة آسفة .....طيب وصلتي لهنا ازاي مش معقول الصدفة تكون بالشكل ده ...
رفعت عيونها لها بثبات تمسح دموعها لظهر يدها بقوة تقول :
-اهو اللي عدى كوم ..واللي حصل بعد كدة كوم تاني .
سمعا كلاهما صوت مالك بالخارج ينادي لتنتفض شيراز من مكانها في رعب تمسك بكتف صديقتها تترجاها:
-مالك !!.سمعنا..... اكيد سمعنا ..
هزت امينة رأسها بالرفض تمسكها من ذراعها تقول:
-مافيش حد سمعنا ..اهدي انتي كدة هتخليه يشك فيكي لازم تكوني طبيعية ..انتي خديجة فاهمة خديجة....وسبيني أنا هتصرف...
هزت الأخرى برضوخ لتجدها تتحرك وتضع وشاحها فوق رأسها وتخرج مغلقة الباب خلفها ....
.........
وقف امام الملحق القاطنة به خالته وابنتها منتظرا ردًا منهم ليجد أمينة تخرج بعبائتها البيتية وغطاء رأسها ..تغلق خلفها باب الملحق وتسأله:
-خير يا مالك ايه اللي جابك دلوقت؟
ظل يحك رقبته بتوتر ..يشعر ان اهتمامه الزائد بها مؤشر خطر على قلبه ...ليقول باختصار:
-جاي اطمن على خديجة ..هي عاملة ايه دلوقت ....
رفعت حاجبها تتفحصه بدقه لقد شعرت توتره عندما ألقت سؤالها لتبتسم بداخلها ..يجب عليها التلاعب معه على قدر الإمكان انتقاما لها:
-هي كويسة ...فضلت معاها لحد مانامت....
هز رأسه يحاول فتح حديث معها يشعر بالحاجة الملحة لذلك ..شعرت من صمته انه يريد شيئًا لتسأل:
-في حاجة تاني ؟!...
-لا ..بس كنت محتاج اتكلم شوية معاكي بخصوص شيراز ..
كتفت ذراعها امام صدرها لقد كانت متأكدة من دواخله ليكمل بتردد:
-أنا ..عارف ان مجاش الفرصة اننا نتكلم بخصوصها من وقت ما اختفت زي مايكون كل واحد فينا بيحاول يهرب من مواجهة التاني
يشير اليها يحثها للتحرك معه للتمشية فتلبي دعوته بصمت ..ويكمل بعد لحظات :
-أنا دايما لامح نظرة الاتهام في عينك من وقت ما كتبت كتابي علي غادة ...زي مايكون حرام ان ابدأ حياتي مع الإنسانة المناسبة ...اجفل من سؤالها المباغت لها الذي صدر منها بإصرار:
-انت حبيت شيراز؟.....
-ايه السؤال الغريب ده؟
وقفت تواجهه وتضم ذراعها لصدرها تقول:
-انت اللي غريب ومش فهماك ..اول كلامك قولت عايز تكلمني بخصوص شيراز وانا وافقت ..وبعدين لقيتك بتتكلم عن غادة ...ودلوقتي مستغرب ان بسألك عن مشاعرك لشيراز...يبقى مين فينا اللي غريب؟!....
وقف ينظر لها لم يستطع إجابتها ،نعم أراد ان يتحدث عنها وعندما سألته عن مشاعره الحقيقية خجل من حاله ان يفشي حقيقتها بسبب جرمه بحقها..يقول بهدوء وهو ينظر لقدمه:
-هتفضل طول حياتي جوه قلبي لحد ما اموت ...
ضحكت بسخرية لتقول باستهزاء:
-والله ..لا ماهو باين فعلا ...انك كنت بتحبها ...
-لو تقصدي جوازي من غادة ...ده طبيعي ان احاول أبدأ حياتي ...
-وشيراز ...؟؟؟؟قالتها امينة بصراخ ....
ليجيبها بصوت جاهوري حاد :
-ماتت ...شيراز ماتت ،....
هزت رأسها بالرفض فتشير له بسبابتها امام وجه:
-لا ...انت تخليت عنها من قبل ماتختفي هي ووالدها .....ماتقولش انك رحت تدور على غيرها لما ماتت ..ماتقولش انك بتحبها وعايشة جواك لانك كذاب يامالك ....ظلت تلهث من شدة الانفعال امامه لتكمل بغيظ تريد جرحه:
-أنا عارفه كل حاجة حصلت بينكم قبل ما شيراز تختفي ...
برقت عينيه يحاول تكذيب ماسمعه  لا يمكن ان تكون على علم بما حدث فيسألها بحذر :
-عارفه ايه؟!...عارفة ايه يا امينة ردي عليا؟!...
-انت ادرى ياكابتن..عن إذنك ...
سارت من امامه باتجاه الملحق ليندفع يجذبها بتوسل من ذراعه :
-هي شيراز حكتلك ....؟؟احكيلى ياامينة
..طيب بلاش تحكيلي ..قولي لي كانت عاملة ايه ؟!...كانت حزينة صح ...؟...كانت مجروحة مني؟!.....
سألته بحيرة من حاله المهزوز:
-انت بجد لسه بتحبها يامالك ..لو بتحبها ليه سبتها ..؟...
-عشان غبي .......
لتضحك بسخرية عليه تقول :
-ما أنا عارفه.........
يتبع،

باليرينا الشرق( مكتملة)محولة للورقي الآن مع تعديل السرد وتحويلها للفصحى كلياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن