🌹🌹🌹🌹🌹
الفصل الثالث عشر
............
في غرفة صغيرة مكونة من فراش صغير مرتب يكفي فردًا واحدًا وطاولة صغيرة تستخدم للتناول الطعام وتلفاز صغير مناسب لساكن الغرفة جلس فزاع فوق الطاولة بجواره هاتفه الذي وقع منه ارضا يحاول اصلاحه وتشغيله مرة اخرى وأمامه لوحة بيضاء مخطوط عليها رسمة لابسط وأروع مخلوقة رآها في حياته..كان يُعرف من صغره بحبه للرسم ..ليرسم لها رسمة بسيطة لملامحها الطفولية الرقيقة ....ولكنه كلما فكر بها وجد وجهًا اخر يرسم بمخيلته بملامحه الشرقية الحادة والعيون المكحلة بإتقان والبشرة القمحية ... ليزداد ضربات قلبه لهذا الإحساس الغريب الذي طرأ عليه مؤخرا ليقلب حاله رأسًا على عقب ....
.................
وقف ثابتا لايعرف كيف يعاود الخروج مرة اخرى من باب الحجرة إذا تحرك وخرج سيثير الشكوك في نفوس سكان البيت وهو يخشى ان يتقدم اليها ..خوفًا من شئ يجهله يمنعه من التحرك ...يجدها على ثباتها لم تلتفت اليه ..بالطبع لن تلتف اليها ..هههه...لقد اقسم ان لن يحاول معرفة ملامحها ويجهل حتى الان السبب لذلك ....
تحرك خطوتين وترك مسافة كافية بينهما ليتنحنح بصوت مسموع محاولا تلطيف الجو:
-الناس دول طيبين اوي ...تخيلي الراجل اصر أني أغير قميصي والبس جلابيه من جلبياته ....
إجابته بصوت هامس :
-فعلا طيبين ....ومراته كمان جابت لي عباية من بتوعها ..بس شكلها هتبقى واسعة عليا اوي.....
ليتذكر مالك بدانة السيدة وقصر قامتها ليبتسم من داخله ..ليقول مستفسرا :
-بس أنا شايفك لسه بعبايتك ...أنا كنت فاكر سبت لك وقت كفاية تغيري فيه....
صمتت تحاول الاختفاء خلف خصلات شعرها البنية ..فتجيبه بغباء :
-أنا هنام بالعباية ...ممكن تشوف هتنام فين انت ما تشغلش بالك بيا......
يعلم انها مرتبكة لوجوده بنفس الحجرة وذلك نفس شعوره ليقول بمكر:
-هتفضلي واقفة كده ..هتنامي واقفة زي الحصنة ؟!..،..
-ايه؟!...لا ...أنا هنام على الأرض جنب الشباك ....
اقترب منها بخطوات متمهلة حتى وصل لها ..لتشعر هي به ويتزايد شعورها خوفًا بل رعبًا ان يكشف امرها ..وبعدها تشعر بأصابعه تزيح خصلاتها بتمهل عجيب فينكشف ظهرها لتلفحها برودة عجيبة نتيجة ازالة شعرها بعيدا ليزيحه فوق كتفها الأيسر فينكشف له سحاب عباءتها العالق ..عندها شعرت بأنامله تمسك سحابها في محاولة منه لفتح السحاب العاصى فتنتفض تحت يديه بوضوح من مباغتته لذلك ...وينجح بعد عدة محاولات في فتح السحاب العالق ....تشعر بعدها بملامسة أنامله الدافئة لظهرها المرتعش تسير من بداية عنقها لظهرها ببطء شديد ..
فوق بشرتها ...لكنها تشعر بتوقف أنامله فجأة مع استمرار صمته..فتقول بارتباك :
-شكرا ...
لم يجبها بل ظل ثابتًا بدون حركة خلفها ..تنتظر هي ابتعاده او خروجه من الغرفة ..فتصعق مرة اخرى من عودة وأنامله تلامسها ولكن هذه المرة لم تلامس ظهرها بل خلف عنقها ..في محاولة منه ازاحة الخصلات عن خلف عنقها بإصرار بيد واليد الاخري تسير على بشرتها بنعومة ليقول لها متسائلا بتعجب بالغ :
-ايه الوشم ده ؟!....
شحب لون وجهها ..من يراها في تلك اللحظة يجزم انها ميتة لا محالة ..لقد نست امر الوشم التي قامت برسمه في اخر يوم لها بشرم عندما اصر عليها خالها مشاركته في دق وشمًا مثله كما فعل لتختار وشمًا مميزًا غير ظاهر بجسدها ..لترسمه خلف عنقها ويختفي أسفل شعرها علي شكل تاج ملكي صغير .......
حاولت إخفائه بالابتعاد عنه ولكنه امسكها من كتفيها يثبتها حتي لا تتحرك ..ارتعبت عندما فعل ذلك ...ها هو الان سيديرها ..له ...!!!!سيواجهها ...!!!!ستكون النهاية بينهما .....!!!!!
ولكنه اخرج كلماته بهدوء رهيب يقول ؛
-انت غريبة اوي يا خديجة ...انت مين بالضبط ...؟...أنا إحساسي بيقولي انك مش في مكانك الطبيعي ولا أسلوبك ولا حوارك ولا طريقتك في الأكل تدل على انك من هنا ..حتى طريقة مشيتك ..قعدتك ...طريقة كلامك ....
اقترب اكثر ولم يفصل بينهما حاجز شعرت بدفء صدره يضرب ظهرها العاري لتتسارع طريقة تنفسها بخوف ..لقد بدأ يشك في امرها ..أين المهرب ؟...أين الخلاص ؟!.......
شهقت بقوة عندما شعرت بملامسة شفتيه الغليظتين فوق
بشرتها العارية بعد ان أزاح عباءتها عن كتفها ..... اقشعرت من ملمس شفاه ...أغمضت عينيها مستسلمة لملمسه التي اشتاقت اليه ..اشتاقت للاحتماء بحضنه والبكاء حتى تهدأ ...اشتاقت لاحتوائه لها .....ليعود مرة اخري يزيح خصلاتها عن عنقها ويقبل بنعومة وشمها الخاص ليلفحها نفسه الساخن ويكمل وهو مغيب يشتم رائحة بشرتها باستمتاع غريب :
-حتى وشمك الغريب ..يدل على شخصية غير اللي انتي متخفية فيها ...حاسس انك المفروض تبقي ملكة ،.أميرة ....مش عارف ليه حاسس انك مش غريبة عليا ....كأن أعرفك من سنين....
اخيرا استطاعت ان تجمع شتات حالها ..كادت تستسلم وتعترف له ...تململت تحت يده لتقول له برجاء:
-ما ينفعش اللي بتعمل له ده .....انت وعدتني ...
ينطفئ الضوء فجأة فيسود الظلام في الحجرة الا من ضوء القمر الذي يتسلل من خلف النافذة بخجل ليقول لها بصوت اجش:
-شكلي حظي حلو ..عشان النور يقطع دلوقت ....
يصدح صوت حسانين من الخارج بعد طرقه الباب يقول بصوت جهوري معتذر:
-سي مالك ..ما تأخذناش ..النور هنا بيقطع علي طول ..ودام قطع يبقى راح يجي الصبح ...
أنا سايبلك لمبة جاز بره لو احتجت لأي حاجة أنا في الخدمة ...
-شكرا يا حسانين
....أنا خلاص هنام دلوقت ...تصبح على خير انت....
قال مالك جملته الأخيرة بخبث مقصود ....
حاولت الإفلات منه تقول برجاء :
-سيبني لو سمحت ...ممكن تروح تنام عشان اقدر أغير هدومي...
لف ذراعيه ببطء يحيطها من الخلف بهدوء ما باله لايريد تركها يشعر بانجذاب غريب بينهما ..كأنه يعرفها من سنين ..قرب أرنبة انفه يمررها صعودًا وهبوطًا ببطء بجانب عنقها يشتم رائحة جسدها فيشعر براحة عجيبة تسري بجسده يقول بصوت مهزوز:
ليه مخبية نفسك عني ...خايفة مني ليه ؟.....اشمعنى أنا بالذات خايفة مني؟...أنا جوزك يا خديجة ..ومن حقى اعرف ملامحك ..حتى لو مكتوب لنا نسيب بعض بعد كده...
-ارجوك يامالك ..انت أقسمت على المصحف .....
يديرها ببطء في وسط الظلام الدامس لتواجهه بجسدها وتتجاوب معه باستسلام ورأسها منخفضة بين خصلاتها يلمس وجهها بالظلام ويرفعه بإصرار ويميل اليها يهديها قبلة خفيفة فوق ثغرها المختفي خلف خصلاتها يقول:
-تأكدي ان مش هحاول اشوف وشك الا بمزاجك ...ومش هقرب منك الا أما احس انك محتجاني ....
أغمضت عينيها و تسارعت انفاسها فيشعر بذلك ليزيد ذلك من ثقته بانها لن ترفضه فينحني مرة اخرى يودعها قبلة أعمق من الأولى ..يحاول ابعاد خصلاتها الحاجزة بينهما فيتذوق شفاها بمتعة عجيبة ملمسهما ليس جديد عليه ويتعمق ويتعمق ويشعر بتجاوبها معه وتبادلها للقبلات بشوق عارم خلع عنها عبائتها لتسقط أسفل ساقيها مع خلع قميصه بعنف يسمع أنينها باسمه ..تطلب منه ان يتوقف ..تتوسله ...ان يبتعد ...:
-مالك ...ارجوووك....
يبتعد عنها يلتقط انفاسه يحتجز وجهها بين كفيه يقول وسط لهاثه:
-فيكي حاجة غريبة ..احساس غريب ..مش عارف أحدده ...خليكي معايا ..يا خديجة ما تبعدنيش عنك .....
ظل يقبلها قبلات عشوائية بنهم ..يشعر براحة غريبة باحضانها ..بانفاسها الدافئة ...رائحة جسدها ..بملمسها الناعم ..ضمها لصدره اكثر وأكثر يرفض ابتعادها ..يدفن انفه بعنقها باستمتاع ..يشعر انه على حافة الانهيار وفقد عقله ،...
رفضت استسلامها له المخزي لها بعد ما اهانها وذلها وتركها كالقمامة ليستمر بحياته دون الالتفات لها كأنها لم تكن ...صرخت به مع تزامن دفعه بقوة من صدره ليتراجع بذهول من تحولها ..لقد شعر بتفاعلها معه واحتياجها لذلك .مثله ....لتقول له بصوت حاد يشوبه التهديد :
-قولتلك ابعد ..عني .....مابتفهمش ؟....
إياك تفكر تلمسني تاني ..عشان ما تندمش يامالك .....
...............
وقف يلهث في الظلام يشعر بانه يريد قتلها في تلك اللحظة الحرجة له ..كيف ضعف معها بهذا الشكل ...؟..كيف تهور وفقد السيطر على حاله ..ليتحرك كالممسوس بالحجرة... يبحث بصعوبة على قميصه ويخرج بدون نبذ اي كلمة من الحجرة تاركها تنتحب بصمت مؤلم يمزق جيوب قلبها ...
.............
بعد أسبوع......
.............
وقفت تلمس خصلات شعرها الذهبية التى تلمع في ضوء الشمس الشديد تداعب رأسها بأناملها الصغيرة تهمس في أذنها الطويلة كما اعتادت ..منع عليها الاقتراب من تلك المهرة مدة كافية تنفيذًا لأوامره وها هي تكسر حاجز أمره عمدًا ..إذا كان الاقتراب يعني هلاكها ..لتتلقى هلاكها بصدر رحب ونفس راضية غير مقيدة ......إلى متى ستظل هكذا مقيدة بقيد ذهبي لامع بريقه يخطف الأنظار ولكنه في الأخير مجرد قيدًا يفقدها حريتها ... مرت فترة كافية بعد ماحدث بينهما ..كانت تظن انه سيظل يطاردها حتى ينالها ولكنه صدمها عند رجوعهما بقراره ...لقد قرر اتمام زواجه من غادة ليتم ذلك في اجواء احتفالية عالية التكلفة من تقديم الذبائح للوافدين وإعداد الطعام لمدة سبع أيام ..لينتشر البهجة والفرحة في نفوس الموجودين الا نفسًا واحدة ..نفسها !!...كان المكان يعج بالزائرين باستمرار لتقديم واجب ضيافتهم وكل ذلك من اجلها من اجلها هي فقط ..ليتم بعدها إقامة فرحًا أسطوريًا باكبر فنادق الأقصر ....ولكنها غابت عن الحضور لقد اختلقت الأعذار لتتجنب حضور ذلك الزفاف وتتجنب رؤيته يزف لغيرها ..يلامسها ..يحتضنها ..بل ويهمس لها كلمات الغزل في أذنها بسعادة لتضحك هي عليها بدلال أنثوي تزيد من رغبته بها ...كثيرًا تخيلت ذلك اليوم الذي يجمعهما ورسمت أحلاما ساذجة في مراهقتها ......
دارت في عقلها فكرة استحوذت عقلها بشدة وهي امتطاء تلك المهرة ..لتطير بها بعيدا وتحلق في السماء لعلها تكون خلاصها .....
.................
في حجرة خاصة يطبع عليها صفة الخصوصية والسرية جلس امام مدير أعماله يتناقشان في بعض الأمور العالقة بشركته بالخارج ..يجلس على وجهه نظارة طبية ذات إطار اسود يتفحص أوراق المستند الذي يقبع امامه ليقول له مساعدة برسمية :
-حضرتك يافندم لحد دلوقت ما بلغتناش نعمل ايه مع الناس بتوعنا بره ؟!...
رفع نظره له باهتمام من فوق إطار النظارة يقول بمكر :
-سيبهم يستووا على الهادي ليهم عندي تخطيط تاني
ابتسم رأفت بخبث يقول:
-المهم ما يحسوش بحاجة ....
هز حازم رأسه بالموافقة ليصدر عن هاتفه اهتزازا قويا يدل على اتصال وارد فينظر له بطرف عينيه ويلتقطه بلهفة يقول :
-في ايه يا جرحي؟!.....
جرحي :...............
انتقض من مجلسه يصرخ به :
-وانت كنت فين ؟!...
جرحي:يا باشا...........
حازم يضرب بقوة فوق الطاولة :
-اتصرف بسرعة قبل ما حد يأخذ باله وانا مسافة السكة هكون عندك .....يكمل بتحذير شديد "جرحي لو حد شم خبر هيكون اخر يوم في عمركم ..بسرعة تنفذ حالا ....."
أنت تقرأ
باليرينا الشرق( مكتملة)محولة للورقي الآن مع تعديل السرد وتحويلها للفصحى كليا
Romanceأنت برد ونار أنت طريق غير مختار قدر يلاعبنا كالأوتار من بين لقاء ووداع لقاء نبني عليه قصور من الأحلام ووداع يقطع أوصال أفئدتنا لأشلاء