العشرون

5.4K 215 9
                                    


الفصل العشرون
————-

لم تكمل جملتها لتجد الاجابة امام اعينها واقفا على إطار الباب يبادلها بابتسامة خجلة
🌹🌹🌹
فما كان منها الا الانتفاض بقلق عليه تقف امامه ممسكة بذراعيه تحثه علي الجلوس فهي تعلم حالته الصحيةالتي يعانيها تقول بلوم :
-محمد !!!!...ايه اللي جابك وحركك من مكانك ؟
ابتسم محمد ذو ١٥ عاما على قلقها عليه فهي دائما كانت تنصحه بعدم الإهمال في صحته خوفًا عليه ليقول بحب واضح :
-جيت اشوفك وأطمن عليكي ..اما سندس قالتلي انك ما بتجيش عندنا عشان تعبانه ....
جلست امامه تربت فوق ذراع بحنان واضح ...تتذكر كيف كانت تخرج من البيت خلسة حتى تصل لبيته البسيط كل مرة رغم تحذيرها اكثر من مرة ومنعها من الخروج من قبل الحاج حافظ خوفًا من ان يكشف امرها :
-حبيبي يا محمد ..أنا عارفة اني مقصرة الفترة اللي فاتت ..واكيد اتراكمت عليك دروس كتير في الانجلش بس ما تقلقش أنا أوعد اذاكرلك الدروس اللي فاتتك في المدرسة ...
شعر محمد بالحرج الشديد من كلماتها البسيطة فهي دوما كانت سندًا له لتوضح له ما يصعب عليه باللغة الإنجليزية بسبب عدم قدرته للانتظام بالحضور اليومي مثل زملائه بسبب مرضه ،وعدم قدرة والده المادية بان يتحمل مصاريف مدرس خصوصي له بالمنزل
فهو بالفعل تراكمت عليه الكثير من الدروس وكان يستحي من إظهار ذلك لها ليظهر امامها ان الغرض من الزيارة هو حاجته لها ولكن في حقيقة الامر أراد الاطمئنان علي صحتها ليس الا :
-لا ابدا يا أبلة خديجة ..أنا فعلا جاي اطمن عليكي فعلا وأفرحك ان أنا سمعت أبويا بيكلم أمي ان في واحد هيساعده عشان اعمل عملية القلب في اقرب وقت ....
فرحت شيراز لما سمعته من ذلك الطفل الذي يعاني من مرضه المقدر له منذ مولده ..كانت دائما تدعو ربها ان يكتب له الشفاء العاجل ...لو كان الامر بيدها لعرضته على افضل الأطباء المتخصصين بمثل حالتها فتجيبه بحب حقيقي :
-أنا فرحانة فرحانة اوي يا محمد بالخبر ده .... ان شاء الله تخف وتبقى احسن الناس وتبقى مهندس قد الدنيا زي ما انت بتحلم ...
شقت ابتسامة فوق وجهه ليجيبها بحبور :
-يارب يا أبلة خديجة يارب .....
......................
جلست تنظر لجوانب البيت البسيط بفضول بغرفة بسيطة تدل علي بساطة أهلها فتسمع صوت الشيخ عبد الرحيم يقول بحبور :
-احنا زرنا النبي ..يا أهلا وسهلا بروايح الجعافرة ،...نورتونا ...فيصدح صوته القوي لزوجته قائلا:
الشاي يا ام وفاء ..بسرعة ..يا أهلا يا أهلا ...
رفعت نظرها عليه فتهديه ابتسامة بسيطة تشجعه على الحديث ..كان يريد في تلك اللحظة...ان تنهره علي ابتعاده تمسكه بقوة رافضة اقترانه بأخرى غيرها ..ولكنه يتوهم ...ايعقل ان تنظر له لهذه النظرة في يوم من الأيام ام هو اقل من ذلك ..؟!
...........
بعد فترة من الزمن وبعد انتهائه من التعريف بحاله وتقديم نفسه وعرض رغبته بنسبه وجدت ما تدعى ام وفاء تطلب منها الدخول وإحضار العروس الخاجلة بنفسها وها هي تقف ذاهلة تشعر بتوقف الزمن فترة كبيرة بها لا تسمع الا لصوت الزغاريد التي اصم أذنها بطريقة مبالغ بها ..فاقت من صدمتها تسأل بحرص وريبة ام وفاء :
-احم ...هي فين العروسة يا ام وفاء ؟....
شهقت ام وفاء بلوم تشير لتلك الجالسة امامها تقول :
-اسم الله عليكي ..ما هي قدامك أهي ...
نظرت امينة مرة اخرى لتلك القابعة وابتسامة بلهاء زينت وجهها ...تقول :
-دي؟!!!......دي العروسة ؟!!!
..........
جلس متعرقا ينظر لها بريبة من ابتسامتها البلهاء ..يشوبها بعض الخبث ..منذ خروجها من الداخل وهي ترسل له نظرات لم يتحملها وخصوصا بعد قولها جملتها التي همست له بها :
-يا زين ما اختارت يا فزاع ؟...البنت تبارك الخلاق ...مش هتلاقي بعد كده ....
جلس يهز قدمه بتوتر بالغ حتى شعر بحركة بطيئة بمدخل الحجرة ويسمع صوت الشيخ ؛
-تعالي يا بنتي ...قدمي الشاي لعريسك...
رفع عينه بفضول وياليته ما رفع رأسه ليفرغ فاه وتجحظ عينيه من شدة الصدمة وينقل عينه بينها وبين امينة الجالسة بجواره التي لم تكف من تلاعب حاجبيها بمكر مع ابتسامتها الصفراء المزينة وجهها ببراعة .....
............
ظل يتحرك بعصبية وغيظ من الموقف الذي وضع نفسه به ،يمر امامها ذهابًا وإيابًا يضرب حجرًا بالأرض بغضب ..تجلس واضعة يدها اسفل وجنتها متربعة فوق مقدمة سيارته تراقب انفعاله ببرود مع مضغها لعلكة كبيرة تملأ فمها بها ....
تقول ببرود :
-أنا الحقيقة مش عارفة ليه كل الانفعال ده ؟
نظر اليها بغضب كبير يصرخ بها:
-انتي باردة ؟...أنا اتحطيت في اسوء موقف في حياتي ..هتصرف ازاي دلوقت ...هعتذر لهم ازاي؟!
رفعت كتفيها ببرود تقول :
-أنا مش شايفة في مشكلة ..دي حتى البنت جميلة وكيوت خالص ...وزي ما انت طالب ...
وقف يلهث من غضبه :
-كيوت ...كيوت يا امينة ..والكيوت دي ..المفروض اتجوزها وتخلف لي عيال ولا اغيرلها البامبرز ...
ضحكت عندما تذكرت منظره وهو ينظر لتلك العروس التي لم يتعدى عمرها ١٤عاما ..كانت صدمتها من رؤيتها ليست بهينة مثل صدمته ..والادهى ضآلت جسدها الذي يدل على طفولتها لا يمت للأنوثة بصلة ...
ليسألها بغيظ :
-انتي كنتي قاصدة تحرجيني ..ليه ما لمحتيش اما عرفتي ؟..ليه؟...
لم تجبه وظلت تراقب تحركه امامها بسعادة لا تعرف سبب سعادتها ..هل بسبب إفساد مشروع زوجه ام لانها ارادت ان تري وجهه الغاضب كما هو الان ؟
-فزاع !!!...
-فزاع !!!...فزااااااااع!!
ظلت تنادي عليه وهو متخذ الأرض ذهابًا وإيابًا ليصرخ بغضب جديد أخافها :
-ااااااايييييه؟....عايزه ايه من زفت!!!
ارجعت رأسها للخلف خوفًا من صراخه ثم تعود تلاعب طرف بنطالها الجينز بأصابعها تقول بدلال :
-نفسي اكل قصب !!!....
نظر لها بهدوء وصمت مع ارتفاع صدره وانخفاضه يقيم كلماتها البسيطة كأن طفلته من تطلب منه الحلوى ليخر راكعا ملبي طلبها ..فتشق شفتاه ابتسامة بلهاء لطلبها ...
............
بعد الظهيرة ومع بداية زوال حدة الشمس الحارقة.....ظلت سندس تحرك تلك النائمة فوق وجهها واضعة يدها اسفل الوسادة وشعرها الذهبي القصير يغطي ملامحها تقول لها بطفولة :
-قومي ...ياخديجة ...يلا ...بطلي نوم بقي ...
لم تستطع فتح اعينها فهي تشعر بإرهاق شديد مع تقدم شهور الحمل تشعر بالوخم وتزداد رغبتها في النوم تقول بتعب:
-سبيني شوية وانا هقوم يا سندس .روحي لام سعد وبعد شوية تعالي...
زفرت الطفلة بضيق لتخرج من عندها متجهة لجدتها بغضب طفولي ....
......
مرت اثناء توجهها للبيت وصعودها درجاته الثلاثة على فزاع وأمينة الجالسين بأريحية علي باب البيت في هذا الوقت الذي اوشك علي دخول المغرب وبينهما قصب يقوم فزاع بتقشيره بأسنانه بقوة يقول لسندس:
-زعلانه ليه ياسندسي ...خديجة ما رضيتش تصحى بردو ...
ردت بغضب طفولي :
-حاولت ما عرفتش ...أنا زعلانة منها ومش هكلمها تاني ...
ضحكت امينة على ردها لتقول بجدية زائفة:
-وانا كمان مش هكلمها تاني ...ازاي ما تصحاش تأخذ درس الرقص ...ده إهمال...
رفعت سندس كتفيها بلا مبالاة وثقة:
-هي حرة ...هي اللي خسرانة...
انصرفت وهي تسمع صوت ضحكاتهما القوى التي حاولت امينة كبته بسبب جملتها الاخيرة ...ولكنه لاحظت انقلابها فجأة وتحركها تنفض ملابسها فتقول متحركة من جواره تحاول الوقوف :
-احم ...أنا همشي أنا ..وشكرا على القصب ...
—استني يا امينة ...انتي ما اكلتيش لسه قصب ...هو في حاجة صدرت مني ضايقتك.ولا ايه؟!!
-لا ابدا ..بس كل الحكاية مش المفروض اقعد بالشكل ده معاك ..دايما بنسى اننا في الصعيد والعادات هنا بتحكمنا ...
-بس احنا مش بنعمل حاجة غلط ..احنا قاعدين في مكان مفتوح للكل وفي النهار وملتزمين بحدودنا ....
ابتسمت بمرارة تسأله :
-لو حد عدى علينا دلوقت وسألك اقربلك ايه ؟...ايه هيكون ردك؟...
صمت بقهر وشعر بألم في مقدمة معدته يعتصرها لم يجد اجابة شافية ..فتكمل مؤكدة له:
-شوف ما عرفتش ترد ازاي؟...
كادت تنصرف ولكن فضولها جعلها تتلكأ في تحركها عندما سمعت صوت رنين هاتفه الخلوي...فينظر اليه بضيق عندما علم بالمتصل وقام بإرجاعه بجيبه مرة اخرى دون جواب فتتساءل بمكر:
-ما ردتش ‏ليه؟!
صمت دقيقة يتهرب من إجابتها فتكمل بسخرية:
-رد عليه يا فزاع ..أنا عارفة كويس انه اكيد بيكلمك يطمن علي الوضع....
زفر بضيق لا يعلم ما هو الصواب ..هل من الصواب اخفاء امر حملها عن الجميع كما طلبت امينة ؟..لو كان الامر بيده لأخبره هو والحاج عن ذلك ولكنه خاف ان تنخفض منزلته في نظرها ويظهر بمظهر خائن الأمانة والأسرار ...قال بلوم واضح:
-انتي عارفة أنا مش عايز ارد عليه ليه ؟..مش قادر اخبي عليه انه هيكون أب وخصوصًا ان مخبي علي الحاج ..ضميري واجعني ...
-هو تخلى عنها ..حتى ما فكر يرجع يردها قبل عدتها ما تخلص ...خليها تشوف حياتها بعيد عنه....
أراد تنبيها لامر هام :
-امينة !!!...خديجة تعتبر لسه في عدتها مادام حامل ...خلينا نبلغه يمكن يردها وساعتها هيكون اختياره واحنا عملنا اللي
علينا ....
هزت رأسها بعدم اقتناع تبلغه:
-ده طلبها وياريت نحترم رغبتها ...على الأقل في الوقت الحالي...رغم اني شايفاها هبلة وغبية فاكراه هيرجع من نفسه ....
رن الهاتف مرة اخرى ليكون هذه المرة من نصيب هاتفها فترفعه لنظرها بضيق حاولت إخفائه من هوية المتصل وفضلت هي الأخرى عدم الرد لتقول بتوتر :
-ده انور ...اكيد عايز يعرف الميعاد اللي حددناه للخطوبة وميعاد اللي هنروح نشوف فيه الشقة .....
نظر لها بغموض قبل ان يهز رأسه ببطء و بشرود لينصرف من امامها دون ابداء اي كلمة تدل على اهتمامه بما قالت ..لتزفر بضيق من حالها التي وصلت اليه ....دائما تهتم بإطلاعه على اهم التفاصيل ظنا منها انه مهتم ليفاجئها دائما بعد مبالاته لأمرها ..
........
بعد مرور اسبوعا
............
حالة من الضيق تعتليها فمنذ خروج ثلاثتهم من البلدة للعاصمة مستقلين القطار وتصرفاته اتجاهها تزيدها ضيقًا ..بعد اصراره على مرافقتها هي ووالدتها لمقابلة "انور "والاطلاع على شقة الزوجية التي ستقطن بها ...حتى اثناء رحلتهم الطويلة ظل صامتا بوجه صلد يتهرب من عينيها ...لم يحدثها حتى عندما حاولت ابلاغه برغبتها في الذهاب لدورة المياة وشراء كوب من القهوة الساخن وجدته ينتفض من مكانه يتقدمها بصمت وعندما أطالت في جلوسها تنظر له ببلاهة أشار لها برأسه بأن تتبعه....
ليظل مرابطا أمام دورة المياة حتى انتهائها ..حتى لم يجب على كلمات شكرها له !!....
ظلت تنظر اليه تنتظر إلتفاتة منه تعبر عن اهتمامه بها ولكنه أبى ان يريحها أغمضت عينيها بضيق واضح عندما سمعت صوت اخت انور الصغيرة الرفيع الذي يجعلها تشعر برغبتها الملحة لوضع أصبعها باذنها ترحب به بالأخص للمرة العشرين بطريقة مبالغ فيها تظهر للأعمى تقول بغنج :
-اتفضل يا أستاذ فزاع العصير ؟؟..انت ما بتحبش الفراولة ولا ايه ؟....
ابتسم ابتسامة مغتصبة يجيبها :
-لا ابدا ..بحبها طبعًا ....شكرا ليكي ...
رفعت امينة حاجبها ترمقه بغيظ وهو يرتشف عصيره باستمتاع ليقطع مراقبتها صوت انور الهادئ بطريقة مبالغ فيها :
-منورة يا امينة ..منورة يا حاجة. ...
ماتعرفوش أنا سعيد قد ايه بمجيتكم انهاردة ...
ردت حفيظة بفخر أم :
-بنورك يا ابني ...اومال فين أختك هيام ...
ارتبك انور فتصدر منه إلتفاته لأخته "هادية .."فكلاهما يعلم غضب اخته منه عندما عرض عليها الاقامة هي و"هيام" بالشقة المجاورة التي ورثوها أيضا ، وترك له تلك الشقة ليتزوج بها ويستقل فيها هو وأمينة الا انها قابلت ذلك بالصراخ والغضب واتهام العروس العاقر بانها تريد ابعاده عنهما وتركهما ..وتصر ان تبقى كما هي وأختها بنفس الشقة تشاركه فيها مع تأجير الأخرى والاستفادة من إيجارها ...
مرر نظره ليجد انتباه الجميع له ليقول بصوت مهتز :
-هيام بتجيب حاجات وزمانها جاية
لم يريح فزاع الحديث يشعر بان هناك أمر خفي في الأمر..كاد ان يطلب منه التعجيل برؤية الشقة حتى يستطيعا العودة مرة اخرى للبلدة ..ليجد دخول تلك المدعوة "هيام "بوجه لا يبشر بالخير خالية الوفاض رغم زعم اخيها انها تقوم بالتسوق ،ولم يخف عليه ولا على حفيظة التحفز الذي دخلت به وتحيتها المقتضبة لأمينة فيسمعها تبصق كلماتها بترحيب مزيف :
-منورة يا عروسة اخويا ..(وجهت كلماتها لأخيها تكمل بنزق)ايه يا انور هو العروسة لسة ما اتفرجتش على الشقة ..عشان تلحق ترجع بلدها ؟....
شعرت امينة بأمر مريب بأسلوبها المتحفز للعراك ونظراتها المشتعلة ولم يخف عليها توتر انور امامها ..رفعت اعينها لذلك التمثال الرخامي الذي يشاهد المسرحية بوجه خالي من التعبير عاقد الحاحبين ....سمعت والدتها تقول بحيادية :
-ان شاء الله تعجبها ..ولو على السفر احنا لينا شقة هنا هنبيت فيها للصبح ...
رفعت "هيام"ساقا فوق الأخرى تهزها برتابة متناسية بعض الأصول والأدب وصدرت منها تنهيدة مصطنعة مع بصقها لباقي سمها موجهة حديثها لأخيها بتمثيل مبالغ فيه :
-ايه يا انور ؟..شكلك لسه ما عرفتش العروسة باتفاقنا ؟!..،
كادت ان تكمل ليلاحظ الجميع انتفاض انور من مكانه متعرقا يدعوهم لرؤية الشقة غير مباليا بثرثرة اخته البغيضة .
...........
لبى الجميع دعوته رغم عدم شعورهم براحة وان هناك أمر ما ..يزداد ضيقها كلما حاول الاقتراب منها واستغلال الفرص للاختلاء بها التي في كل مرة تبوء بالفشل بسبب مراقبة الآخر الرخامي لهما ..وقف انور امامها يحثها على رؤية اركان حجرة النوم الذي من المقرر ان تكون حجرتها الخاصة بعد زواجهما بعد انصراف اخته الصغيرة للإجابة على هاتفها ..لم يخف عليها تعمد والدتها بترك لها مساحة خاصة معه عندما طلبت من هيام رؤية حجرة المطبخ عن عمد ...شعرت بتقلص معدتها الشديد وشعورها بالنفور عند تخيلها انفراده بها ..انتبهت لملامسته كف يدها التي لم تكف عن فركه..انتفضت لملامسته لها أردت ان تنهره الا انها قال لها متوسلا لها :
-امينة أنا مش عارف أتلم عليكي بقالي شهر وأنتي مش عايزة تبلي ريقي بكلمة ولا عايزة تردي على مكالماتي ...
حاولت نزع يدها منه بإحراج ورفض لتصرف قالت باستنكار :
-انور !!!..ما يصحش اللي بتعمله ده ....
لم يحرر يدها مع ازدياده تشبسا بها يبلغها شوقه واعتراضه على جفائها الدائم كان يعتقد انها ستتغير مع الوقت قال برجاء :
-انتي ليه بتعملي معايا كده ..؟..في حاجة مضيقاكي مني ؟!..
كادت ان تجبه الا ان قطع حديثها
دخول فزاع ليرى ذلك المشهد الفج الذي جعل النيران تدفق بشراينه ولكنه أصر على إظهار برودة رغم كرهه وضيقه من موقفها ..كيف لها تتركه يمسك يدها بهذا الشكل المقرف ؟!...
انتبهت قبله لوجود فزاع فانتزعت يدها بقوة من شدة ارتباكها ..كيف سيظن بها الان ؟!..انها إمرأة سهلة ..محرومة المشاعر ؟!.
.............
جلست فوق الفراش تنظر لسقف حجرتها ببيت والدها رحمة الله عليه في العاصمة بشرود ..لا تعلم ما هو القرار الصائب ؟..هل من الصواب إكمال هذه الزيجة رغم نفورها منه ...وضيقها من تحكمات اخته به ...ليزيد الامر تعقيدًا علمها بمشاركة أخواته لمنزل الزوجية ...إلتفتت لأمها التي يصدر أصوات من انفها بطريقة مزعجة فتشعر بالإشفاق عليها ..لقد نال منها الإرهاق بقوة ..تحركت ببطء من فراشها بعد ان ضبطت وضعية رأسها ..ارتدت إسدالها وأحكمت إغلاقه ..فهما ليسا وحيدين بالمنزل ..لقد اصرت امها علي مبيت فزاع حتى الصباح على امل ان يتوجهوا لطريق العودة للبلدة باكرا ...
.....
خرجت بهدوء تتلمس الحائط بحرص بسبب انغلاق اضواء المنزل تتحس مفتاح الضوء ليعينها على الرؤية في ذلك الممر الذي يؤدي إلى المطبخ اثناء تحسسها وقفت مرعوبة عند سماعها حفيف ملابس ضعيف ...قطع الهدوء القاتل المحيط بها ..تلفتت خلفها في رعب وليسكن الصوت مرة اخرى ..هزت رإسها بملل منذ متى هي تخاف من الظلام ؟!..دائما شجاعة لا تخشى الا شئ واحد ...الحيوانات .....عند بداية تحركها ببطء ورفع يدها تتحس الحائط ...للوصول الي المفتاح ...جحظت عيناها برعب لملمس ذلك الشئ اللين المشعر ترجمت إشارات عقلها أنها امسكت بحيوان من الحيوانات القارضة..قارضة!!!....فأر!!!!صرخة خرجت من حنجرتها لتجد الضوء يضرب عينيها بقوة ألمتها وفزاع امامها ممسكها من ذراعيها يصرخ من بين أسنانه :
-ياشيخة حرام عليكي ..قطعتي خلفي ....
رمشت بأهدابها غير مستوعبة وجوده امامها كأنها عانت من فقدان ذاكرة مؤقت تنظر له ببلاهة ....لتسمعه ينطق بنزق :
-ايه اللي مسهرك لحد دلوقت ؟..مش عندنا سفر الفجر ؟...
ظلت تنظر له غير مستوعبة وجودة اثر الصدمة ..احتاجت بعض الوقت لتسيطر على حالها ..فبدأت تتململ من اسفل يده المحاصرة ...لينتفض مبتعدا عنها خطوة ينظر إلى وجهها الخمري المغطى ببعض الخصلات الواضحة التى تحررت من اسفل إسدالها بوضوح ...مع ملاحظته للانتفاخ المحيط بعينيها الكحيلة نتيجة لبكائها لفترات طويلة ..وقفت تضبط وشاح إسدالها على رأسها تتهرب من نظراته المربكة تجيبه بكبرياء مزيف:
-ما تقول الكلام ده لنفسك؟...ايه اللي مصحيك ؟
وضع يديه بجيب سرواله المنزلي ينظر لقدميه بتفكير كيف يخبرها بانها من سلبت النوم من جفونه ؟!...عندما طال صمته قالت تحاول سبر أغوار عقله :
-شكلها عجبتك وطيرت النوم من عينك...
رفع عينيه لها عاقد الحاجبين لا يفهم مقصدها ولكن قرون استشعاره الذكورية نبهته لغيرة تطفو فوق سطح كلماتها ..اراد إغاظتها :
-هي فعلا تعجب الباشا؟...
امتقع وجهها بالسواد لتقول بضيق :
-هي مين دي؟
-اللي طيرت النوم من عيني .....
جزت على أسنانها بغيظ :
-انت لحقت ده انت يا دوب لسه شايفها ؟...شكلك بتحب المرقعة الفاضية ...
رفع حاجبه بتحدي نظر اليها بتمعن يقول :
-حاسس ان اعرفها من زماااان اوي ...بس هي تحس بيا ....
ظلت قابضة كفها بجوارها تريد لكمه بمنتصف وجه على بروده لتقول وهي تنصرف لحجرة والدتها :
-الله يهني سعيد بسعيدة!!!...
أوقفها بمسكه لذراعها بقوة يقول لها بغيظ:
-هتفضلي غبية لحد امتى؟!!..
نظرت له بتعجب من تحول ملامحة من المزاح للجدية فاكمل بضيق :
-أنت مش بتحبيه يا امينة ولا عمرك هتحبيه ..أنا شفتك ازاي مش طايقاه يلمس ايدك ...ليه توافقي عليه مدام مش قابلاه ليه؟
-عشان حاجات كتير يا فزاع ..كتير ..!!!اولها انه قابل حالتي اللي مافيش راجل هيقبلها ...ثانيا نفسي اريح قلب أمي اللي شايفة الحسرة بعنيها عليا ،..ثالثًا وده الاهم انه بيحبني بجد ودايما بيقابل نفوري ليه بحب ...رغم ان اكرم كان بيعشقني الا انه ما قبلنيش بعيبي ..وقرر يدور على سعادته بعيد عني ...
شعر بأسواط من نار تجلده من وصفها لحب كلاهما لها ..ولما يلومهما على حبهما المجنون وهو مرض بعشقها معهما ليجيبها بصوت مهتز :
-مش معقول ترمي نفسك مع واحد مش طايقاه وأخواته اللي هيشركوكي حياتك معاه لمجرد انه قابل حالتك ...
(ابتلع ريقه بصعوبة )يسألها بحرص:
-لو لقيتي حد بيحبك ويتمنى انه يعيش حياته جنبك غير" انور "هتوافقي....؟!
صدحت ضحكتها بسخرية واضحة تتساءل:
-مين بقى المجنون ده ؟
-أنا يا أمينة؟!!.....
قالها فزاع باندفاع دون تفكير ...اراد البوح بمكنونات قلبه المعذب ....ظلت ثابتة كالتمثال الرخامي الخالي من الحياة ..تنظر له بصدمة وقد نست فمها مفتوحا على وسعه ..
يتبع

باليرينا الشرق( مكتملة)محولة للورقي الآن مع تعديل السرد وتحويلها للفصحى كلياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن