تابع الفصل الأول

894 66 24
                                    

غادر يوسف الشركة ظهرًا بعد توبيخٍ عنيفٍ من والده لم يتمكن خلاله من الدفاعِ عن نفسه، يوسف بطبعه شابٌ باردٌ لذا لم يتأثر كثيراً، أخرج هاتفه من جيبه واتصل بأحد الأرقام
-نيرو أين أنتِ ؟                                            
- مع بيلين فى مقهى ...... تعال إن شئت                
- تمام لن أتأخر....                                                 
لم يستغرق الأمر منه وقتاً طويلاً حتى وصل إلى المقهى، ألقى التحية على الفتاتين ثم سحب كرسياً ليجلس عليه....
- أنا سأغادر الآن، أراكما فيما بعد    قالت بيلين وهى تحمل حقيبتها وتنهض من مكانها مستعدةً للرحيل
- لماذا غادرت هذه الآن؟ هل حدث شىءٌ؟  ملامح الاستنكار ظهرت على وجهه وهو يراقب رحيلها  
- دعكَ منها، أريدُ أن أحدثكَ في أمرٍ...       
- إن كنتِ أنتِ أيضا ستبدأين الآن فسأغادر، سمعتُ ما فيه الكفاية منذ الصباحِ         
- تمام لن أقولَ شيئاً، أنا لا أعترضُ على أى شيءٍ تفعله
ولكن لا يجب أن أرى كل مغامراتكَ فى الصحف، هل تعلم كم السخرية التى أتعرض لها كل يوم؟ لا أطلبُ منك إلا أن تحافظ علي صورتى أمام الناس حتى نجد
حلاً لموضوعنا
- صدقى أننى أحاول فعل هذا، ليس بيدى أن أولئكَ الصحفيين التافهين ليس لديهم عملٌ غير الركض خلفى لذا أرجوكِ توقفى عن النكد قليلاً و فكرى معى ماذا نفعل اليوم؟
-لا أدرى، كنتُ سأذهبُ إلى محل أدواتٍ موسيقيةٍ...
-إذن سآتى معكِ وأحضر لكِ ما تشائين من الآلات، تعبيراً عن أسفى عما حدث اليوم، ما رأيكِ؟
-تبدو فكرةً جيدةً؛ موافقة... ابتسمت بعبثٍ قبلَ أن تتابعَ: أكثرُ ما أحبهفى شجاراتنا هو مصالحتنا المفيدة جدًا لى..
-مستغلةٌ وحقيرةٌ   ابتسم لها هو الآخر، أرسلى إلىَّ الموقع وأنا لن أتأخر، هل يناسبكِ السادسة مثلاً؟ 
أومأت له بابتسامةٍ، نهض كلاهما من الطاولة بعد أن اشار يوسف للنادل، وضع بعض الأوراق النقدية على الطاولة ثم خرج معها من المكان واستقل كلٌ منهما سيارته مُتابعاً طريقه....
*******************************************
...خرج من ذلك المتجر الفخم حاملاً عُلبةً مُزَّينةً بعنايةٍ، ضغط على زر فتح القفل وصعد إلى سيارته؛ وضع العُلبةَ على المقعد المجاورِ له ثم قام بتشغيل السيارة من جديدٍ؛ ألقى نظرةً على الساعة ليجدها قد تجاوزت الخامسة بقليلٍ...
-بالكاد لدىَّ الوقتُ لأبدل ملابسى...                 
...... كان يقود السيارة بسرعة نسبياً، يعبث بأزرارِ المذياع لتشغيل الموسيقى، لمح طيفاً يتحرك أمامه على مسافةٍ قريبةٍ،ضغط بقوةٍ على المكابح محاولاً التوقف لتنعطف السيارة وتصطدم بعمود الإنارة ويرتطم رأسه بالزجاج بقوةٍ شديدةٍ......
*********************************************
-أوف، اليوم لا ينتهى بأى شكلٍ                         
قالت فتاةٌ شقراء بمِئزرٍ أبيضَ بضيقٍ وهى تضع أمامها بعض الأوراق
-لو أنكِ تتوقفين عن التذمر يا سلمى ستصبحين طبيبةً ماهرةً...
-ليس الجميع صبوراً مثلكِ يامريم، نحن نبحث منذ الصباح ولم أفهم ما بها تلك التحاليل
-الأستاذ قال أن بها مشكلةً إذن هى كذلك، هيا انظرى أنتِ فى هذا القاموس...
- لا طاقةَ لدىَّ، سأذهب لأتناول شيئاً ما، هل أحضر لكِ القهوة؟
-أجل،وأنا سأتابع البحث هنا     ....غادرت سلمى لتعود مريم مجدداً للكتاب تدقق فيه بشدةٍ.
بعد عدة دقائق عادت سلمى وهى تحمل كوبين من القهوة
-تبدو جميلةً هذه الزهرة                                    
قالت سلمى وهى تشير لزهرة الأقحوان التى علَّقَتها مريم بنهاية ضفيرتها
-لقد اشتريتها من الصغيرة التى فى حيِّنا...
-ألم تملى من الجلوس فى هذه الغرفة ؟             
-سأخرج قليلاً فى الهواء، لقد امتلئ المكان بطاقتك السلبية....
قالت مريم وهى تأخذ كأس القهوة من سلمى وتمسكُ ورقة التحاليل بيدها الأخرى وتخرج من المشفى
...أخذت تتجول أمام بوابة المشفى تتفحص التحاليل وترتشف القهوة ليعكر صفو أفكارها صوتُ صراخٍ....
-ساعدونى، أليس هناك طبيبٌ هنا؟؟                   
التفتت لمصدر الصراخ فإذا به شابٌ يخرج من سيارته حاملاً بين يديه طفلاً يبكى إثر نزيفٍ فى ركبته
أفلتت تلك الأشياء التى كانت تحملها أرضاً وركضت نحوه
-أعطنى أنا سأحمله                                           
-أرجوكِ أيتها الطبيبة، أرجوكِ عالجيه                   
-تمام اهدأ الصغير بخيرٍ، أنتَ كيف تشعر؟            
سألت بقلقٍ وهى تشير لجرحٍ فى جانب رأسه           
-دعكِ منى الآن، المهم الصغير                            
-حسناً هيا تعال معى للداخل سنفحصكَ أنت أيضاً  
اتجه مريم ويوسف لغرفة الأسعاف وأخذت تتلفت حولها لترى ممرضتين جالستين، اقتربت إحداهما منها
-لو سمحتِ أطلبى من صديقتك أن تنادى أحد الأطباء وتعالى لتضمدى جرح الصغير
بالفعل حملت تلك الممرضة الصغير وركضت الأخرى، وبقى يوسف واقفاً مع مريم، شعر باهتزاز الرؤية أمام عينيه، أمسك بذراع مريم ليمنع نفسه من السقوط، رفعت رأسها تتفحص ملامحه المُرهَقة، تشوبها قطراتُ الدماء....
-دعنى أفحصكَ حتى يصل الطبيبُ                  
- لا أنا بخير....        قال بجهدٍ وهو يسحب كفه ببطءٍ عن ذراعها، أوقفته بيدها الأخرى وهى تضغط على كفه..
-لا تترك يدى،أنت مصاب،هيا سأساعدك حتى يأتى الطبيب.
كان ينظر إليها بلا وعىٍ، قسمات وجهها غير واضحةٍ، ولكن صوتها الهادئ؛ ودفءَ كفها بعثا فيه شيئاً من الراحة، ليغمض عينيه بتعبٍ
-هل أنتَ بخير؟    قالت مريم بقلقٍ عندما شعرت بثقل جسده، نظرت حولها بحثاً عن أحدٍ يساعدها، لا أحد سوى تلك التى تضمد جرح الصغير.
-لا أفهم ما هذا المشفى الذى لا يوجد به أحدٌ؟
بصعوبةٍ تمكنت من إسناده على أحد الأسِّرة، ثم أحضرت أدوات التعقيم وبدأت بتنظيف الجرح حتى وصل الطبيب وبدأ بفحصه، فى تلك الأثناء رن هاتف يوسف.
أخرجت مريم الهاتف من جيبه ونظرت به
-هل هو أحد من أهله ؟ سألتها ممرضة               
-لا أدرى ، مكتوب " نيرو.... "       أجابت مريم    
-لا أدرى لمَ أشعر أننى رأيته من قبلٍ              
قالت الممرضة وهى تدقق النظر فى ملامحه  
- إنه ابن عائلة ديميرهان، ألم تتعرفنَ عليه حتى الآن؟ تحدث الطبيب وهو يفحص استجابة حدقتى عينيه للضوء
-أجل صحيح، لقد رأيت صورته من قبل، تعالى وانظرى إنه يوسف ديميرهان....
قالت الممرضة بحماسةٍ لزميلتها الأخرى
-مابال هاتين المعتوهتين؟   تحدثت مريم مع نفسها  
-ابتعدوا هيا، مريم سنجرى له أشعةً مقطعيةً تمام؟
اومأت برأسها للطبيب....              
فى ذات الوقت فتح يوسف عينيه وأخذ يحاول استجماع ذاكرته ليتذكر ما حدث، حاول النهوض بسرعةٍ ولكن منعته مريم....
-توقف ماذا تفعل؟ أنت مصابٌ                           
-الصغير، هل هو بخيرٍ؟                                     
-أجل، لا تقلق لم يصب بأى أذىً، هل هو قريبكَ؟   
-لا أعرفه، سقطَ أمامى على الطريق وبصعوبةٍ تفاديته؛ علىَّ أن أسأله عن مكان إقامته...
-لا تقلق أنتَ أنا سأسأله أرجوك أن تبقى هادئاً علينا أن نجرى بعض الأشِّعة لك....
قالت مريم بابتسامة فأومئ يوسف لها ، استدارت لتغادر ولكنه أمسك يدها
-ما الأمر ؟                                                          
-شكراً لكِ
-لا عليكَ..

بعد كدا ان شاء الله الفصول هتبقى أطول♥️
      

مريم♥️... " قيد الكتابة والتعديل اللغوي"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن