الفصل الثامن عشر... 1

200 26 1
                                    

..استندت بذراعها على نافذة غرفة الإسعاف وراحت تراقب السحب المتفرقة؛ والتى تحجب جزءً لا بأس به من أشعة الشمس، مثل هذا الجو البارد دائماً ما يكون مناسباً ليذكرها بالماضى؛ وتحديداً بتلك المرأة التى عملت فترةً فى الميتم الذى عاشت به... قبل أن تتزوج وتنتقل إلى مدينةٍ أخرى...
...الحقيقة أن تلك المرأة تعد من الذكريات القليلة الجميلة فى هذا المكان؛ كان لديها فلسفةٌ مختلفةٌ ونظرة مميزة للحياة...
كانت هناكَ جملةٌ تقولها لى دائماً؛ أجل...؛ أنتِ دائماً تلجأين إلى الهربِ من مواجهة أى شىءٍ... ووسيلتكِ فى ذلكَ هى التجاهلُ والتظاهر كأن شيئاً لم يكن..؛ بالرغم من أن المواجهة قد تكون أسهل أحياناً...
-...غريبٌ؛ كيف تكون المواجهةُ أسهل من الانسحابِ؟...  بدأت تطرح السؤال على نفسها بصوتٍ مرتفعٍ قليلاً...
-لأن الانسحاب لا يحل شيئاً؛ فتبقى المشكلة فى مكانها وربما تتعقد أكثرَ... وهكذا حتى لو حاولتِ مواجهتها فستصبح أصعبَ مما كانت عليه...
التفتت مريم إلى جوارها نحو صاحب الصوت-كريم-؛ والذى كان يستند على الحائط بينما يعبث فى هاتفه؛ رفع رأسه إليها قائلاً بابتسامةٍ: لم أتعمد الاستماع إليكِ... ولكننى رغبتُ فى قول رأيي...
-لا مشكلةَ... أريد أن أسألكَ شيئاً؛ بالنظر إلىَّ من بعيدٍ،... هل أبدو فتاةً معقدةً؟...
-ليس كذلكَ؛ لنقلْ أنَ لديكِ نظرةً مختلفةً إلى كل شىءٍ؛ وهذا ليس سيئاً أبداً...
لم تجب وإنما ابتسمت قليلاً؛ قبل أن تتحدث مجدداً بعد عدة لحظاتٍ: شكراً لكَ... أنا سأغادر الآن...
-إلى العمل؟...
-أجل... وأنتَ ادرس جيداً لأجل اختبار الغد...
-حسناً... هز رأسه موافقاً وهو يراها تسير نحو الخارج؛ ليتنهد بيأسٍ... يبدو أنه سيلجأ هو الآخر إلى الانسحاب مثلها... لن يستطيعَ أن يتحدث أبداً...
.........................................................
-...لا أدرى؛ لا أدرى... لقد تعبتُ يا ليلى...   ألقى القلم والمسطرة الكبيرة من بين يديه ثم أراح رأسه على المكتب بيأسٍ؛ لتتنهد ليلى وتغلق الحاسب اللوحى الخاص بها وتتركه على المكتب قائلةً: أنتَ مشوشٌ تماماً اليومَ؛ ليسَ من عادتكَ ألا تجد أى أفكارٍ بهذا الشكل...
رفع رأسه مسنداً إياها على راحة يسراه بينما لوى شفتيه بانزعاجٍ يقول: ربما لأنه مازال هناكَ بعض الوقتِ... تعلمين أننى لا أستطيع إيجاد أى أفكارٍ إلا قبل التسليم ببضع ساعاتٍ فقط...
-كمشروع التخرج العظيم... كما أنكَ للأسف لا تجيد العمل فى حالتين؛ عندما تكون محبطاً أو جائعاً... ويمكننى أن أجزم أنكَ تعانى من الأمرين ألآنَ...
-أصبتِ يا مساعدتى الذكية...  ابتسم لها بسخافةٍ وهو يتفحص اللوحة المليئة بالخطوط؛ ساد الصمتُ عدة لحظاتٍ قبل أن يقطعه اهتزاز هاتفه المحمول...
"...لا أدرى ولكننى أشعرُ أنكَ غاضبٌ منى بسبب ليلة الأمسِ؛... معكَ حقٌ، الأمرُ ليس أننى لا أثق بكَ وأنكَ لا تهمنى.. فقط أنا منذ طفولتى اعتدتُ على تجاهل كل شىءٍ؛ أعتذرُ لأننى لا أجيد التعامل مع الحياة... أعدكَ أننى سأحاول؛ وإذا أردتَ يمكننا أن نلتقى اليوم كتعويضٍ..."
ابتسم بخفوتٍ وهو يتابع قراءة الرسالة؛ ليشعر بليلى التى نهضت حاملةً حاسبها اللوحى وفنجان القهوة...
-إلى أينَ؟
-هذه الابتسامة تعنى أن مزاجكَ قد بدأ يتحسن، وأنكَ ستجرى مكالمةً الآن... لذا سأخرجُ من تلقاء نفسى بدلاً من أن تطردنى...
-لم أكن أنوى طردكِ؛ ولكنها فكرةٌ جيدةُ... هيا يا حبى لا تنسى البابَ معكِ..
-لديكَ مهلةُ ساعتينِ؛ فهمتَ؟ ساعتين فقط وأراكَ أمامى هنا... مع أفكارٍ جيدةٍ طبعاً...
-حسناً حسناً سنرى... وضع الهاتف على أذنه ليتابع بعد سماع صوتها: تعلمينَ أننى أحبكِ كثيراً أليسَ كذلكَ...؟
**************************************
أريد أن أفعل شيئاً مختلفاً معكِ؛ مللتُ من الأجواء العادية، إما نلتقى فى الجامعة أو فى الشركة وعندما تعطفين على قليلاً توافقين على أن نذهب إلى أى مقهى....  تابع حديثه وهو يشير بإصبعه نحو نفسه قائلاً: لكِ أن تتخيلى... أنا... يوسف ديميرهان...الذى كان يقضى نهاية كل اسبوعٍ مع فتاةٍ مختلفةٍ؛ صار أكبر طموحاتى الآن أن توافقى على شرب القهوة معى...
...المشكلة ليست هنا؛ حبيبتى تحضر كتبها معها عندما نخرج معاً؛ مريم عزيزتى ألا تحلو لكِ الدراسة إلا عند رؤيتى؟
ابتسمت بخفوتٍ وهى تلقى نظرةً على الكتاب الذى أسندته بجوارها على الطاولة ثم اتجهت ببصرها نحوه وقالت: تتذمر بدلاً من أن ترى مقدار التضحية التى قمتُ بها من أجلكَ؛ لدىَ امتحانٌ فى الغد وبدلاً من أبقى وأدرس فى المنزل فضلتُ رؤيتكَ؛ أنتَ حقاً لا تستحقُ أن أتعب نفسى من أجلكَ...
-المشكلة أنكِ مجتهدةٌ أكثر من اللازم؛ ... انتظرى يجبُ أن أحكى لكِ هذا الموقف...  اعتدل فى جلسته قليلاً ثم تابع: فى عامى الأخير من الجامعة كان التخرج مرتبطاً بمشروعٍ لا أذكر شيئاً عنه؛ المهم أننى لم أكن أدرس أصلاً ولا أعرفُ عمَ تتحدثُ تلك المادة، كنا حوالى أربعة أشخاصٍ... قاموا بتقسيم أجزاء المشروع وبالطبع لأننى كنتُ أتأخر فى عملى دائماً أعطونى آخر جزء؛ كان لدينا فترةُ أسبوعين تقريباً
...كالعادة نسيتُ الأمر تماماً؛ وفى اليوم الأخير كان كلُ شىءٍ كاملاً عدا الجزء الخاص بى؛ أخذوا يتصلون بى مئات المرات دون فائدةٍ؛ تخيلى... تخرجُ ثلاثة أشخاصٍ آخرين كان  بين يدى وأنا كنتُ فى بودروم تقريباً حسب ما أذكر؛ لأن الجو كان حاراً...
-هل تعلم؟ الذنب ليس ذنبكَ، الذنبُ على من يعتمد عليكَ ويتركُ مستقبله بين يدى مستهترٍ مثلكَ؛ المهم...ماذا حدث فى النهاية؟ هل أضطررتم لإعادة التقديم؟   نظرت إليه باهتمامٍ وهى تنزع نظاراتها الطبية...
-لا؛ لحسن الحظ تمكن مراد من الوصول إلىَ فى النهاية؛ طبعاً مع موشحٍ من الإهانات والصراخ فى الهاتف، جمعتُ أشيائى وعدتُ بسرعةٍ إلى اسطنبول؛ لا أذكر تحديداً ولكننى أنهيتُ المشروع فى ثلاث ساعاتٍ فقط ونجحنا....
-كيف تفعل هذا؟ انظر أنا لم أكن معكم ويداى ترتعشان من التوتر....
-انتظرى ليس هذا الأمر المريب؛ المشكلة أن الأساتذة أُعجِبوا بالمشروع...  ثم تابع بضحكٍ: وخاصةً بالجزء الخاص بى؛ كان الأكثر إتقاناً وتميزاً على حسب ما قاله الأستاذ وبفضله حصلنا جميعاً على علاماتٍ إضافيةٍ؛ بفضل إبداعى أصبحَ جميع أعضاء المجموعة فى المراتب الأولى...
-وأنتَ؟ هل كنتَ الأول؟
-بالطبع لا؛ هم أصبحوا الأوائل لأنهم كانو مجتهدين وكانت علاماتهم كاملةً فى الامتحانات النظرية؛ أنا بالكاد أنجح فى الامتحانات الورقية يا عزيزتى...
ابتسمت له بخفوتٍ ثم قالت بنوعٍ من الجدية: أنا أعلمُ أننى أزعجكَ قليلاً هذه الأيام؛ وربما فى كل وقتٍ... لا نتمكنُ من الخروجِ كما تحبُ، حتى أنكَ تعانى من شخصيتى المعقدةِ... فى الحقيقة أشعر بالأسفِ عليكَ
-عندما تتحدثين بجديةٍ هكذا؛ تصيرين أكثر جاذبيةً... هل تعلمين هذا؟
-يبدو أنكَ لا تستمع إلىَّ...
-لا أستطيع أن أفعل شيئينِ فى آنٍ واحدٍ...
-ماذا تعنى؟
-لا يمكننى مراقبتكِ واستيعابُ كلامكِ فى نفس الوقتِ... كما أنكِ عندما تتكلمين تقولين أشياء غبيةً، هل تعلمينَ؟ بما أن كتبكِ معكِ يا عزيزتى يمكنكِ أن تدرسى وأنا سأراقبكِ بهدوءٍ... لأنكِ تكونينَ جميلةً وأنتِ تدرسينَ أيضاً...    انفرجت ثنايا شفتيه عن ابتسامةٍ صافيةٍ؛ بينما كان ينظر إليها....
-ألا تلاحظ أننى أحاول التحدث بجديةٍ هنا؟ لا أشعرُ بالراحة ما دمتُ أعلم أنكَ منزعجٌ بسببى...
تابع التحديق بها بنفس الابتسامة ثم تحدث فجأةً: حسناً قولى ما تشائينَ وأنا أسمعكِ..
-... أنا... لا أدرى ولكن تقريباً عقلى يتوقف عن العمل عندما أنزعج من شىءٍ ما؛ وحينها أتصرف بغباءٍ وينقلب كل شىءٍ فوق رأسى فى النهاية...
-لستِ كذلكَ؛ لنقل إنكِ تلجأين إلى الصمتِ لتنقذى نفسكِ من شجارٍ متوقعٍ... وفى النهاية أنتِ أكثر من يتضرر...
-...إحدى مربيات الميتم كانت تقول لى هذا فى الماضى؛ هل شخصيتى سهلة الفهم إلى هذا الحد؟
-بالطبع لا؛ هل تعلمين؟ لقد قضيت ليلة الأمس كاملةً أفكر فى سبب عدم محاولتكِ الاستماع إلىَ؛ خطر على بالى الكثير من الأشياء الغبية.... ليس من السهل فك شيفرة عقلكِ يا عزيزتى...
اه... حرك كفه الأيسر على مؤخرة رأسه ثم تابع: سأسألكِ سؤالاً صغيراً، لا تقلقى لن أنزعجَ إن كانت إجابتكِ بالنفى... فقط أريد أن أعرف...
هزت رأسها باهتمامٍ ليتابع هو-بينما اتسعت عيناه بشكلٍ طفولىٍ-: هل غرتِ على ولو بقدرٍ بسيطٍ؟ حتى لو بحجم عقلة الإصبع...؟
ابتسمت مريم وهى تراقب تعابير وجهه الطفولية؛ والتى بدت مضحكةً بدرجةٍ كبيرة... أومأت له برأسها بينما بدأت تضحكُ؛ لتراه يتنهد وهو يريح جسده على الكرسى ببعض الراحة...
-الحمد لله؛ اتضح أن هذه ال-ميرا- ذات فائدةٍ؛ هل تعلمينَ؟ علاقتى بهذه الفتاة غريبةٌ للغاية؛ لا أدرى كيف أشرحُ لكِ فأنا للأسفِ لا أذكرُ أىَ شىءٍ بشأنها...
-كيف؟ لم أفهم...
-ولا أنا؛ المشكلة أن أصدقائى يصرون على هذا وأنا حقاً لا أذكر أى شىءٍ...
-ربما سيأتى يومٌ تقول فيه ذات الكلام عنى...
-عدنا إلى النكد والافتراضاتِ الغريبة؛ أخبرينى كيفَ لىَ أن أنسى فتاةً حلوةً ونكديةً مثلكِ؟ كما أن...  نهض من مكانه ثم استند على إحدى ركبتيه أمامها وتابع بابتسامةٍ: كما أن أمراً لا أنوى إنهاءه أبداً؛ أين السبيل له ليغادر ذاكرتى...؟
...التقط أحد كفيها مقبلاً إياه بلطفٍ؛ لتبتسم هى له وتقول: هاتفكَ يهتزُ... يبدو أن الساعتين أوشكتا على الانتهاءِ...
-أشكركِ يا مريم؛ حقاً أشكركِ... ما شاء الله لا تدخرين جهداً فى كل مرةٍ لإخراجى من المواقف المؤثرةِ؛ كأننى أتحدثُ مع نفسى... لا رد ولا تفاعل ولا أى كلمةٍ حلوةٍ من أجل يوسف، ولكننى أستحقُ كل هذا.. لا شكَ أن هذا هو الجزاء الذى كانت تتحدثُ عنه توركان... 
...مازال جالساً بنفسِ وضعيته؛ يلوى شفتيه بانزعاجٍ ويتحدث مع نفسه بصوتٍ خافتٍ؛... قبل أن يشعر بقبلتها الخفيفة على جبينه، وأصابعها التى تداعب خصلات شعره الناعمة المبعثرة بعشوائية؛ أغمض عينيه مبتسماً لعدة لحظاتٍ انتهت بسرعةٍ مع ابتعادها عنه مجدداً بابتسامةٍ بسيطةٍ...
-.... لماذا ابتعدتِ؟ حسناً سأكتفى بهذا حالياً...  حالياً فقط ها؟...
-تمام يكفى هيا اذهب كى لا تتأخر...  لم يكن بإمكانها إخفاء ذلك اللون الوردى الذى صبغ وجنتيها؛ ليبتسم هو بينما اعتدل قائماً ثم قال بينما أسند أصابعه أسفل ذقنها ليرفع رأسها نحوه: وأنا أيضاً أحبكِ وأحب حالاتكِ الغريبة هذه؛ وخجلكِ واحمرار وجهكِ... هيا تعالى لأوصلكِ فى طريقى لأعود إلى تلكَ المزعجة قاطعة اللحظات الجميلة.....
...........................................
..
...ترك القلم بابتسامةٍ راضيةٍ بعض الشىء ثم أخذ ينظر إلى اللوحة البيضاء الموجودة أمامه؛ ضغط على زر تشغيل الهاتف ليقول بدهشةٍ: متى مضى كل هذا الوقت؟.. سأرى أين ليلى لأوصلها فى طريقى...
نهض من مقعده وهو يحرك مفاصله التى تشنجت بفعل الوقت...؛ ليصل إلى أذنيه صوت طرقاتٍ على الباب...
-ها هى تأتى فى وقتها؛ تعالى يا عملى الأسود فى الحياة...  
انفتح الباب ليظهر من ورائه ضيفٌ عكس توقعاته تماماً؛ اتسعت عينا يوسف وتحدث بتوترٍ: طارق بيه؛ أعتذر ظننتُ القادم ليلى...
-تقصد مساعدتكَ الصغيرة، ليست هنا لم أرها فى الخارج...   قال بهدوءٍ مريبٍ بينما أغلق الباب خلفه؛ لينظر إليه يوسف باستغرابٍ ويتابع: تفضل كيف يمكننى مساعدتكَ؟
-هل تعلم أين هى نيريمان؟ لم أتمكن من الوصول إليها منذ وقتٍ طويلٍ...
-نيريمان؟ لا لم أرها اليوم... ولكن يمكننا أن نذهب ونسأل فريدة؛ هى من تعمل معها عادةً...
-حسناً... هز طارق رأسه بالإيجاب ثم سار برفقة يوسف نحو الخارج؛ فى تلك الأثناء كان يحاول إعادة الاتصال بها مرةً أخرى دون جدوى؛ نفس النتيجة-لا يمكن الوصول إلى الرقم الذى تحاول التصال به-
... وصلا إلى أمام غرفة مراد ليفتح يوسف الباب مباشرةً...
-لماذا يضعون الباب أمام الغرف يا ترى؟ من أجل أن نطرق عليه تقريباً يا يوسف..  قال مراد بهدوءٍ وهو يتابع العمل على حاسبه اللوحى، أخذ يوسف بجول ببصره فى الغرفة ليقول فى تجاهلٍ لكلام مراد: أين فريدة؟ أليست هنا؟...
-تأخر الوقت فجعلتها تغادر؛ ما زال لدىَ عملٌ كثيرٌ حتى أننى قد لا أغادر الليلة؛ ماذا كنتَ تريد منها؟
-كنتُ سأسألها عن نيريمان...  أجابه يوسف؛ ليقاطعه طارق الذى تدخل فى هذا الحوار: لم تعد للبيت؛ وهاتفها مغلقٌ؛ هل قالت أى شىءٍ قبل أن تغادر الشركة؟..
-هل جاءت اليوم أصلاً؟ لم أرها... حتى أن فريدة انتظرتها طويلاً فى الصباح ولم تأتى...
-أوف أين هذه الفتاة؟ وبيلين أيضاً لا تعلم...
-اهدأ لحظةً يا طارق بيه؛ ألا تعرف أحداً آخر من أصدقائها نسأله؟
-لا يوجد فى عقلى أحدٌ آخر غيركما، لا أدرى....
-هل عسانا نسألُ فاتح؟...  على الأغلب فإن هذه الجملة قد خرجت منه بتلقائيةٍ تامةٍ وهو يفكر بشرودٍ، ليأتيه صوت طارق الذى نظر إليه مستفهماً: فاتح من...؟
-ها...؟  استغرق منه الأمر بضع ثوانٍ ليستنتج ما قاله؛ لتتسع عيناه قليلاً ويتجه ببصره إلى مراد.. الذى حمحم قليلاً ثم بدأ بالسعال..
-...أنا... أعرف بعضاً من أصدقائها يا عمى؛ سأذهبُ وأسألهم وسأخبركَ فى الحال.. إلى اللقاء يا مراد..
خرج يوسف من الغرفة وهو يلعن غباءه الذى سيسبب مشكلةً جديدةً-وليست أى مشكلةٍ-...
...ضغط على زر الاتصال ثم ضغط على مفتاح السيارة أثناء انتظاره الرد...
-...ماذا هناكَ؟ هل اشتقتَ إلىَ أيها الوسيم؟
-أعلم أنه سؤالٌ غريبٌ ومع هذا سأسألكِ؛ هل تحدثتِ مع نيريمان أو رأيتها اليوم؟
-كما تعلم نحن الاثنتان لا نحب بعضنا إلى هذه الدرجة؛ كما أنها لم تأتِ اليوم أصلاً ...
-كيفَ هذا؟ هناكَ شىءٌ خاطىءٌ يا فريدة...، حسناً شكراً لكِ على كل حالٍ
-ما دمتَ تقول فريدة فحتماً هناكَ مشكلةٌ؛ أخبرنى فيما بعد..
-تمام...  أغلق الخط ثم صعد سيارته وأدار عجلة القيادة.....
....نعود مجدداً إلى مكتب مراد حيث تركه يوسف فى هذا الموقف السيئ مع والد نيريمان وهرب؛ وقف طارق يحدق بمراد باستنكار...
-ماذا؟.. قال مراد بنبرةٍ مهتزةٍ بينما ابتعد بناظريه عنه...
-من هو فاتح ذاك الذى تحدث عنه يوسف؟...
-لا أعلم؛ اسأله هو.... اه خطر فى بالى أمرٌ، سأتحدثُ مع بيلين وأحصل على أرقام بقية أصدقائها ربما نجد شيئاً... يمكنكَ أن تعود للمنزل ربما ترجع هى فى أى وقتٍ...؛ وأنا سأذهبُ لأرى بعض الأماكن التى أعرفها...
............خرج طارق من الشركة ووقف فى انتظار الحارس الذى ذهب يحضر سيارته؛ فى ذلك اوقت كان يتحدث مع نفسه ويقول: هذان الاثنان يحيكان شيئاً من ورائى؛ سأعرف...



مريم♥️... " قيد الكتابة والتعديل اللغوي"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن