الفصل السابع عشر... 1

233 28 1
                                    

خرجت من الغرفة على صوت جرس الباب؛ من جاء فى مثل هذا الوقت الباكر؟ لم تنتهِ بعد من تصفيف شعرها؛ سارت نحو الباب وهى تضع نظاراتها الطبية ثم فتحته ببطءٍ....
-صباحُ الخير...  ابتسم لها بلطفٍ وهو يرفع أمامها باقةً من الأقحوان؛ ابتسمت بخجلٍ بينما تستحضر فى رأسها أحداث ليلة الأمس و... وضعهما الجديد...
-صباح الخير يا يوسف؛ تفضل...
-لا لم تعد تكفينى صباح الخير بهذا الشكل؛ ألم تنسى شيئاً؟
-يوسف أنا مستعجلةٌ؛ هيا ادخل ونرى فيما بعد..  أجابته فى محاولةٍ منها لتغيير الموضوع ثم همت بالعودة للداخل تاركةً الباب مفتوحاً؛ مد ذراعه ساحباً إياها نحوه لتصطدم به بخفةٍ ثم أحاطها بذراعه الأخرى وقال بمرحٍ: بما أنكِ لا تريدين أن تعانقينى أنتِ فسأفعل أنا بكل سرورٍ... ألم تشتاقى أنتِ أيضاً إلىَّ؟
-اشتقتُ...ابتسمت مع بعض الخجل وهى ترفع رأسها نحوه...
-من على الباب يا مريم؟ هل هو عامل القمامة؟  كان هذا صوت فريدة التى خرجت نحو الباب مُقاطعةً اللحظة- الرومانسية- التى كان يرسمها يوسف فى مخيلته..... لعدة لحظاتٍ أخذت تنظر إليهما بدهشةٍ؛ وسرعان ما سألت سؤالاً... قد يبدو غبياً للبعض: ماذا تفعلان؟
-ما الذى جاء بهذه الآن؟  قال يوسف لنفسه بضيقٍ عندما ابتعدت عنه مريم وسارت نحو الداخل؛ تنهد بخيبة أملٍ واضحةٍ وقال: سأفعلُ ذات الشىء معكِ يوماً ما أيتها المزعجة....
-دعكَ من طموحاتكَ فحتى لو لم آتى أنا كانت هى ستضربكَ بنفسها؛ المشكلة هنا.. لماذا لا تقولان؟ هل هو سرٌ مثلاً؟
-وهل تركتِ لنا وقتاً لنقول شيئاً؟ نحن معاً منذ سبع ساعاتٍ فقط...
-لا يهم؛ من الجيد أنكَ جئتَ فأنا متعبةٌ ولا أستطيع السير حتى الموقف.. هيا تعال سأضع لكَ الشاى...
-أراكِ منطفئةً اليوم على غير طبيعتكِ؛ هل من مشكلةٍ؟ سألها وهو يغلق الباب...
-لا شىء؛ على كلٍ لن أتأخرَ.....
*****************************************
-...تمزحين...؟ كان هذا صوت صراخ بيلين التى نهضت واقفةً عن الكرسى وهى تحدق بصديقتها الجالسة أمامها مما لفت انتباه جميع الجالسين فى المقهى؛ نظرت إليها نيريمان بلومٍ وهى تسحبها من يدها داعيةً إياها للجلوس وتقول: ماذا تفعلين؟
-ألا يحق لى أن أتفاجأ حتى؟ تتعرفين على شابٍ وتصيران مقربَيْن هكذا؛ ثم يعترف لكِ بحبه وترتبطان؛ وأنتِ تحكين لى الموضوع بكل بساطةٍ وكأنه شىءٌ عادىٌ، لم أعد أفهمكِ يا نيريمان..

عادت ترتشف من كأس العصير الخاص بها وتعبث بالهاتف؛ فى الأغلب ما أزعجها ليس دخول صديقتها فى علاقةٍ جديدةٍ وإنما حدوث كل هذا دون علمها بأى شىءٍ...
-بيلين صدقينى.. الأمور تطورت بشكلٍ أسرع مما تخيلتُ؛ لقد تفاجئتُ أصلاً باعترافه ولم أدرِ ماذا أفعل..
-طبعاً ومعروفٌ أننا عندما لا ندرى ماذا نفعل فإننا نقول ببساطةٍ وأنا أيضاً أحبكَ؛هل تريننى غبيةً أمامكِ؟
-وماذا كنتِ تريديننى أن أفعل؟ هل أبكى على الفترة التى أضطررتُ لتضييعها مع يوسف؟ فيما هو يعيش حياته بكل بساطةٍ وارتبط بأخرى...
-انتظرى...، هل ارتبط يوسف هو الآخر؟ متى حدث كل هذا؟ اتسعت عيناها دهشةً ثم تابعت: الشخص الأخير الذى توقعتُ أنه من الممكن أن يرتبط يوماً ما؛ وبالطبع سعيدة الحظ هى تلك الطبيبة أليس كذلكَ؟ مسكينةٌ....
-لا تقولى هذا؛ وأنا أيضاً مندهشةٌ مثلكِ ولكن يوسف يحبها حقاً..
-أرى أنكِ صرتِ تدافعين عنها، هل أصبحتما صديقتين؟
-لم نصبح صديقتين بهذا المعنى؛ ولكنها ليست فتاةً سيئةً، أحياناً أشعر أنها تشبهنى فى كثيرٍ من الجوانب
-ليس يوسف الوحيد الذى تغير... ابتسمت لها بيلين بهدوءٍ؛ سأتغاضى عن أنكِ لم تخبرينى بأى شىءٍ لأننى أراكِ سعيدةً، أتمنى أن يكون فاتح هذا يستحقكِ
-سأعرفكِ عليه فى أقرب فرصةٍ؛ إنه لطيفٌ وهادىءٌ جداً؛ كما أن لديه عينين جميلتين..
-جيدٌ؛ ستنجبان أطفالاً بالألوان الطبيعيةِ...
-لم نصل إلى مرحة التفكير بهذا بعد؛ ولكنه أخبرنى أنه يريد أن يعلم أبى بأمرنا
-هذا يعنى أنه جادٌ فى نواياه؛ لا تغضبى من انفعالى قبل قليلٍ؛ أنا حقاً سعيدةٌ من أجلكِ، فقط تفاجئتُ قليلاً ...
-لم أغضب.. وأنا اعتذر لأننى لم أخبركِ منذ البداية ولكن حقاً حدث الأمر بشكلٍ أسرع مما تصورتُ....
*********************************************
-أراكَ فيما بعدٍ يا يوسف...  ابتسمت مريم وهى تفتح باب السيارة وتترجل منها على عجالةٍ؛ ابتسم هو الآخر وأرسل لها قبلةً فى الهواء.. ثم أخذ يراقب رحيلها؛ما إن اختفت عن ناظريه حتى عاد ينظر إلى فريدة الجالسة بسكونٍ مريبٍ فى الخلف وقال: ديدو هيا تعالى اجلسى فى الأمام..   لم تناقشه وإنما فتحت الباب وفعلت ما قاله دون كلامٍ؛ انطلق يوسف بالسيارة مجدداً وهو يعبث بالهاتف؛ ثم ضغط على زر الإرسال...
"ليلى أنا سأتأخر قليلاً؛ وفريدة أيضاً معى، اذهبى وساعدى مراد حتى آتى...."
-هل تشاجرتِ مع مراد؟ بدأ يتحرك بالسيارة مجدداً دون أن ينظر إليها...
-لم يحدث شىءٌ يا يوسف...
-لا تحاولى لن أقتنعَ؛ لا أقصدُ التدخل فى شئونكِ ولكننى أشعر ببعض القلق... لستِ فريدة المرحة التى أعرفها...
-موضوعٌ سخيفٌ ليس إلا؛ لا داعى لأزعجكَ به حتى..
-ما دام الأمر يزعجكِ أنتِ فهو ليس سخيفاً كما تقولين، إذا كنتِ سترتاحين قليلاً فأنا مستعدٌ لأسمعكِ...
ابتسامةٌ طفيفةٌ سلكت طريقها إلى محياها؛ ما لبثت أن تلاشت فى غمضة عينٍ أتبعتها فريدة بقولها: سأسألكَ سؤالاً وأرجو أن تكون صادقاً معى؛ بعيداً عن كونكَ صديق مراد...
-بالطبع... هز رأسه بينما ساوره الشك قليلاً؛ لتتابع هى: فى هذا الوقت؛ هل تعلم إن كان يقابل أية امرأةٍ أخرى؟
-ليس إلى هذه الدرجة... ابتسم بسخافةٍ وهو يتابع القيادة؛ متأكدةٌ أنكِ بخيرٍ يا فريدة؟ لأن الذى تتحدثين عنه هو مراد وليس أنا...  من المستحيل أن يفعل شيئاً كهذا...
-ولماذا أنتَ متأكدٌ إلى هذه الدرجة؟ سألته بينما عقدت ذراعيها أمامها بحنقٍ...
-لأنه صديقى وأعرفه منذ سنواتٍ؛ حتى أنا لا أفعل هذا فما بالكِ بمراد؟ أنا من سيسألُ الآن؛ لماذا أنتِ متأكدةٌ؟
-كان يتبادل الرسائل مع أحدهم طوال النهار بالأمس وأغلقَ الهاتف عندما اقتربتُ منه؛ وكأن هذا لا يكفى فقد قال أنه يتحدثُ معكَ أنتَ...
-بالأمس؟؟  فكر للحظةٍ ثم قال: أجل كان يتحدث معى فعلاً بالأمس؛ ربما لم يخبركِ لأنكِ كنتِ مزعجةً وتريدين تعذيبى...؛ لا تقولى أن هذا ما يزعجكِ ويجعلكِ تشكينَ فى صديقى المخلص وإلا سأرميكِ خارج السيارة الآن...
-بالطبع ليس هذا فقط.. ولكن بما أنكَ تريد المزاح فلن أخبركَ بالبقية، هيا اوقف السيارة أنا سأنزل...  زفرت بانزعاجٍ ثم بدأت بفكِ حزام الأمان...
-ماذا تفعلين؟ حسناً أنا آسف اهدأى قليلاً....
تابع طريقه وهو ينظر إليها بين لحظةٍ وأخرى وهى تنظر نحو النافذة دون أدنى تعبيرٍ واضحٍ؛ ليزفر بضيقٍ هو الآخر ثم يحركُ عجلة القيادة منعطفاً فى الاتجاه المقابل.
****************************
-ماذا حدثَ لها يا ترى؟   أبعد مراد الهاتف عن أذنه؛ للمرة العاشرة تقريباً يتلقى نفس الجواب-الرقم الذى تحاول الاتصال به غير متاحٍ- ؛ وضع الهاتف على المكتب ثم جلس على الكرسى الخاص به وقام بتشغيل الحاسب المحمول، ما هى إلا عدة لحظاتٍ حتى سمع صوت طرقاتٍ على الباب تلاها دخول ليلى...
-صباح الخير يا ليلى تعالى... صحيح هل جاءت فريدة؟
-صباح الخير مراد بيه؛ كنتُ قادمةً لأخبركَ بهذا الأمر، إنها مع يوسف وسيتأخران قليلاً.. إذا كنتَ تحتاج شيئاً أنا سأساعدكَ..
-مع يوسف؟ إذن هناكَ مصيبةٌ جديدةٌ... أطرقَ يفكر بصمتٍ ثم تابع: إذن أحضرى لى فنجاناً من القهوة لو سمحتِ...
-كما تريد...  أجابت بابتسامةٍ ثم خرجت من غرفته؛ لا يدرى لماذا ولكن شعوراً سيئاً يساوره اليوم..؛ ربما بسبب ذلك اللقاء الذى لم يكن ينتظره-أو يريده- أبداً...
............... ................................................
-لا أستطيعُ تصديقكَ حقاً...  اتسعت عيناها دهشةً وهى تراقب محل الحلوى-الفاخر- الذى اقتادها يوسف إليه عوضاً عن الذهاب إلى العمل؛ عادت ببصرها نحوه لتجده ينظر إليها ويقول ببراءةٍ لم تعهدها: كنتِ تبدين حزينةً جداً وبالنسبة لى هذا هو الحل المناسب...
-تستغلُ أننى مجروحةٌ عاطفيًا لتأكل الحلوى ايها المحتال...
-أنا أفعل هذا من أجلكِ يا عزيزتى...  قال يوسف بجديةٍ مصطنعةٍ وهو يسحب الكرسى محفزاً إياها لتجلس عليه؛ ثم تحرك نحو الاتجاه المقابل.. اخذ يتطلعها بنظراتٍ باسمةٍ وقال: هيا ألن تقولى؟
-لن أتحدثَ قبل أن آكل ما دمنا جئنا لهنا... أشارت إلى النادل الذى تحرك مسرعاً نحوهما وقال برسميةٍ: تفضلا ماذا ستطلبان؟
-لنرى..ماذا سأطلبُ هذه المرة؟ بدأ يوسف يفكر بصوتٍ مرتفعٍ وهو يتفحص قائمة الحلوى لتقاطعه فريدة: أحضر لنا من كل الأصناف المصنوعة من الشكولاتة...
حدَّقَ بها النادل الشاب للحظةٍ قبل أن يحرك رأسه بالإيجاب ويبتعد عنهما؛ فيما قال يوسف وهو ينظر إليها بإعجابٍ: هذا هو... هذه فريدة التى أعرفها....
*********************************
...منذ الصباح-بل منذ ليلة الأمس وهى تبتسم ببلاهةٍ-، هى فعلياً الآن جالسةٌ فى قاعة المحاضرات ولكن عقلها فى مكانٍ آخر؛ تحدق فى شاشة العرض بشرودٍ وهى تستند برأسها على راحة يدها.... ظلت على نفس حالتها من عدم الانتباه حتى شعرت باهتزاز الهاتف فى جيبها..
أخرجته لتلقى نظرةً عليه؛ ما لبثت أن عادت تبتسم مجدداً بينما تقرأ محتوى الرسالة...
" ماذا تفعلين؟"
"أحاول التركيز فى المحاضرة مثلاً!!"
"أفكر فى الالتحاق بكلية الطب؛ ربما تهتمين بى كاهتمامكِ بالمحاضرات"
"ومن قال أننى لا أهتمُ بكَ؟ أنا الآن أتراسلُ معكَ بدلاً من التركيز وهذا شيءٌ لم أفعله فى حياتى من قبل..."
"أحبكِ يا مريم...."
اكتفت بالابتسامة فقط ولم تضع جواباً...؛ ليتابع هو الكتابة بدلاً عنها....
"سأتخيل أنكِ كتبتِ وأنا أيضاً أحبكَ؛ لأننى أعلمُ أنكِ تحبيننى... فأنا محبوبٌ جداً كما تعلمين..."
"يكفى سيطردنى الأستاذ..."  كتبت هذه الجملة وهى تحاول كتم ضحكاتها...
"هل سيطردكِ من الجنة يعنى؟ أنا كنتُ أطيرُ من السعادة عندما أطردُ من المحاضرات..."
همت بمتابعة الكتابة إلا أنها شعرت بكفٍ تتحركُ على كتفها؛ رفعت رأسها لتنتبه أن الأستاذ يهز رأسه داعياً إياها للوقوف، تنهدت بتوترٍ ولسان حالها يقول: ها قد بدأنا...
-يبدو أن الآنسة مشغولةٌ بعض الشىء، هل يمكنكِ أن تجيبى عن هذا السؤال؟
بتلقائيةٍ نقلت مريم بصرها إلى شاشة العرض؛ ابتسمت براحةٍ عندما وجدته سؤالاً تعرفه ومن ثم أجابت عنه بلا تفكيرٍ -تحت أنظار الأستاذ المندهشة لكونه متيقناً أنها لم تكن منتبهةً- بالإضافة إلى كونه سؤالاً صعباً؛ هز راسه بلا تعبيرٍ واضحٍ ثم اشار إليها بالجلوس..
"أين أنتِ؟ لماذا لا تردين؟"
"اصمت كدتَ تسببُ لى مصيبةً؛ سأحادثكَ بعد أن أخرج"
بهذه الرسالة ختمت محادثتهما؛ بعد أن جعلت الهاتف صامتاً، وأعادته إلى جيبها.....
................
....هل أحضرتنى إلى هنا لأراقبكَ وأنتَ تتراسل مع حبيبتكَ كمراهقى الثانوية؟...  رفع رأسه نحو فريدة التى كانت تتأرجح بالكرسى وهى تحدق به بمللٍ...
-وماذا أفعل؟ سألتكِ كثيراً عن المشكلةِ ولم تقولى شيئاً؛ هل آتى وأسحبُ الكلام من فمكِ مثلاً؟ ثم تابع: على فكرة أنا صبورٌ وها أنا أسألكِ مجدداً؛ إياكِ ان تحاولى فعل هذا مع مراد لأنه سيتشاجر معكِ...
-لا داعى لتقول فقد اكتشفتُ بنفسى...  ابتسمت وهى تضع كأس الشكولاتة الساخنة على الطاولة...
-ألن تقولى ما المشكلة؟ لماذا تظنين أنه يعرف أخرى غيركِ؟
-بسببِ هذه...  زفرت بضيقٍ ثم أخرجت ورقة ملاحظاتٍ صغيرةٍ من حقيبتها وحركتها على الطاولة؛ لتضعها أمام يوسف مباشرةً....
مد يده ليلتقط الورقة ويتطلع على محتواها؛ ضاقت عيناه قليلاً بينما أخذ ينقل بصره بين الورقة وبين فريدة الموجودة أمامه...
"...اشتقتُ لكَ يا مراد...."
-اندهشتَ مثلى أليسَ كذلكَ؟  ابتسمت ببرودٍ وهى تحدق به ثم تابعت: وجدتها فى درج سيارته، هل لديكَ أى تفسيرٍ واضحٍ؟
-لا أدرى ولكن... حتماً هناكَ سوء فهمٍ فى الموضوع؛ ربما كانت ورقةً قديمةً...
-وهل تبدو هذه لكَ كأنها قديمةٌ؟ ثم ولو كانت كذلكَ لماذا يحتفظ بها؟ هذا غريبٌ أيضاً...
-وما أدرانى أنا يا فريدة؟ ربما نسيها... ربما الأمر ليس كما تتصورين؛ لماذا لا يأتى لرأسكِ أيةُ فكرةٍ سوى الخيانة؟
-لهذا قلتُ أننى لن أستفيد شيئاً بإخباركَ، طبعاً فهو صديقكَ وكما كان يساعدكَ فى الأعمال التى كنتَ تحيكها دون معرفة نيريمان لا شكَ أنكَ تفعل المثل؛ أصلاً جميعكم صنفٌ واحدٌ، لا تجيدون إلا الخيانة...
-سأحاول تقدير أن عقلكِ لا يعمل بشكلٍ صحيحٍ حاليا لكى لا ألقى هذا الكأس على رأسكِ الآن...؛ أنتِ تهذين الآن بشكلٍ سيئٍ، ادعى أننى لا أنوى إخبار مراد بأىٍّ شىءٍ من هذا الحديث الذى دار بيننا...
-أخبره..؛ لستُ مهتمةً أصلاً، طالما لم أعلم بشأن هذا الأمر الذى يخفيه عنى لن أهدأ...  تابعت حديثها بنبرةٍ مهزوزةٍ: حتى أنه لم يخبرنى بشأن تلكَ التى كان مرتبطاً بها سابقاً؛ ما أدرانى أنهما قد انفصلا نهائياً؟
-لا أنتِ حقاً فقدتِ عقلكِ؛ اهدأى قليلاً وحاولى أن تستوعبى ما سأقوله الآن.... 
...مراد؛ يمكنه أن يفعل أى شىءٍ فى العالم ما عدا ثلاثة أشياءٍ؛ أن يتركَ شيئاً مهماً يجب عليه فعله؛ أن يخون ثقة أحدٍ؛ وأما ثالثاً.. لا يسامح أحداً قرر مسحه من حياته... وهذا ينطبق على ميليس- أعنى حبيبته السابقة-
تابعت النظر إليه بصمتٍ وقد هدأت أنفاسها قليلاً؛ ابتسم لها وقال: لقد فتح قلبه بصعوبةٍ بعدما دمرته تلكَ التى لا أطيق ذكر اسمها؛ لا تضيعى هذا وكونى عاقلةً يا فريدة اتفقنا...
هزت رأسها له بهدوءٍ؛ لا يبدو على ملامحها الاقتناع التام ولكنها ارتأت أن تتريث قليلاً كما قال يوسف؛ لم ترَ منه شيئاً سيئاً فلماذا تتصرف بعجلةٍ دون تفكيرٍ...
-هل عسانا نعود إلى الشركة الآن؟..
-كما تريدينَ... هز رأسه وهو يشير للنادل ليحضر لهما الحساب........

مريم♥️... " قيد الكتابة والتعديل اللغوي"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن