طرقت مريم باب غرفة فريدة فى الصباح الباكر لتطمئن على حالها، لم تسمع رداً لذا فتحت الباب برفق...، اقتربت منها لتجدها نائمةً بعمق..، لم تشأ إزعاجها لذا همت بالخروج ببطءٍ شديد ليستوقفها صوت رنين هاتف..، اقتربت منه لترى من المتصل
"...أمى...." هكذا كان مكتوباً على الشاشة
التقطته لتضعه على وضع "صامت" لتجد فريدة تفتح عينيها....
-مريم، ماذا تفعلين؟
-لا شىء، جئت لأراكِ ووجدت الهاتف يرن
-من يتصل فى هذه الساعة من الصباح؟ قالت وهى تتثاءب..
-والدتك، أرى أن تتصلى بها قد يكون الأمر هاما، اتصلت خمس مرات
-سأعاود الاتصال بها بعد قليل، لأغسل وجهى أولاً وأستفق ثم نرى... قالت فريدة وهى تنهض متجهةً نحو الحمام ليهتز الهاتف مجدداً معلناً عن وصول رسالة..
-أوف،لا أفهم ماذا هناك.. قالت بضيقٍ وهى تعود مجدداً لتمسك بالهاتف وتطلع على الرسالة
بضع ثوانٍ مرت حتى انفلت الهاتف من قبضتها مصطدماً بالأرض...
-ما الأمر؟ قالت مريم بقلق لتفاجأ بجسد فريدة يترنح، بسرعة أسندتها قبل أن تسقط أرضاً، ساعدتها لتجلس على الفراش ثم انحنت أرضاً لترى محتوى الهاتف..
"والدكِ مريضٌ بشدة، لا يعلم الأطباء ما به،اتركى ما لديكِ وتعالى بسرعة...."
-فريدة ..... قالت مريم وهى تنظر إليها من جديد لتراها شاحبةً تتنفس بسرعة، أسرعت إليها تعانقها محاولةً تهدئتها
-لا تقلقى،سيكون بخير، لن يحصل له شىءٌ سيئ
-أبى .. قالت بصوتٍ متقطع بين دموعها.، أريد أن أراه، أريد العودة لازمير..
-انتظرى،لنتصل بفاتح أولاً،أخبرنى أنه سيقضى ليلته فى اسطنبول، إن كان هنا تذهبان سوياً، هيا اهدئى وهاتفيه..
.................................
استيقظ بانزعاجٍ على صوت رنين منبهه، أغلقه وهو يضع الوسادة فوق رأسه بكسل،لم يبقَ أمامه إلا يومٌ واحدٌ فقط، أغمض عينيه مجدداً ليزيح الأفكار من عقله،غفل عما حوله ليروح في النوم من جديد......
-...يوسف، بنىّ،هيا استيقظ.. فتح عينيه ليرى توركان تنظر إليه
-كم الساعة؟ قال وهو يفرك عينيه بتعب
-الثامنةوالنصف ، أنت تستيقظ وحدك منذ عدة أيامٍ، ماذا حدث؟
-لا شىء.. قال وهو ينهض من مكانه،.. أنا متعبٌ قليلاً اليوم.. ثم تابع وهو يتجه نحو الحمام: لن أتأخر، أعدى لى بعض القهوة
-كما تريد...قالت وهى تنظر له باستغراب
.............................
-....كل ما أعلمه أن عمى كان لديه فحصٌ دورىٌّ بالأمس، لم يقل لى أحدٌ أنه كان مريضاً
قال فاتح على الهاتف لفريدة التى كانت تبكى.
-وأنا أيضاً لا أعلم شيئاً ..قالت بين دموعها ثم تابعت:أين أنت الآن هل اقتربت؟
-أجل، مريم إلى جانبكِ أليس كذلك؟أعطيها الهاتف..
-تمام.. قالت فريدة وهى تناول الهاتف لمريم
-تفضل..
-مريم أنا لن أتأخر،هل ستتأخرين عن كليتكِ لو انتظرتِ حتى وصولى؟
-لا تشغل بالكَ بأمر الجامعة الآن،لن أغادر قبل ان تصل.
........ ............
دقائقُ قليلةٌ مرت حتى سمعت الفتاتان صوت مزمار سيارة الأجرة،بسرعةٍ اتجهتا نحو الباب وهبطتا ذلك السلم الصغير نحو الأسفل حيث كان فاتح يقف أمام السيارة ينتظرهما، ركضت فريدة نحوه ليشير إليها بأن تصعد السيارة لتتحدث مريم إليه بعدها
-ستغادران الآن؟
-أجل، وجدتُ تذكرتين فى الحافلة القادمة بعد نصف الساعة.. ثم أضاف: هيا اركبى أنتِ أيضاً لنوصلكِ في طريقنا
-لا داعى، هيا اذهبا لكى لا تتأخرا ولا تقلق بشأنى.. ثم ألتفتت نحو النافذة الخلفية وقالت بابتسامة: اتصلى بى عندما تصلين تمام؟رافقتكما السلامة.
-إلى اللقاء.. قال فاتح بودٍ ثم ركب السيارة فى طريقهما لموقف الحافلات وسط نظرات مريم الحزينة..
..استعادت وعيها لتسلك هى طريقها المعتاد إلى كليتها..
.....................
دخل يوسف غرفة الطعام ليجد والدته تتناول إفطارها.
-صباح الخير أمى.. قال وهو يُقَّبِلُ كفها برقة ثم سحب كرسياً بجوارها وجلس عليه
-صباح الخير عزيزى، هل نمت جيداً؟
-تقريباً، أين قهوتى؟ لا أراها هنا
-لقد أعدتها توركان ولكنها بردت فسكبتها وقالت أنها ستنتظرك لتعد واحدةً جديدة.
-اه فهمت، لا مشكلة، صحيح أين أبى؟قال وهو يمدد ظهره على الكرسى
- غادر قبل قليلٍ، ولكن ألن تتأخر هكذا؟
-لا يهم، قال بهدوءٍ .. أنا أذهب باكراً منذ عدة أيامٍ ولا فرق، لذلك قررت أن أتناول فطورى كاملاً وألا أزعج نفسى بأى شىءٍ، وحتى أننى ....
أضاف وهو ينهض من الكرسى ... سأذهب لأساعد توركان فى المطبخ..
-ماذا يحدث له؟ قالت أمينة وهى تنظر فى عقبه بدهشةٍ.
.....فى المطبخ
كانت توركان تقطع بعض الخضراوات عندما أقبل يوسف عليها مبتسماً
-صباح الخير،ماذا تفعلين؟
-لا شىء، قلتُ أن أتسلى قليلاً حتى تأتى.. ثم قالت وهى تمد إليه الطبق الملىء بشرائح الجزر: هل تريد؟
..تناول الطبق منها وأخذ يأكل منه وهو يسند ظهره على أحد جدران المطبخ..
-إن شئت انتظرنى فى غرفة الطعام، هل تريد شيئاً آخر مع القهوة؟ قالت وهى تتجه لتملأ الآلة الخاصة بالقهوة
-لالالا انتظرى، قال وهو يوقفها،.. أنا سأصنعها..
-ولماذا؟ قالت باستغراب
-لأننى أشعر بالملل، سأساعدكِ قليلاً، وأنتِ أعدى لى البيض المقلىَّ فأنا جائعٌ جداً.
بدأ يضع القهوة بداخلها يشغلها وهو يدندن وعلى شفتيه إبتسامةٌ خفيفة وتوركان تراقبه بحَيْرةٍ..
..............................
..... وسط عدد كبيرٍ من الشباب المماثلين لها فى العمر، كانت تجلس محاولةً التركيز فى شرح الأستاذ، ولكن عقلها ظل منشغلاً بمشكلة صديقتها، شعرت بأحدٍ يهز كتفها، التفتت لترى سلمى تنظر إليها
-هيا لقد انتهت المحاضرة.
-حسنا. قالت مريم وهى تنهض وتحمل كتبها
-ما بكِ أنتِ شاردةٌ منذ الصباح؟
-والد صديقتى فى السكن مريض وأنا قلقة عليه، هيا تعالى نشرب القهوة لأستفيقَ قليلاً.
-أجل هيا بنا. نهضت هى الأخرى وارتدت حقيبتها.
........................
..خرج مراد من المكتب الذى أعده له والد يوسف، بعد ان أنهى وضع أشيائه وترتيبها بمساعدة إحدى الموظفات، سلك طريقه إلى مكتب صديقه ليقابل سكرتيرته-ليلى- التى نهضت فور رؤيته
-صباح الخير ليلى، هل يوسف فى الداخل؟
-صباح الخير مراد بيه، لا لم يأتِ بعد.
- غريب؛ وهل المدير يعلم؟
-أجل سأل عنه منذ نصف ساعةٍ
-هذا سيئ ..قال مراد وهو ينظر لساعته. تجاوزت العاشرة أين هذا المهمل.
-... هل تحدث أحدٌ عنى..؟
تدخل يوسف فى الحوار وهو يلوح لهما،بملابسه الأنيقة غير الرسمية، وعطره المميز الذى طالما كان له تأثيرٌ عميقٌ على من حوله، كان قد سرح شعره بعشوائية ليزيده وسامةً على وسامته،أقبل عليهما ثم لامس خد ليلى بأصابعه عابثاً وهو يقول: صباح الخير أيتها الجميلة..ثم غمز لها.. تبدين أنيقةً جداً اليوم
توردت وجنتاها إثر مغازلته اللطيفة واكتفت بابتسامة صغيرة، أما هو فاستدار الى صديقه ليصافحه
-لا أريد أن اقاطع دخولكَ الملكىَّ، ولكن والدك سأل عنك ويعلم أنك تأخرت.
-وماذا فى هذا؟ يعلم أننى لم أستيقظ باكراً أصلا، إن انتهت محاضرتك فأنا سأدخل مكتبى، تعالَ إن شئتَ، وأنتِ أيضاً يا ليلى تعالى.
دخل يوسف مكتبه وجلس على كرسيه واضعاً ساقاً فوق الأخرى،وجلس مراد على الكرسىّ المقابل له أما ليلى فوقفت بجوار مراد..
-ليلى لماذا تقفين؟هيا اجلسى.
-ماذا حدث فى المشروع؟اخبرنى.
-لا شئ.. قال بلا اهتمامٍ،.. لم أنهه ولا أنوى إنهاءه أصلاً.
-لماذا؟إن كنت انزعجت لما قلته لكَ بالأمس فأنا كنت أمزح، صحيحٌ هناكَ بعض الأخطاء ولكن يمكن إصلاحها، هيا وأنا سأساعدك.
-وأنا أيضاً أستطيع المساعدة. أضافت ليلى
-أُُُقَدِّرُ جهودكما لمساعدتى ولكن حقاً لا داعى فأنا لا أرغب بإكماله.
-أين ذهبت حماستك ألم تقل أنك لن تخسر أمام تحدى والدك؟
تنهد يوسف بهدوءٍ ثم قال: مراد،كلانا يعلم أن أبى لا يثق بى أصلاً، متأكدٌ أن كلَّف شخصاً آخر بنفس الأمر لأنه يعلم أننى لن أنهيه، لذا كفانا حديثاً فى هذا الموضوع ولا تعطلا نفسيكما لأجلى، اه ليلى،هل هناك أمر مهمٌ علىّ فعله اليوم؟
-لا، إن كنت لا تحتاجنى فسأخرج.
-تفضلى.. قال وهو يشير لها بالخروج
-انتظرينى.. قال مراد وهو يتبعها نحو الباب
.............................
جلست نيريمان فى أحد المقاهى تحتسى القهوة، تلقى نظرةً على ساعتها بين لحظةٍ وأخرى كمن ينتظر شخصاً
التفتت امامها مجدداً لتجد أن ضيفتها قد وصلت،
-لا أفهم لماذا تتأخرين دائماً؟
-لا أدرى، مهما استيقظت باكراً لا يمكننى الوصول فى موعدى.. قالت بيلين وهى تسحب الكرسى اامقابل لصديقتها...
-لقد انتظرتكِ كثيراً بالأمس ولم تأتى..
-أوف، حسناً فهمنا، لا تطيلى الموضوع أكثر
-لا يهم، كنت سأخبركِ أمراً غريباً حدث بالأمس..
-بشأن من؟ قالت وهى تشير للنادل ليأتى نحوهما..
-بشأن يوسف، كان يتحدث بغرابة
-وأنتِ تتحدثين بغرابة لم أفهم شيئاً.
-يتحدث عن واجباته نحو المجتمع وأنه يجب أن يكون ذا فائدةٍ وأشياء من هذا القبيل.
-يوسف،والمجتمع؟؟ قالت بيلين بسخرية.. الأمر الوحيد الذى يجيده خطيبكِ أنه يوقع نصف فتياتِ المجتمع فى حبه. ثم أخذت تضحك بشدة
-على فكرة أنا لا أمزح، حقاً أشعر أنه مختلفٌ منذ عدة أيام..
- إن كان هكذا فعلاً، فلا شك أن وراء هذا الأمر امرأةً ما
-لا أعتقد هذا،لا توجد أخبارٌ فى الصحف منذ عدة أيامٍ.
-إذن فقد تعلَّم أخيراً الاختباء من عدسات الكاميرا
-لا طاقة لدىَّ لتحمل مزاحك،سأتصل بمراد لأسأله عنه
..أخرجت هاتفها من حقيبتها وأجرت الاتصال..
-عزيزتى كيف حالك؟
-بخيرٍ، لم أزعجكَ أليس كذلك؟
-أبداً، تفضلى..
-هل أنهى يوسف مشروعه أم لا؟ هل اتصلت به اليوم؟ أنا لا اريد تعطيله
-يمكنكِ تعطيله كما تشاءين لأنه لا يفعل شيئاً فى الأساس.
-ماذا تعنى؟كيف لا يفعل شيئاً؟ قالت بدهشة لتنظر لها بيلين بابتسامة نصرٍ
-لا أدرى،فجأةً قرر أنه لا يريد العمل
-كان بالأمس يتحدث عن مسئولياته تجاه المجتمع.
-لا تصدقى هذا الكلام،خطيبكِ هذا لا فائدة منه.
-تمام، قالت نيريمان ومازالت ملامحها توحى بالدهشة.
..أنت تابع عملك، وأنا سأهاتفه فيما بعد
-كما تشائين،إلى اللقاء...
....اغلقت الهاتف لتلتفت إلى بيلين الغارقة فى ضحكاتها.......
............................................
-... وما إجابة هذا السؤال؟ قالت سلمى وهى تشير لأحد الأسئلة، وبيدها الأخرى تحمل كوباً من العصير.
-فى الصفحة الخامسة والثلاثين. ردت مريم وهى تفرك عينيها أسفل نظارتها الكبيرة
-تبدين متعبةً جداً،إن أردت يمكننا أن نرتاح قليلاً فنحن ندرس منذ الصباح.
-لا، لنتابع،مازال علىّ أن اذهب للعمل.
-كيف ستذهبين بهذه الحال؟خذى اليوم إجازة.
-ليطردنى ذاك المستبد فى الحال ، إنه يبحث عن فرصةٍ لطردى،وتعلمين أننى فى حاجةٍ لهذا العمل لذا لا تقلقى بشأنى،سأتدبر الأمر بطريقةٍ ما.
......................................
وصل مراد إلى مكتب يوسف ثانية..
-ليلى ماذا يفعل يوسف الآن؟
-يعبث في هاتفه منذ الصباح،سألته مراراً وتكراراً إن كان يريد المساعدة وطردنى فى النهاية.
-سأحاول معه ثانيةً،انتظرينى أنتِ.
طرق الباب ودخل ليجد صديقه واضعاً قدميه فوق المكتب وعلى ما يبدو يلعب بإحدى الألعاب الإلكترونية.
-ألن تكف عن المزاح؟هيا لنفكر معاً
-ألم تفهم؟لا أريد يعنى لا أريد،كف عن إزعاجى.
-يوسف،أنا أعرفك أنت لا تستسلم بهذه السرعة،إذا وضعت أمراً فى عقلك فستنفذه،هيا يا صديقى.
-وما الفائدة من التعب؟.. قال بنبرةٍ يائسةٍ ثم اعتدل في جلسته وتابع:يبدو أن هذه الأمور لا تناسبنى.
-لا تقل هذا،اسمع مارأيكَ أن تأتى الىَّ اليوم لنعمل معاً حتى الصباح؟يكون تجديداً من أجلك. خذ المفتاح وتعال متى شئت. مد يده إلى جيبه وأخرج مفتاحاً ثم وضعه على المكتب أمام يوسف..
-لا داعي أبقِ مفتاحك معك.
-لا،لقد صنعت هذا من أجلكَ أصلاً، هيا لا تعاند وتعال اتفقنا؟
-حسناً سأرى وأخبرك. قال يوسف بابتسامة مودعاً صديقه الذى غادر الغرفة..
استقل فاتح وفريدة سيارة الأجرة من محطة الحافلات متجهين إلى المشفى المركزىِّ بأزمير،وكأن الزمن توقف...،لا تصل هذه السيارة بأى شكل-هذا ما كان يدور بعقل فريدة-...
-ألا يمكنك أن تسرع قليلاً؟ قالت بصوتٍ مختنقٍ
-لقد اقتربنا أصلاً.. قال السائق وهو ينظر إليها من المرآة
-تمالكى أعصابكِ،سيكون بخيرٍ أنا متأكد،هيا اتصلى بمريم كانت قلقةً عليكِ.
أومأت له بهدوء وهى تخرج هاتفها ...
على الجانب الاخر حيث تجلس مريم فى المكتبة وهى تتابع الدراسة،يهتز الهاتف معلناً عن وصول مكالمة..
-فريدة،قولى لى شيئاً جيداً،كيف حال والدكِ؟
-لا أعلم،لقد وصلنا للتو إلى ازمير،أردت أن أخبركِ لكى لا تقلقى..
- تمام،وأخبرينى بعد أن تطمأنى عليه..
-مريم، أنا خائفة...،سيكون بخيرٍ أليس كذلك؟
-أجل سيكون بخيرٍ بإذن الله،فقط كونى قوية....
أغلقت فريدة الخط فى ذات الوقت الذى توقفت فيه السيارة أمام المشفى،فتحت الباب فى عجلة وركضت نحو الداخل،يعقبها فاتح الذى تأخر عنها ليدفع أجرة السائق،توقفا أمام مكتب الاستعلامات...
-لو سمحتِ، أريد الاستفسار عن سليم كايا،فى أى غرفة يبقى؟
-انتظر لحظة.. قالت الفتاة وهى تضغط بعض الأزرار فى الحاسب الموجود أمامها
-الا يمكنكِ ان تسرعى قليلاً؟ قالت فريدة بضيقٍ
-فريدة اهدئى أرجوكِ . قال لها فاتح بهمس
-السيد سليم ليس هنا،غادر المشفى هذا الصباح..
-هذا الصباح؟؟ كيف هذا؟
قالت فريدة بدهشة وهى تخرج الهاتف من جيبها وتلقى نظرةً على رسالة والدتها..
شكر فاتح الفتاة بلطفٍ وهو يتجه نحو الخارج مع فريدة التى ناولته الهاتف لتريه الرسالة مجدداً
-يعنى هل تحسن فجأةً وسمحوا له بالخروج أم ماذا؟؟أنا لم أفهم شيئاً..
-ولا أنا.. قال فاتح بريبة.. ولكن ثمة شىءٌ غريبٌ فى هذا الأمر، على كلٍ لنذهب للمنزل لنفهم ما يحدث..
.........................................
قادت نيريمان سيارتها الفضية عائدة للمنزل،وبالها مشغولٌ بأمر يوسف وتصرفاته الغريبة هذه الأيام،لا تنكر أن الشك يساورها بعض الشىء بشأنه خاصةً بعد كلام بيلين،بصعوبةٍ نفضت تلك الأفكار عن رأسها والتقطت هاتفها لتتصل به........
-يوسف كيف حالك اليوم؟
-بخيرٍ وأنتِ؟ قال يوسف بهدوء
-أنا فى طريقى للمنزل، وأنت ماذا تفعل؟
-لا شئ، أستمع للأغانى حتى وقت الانصراف...
-والرسم؟متى ستنهيه؟
-من أخبركِ؟ مراد أم ليلى؟ألم يقولا أننى لن أتابع العمل؟
-أنا من سألت، لا تغضب عليهما دون سبب،كما أننى لم أقصد أن أزعجك.
-وأنا أمزح معكِ أساساً،لست غاضباً لا تقلقى
-جيد. قالت بارتياح.. ماذا ستفعل الليلة؟
-لم أقرر بعد،ربما أذهب لمراد،أصرَ على أن أقضى الليلة عنده
-تمام أنت لا تشغل نفسك بشىءٍ وافعل ما تريد،وأنا سأتابع القيادة..
-كما تريدين، قودى بحذر،هيا إلى اللقاء....
..... أغلق الخط ثم أعاد تشغيل الموسيقى،أرجع رأسه للوراء ليعود إلى حالة الخمول التى يقضيها منذ الصباح،سمع صوت طرقاتٍ على الباب،أذن للطارق الذى كان مراد......
-تمام فهمنا أنك لا تريد العمل ولكن لا داعى لتشارك جميع الموظفين بالموسيقى التى تستمع إليها،أشفق على ليلى،لا شك أنها أصيبت بالصداع منذ الصباح.
-ماذا تريد هذه المرة يا مراد؟قال يوسف بعدم اهتمامٍ
-اقترب موعد الانصراف،هل أنتظركَ لنذهب معاً؟
-لا لا تشغل بالك بأمرى،اذهب أنتَ وأنا سألحق بكَ.
-كما تريد،وأطفأ هذا الشىء السيئ،ستصيبنا جميعاً بالصمم
-اخرج من مكتبى يا معدوم الذوق الفنىِّ،ما تسميه هذا الشىء يعد إبداعاً فى عالم الموسيقى.
قال يوسف وهو يشير له بلا مبالاة
-سأخرج أصلاً لأننى لست مستغنياً عن أذنىّ... قال مراد وهو يخرج ويغلق الباب..........
.............................
طرق فاتح وفريدة باب ذاك المنزل الكبير الذى تقيم به عائلتهما،انفتح الباب لتظهر من خلفه امرأةٌ تبدو فى أواخر عقدها الخامس، فريال كايا-وهى زوجة سليم ووالدة فريدة-،عانقت فريال ابنتها فور رؤيتها، والتى ما لبثت أن ابتعدت سريعاً لتسأل عن حال والدها
أما فاتح فقد انحنى يقبل كف هذه المرأة كما اعتاد..
-أمى، ذهبنا للمشفى وقالوا أن أبى غادر اليوم،ماذا حدث وأين هو؟
- فى الأعلى يرتاح،اذهبا لرؤيته إن شئتما.. قالت فريال بهدوء،لينظر لها فاتح باستغرابٍ قبل أن يصعد إلى غرفة عمه مع فريدة.....
............................
تابع الجلوس بشرودٍ فى مكتبه،عمد بيمناه إلى هاتفه ليطفئ الموسيقى،هى حقاً مزعجةٌ كما يقول مراد،انتقل بأصابعه إلى جهات الاتصال وأخذ يحركها فى محاولةٍ لإضاعة الوقت، ليتوقف عند اسمها،أخذ يتأمله ويستعيد فى ذاكرته قسمات وجهها وهى تحادثه ليبتسم بخفوت.
-ماذا تفعل الآن ياترى؟ قال محادثاً نفسه
نهض من مكانه ليصب كأساً من الماء الفاتر يروى عطشه-أو علَّه يروى بذرة ذاك الشعور الغريب التى نبتت بداخله-
ابتسم مجددا وهو يضع الكوب على المكتب ويخرج من الغرفة ليرى ليلى تجمع أغراضها...
-هل ستغادرين الآن؟ قال متسائلاً
-بعد قليل،تفضل هل تحتاج شيئاً؟
-أجل، هل تقدمين لى خدمةً صغيرةً قبل ذهابك؟
قال وهو يبتسم لها بلطفٍ..............
أنت تقرأ
مريم♥️... " قيد الكتابة والتعديل اللغوي"
Romance"...مريم -هذا على حسبِ ما تعلم-؛ ابنة الميتم؛ مجهولةُ الأصلِ...؛ أحلامها كانت أبسطَ من أى فتاةٍ فى مثلِ عمرها...؛ مجردُ شعورٍ -ولو لمرةٍ واحدةٍ بالدفء..- ...وإذا به يقتحمُ حياتها المبعثرةَ... ليقلبها رأساً على عقب؛ حلمٌ بالنسبةِ لكثيرٍ من الفتياتِ...