الفصل الرابع عشر... 4

181 25 6
                                    

..سارت مريم فى الحديقة بحثاً عنه، لتراه واقفاً مع بيرى، وبرفقتهما طفلةٌ أخرى قصيرة القامة إلى حدٍ ما، سارت نحوهم وفى داخلها قد تعرفت إلى هوية تلك الصغيرة، وما إن اقتربت منهم أكثر حتى هتفت باسمها: زينب....، التفتت الصغيرة نحوها وبسرعةٍ قفزت تحتضنها بحرارةٍ....
-لقد صرتِ كبيرةً جداً يا عزيزتى، هل تعلمين كم اشتقتُ لكِ؟
-وأنا اشتقتُ لكِ كثيراً كثيراً....
....وقف يوسف يراقب المشهد بسعادةٍ، كم تعجبه رؤية مريم تضحك من قلبها، عندما تضحك تزداد جمالاً هذه الحورية، ظل يراقبهما إلى ان شعر بكفٍ ثقيلةٍ على كتفه، التفت إلى الخلف نحو صاحب الكف....
-ذلك الرجل العجوز ذو الملامح الغاضبة-، قطب يوسف حاجبيه بعدم فهمٍ، ليبادره ذلك الرجل بقوله: من الأستاذ؟ من سمح لكَ بالدخول لهنا؟...
-لم أفهم...
-ما الشىء غير الواضح؟ ثم التفت إلى تلك المجاورة له وقال: بيرى ابنتى، ماذا يحدث هنا...؟
-لحظة أنا من يسأل ماذا يحدث هنا؟  قال بحيرةٍ؛ ثم ما لبث أن شعر بضربةٍ على ذراعه، التفت نحو بيرى التى قالت له بهمسٍ: غير مسموحٍ بدخول الرجال إلى هنا، خاصةً إذا كانوا صغاراً فى السن و وسيمين مثلكَ تماماً...
ولماذا لم تقولى منذ البداية؟...
-ومن أين لى أن أعلم أنكما لم تقابلاه عند البوابة؟...
-أجل أنا أنتظر توضيحاً هنا....
-...أه سأشرح لكَ، الأمر كالتالى....
-عمى كمال، أنا مريم..، اشتقت لكَ كثيراً...     التفت العجوز نحو مصدر الصوت، وسرعان ما ارتسمت على وجهه الملىء بالتجاعيد ملامح الفرحة، خاصةً عندما اقتربت منه مريم مقبلةً كفه برفقٍ..، وبدوره قام هو بالتربيت على رأسها بلطفٍ وهو يقول: طبيبتنا الجميلة، مضى زمنٌ طويلٌ..
...حاول يوسف استغلال انشغال ذلك الرجل مع مريم ثم خطا خطواتٍ قليلةً مبتعداً عن مكان وقوفهم ليوقفه صوت الرجل: أنتَ قف مكانكَ هنا، ما زلتُ سأستجوبكَ...
-لماذا يعاملنى كأننى مجرمٌ هاربٌ؟..
-عمى هذا صديقى وقد جاء معى، لا تقلق بشأنه كما أن المديرة تعلم بوجوده....   قالت مريم موضحةً ليبتسم يوسف ويقول مؤكداً: رأيتَ؟ لا يوجد أى مشكلةٍ بشأنى، كما أننى شابٌ مهذبٌ جداً ولن تشعر بوجودى حتى....
-بغض النظر عن هذه النقطة، أنتَ دعكَ منه يا عم...
-إذا كنتِ تقولين هذا لا مشكلةَ...  قال الرجل بقلة حيلةٍ..، بينما أخذت مريم تنظر حولها وقالت: لم تتغير الحديقة كثيراً....
-أنا أحاول العناية بها قدر المستطاع ولكن لم أعد استطيع فعل الكثير...
-الحديقة واسعةٌ جداً ولكن ينقصها بعض الألوان، مثلاً لو تزرعون الأقحوان فى هذا الجانب سيكون جميلاً....
-أنتَ أيضاً تحب الأقحوان مثل مريم...  قالت بيرى وهى تلتفت نحوه
-الأمر مثل العدوى تقريباً، ولكن حقاً ستكون جميلةً جداً...
-أين ذهب البالون؟ صدح صوت تلك الصغيرة وهى تنظر حولها بتوترٍ...
-كان بيدكِ قبل قليلٍ يا عزيزتى، لا شكَ أنكِ أفلته وأنتِ تسلمين على مريم....
أخذوا ينظرون حولها بعشوائيةٍ بحثاً عن بالون الصغيرة إلى أن....
-...ها هو، إنه عالقٌ بذلك الغصن...   قالت مريم وهى تشير إلى احد أغصان تلك الشجرة الكبيرة التى تتوسط الحديقة...
-إنه بعيدٌ، انسى أمره يازينب سأحضر لكِ غيره...  قالت بيرى وهى تربت على كتفها..
-ولكن هذا أحمر... أريده...
-وأنا لا أستطيع احتمال دموع أى فتاةٍ أبداً، سأحضره لكِ، وبعدها سنذهب لإحضار المزيد بنفس اللون الأحمر، اتفقنا؟  قال وهو يغمز لها بعينه ثم اقترب من الشجرة...
-هل تستطيع تسلقها؟
-بالطبع، أنا خبيرٌ فى الأمر، حتى أنكِ ستشعرين أنى طرزان بسبب احترافى فى تسلق الأشجار....
قال بنوعٍ من الغرور ثم اقترب وبدأ يصعد تلك الشجرة العالية...
-ما هذا؟ الأمر أصعب مما تصورت...، كيف يفعلونها فى الأفلام بسهولةٍ...؟     تابع الصعود ببطءٍ؛ عينا مريم تراقبانه وهى تقول: يوسف انزل لا داعى...
-لا تقلقى، أنا وعدتُ زينب بإحضارها وسأفعل....    بالكاد تمكن من الوصول إلى الأعلى، مد ذراعه ولكن الغصن ما زال مرتفعاً عليه، لذا لجأ إلى إسناد ساقه على غصنٍ أعلى...
-...ها هى   هتف بحماسةٍ وهو يقبض بأصابعه على الخيط المتدلى من البالون، ثم بدأ يفكر فى طريقةٍ للنزول....
-...بسيطة، كما صعدتُ تماماً، من الجيد أننى ذكىٌ....   ابتسم ثم حرك ساقه ليهبط على الغصن الأقل ارتفاعاً؛ ..... بضع سنتيمتراتٍ شكلت فرقاً؛ جعلته ينقل ساقه نحو الفراغ وليس نحو الغصن...، ونظراً لعدم خبرته فى تسلق الاشجار كان فقدانه التوازن هو النتيجة المتوقعة....، ليبدأ جسده فى التهاوى نحو الأسفل؛ على هذا الارتفاع غير القليل، وسرعان ما اصطدم بالأرض.... 
-يوسف.....  صوت صراخ مريم كان آخر ما وصل لمسامعه؛ قبل ان تستحيل الصور المشوشة أمام عينيه ظلاماً حالكاً، ليستسلم هو بضعفٍ فاقداً للوعى...
................ .. .............. ... ........................

مريم♥️... " قيد الكتابة والتعديل اللغوي"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن