الفصل الثالث

478 40 11
                                    

فتحت مريم عينيها ببطءٍ إثر ضوءٍ خفيفٍ من النافذة، نهضت لتبدأ استعدادها للخروج، ارتدت قميصاً باللون الوردى وبنطالاً من الجينز الأزرق، جلست أمام مرآتها الصغيرة تمشط شعرها الطويل، وكعادتها...جمعته على شكل ضفيرة تاركةً بعض الخصلات بعشوائية على جبهتها ثم عقدت شريطةً وردية اللون على رأسها ليكتمل بذلك استعدادها.
خرجت من غرفتها نحو المطبخ
-صباح الخير
-صباح الخير يا مريم، كم تبدين جميلةً اليوم
-شكرا لكِ .قالت مريم بابتسامةٍ. ماذا ستفعلين اليوم؟
-لا شىءَ جديد، سأذهب للعمل ثم اشترى شيئاً لنعده فى العشاء وأعود، وماذا عنك؟
-سأذهب للجامعة ثم العمل وأعود
-ما حياتنا المملة هذه؟ متى ستدخل المغامرات لبيتنا الصغير؟
-من يدرى؟ ربما قريبا....
-حسناً اسمعى هذا، اليوم ستواجهين مغامرةً جميلةً وممتعةً، أنا متأكدةٌ....
-وما الذى يجعلك متأكدةً هكذا ؟
-لا أدرى ولكننى متأكدةٌ، وسنرى عندما تعودين
ابتسمت لها مريم ثم انطلقت مغادرةً نحو جامعتها
***************************
نزلت أمينة الدرج ودخلت المطبخ
-صباح الخير توركان، هل الفطور جاهز ؟
-أجل سيدتى، تفضلى لغرفة الطعام
-هل يمكنكِ إرسال أحدٍ لإيقاظ يوسف بسرعة قبل أن يأتى والده؟...
-ولكن ... يوسف بيه غادر منذ مدةٍ
-ماذا؟ من غادر؟ يوسف!!!!! ابنى أنا؟كيف؟؟؟
-لقد نهض باكراً وقال أن لديه عملٌ كثيرٌ
قالت توركان وهى تتجه مع أمينة لغرفة الطعام ثم وضعت أكواب الشاى على المائدة ليقاطع حوارهما دخول صالح
-صباح الخير، طبعاً السيد الصغير لم ينهض حتى الآن
-لقد غادر باكرا هزت أمينة رأسها بالنفى
-ليس وقت المزاح، هيا أيقظيه لكى لا نتأخر
-لا أمزح، حقاً غادر باكراً، على حد قوله لديه عملٌ كثيرٌ
-هل تريدان إقناعى أنه استيقظ وحده؟؟
-وأنا أيضاً اندهشت مثلك، هذه خطوةٌ جيدةٌ
-تقصدين خطوةٌ مريبةٌ ومقلقةٌ...
**************************************
دخلت نيريمان لغرفة الجلوس لتجد والدها يحتسى كأساً من الشاى
-صباح الخير يا أبى
-صباح الخير صغيرتى، ماذا تريدين أن نفعل اليوم؟
-أى شىءٍ، المهم ان تكون معى هذا يكفينى.... ابتسمت بطفوليةٍ وهى تجلس بجواره وتعانقه بقوةٍ
-ما رأيك إذن بجولة للتسوق؟؟
-ممكنٌ، انتظرنى سأبدل ملابسى واعود إليكَ بسرعةٍ.......
............................................................
صف يوسف سيارته أمام الشركة ثم سلم المفتاح للعامل وسط دهشةٍ من الثانى
-صباح الخير يوسف بيه، أنت مبكرٌ اليوم
-كما تعلم أنا مهمٌ فى هذه الشركة وقررتُ أن أحضر باكراً اليوم؛ لينظر له ذلك العامل باستغرابٍ فابتسم يوسف
-لا تهتم أمازحك، هيا إلى اللقاء....
دخل وسط أنظار الجميع المليئة بالدهشة
-لماذا استغربوا لهذا الحد؟؟؟
وصل لمكتبه وألقى التحية على مساعدته-ليلى-.
-صباح الخير لأفضل ليلى في العالم، تفضلى علبة الشوكلا هذه لكِ؛ عليكِ أن تشعرى بقيمتكِ عندى فأنا لا أقدم الشكولاتة لأى أحدٍ
-شكراً جزيلاً لكَ لم يكن هناك داعٍ ولكن ...
- أجل أجل أعلم أنا مبكر على غير العادة ، أحاول أن أصبح شخصاً مسئولاً، وأحتاج مساعدتكِ طبعاً
-فى أى وقتٍ. قالت وهى تلتقط العلبة من يديه بابتسامةٍ...
************
أنهت مريم محاضراتها ثم اتجهت لمحل الكتب، دخلت وألقت التحية على المدير
-اليوم أريد منكِ ترتيب الرفوف الجانبية كلها
-كلها؟ ولكن.....
-إن كان العمل لا يعجبكِ اتركيه، أنا لا أجبرك
-لم أقل شيئاً، سأفعل قالت مريم وهى تنظر له بضيقٍ
...................
جلس يوسف فى مكتبه يحاول الرسم، شعر بالملل وأخذ يزفر بانزعاجٍ واضحٍ، نهض من مكانه وأخذ يتجول ذهاباً وإياباً فى الغرفة إلى أن خطر أمرٌ على باله فأمسك هاتفه
-يوسف بيه تفضل. قالت الفتاة بعد أن طرقت الباب ودلفت للداخل.
-أحتاج مساعدتكِ فى شىءٍ، هل تحضرين لى باقةً من الأقحوان ؟ ولتكن كبيرةً
-كما تريد قالت الفتاة بدهشة.
....................
وصل يوسف لمحل الكتب ، نزل من سيارته وأخذ ينظر حوله يفكر ماذا سيفعل إلى أن رأى طفلاً صغيراً
-أيها الصغير هل تقيم فى هذه المنطقة ؟
أومأ الطفل له برأسه
-إذن هل تعرف الآنسة التى تعمل فى هذه المكتبة؟
-تقصد مريم؟ أعرفها إنها فتاة لطيفةٌ دائماً تقرأ لى القصص
-حسناً احتاج مساعدتك هيا اقترب سأقول ...........
فى تلك الأثناء كانت مريم منهمكةً بترتيب الكتب
-مريم، مريم .......
-أجل يا صغيرى ماذا تريد ؟
-هذه لكِ مد يده لها بباقةٍ عملاقةٍ من الأقحوان
-لى أنا؟ممن؟ نزلت من فوق السلم الصغير الذى تستعمله للوصول للرفوف العليا وتناولت الأزهار منه
-من أعطاك إياها ؟
-لا أعرفه، إلى اللقاء ثم ركض بسرعة
-انتظر قليلاً..... قالت محاولةً إيقافه ولكن دون جدوى..
نظرت للأزهار بدهشة ثم وضعتها على الطاولة لتتابع العمل، صعدت السلم وهى تحمل أربعة مجلداتٍ كبيرة ، التفتت مجدداً تنظر لتلك الأزهار بحيرة
-من أحضرها ياترى ؟؟
-هل أعجبتكِ؟
نظرت نحو مصدر الصوت لتراه مستنداً على الباب
-أنت مجدداً ؟؟؟ ماذا تريد منى ؟؟
همت بالنزول لتتشاجر معه ولكن! اهتز السلم إثر حركتها السريعة فسقطت بما تحمله من كتبٍ وسقط السلم بعدها
لحظاتٌ سريعةٌ؛ ليس من الصعب على أحدٍ تخيل ما حدث، فتحت عينيها بعد ثوانٍ قليلة لتجد نفسها على الارض وحولها تلك المجلدات، أما السلم فكان معلقاً في الهواء، يدٌ قويةٌ ثبتته ومنعته من الوقوع فوقها
-مريم، هل أنتِ بخيرٍ؟ قال يوسف بقلقٍ وهو ينحنى على الأرض بجانبها بعد أن وضع السلم جانباً
أومأت رأسها، مد ذراعيه نحوها معانقاً كفيها بكلتا يديه ليساعدها على النهوض،تجاوبت مع حركته البطيئة، وما إن لامست قدماها الأرض حتى تغيرت ملامحها.
-ماذا حدث؟
-قدمى.. تؤلمنى.. قالت بصوتٍ مُجْهَد
-انتظرى، قال وهو يحيط ظهرها بإحدى ذراعيه، نظرت إليه بريبةٍ، ربما لأنها أدركت ما ينوى فعله، بلطفٍ دفعته بكفها لتبعده عنها
-ماذا تفعلين؟
-بل أنت ماذا تفعل؟
-أليس واضحاً؟ أحاول المساعدة.
-لا داعى،أستطيع السير وحدى.. تركت كفه وتحاملت على نفسها حتى استطاعت الوصول لأقرب كرسى..
أخذ يراقبها بصمتٍ حتى جلست ثم اقترب منها
...كانت تفحص قدمها المتورمة وتحاول تدليكها
- أنا آسفٌ، حدث بسببى ... قال بنبرةٍ نادمة. -ألم أقل لكَ ألا نلتقى ثانيةً؟ لا نلتقى إلا وتحدث كوارثٌ
-لا لا تتشاءمى، أشعر أن لقاءنا القادم سيكون رائعاً
-القادم؟ شكراً لا أريد، ماذا سأفعل الآن ؟ سيأتى ذاك المزعج ويصرخ في وجهى
-لماذا ؟ لم أفهم
-لأنه قبل أن تتفضل حضرتك بالمجىء كنت أرتب تلك الرفوف، لن أستطيع المغادرة قبل أن أنتهى
-حسناً، لدى الحل....قال وهو ينزع سترته ويضعها بجوار مريم؛ أنا سأرتبها
-لم أقصد هذا، أنا سأفعل... قالت بارتباكٍ.
-قلتُ سأرتبها أنا، كما أننى لستُ قصيراً مثلك ولا أحتاج هذا السلم، فقط أخبرينى بالأماكن وأنا سأضعها
قال وهو ينظر لها بابتسامة ثم أعطاها هاتفه
-....ماذا ؟
-ستجدين كثيراً من الأغانى عليه، اختارى ما تحبين، الجو مملٌ هكذا.....

" الحب طائر جامح ... أحيانا لا تستطيع إمساكه ولو أردت ... هيا افتح تلك الأبواب المغلقة ....
اترك مخاوفك لتبقى خلفك
ولنكن معاً حتى النهاية ....
أن اكون بقربك كل صباح ... وأكون وميض عينيك ...
ويرتبط عمرى بعمرك
دعنى أضيع معك ......"

مريم♥️... " قيد الكتابة والتعديل اللغوي"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن