كأنَ الأمر أشبه بأن تقف في منتصفِ غرفةٍ، ولا يسمح لكَ بالاستناد على أي شيءٍ"
فرانز كافكا..الحياة.. مليئةٌ بالمتاهاتِ، بالتحدياتِ والمغامراتِ، والكثيرِ من المصادفاتِ..، وهذه إحداها على ما يبدو.
لا ليست كذلكَ، ربما الأقربُ أن نسميها مُعجزةً..استغرق الأمر منه لحظاتٍ ليست بالقليلة ليعود مجددًا إلى أرضِ الواقعِ، حيث الفتاتينِ تناديانِ عليهِ منذ فترةٍ دون أن يمنح أيًا منهما جوابًا، ما هذا الذي يحدثُ هنا؟
-يوسف هل أنتَ بخيرٍ؟
شعرَ بكفها يلامس ذراعه بلطفٍ، هز رأسه محاولاً العودة إلى وعيه ثم أجاب اختصارًا: بخيرٍ، لقد تأخرتُ سأغادر..
تصبحانِ على خيرٍ..هو ليسَ مستعدًا للحديثِ مع أي منهما الآنَ، يحتاج أن يستوعبَ هو الموقف أولاً...
-ما به؟ كانَ بخيرٍ قبل لحظاتٍ.. تساءلت نيريمان مندهشةً، فيما مريم ما زالت تنظرُ في عقبه..
بدا شاحبًا أكثر من الطبيعي..
كان يقود سيارته شاردًا وسط هذه الظلمات، من الجيدِ أن الطريقَ فارغٌ من أي سيارةٍ أخرى وإلا لما أمكنه الوصول إلى الفندق بأمانٍ..
...ألقى بثقل جسده على الفراش بإهمالٍ مثبتًا بصره على نقطةٍ في الفراغِ..
هذه الحكاية التي روتها نيريمان على مسامعه، لقد استمعَ إلى تتمتها من قبلِ..
كتلكَ المكعباتِ التي اعتاد العبثَ بها في صغره، يجمعها سويًا لتشكلَ صورةً كاملةً..
وهي الحقيقة..أ هذا الترتيب المذهل للأحداثِ، هو محض مصادفةٍ؟
............................................................
جلست شاردةً في المقعدِ الخلفي من هذه السيارة حديثةِ الطراز -سيارة نيريمان-، تراقبُ طريق العودةِ من النافذةِ..على حسبِ ما قال مراد فإنه لم يجده حينَ استيقظ صباحًا، موظف الاستقبال قالَ أنه خرج في الصباح الباكر.. ربما كان الوقت قد قارب الفجر، وتركَ رسالةً مفادها بأنه خرج عائدًا إلى اسطنبولِ.
أجل هو يتصرف بغرابةٍ عادةً، إلا أنه لم يكن يبدو بخيرٍ ليلةَ الأمسِ، شيءٌ ما قد حدثَ لا يعلمه أحدٌ..
-مريم هل أنتِ بخيرٍ؟ وصلها صوت فاتح الجالس أمام عجلة القيادة، يرمقهما بقلقٍ عبر المرآة الأمامية.
اومأت له مجيبةً: بخيرٍ.. لم أنم جيدًا.
تتحدث نيريمان بينما استدارت للخلفِ نحوها: يوسف يتصرف بعشوائيةٍ هكذا دائمًا، أحاول القول أنه لا علاقة لمشكلتكما بموضوع رحيله المفاجئ هذا.
-أنا فقط قلقةٌ لأنه لم يكن بخيرٍ، و.. تابعت بشيءٍ من الحرجِ: لم أكن أرغب في إزعاجكما في طريق العودة..
-ما هذا الكلام يا عزيزتي أي إزعاجٍ؟ لا تقولي هذا ثانيةً، ولا تعتبري أنه غادر وترككِ عن قصد يوسف حقًا لا يجيد التفكير في ما يفعله.
-وإن كانَ كذلكَ.. تابعت بلا اهتمامٍ: حقه، هو ليس مجبرًا على فعل أي شيءٍ من أجلي.
كان يراقبها بينَ فينة وأخرى بنظراتٍ خاطفةٍ عبر المرآة، عاد يتحدثُ مرةً أخرى: ألم يحن الوقت لأن تفصحي عن سببِ ترككِ المفاجئ له؟
..أجل أعترفُ أنني لم أكن من مؤيدي هذه العلاقة منذ البدايةِ، ولم أكن أثق بيوسف ولو قيد أنملة..
ولكنه أثبتَ أنه كان صادقًا تجاهكِ، لا أريد أن أتدخلَ بينكما لكن أنتِ من تبدينَ في صورة المخطئةِ الآنَ
وإن كان غير صحيحٍ..
هل هم في حاجةٍ إلى تذكيرها في كل لحظةٍ كم كانت حقيرةً معه؟
ألا يكفيها ما تعانيها هي بنفسها؟
" أرغب في عزلةٍ تخلو من التفكير، أكون فيها وجهًا لوجهٍ مع نفسي"
فرانز كافكا...
*****************************************
السابعةُ وخمسٌ وأربعون دقيقةً، عادةً ما يكون نائمًا في مثلِ هذا الوقتِ...
يبدو أن النوم سيجافي جفونه في الفترة القادمةِ..
كان جالسًا في مكتبه يعبثُ في لوحته الجديدةِ، محاولاُ الوصولَ إلى فكرةٍ مختلفةٍ؛ فهذا المشروع على حسب ما يذكرُ هو أهم صفقةٍ للشركةِ في الوقتِ الحالي..
من الواضح أن والده صار يثق به هذه الأيام؛ بما أنه ترك عملًا كهذا بين يديه، المشكلةُ هنا فقط...
أنت تقرأ
مريم♥️... " قيد الكتابة والتعديل اللغوي"
Romance"...مريم -هذا على حسبِ ما تعلم-؛ ابنة الميتم؛ مجهولةُ الأصلِ...؛ أحلامها كانت أبسطَ من أى فتاةٍ فى مثلِ عمرها...؛ مجردُ شعورٍ -ولو لمرةٍ واحدةٍ بالدفء..- ...وإذا به يقتحمُ حياتها المبعثرةَ... ليقلبها رأساً على عقب؛ حلمٌ بالنسبةِ لكثيرٍ من الفتياتِ...