#الجزء_خمسة_واربعون
في تلك البقعة التي شملت أجساداً كثيرة تحت تربتها ، منها احبائنا ومنها أناساً ابغضتها قلوبنا من فظتها بسبب سوء أعمالها ، ومنها من كان يركض ركض الوحش في البرية خلف المال لإشباع نفسه التي لم تشبع إلا إذا سفْت التراب سفا ، ذهب وترك خلفه كل أمواله ، لم يتمتع بها للحد الذي صوره له عقله ، بل يتحاسب عليه الآن ، من أين كسبه ؟ وفيما أنفقه ؟
كانت قدميه سير لوحدها ببطئ اتجاه ذلك القبر الذي يحوي ابيه بداخل أضلعه ، بجانبه توجد صبارة خضراء حيوية يبدو أنه هناك من يعتني بها لتظل تسبح علي روح ذلك الميت ، الذي فني الحياة وترك كل شئٍ خلفه ، لم يتبقي له سوي عمله الصالح وابنًا بارًا يدعو له .
جثي محمد علي كربته بألم وهو يري قبر أبيه غير مستوعب ما وصل إليه ، هتف بصوت متحشرج وقد غمغمت دمعة حارة علي عينيه :
" ماكنتش عامل حساب اليوم اللي ه اجي ازور فيه قبرك يا غالي "
صمت قليلاً وقد زادت الغمامة وصوته أصبح أكثر بحًا ، ابتلع غصة مريرة بألم ، ألم يقبض علي قفصه الصدري :
" مشيت بدري اوي يا بابا .. انا اسف .. اسف لربنا .. انا مش معترض علي قدره .. بس غصب عني وحشني حضنك اللي اتحرمت منه اربع سنين في الغربة "
مسح دموعه بأطراف أنامله بألم وهو يجلس علي الارض مستندًا برأسه علي قبر أبيه :
" الغربة اللي اجبروني عليها عيلة نصار "
فرت دمعه حارقة من عينيه وصوته أشبه بالبكاء هاتفًا بحرقه :
" اخدوك مني بكل جبروت .. اتحرمت منك اربع سنين .. ولما قولت الحمدلله راجعلك ومش هبعد عنك حضنك تاني .. لقيتك انت الي سبتني يا والدي "
بكي ، نعم بكي ، وما ادراك من بكاء الرجال وهو يقول بألم ، بقهر ، بحزن :
" كنت استنيت ساعه واحدة بس "
ثم خرجت منه "اااااااااااة" متأملة بحرقة وهو يكمل بنبرته المنكسرة :
" ساعه واحدة يا بابا .. اودعك فيها .. اتدفي في حضنك .. اقولك قد اي انا بحبك وقد اي انت واحشني "
خرجت منه " اااااااااااااة " آلمة وهو يقول برجاء منكسر وصوت مشروخ :
" ماكنتش طمعان غير في ساعه واحدة بس يا والدي .. انا تعبان اوي .. تعباان .. حاسس أنه روحي بتخرج مني بالبطيء "
اعتدل من جلسته ثم اتكأ بظهر رأسه علي قبر أبيه هاتفًا :
" حاسس أني لو ولعت في الدنيا دي كلها مش ه تطفي النار اللي قايدة جوايا "
ثم اعتدل وجلس في مقابل القبر وكأنه يحادث أبيه بالفعل :
" بس انا خلاص قررت اجيب حقكك .. وبدأت مسيرة انتقامي .. اوعدك يا والدي ارجعلك حقك منهم كلهم واولهم عادل نصار والكلب ابنه "
أنت تقرأ
خاطفي | My Kidnapper
Romanceاستيقظت علي صوت هادئ يتلو بعض آيات القرآن الكريم ، بث في قلبها بعض الامان ، لا تعلم لما تذكرت والدها وظنت أنه هو من يتلو القرآن . اعتدلت من نومها وأخذت تنظر في أرجاء الغرفة تتذكر ماذا حدث ، لحظة ، اثنان ، ثلاثة ، اختطاف ، خوف ، ذعر ، اعتداء ، شماتة...