الفصل الثامن والثلاثون - الموعد الأول

265 10 9
                                    

الموعد الأول

ليتني أمتلك آلة وأعود بالزمن إلى الوراء. إلى حيث لا أعطي لحسام فرصة ليلمحني معه.

كتمت شهقة مصعوقة وهو يطالعني مصدوما. سحبني من يدي وجرني بعيدًا عن الأعين حتى وصل بي مكانا قريبا من الطريق المؤدي إلى الصالة الرياضية، توقف عن المسير وأفلت يدي بخشونة.

تحسست معصمي موضع الألم، وقد ملكتني أحاسيس مختلطة من الغضب والذعر في آن، ثم هاجمني بسؤاله:

" ماذا بحق الجحيم يفعل ذاك بتقبيل يدك؟"

أشرت له بيدي ليسكت وأنا أتفحص المكان رعبا وقلت:

" شششش! أخفض صوتك... الأمر ليس كما تتخيل"

أجابني حانقا:

" إذن فسري؟ هل يبتزك؟ هل يرغمك على فعل أشياء لا تريدينها؟ قولي حتى أتصرف معه، آه! لا أستطيع سأبلغ عنه السيدة استبرق"

صرخت فجأة:

" لاااااا!"

وقبضت على ذراعه بسرعة أرجوه بقولي:

" توقف أرجوك! هو لا يستغلني، أنا.... أنا أنا أحبه!"

تسمر موضعه وهو ينظر نحوي مشدوها، كان يعلم سابقا أنني معجبة به لكنني لم أفصح أبدا عن شعوري تجاهه حتى هذه اللحظة، تابعت بصوت متحشرج ضعيف:

" أرجوك لا تؤذه! لا ذنب له! أنا أرغمته على هذه العلاقة.... لأنني ... أحبه حبًا جمًا"

صرخ بي فجأة:

" كفى! لا تقولي المزيد!"

سحب ذراعه من قبضتي وسار غاضبا مبتعدا عني. غلفني شعور سيء بالذعر والهوان والشفقة عليه كل في وعاء واحد يكاد ينفجر لولا تماسكي المزعوم. أحسست أنني على وشك التقيؤ فأسرعت الخطى نحو المراحيض لأفرغ كل الهيجان المستعمر بي وسط دموعي وصرخاتي المكتومة.

تنبهت إلي بعض الطالبات وقمن باستدعاء السيدة فاتن لي التي أصرت علي أن أستريح في غرفة الممرضة حتى تهدأ حالي.

استلقيت في الفراش وذرفت الدموع.. بكيت قهرا.. فالشمس التي أنارت فجأة في حياتي قد انكمشت مجددا وعدت إلى مشاعري السابقة من الاختناق والوحدة، خشيت من ردة فعل حسام، ماذا يمكن أن يفعل؟ كيف سأتصرف الآن؟ هل أبوح بشيء للأستاذ آدم؟ أم أحاول التحدث مع حسام مجددا؟ احترت فيما علي فعله فانغمست في مزيد من البكاء.

عدت إلى الغرفة الصفية مع بدء الحصة الأولى، وجلست في مقعدي متجنبة النظرات الفضولية نحوي بسبب تورم عيني بشكل ملحوظ. ثم وكأني لمحت بعض النظرات القلقة في عيون صديقاتي السابقات أو هكذا خيل إلي. ألقيت نظرة نحو حسام لكنه تجاهلني تماما وهو ما يزال يحمل ملامح متفجرة بالغضب.

جاء موعد الاستراحة وتجنب حسام الجلوس معنا اليوم مما أثار التساؤلات من قبل الباقين، سألني أحمد بقلق:

وللحب بقيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن