الفصل التاسع والثلاثون - الحقيقة

255 9 4
                                    

الحقيقة

رفعت سمية بصرها نحو السقف ونظرة البلاهة لا تغادر محياها، ثم قالت:

" إذن هذا ما قصده عندما لمّح لي أمام جدتي أنك تنتظرين مني رسالة عن درس اللغة الانجليزية؟ لم أفهم مقصده ظننته يريدني أن أراجع درسا لك لهذا أحضرت معي الكتاب"

لم أقابل في حياتي كلها من هي أشد سذاجة من هذه البنت، كم هي غبية! يصدمني فعلا أنها متفوقة في المدرسة، وبالذات مدرسة حكومية.

وبختها قليلا، حسنا كثيرا، ووجهت لها عتابا مستميتا على غبائها. ثم وجهت تركيزي مجددا نحو المرآة وأنا أضفي اللمسات الأخيرة من الماسكرا. حينها سألتني سمية بفضول:

" لم تقولي لي، لماذا أصر عمك أمير على اصطحابكم معه إلى الوليمة التي دعاه إليها والد حبيبك؟"

أشرت لها بإصبعي لتخفض صوتها قائلة:

" لا تقولي حبيبي بصوت مرتفع! هل تريدين أن تسمعك أمي؟"

اعتذرت مني محرجة ثم أجبتها:

" شعر عمي وجدي بالخجل لذهابهما وحدهما. وبيت أهل الأستاذ آدم لا يتسع لكل أعمامي وعائلاتهم. لذا طلب عمي أن نرافقه نحن، لأنه يريدني أن أتعرف على دانا أكثر وأصبح صديقتها مبررا أنني المفضلة لديه، وأن صداقتي معها مهمة له"

هزت رأسها وهي جالسة على طرف سريري ثم سألتني:

" لماذا تنعتينه بالأستاذ؟ ألستما تتواعدان؟ يعني لا داعي للألقاب"

احمر وجهي خجلا وبررت لها بأنني لم أجرب أن ألفظ اسمه إلا مقرونا بلقبه، وأن هذه الخطوة جديدة علي وأحتاج وقتا لأعتاد على وجوده في حياتي كحبيب وليس كأستاذ.

تفقدت مظهري للمرة الأخيرة أمام المرآة وارتديت حقيبتي ثم ودعت سمية ونزلنا إلى مدخل العمارة بانتظار عمي وجدي ليقوما بتوصيلنا معهما إلى بيت أهل الأستاذ آدم. بينما قلبي يخفق بجنون لأنني سأراه هناك.

استقبلتنا زوجة والده، السيدة بثينة، استقبالا حارًّا وأرشدتنا للجلوس في الصالة التي أقيم فيها الفرح سابقا. وهذه المرة كانت الصالة مفروشة بالأرائك والتحف التي تمت إزالتها سابقا من أجل الحفلة.

حيّانا والده وابنه أسامة هناك وبادرا باستقبالنا، وما لفتني في هذه العائلة أن رجالهم يقومون بإلقاء تحية شفوية للنساء وبالعكس. على غرار ما اعتدتُ عليه في عائلتي، مما يثبت أنهم أشخاص محافظون وملتزمون أكثر من مجتمعنا.

أقبلت زوجة أسامة وألقت علينا التحية وأرشدتنا إلى المجلس. استرحنا جميعا وبدأ والده بالسؤال عن الحال حتى انتهى بهم المطاف جميعا بتجاذب أطراف الكلام. أما أنا فكنت شاردة وأنا أفكر فيه، أين هو؟ ألن يأتي اليوم؟ اشتقت إليه. ربما رفض المجيء أو لديه عمل ما.

وللحب بقيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن