الفصل الثاني والخمسون - ما هي الحقيقة؟

184 8 5
                                    

ما هي الحقيقة؟

كان استقبال الطلبة لي تاريخيا، حوطتني الكثير من الطالبات من كل الجهات وهن يتساءلن بفضول عن آدم وكيف قضيت العطلة برفقته، أين خرجنا، ماذا اشترى لي من هدايا، كم مرة يهاتفني في اليوم، كيف يقول كلمة أحبك..... وغيرها من الأسئلة المزعجة التي سببت لي الصداع، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل باتت تحركاتي وتحركاته تحت المراقبة من قبل الطالبات أكثر من رقابة الإدارة.

كل حركة تصدر من أحدينا يتم تفسيرها حسب أهواء متناقلي الإشاعات؛ نظر إليها، إنه مشتاق لها.... لقد تجاهلها إنه غاضب منها.... يبدو أنهما متشاجران، ذلك واضح في تصرفاتهما..... هل رأيتم كيف تغار عليه؟

آآآآآآه كفى! ضقت ذرعا بكل هذا الهراء ما عدت أتحمل.

لم يمضِ على رجوعنا إلى المدرسة إلا ثلاثة أيام ولم أجد وقتا خاصا أنفرد فيه بأصدقائي أو بنفسي حتى، لم أعد أعرف في أي وضعية أجلس وأي ملامح أبقيها على وجهي في أثناء الدروس وخاصة درس اللغة الانجليزية، فكل تحركاتي باتت مشبوهة! فهمت الآن شعور مشاهير هوليوود عندما يهربون من مصوري الفضائح، أن تكون مراقبا طوال الوقت لشعور مقرف بحق.

كانت لمار تدعوني لتجاهل الجميع مطمئنة لي أنها مجرد فترة وسرعان ما سيجد الطلبة موضوعا جديدا يتسلون في الحديث به. رجوت من كل قلبي أن يحصل هذا وعلى وجه السرعة.

حتى في حصة التربية الفنية لم أسلم من التعليقات وتناقل الإشاعات وخصوصا بسبب اللوحة المعلقة في صدر القاعة؛ لوحتي التي فزت بها في المرحلة الأولى من المسابقة، كان الكل متفقا على رأي واحد بأنني كنت أواعد آدم في تلك الفترة، ولهذا السبب قمت برسمه.

طلب مني الأستاذ عصمت إرسال نموذج الموافقة على المرحلة الثانية من المسابقة إلى السيدة استبرق لتقوم بوضع الختم عليه. قالت لي وهي تسلمني النموذج من جديد:

" هذه المرة احرصي على تبليغ أمك بأن هذا نموذج قبول الاشتراك في المسابقة، لا توقيع ورقة للأقساط المدرسية!"

شعرت بالرهبة والخجل، فهززت رأسي مطاوعة، ثم انصرفت خارج مكتبها بسرعة قبل أن تستوقفني بالمزيد من تعليقاتها الثقيلة.

فوجئت بالآنسة ميرا تقف أمام مكتب الآنسة صفاء وهما تتحدثان، منذ متى وهما صديقتان؟ آخر ما فهمته أنهما معاديتان لبعضهما البعض. آه لأنني وقفت في طريقها وفزت بحب آدم بدلا منها.

التفتت ناحيتي ووقع بصرها علي، فحدجتني بنظرة مستهجنة، قررت تجاهلها والتعامل معها بكبرياء، لذا سرت من جانبها أنفش ريشي رافعة كتفيّ وألوح بشعري الحريري. ويبدو أنني نجحت في إغاظتها، فقد استوقفتني بقولها:

" فقط لمعلوماتك يا هذه.."

توقفت رويدا وأدرت رأسي لها بنظرة متكبرة فتابعت:

وللحب بقيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن