عرض زواج؟!
رفضت العودة مع والدي إلى البيت وآثرت البقاء في منزل جدي. لم يضغط أبي علي أبدا بالعودة وخصوصا بعد المواجهة الأخيرة بيننا. لقد بالغت أعترف بذلك، في النهاية هذا أب ويحرص على ابنته، لكنني كنت غاضبة وقتها وصرحت بكرهي له في لحظة غضب، لم أكن أعنيها من قلبي. أرجو أن يكون واعيا إلى ذلك.
كان عمي أمير محبطا وعلى غير طبيعته المرحة، راقبته أكثر من مرة وهو يحاول الاتصال بدانا، لكنها لم تبادر بالرد عليه فيزداد استياء مع كل لحظة. فقرر في النهاية الذهاب إلى بيتها مع محاولتي الجادة بإيقافه حتى لا يطأه أذى أو مكروه أو يفكر أسامة بالانتقام لأخيه ورد الصاع بضربه.
جلست قليلا مع جدي لأطمئن على صحته؛ فقد لازم الفراش منذ البارحة. عيناي لم تفارقا شاشة هاتفي في انتظار اتصال من عمي وكنت بالمقابل أتجنب الرد على أي اتصال آخر.
وقفت أسكب لجدي كأسا من الماء بناء على طلبه حين قال فجأة:
" هذا أعادني في الزمن إلى الوراء سنين مضت"
التفتّ نحوه لأفهم عما يتحدث كان ينظر أمامه في الفراغ، ويبدو أنه يسترجع ذكريات ما، ثم تابع:
" نسي سامي نفسه كيف كان يجري وراء حنان لتقبل به، ومشاكله المستمرة مع أخوالك وجدك، نسي كيف استطاع الزواج بها رغما عن أنف الجميع وذلك بعد لجوئه إلى العنف بمساعدة إخوته وقد ترصدوا لإخوتها بالضرب. نسي كيف وقف في حفل زفافه مزهوا كالطاووس ينفش ريشه، لن أنسى كلام جدك لي حين قال: أنت لا بنات لك لكن لا تظن أن العدالة لن تقتص لي من ابنك.
ظننا أن تأخره في الإنجاب كان عقابا له. لقد دفع الكثير في تكاليف العلاج وأخفق مرات عدة، في إحداها وصل الطفل ست شهور في بطنها ومات."
أول مرة أسمع بهذا، كنت أصغي إليه بوجه مشدوه. رفع بصره إلي مبتسما بحزن وقال:
" قدومك إلى الدنيا كان معجزة من الرحمن، لذلك حاول الجميع توفير سبل الراحة لك وتدليلك بكل الوسائل وإرضائك دائما خشية خسارتك يوما...... صغيرتي لا تغضبي من أبيك، أعلم أنه عصبي وغضبه جنون، لكنه يحبك أكثر من أي شيء في الكون"
وضعت كأس الماء على المنضدة ثم مسحت طرف عيني حيث بدأت الدموع تخونني من جديد، رحم الله تلك الأيام التي كنت لا أعرف كيف يبكي الأشخاص الطبيعيون من حولي وكنت أتصنع البكاء.
استأذنت من جدي وعدت من جديد إلى غرفة عمي لكي أرثي حالي. سمعت رنين هاتفي في جيبي فأخرجته غاضبة أنوي كسره لأنني سئمت من كثرة رنينه، لكنني فوجئت بهوية المتصل. للحظات أصبت بشلل فكري، هل أستقبل المكالمة أم لا؟ في النهاية ضعفت ووضعت الهاتف على أذني لأسمع صوته العذب من الطرف الآخر، وقد بادر هو بسؤالي:
" لماذا جئت إلى المشفى؟ ألم يخطر في بالك أنك قد تتعرضين للأذى؟ أريحي قلبي وقولي لي هل آذاك والدك عندما أخذك؟"
أنت تقرأ
وللحب بقية
Romanceمغامرات رغد لم تنته بعد بل هي على وشك البدء بمغامرات أكثر إثارة... حب.. غموض.. قتال.. تشويق.. أسرار ...كل ذلك وأكثر تجده رغد في حياتها المليئة بالفوضى والدراما فهل ستجد من يحتويها؟ وهل سيتمكن هو يوما من ترويض غرورها؟ هذا هو الكتاب الثاني من سلسلة حب...