الفصل الثامن والأربعون - قلب الأم

224 9 9
                                    

قلب الأم

خرجت لشراء حاجيات لأمي من السوق كنت على أمل بأن ألمحه في الخارج لكنني لم أره. مرّ على حدوث المشكلة أسبوع وحسبما فهمت من دانا فإن العلاقة بين أسامة وجمانة ما زالت متوترة.

لأول مرة تتشجع دانا وتوجه لي العتاب ونبهتني إلى أنني إذا أردت الحفاظ على علاقتي بآدم فإن علي تعلم الكثير. وبادئ ذي بدئ وجب علي تعلم صون الأسرار وبالأخص أسراره هو. صرحت لي بأنها على علم بقصته القديمة وكانت هي أحد أسباب دعمه في تخطي مشاعره تجاه جمانة. وبتصرفي الأرعن كنت السبب في فتح باب المواجع والألم الذي كافح آدم بقوة لإغلاقه معلنا بداية مشوار جديد من حياته. ما زالت عبارتها ترن في أذني حينما قالت لي:

" آدم عاش حياة سيئة منذ طفولته وهو يحلم بتغير حاله بزواجه منك فلا تجعليه يندم يوما"

أطلعت صديقاتي على ما حصل معي، وهن أيضا عاتبنني وقالت لي لمار أنني إذا كنت أشك بمشاعر جمانة تجاه آدم فكان يكفي مني أن أحسن إليه ليزداد حبه لي وهكذا أغيظها كما تفعل هي مع رهام.

صحيح، هل نسيت أن أذكر أن لمار وعمار قد جددا الحب بينهما؟ اليوم مساء ستأتي البنات ليبتن الليلة في بيتي وتشرح لنا لمار علاقتها بعمار وأعرف مستجدات أحداث حياتهن.

صعدت السلالم عائدة من السوق. توقفت في طريقي عند بابه، أردت أن أقرعه بشدة، لكن جزءا مرتعدا في داخلي يأبى الانصياع لمطلبي، لذا تراجعت عند آخر لحظة وأدرت ظهري مبتعدة.

فجأة سمعت الباب من خلفي يفتح وقبل أن أستوعب شيئا شدني من ذراعي نحو الداخل فسقطت مني حاجيات السوق على عتبة الباب. اتجه نحو الباب وجمع الأغراض ثم أغلقه خلفه.

سار نحو الأريكة ووضع أغراضي على الطاولة هممت أن أطلب منه الرحيل بحجة أن أمي تنتظرني، لكن لشعوري بالذنب عقب كل شيء حافظ فمي على صمته.

اقترب مني على مهل وهو يقول:

" القاعدة الأولى في أي علاقة كانت... صداقة، عمل، زواج! هي الحفاظ على الأسرار والتي أثبت إخفاقك فيها بشكل مريع"

احتضنت جسدي بذراعي وتمايلت ارتباكا، ثم تابع:

" لا تغضبي من أي أحد يصفك بقلة النضج فأنت بحاجة إلى أشواط كثيرة لتصلي لتلك المرحلة. بسبب لسانك الطويل هذا فأنت أصبحت في عين الجميع طفلة"

طأطأت برأسي إلى الأسفل انزعاجا من قوله، وتابع هو قائلا:

" ربما ظن الجميع بأنني سأنهي علاقتي بك ولا أحد يلام على هذا الظن فأنت أخطأت خطأ فادحا وكدت تنهين علاقة زوجية وتتسببين في طلاق!"

اعتذرت بخفوت بصوت مترنح، اقترب أكثر مني حتى بات أمامي مباشرة وقال:

" قد لا يتمكن قلبي من الصفح عنك بسهولة لكن حبي لك أكبر من ذلك"

وللحب بقيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن