الفصل الثالث والأربعون - جنازة قلبي

193 9 3
                                    

جنازة قلبي

مسحت عبراتي، ورغم ارتجاف شفتي حاولت أن أنمق بعض الحروف لأشرح لميس الفحوصات التي أجراها الطبيب لي في المشفى، مثل صور الأشعة والرنين المغناطيسي، وفحوصات أخرى بهدف التأكد من أنني لا أعاني ارتجاجا في الدماغ.

حينما فرغت وجهت بصري إليها بقلق بادٍ وسألتها عمّا جرى عقب فقدي للوعي. أخذت نفسا مطولا وقالت:

" ارتعب الجميع من منظر الدماء التي انفجرت من رأسك وبدأ الكل بالصراخ والبكاء، أولهم والدك الذي أخذ يلطم رأسه ويولول ويلعن نفسه. أمرتنا السيدة استبرق جميعا وخصوصا والدك بعدم لمسك أبدا لئلا نتسبب في إيذائك، وقامت بالاتصال بالطوارئ فجاء رجال الدفاع المدني وحملوك في النقالة على الفور وغادر أبوك معهم. بقي تواصلنا مع أمك لنطمئن على أحوالك."

سألتها وسط دموعي التي لم تهدأ أبدا:

" من برأيك السبب وراء كل شيء حصل؟"

تنهدت بألم وأجابت:

" لا أعلم... لكن صدقيني أننا بريئات، اتهام حسام لنا كان زورا"

سألتها باكية:

" وهل تظنين أن لحسام يدا في الموضوع؟"

رفعت كتفيها دلالة على عدم علمها وقالت:

" لمار مصرة على اتهامه. لكن أنا لا أظن؛ فقد استبسل للذود عنك أمام الطلبة ولم يسمح لأحد بالحديث عنك وتلطيخ سمعتك مهددا لهم بأنه سيأمر رجال والده بتعقب كل واحد منهم والتعرض لهم بالأذى، فسكت الجميع ولم يجرؤ أحد على التكلم في عرضك"

تم تنبيهي سابقا وخصوصا من قبل الأستاذ آدم على عدم الحديث في أعراض الناس، الدنيا دوارة فكما تدين تدان.

رن هاتفي على المنضدة بجانب سرير عمي أمير حيث كنت أجلس في غرفته مع ميس. نظرت إلى الشاشة وإذ بها سمية. استأذنت من ميس وتلقيت المكالمة وقبل أن ألقي لها التحية هاجمتني من الطرف الآخر باكية بقولها:

" وجدت الأستاذ آدم في شقته ملقى على الأرض بلا حراك وقد تعرض لضرب مبرح، أخذه الإسعاف إلى المشفى وهو بين الحياة والموت!"

وقع الهاتف من يدي لتتفاجأ ميس من ردة فعلي، وانحنت لتلتقط الهاتف عن الأرض ووضعته على أذنها لتفهم ما قالته لي سمية، بينما أنا تركتها جالسة واتجهت كالعمياء نحو الباب.

وقفت على حافة السلالم في الطابق العلوي وأنا أنظر نحو الجمع الغفير في الصالة أسفل منا، سمعت عمي قصي يصرخ بأولاده وأولاد عمومتي الباقين:

" اقتحمتم بيته وانهلتم عليه بالضرب؟! أيها الحمقى بماذا كنت تفكرون؟ هل تركتموه حيا أم ميتا؟ قولوا"

كنت مصدومة لدرجة كبيرة، في البداية لم أستوعب ما أسمعه، تابع عمي عماد من بعده:

"ستوقعوننا في مشاكل نحن في غنى عنها! سيطالب أهله بدمه، أف لكم ولما فعلتموه!"

وللحب بقيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن