الفصل السادس والثلاثون - عشق

317 10 7
                                    

عشق

هل جربتم الحب بلغة العيون؟ من أحس يوما بمجرد النظر في عيني معشوقه كأنه يطفو فوق السحاب؟ حبي له شيء وأن يبادلني الحب شيء آخر...

أمضينا ما تبقى لنا من سهرتنا بين الجميع نسترق النظرات نحو بعضنا البعض. وأحيانا يغمزني دون لفت الأنظار فيحمرّ وجهي وتزداد ابتسامتي السخيفة اتساعا.

وبينما كان الجميع منشغلا بأحاديث عشوائية بدأت أفسر تصرفاته أخيرا. كل كلامه المبطن وأفعاله الجنونية السابقة سببها حبه لي. لم تسعني الدنيا من فرط سعادتي، كنت آمل فعلا بأن يكن لي المشاعر لكن لم أحمل قط إيمانا كافيا بذاك. وها أنا ذا أشعر كأنني ملكت الكون وكأن القمر لؤلؤة مضيئة تحيط بقلبي فتضفي عليّ رونقا لم أشعر به من قبل. هل أكون مجنونة برغبتي العارمة في الوقوف على سطح مبنى وأصرخ بملء صوتي مقدار حبي له؟

عدنا إلى البيت بعد يوم حافل مليء بالمشاعر. واستلقيت في فراشي وأنا أتأمل صفحته الشخصية في تطبيق الرسائل، كان يضع صورة غبية تتحدث عن روعة المعلم مربي الأجيال ... إلخ.

طلب مني إرسال رسالة مميزة له حتى يحفظ رقمي، فماذا يمكنني أن أكتب إليه؟ هل أصف مشاعري الجياشة نحوه؟ أم أبلغه ببساطة أنني رغد وهذا رقمي؟ لا كلاهما فعل مبتذل. فجأة خطرت في بالي فكرة، لماذا أرسل له رسالة مكتوبة؟ أحيانا الصورة تعبر عن ألف كلمة.

لذا نهضت نحو خزانتي وانتشلت سترته منها، هل تذكرونها؟ نعم، إنها السترة ذاتها التي أعارني إياها لأستر كتفيّ العاريين أمام أهله في آخر مرة دخلت فيها منزله عندما غنى لي في مطبخ بيته للمرة الثانية.

ارتديتها فوق قميص منامتي واستلقيت في فراشي مجددا وفتحت الكاميرا من جهازي المحمول والتقطت صورة لي أرتدي السترة وأحتضن جسدي فيها بينما أسدلت شعري من حولي وعيناي موجهتان إلى العدسة كأنما أتخيل أنني أنظر في وجهه ليقرأ كلمات حبي في سطور عيني. ثم أرسلتها إليه.

أبقيت هاتفي بجانبي أنتظر منه ردا، وبين كل لحظة وأخرى أتفقد إذا ما كان رأى رسالتي أم لا. لكن للأسف لم يقم بفتحها. ثم ما لبثت أن استسلمت للنوم وأنا أضم هاتفي في انتظار رده.

جلست في الحافلة صباحا أراجع اختبار اليوم الذي لم أدرسه إلا يوم الجمعة لانشغالنا بالفرح الذي أقمناه عندما سمعت رنين هاتفي. تفقدت هوية المتصل لأتفاجأ بأنه الأستاذ آدم. إذن هو تلقى رسالتي.

وضعت الهاتف على أذني لاستقبال المكالمة فجاء صوته العذب من الجهة الأخرى ليقول:

" سامحك الله! كيف لي أن أركز في دروسي اليوم! قتلتيني"

تظاهرت بجهلي لما يقول وتساءلت ببراءة:

" ما الأمر؟"

تسلل صوت ضحكته الخافتة من الجهة المقابلة، ودعوني أصفها بأنها أعذب ما سمعت أذناي على الإطلاق. أجابني:

وللحب بقيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن