الفصل السادس والأربعون - تصفية القلوب

235 14 10
                                    

تصفية القلوب

سيصيبانني بالجنون بكثرة الطرق على الباب، إذا كانا يظنان أنني سأعدل عن قراري وأعود لممارسة نشاطات حياتي بهذه البساطة فهما يحلمان، ألقيت بكتاب التاريخ جانبا، ثم نهضت لفتح الباب وصرخت بأعلى صوتي:

" قلت لن أتناول الطعام! كفى طرقا!"

شهقت من هول صدمتي وكدت أختنق من مفاجأتي؛ فلدى فتحي للباب صدمت برؤيته هو يقف خلف بابي وإلى جانبه أمي، فهمست لأتأكد أنني لا أعاني من هلوسات:

" أستاذ آدم؟"

أجابني مبتسما:

" أظن أننا تعدينا مرحلة أستاذ، أم هل أكون مخطئا بهذا؟"

قلبت بصري بينه وبين أمي بعدم فهم، فأوضحت قائلة:

"دعاه أبوك ليتناول معنا العشاء الليلة، كعائلة"

بدأ النور يزحف في قلبي مجددا ببطء وأنا أحاول فهم انفعالاتي الداخلية، طال تحديقهما بي وأنا أعيد ضبط إعداداتي لأستقبل هذه اللحظة التي ظننتها لن تأتي لمدة سنة ونصف فما كان مني إلا أنني قفزت كالمجنونة أحتضن صدره بكامل ذراعي وأبكي بشدة كطفل صغير تائه وجد منارته أخيرا.

مسح على ظهري بحنو وحاول تلطيف الأجواء علي. ثم سمعت صوت تنحنح قادم من أبي الذي كان يقف خلف طاولة مائدة الطعام قائلا:

" لا تبالغا في أخذ راحتكما، مفهوم؟"

أبعدت نفسي عنه محرجة من رؤية والدي لي وأنا أحتضنه وألقيت بصري نحو الأرض. قالت أمي مقترحة علينا بينما تهم بالذهاب إلى المطبخ:

" ما رأيكما لو تجلسان سوية الآن؟ لتستدركا الأخبار وتضعا خططا لوضعكما في المدرسة ومستقبلكما؟ ريثما أنهي تجهيز العشاء"

نظرت نحو آدم وقالت:

" اجلس معها قليلا وتحدثا فهي بحاجة إلى ذلك"

ثم سارت مبتعدة لكنها أشارت لنا بإصبعها قائلة:

" لكن اتركا باب الغرفة مفتوحا"

أمسك بي من كف يدي وعيناي لا تفارقان والديّ بينما أتساءل عن سبب تغير معاملتهما المفاجئة، ثم سار بي نحو الداخل إلى أريكتي التي تقبع تحت النافذة.

جلسنا سوية وألقى نظرة متفحصة في غرفتي، ثم قال مبتسما:

" حلوة أحببتها، توحي بكيان رغد فيها"

ابتسمت على تعليقه الساخر، ثم وجهت نظري في عينيه وقلت:

" كيف حصل وجئت هنا؟ أنا لا أفهم شيئا"

هز كتفيه وزم شفتيه قائلا بحيرة:

" لا أعرف وصلني اتصال من أبيك ليسمح لي بالتواصل معك كخطيبين حقيقيين. لم أجادله ولم أسأله أسئلة كثيرة خشية أن يتراجع وعندما دعاني إلى العشاء ترددت في البداية حتى قال لي أنها رغبتك أنت"

وللحب بقيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن