الفصل السادس والخمسون - مصائب

170 8 4
                                    

مصائب

ثار جنون والديّ من نظراتي البلهاء وهمّ كلاهما بالصراخ علي. قبضت أمي على ذراعي وهي توجه لي الانتقادات اللاذعة وتولول من مصيبتها أمام أقاربنا ومعارفنا. وأبي يصيح ويلطم من ردة فعل أعمامي وجدي. أما آدم فكان يقف خلفهما مبهوتا لا يدري من أين يبدأ.

طالبت أمي تبريرا بصوت مبحوح وهي تصرخ، ثم ثارت ثائرتها أكثر لسكوتي الذي استنفد كل صبرها لتوقظني على الواقع بصفعة مدوية تسببت لي بألم شديد وسقوط حلقي من أذني، ولوهلة لم أعد أسمع شيئا إلا الطنين. ثم انقضت عليّ بوحشية لتشد شعري وتنهال عليّ بالضرب على وجهي وأي جزء من جسدي تطاله يدها. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل شاركها أبي بالضرب والشتم.

تدخل آدم أكثر من مرة وهو يحاول دفعهما عني حتى تمكن أخيرا من تخليصي من براثنهما. وقف حائلا بيننا بينما يلهثان ويلتقطان أنفاسهما وأنا أضم جسدي متألمة وأبكي وأرتجف. التفت ناحيتي ومد ذراعه نحوي فصرخت وأنا أغطي رأسي رعبا وسط ارتعاشي. فتوقف في منتصف الطريق عن لمسي.

سمعته يعاتب والديّ بنبرة محتدة:

" العنف ليس وسيلة للتعامل معها، كان من الأجدر بكما اللجوء إلى الحوار"

بدأت أمي بالنحيب وأبي يلطم من مصيبته، التفت آدم نحوي ثم سألني بنبرة محتدة:

" رغد اشرحي لي ما حل بعقلك المجنون هذا..... كيف تتجرئين على تصرف تخطى كل الحدود؟ "

بدأت نبرته تعلو وهو يهدر بي مغاضبا:

" أنا لدي تحفظات تجاه لباسك الاعتيادي فكيف بلباس غير محتشم كهذا؟ ودانا؟ بماذا كنت تفكرين؟ أنا لا أفهم! البنت محجبة! قضيت عليها وعلى سمعتها... هذه دانا التي ستغدو زوجة عمك.. دانا التي لا أصبر على أحد يؤذيها لتتعرضي أنت لها بهذا الشكل، لماذا؟ قولي فقط لماذا تحاولين إيذاءها؟ غيرة؟ حسد؟ أعطيني سببا"

صرخت باكية وأنا أرتجف:

" هذا بهاء! والله لست أنا.. إنه بهاء!"

نظر إلي آدم غير مصدق لاتهامي بينما صرخت بي أمي:

" احذفيها! احذفي الصور الآن، احذفي المنشور بسرعة قبل أن تتسببي بالمزيد من الفضائح"

هبطت أرضا نحو الهاتف وأمسكته بيدي المرتجفتين لأهم بحذف المنشور عندها ازداد بكائي ومراري فقد تسببت أمي بكسر شاشته إثر رميتها القوية له.

ولجت إلى صفحتي الشخصية وقمت بحذف المنشور لكن استرعى انتباهي إشعار يبلغني بالولوج إلى حسابي من جهاز آخر لأتيقن وقتها فعلا بأن بهاء سرق حسابي، لكن كيف؟ هذا ما لا أفهمه!

سحبني آدم من كتفي مبهوتا وتساءل:

" بهاء؟ ما شأنك وشأن بهاء؟"

تساءل أبي بنفاد صبر:

" ومن هذا بهاء أيضا؟"

هبط آدم على ركبتيه وأدارني نحوه من كتفيّ ثم سألني مجددا بنبرة أشد حدة:

وللحب بقيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن