"ماذا لو كنت تعيش في الظلام، ترى مخلوقات لا يراها البقية، وفي نهاية يكشف سرك ويخبرونك أنك ساحر وشيطان"
في تلك العصور المظلمة زمن تسود فيه روح الانتقام والسحرة سوف نعيش معهم أنا وأنت في الخفاء وسوف نحكم من هو الشيطان ومن هو البطل بين من يصارع لعنته...
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
(أطراف الغابة المظلمة)
كان أغنيوس وابنته آديت قد وصلوا لأطراف غابة الظلام ومن شدة تعبه توقف أمام شجرة عريضة عجوز حتى يستريح قليلا فانزل إبنته من فوق ظهر الحصان سيلاس ثم نام على ظهره وبدء يسترجع أنفاسه، حينها سحب جزء من سترتة ليمسح عرق جبينه بها، ولكنه لاحظ وجود شيء بها أنه…إنها بقعة من الدماء ظهر الفزع على وجهه ليلتفت بسرعة نحو ابنته لقد تحولت عيناها للون الازرق الشفاف وكانت صلبة عينها محمرة لدرجة أنها تنزف الدماء، لقد حدث ما كان أغنيوس يخشاه حينها زحف برجليه نحو آديت ليمسك خديها ويقول محاولا تهدئتها :
ـ لا تبكي آديت..سوف يؤلمك ذلك أكثر توقفي هذا ليس خطأك حسنا..أمك سوف تكون بخير لن يؤذوها
فتحت آديت فمها وبدأت بصياح :
ـ ولكنني خائفة لقد عاد الظلام ماذا لو عادتالمخلوقات السوداء؟!..
آديت قد بلغت الرابعة عشر عاما تقريبا، وقد أصبحت فتاة بالغة في العام الماضي، ولكنها ما زالت تبدوا كالطفلة الصغيرة، التي تحتاج الرعاية..إنها مختلفة عن باقي من في عمرها..ربما لأنها معظم الوقت تبقى في المنزل وإن خرجت لا تخالط أحد سوى عائلتها..هذا الأمر يحزن أغنيوس كثيرا..ترا متى سوف يتسنى لإبنته أن تكون كالبقية..متى يمكنها الخروج والتمشي في الأسواق مع صديقات من عمرها..متى ستلعب وتدردش وتحب وتنحب من الأخرين دون أن تخاف أن يظنوا أنها وحش عندما يروا عينيها الدامية..أم أنها لم يكتب لها العيش هكذا..ولكن لماذا؟..ماذا فعلت لتعاقب هكذا..ماذا فعلت لتولد بهتين العينين الملعونتين؟..لابد أنها غلطته هو..لابد أن هذه اللعنة عقاب من الإلهة على كل أفعال أغنيوس الماضية..فلطالما ظلت هذه الفكرة راسخة في باله، فلا يوجد أمر منطقي آخر بالنسبة له حتى تعاقب ابنته بهذه اللعنة التي لا يوجد لها دواء
ظل أغنيوس ينظر لعينا ابنته التي كانت تشع بسبب انعكاس ضوء الشمس عليها ثم قال وفي صوته بعض الرجفه بينما تداعب أنامل يده خصلات شهرها :
ـ حبيبتي كم مرة اخبرك أن هذه الأمور ليست موجودة أنك فقط تتخيلينها لانك لا تبصرين….اخبريني هل تستطيعين رؤيتها عندما لا تكونين مريضة
هزت آديت رأسها نافية ليقول أغنيوس :
ـ إذٍ هي ليست حقيقية
إقتنعت آديت قليلا بالفكرة وبينما تتأمل الظلام الذي بعالمها للتأكد من عدم وجود المخلوقات السوداء فقدت الإحساس بيد أبيها على وجهها لبرهة، فبدأت تتلمس الأرض من حولها أملا أن يكون نائما بجانبها ولكن لا يوجد سوى العشب الرطب
انهارت آديت وبدأت بالبكاء، ولكن لم ينزل من عينها الدموع بل دماء..عند نزولها من جفنها السفلي تحترق صلبة عينها لتصرخ متألمة، وهي تغطي عينها بكفيها الصغيرتان وتحاول مسح الدماء حتى لا تحرق عينها فجأة بدأت بسماع صوت جديد لا ليس صوت الجدول وليس صوت الأوراق ولا حتى صوت سيلاس وهو يأكل العشب ما هذا الصوت هل يعقل أنها المخلوقات السوداء التي تتحدث عنهم آديت دائمًا ؟!هل هي حقا حقيقية؟!
شعرت آديت بالخوف فضمت رجليها بيدها نحو صدرها ثم بدأت تردد بعض الكلمات _الكلمات التي تتذكر أن امها قالتها عندما تقوم بالدعاء_ لقد حاولت قدر استطاعتها ولكنها لم تقل جملة واحدة صحيحة..توقفت أديت بعد أن شعرت بشيء رطب وبارد يزحف على وجهها وبحركة إيرادية زحفت للوراء وهي تتنفس بسرعة لتشعر بيد أخرى على كتفها زاد خوف أديت لتبدء بالصراخ وهي تنادي أبيها حينها قال أحدهم:
ـ اهدئي آديت هذا أنا..لا تخافي والدك معك
إذٍ لقد كانت يد أغنيوس وأما الشيء الرطب فكان قطعة قماش من قميص أغنيوس مبللة من ماء الجدول..هدأت أديت اخيرا ليقول والدها:
ـ لا تقلقي سوف اقوم فقط بمسح الدم عن وجهك..فلا داعي للخوف يا صغيرتي