III

9 3 0
                                    

إليك النص بعد التدقيق اللغو

(أحد السهول القريبة من ترسكافيا)

بصيص النور دائمًا يكون دليلًا على وجود الأمل، فإن كنت عالقًا في سرداب، وفجأة رأيت بقعة من النور، فذلك دليل على وجود مخرج. ولكن، رؤية النور أيضًا دليل على النهاية؛ فإن ترى نورًا شديدًا يوشك من شدته أن يعمي بصرك... حينها تعلم أن نهاية حياتك قريبة، وأن ملك الموت ربما خلف ذلك النور الشديد، قد أتى ليسلب روحك من أشلائك الهزيلة، ويعود بها للسماء.

لذلك، ليس دائمًا النور دلالة على الخير، كما أن السواد ليس دائمًا علامة على الشر. لذا، ربما السواد الذي تعيشه آديت ليس شرا حقًا، وربما الضوء الذي رآه ألبين قبل أن يُغمى عليه، علامة على قرب نهايته. أهذا نوع من التناقض؟ نحن فقط نود أن نحسن النية بالجميع دون أن نظلم فردًا منهم.

فتح ألبين عينيه أخيرًا. إن الرؤية ضبابية، ولكن مع رمشات قليلة أصبحت جيدة. تنفس بعمق، ما زال ذلك الألم الخانق بصدره موجودًا، ولكن لا بأس، فهو أخف من قبل. لقد نسي ذلك الألم بعد رؤيته للسماء وهي تتحرك. مهلا!!.. السماء تتحرك؟!.. لا، بل هو من يتحرك. أم نقول يُجر فوق قطعة من القماش؟

رفع ناظريه ليرى ما خلف رأسه. إنها سيقان صغيرة، هل هم أحد أطفال البشر؟!.. لا، البشر لا يمكنهم رؤيته، صحيح؟ إذاً من هم؟

أراد أن يتحرك، ولكن الألم يمنعه، ليقول:

المعذرة، من أنتم؟!

توقفت تلك السيقان الصغيرة، وبدأت بالتفوه بكلام غريب. ثم وقفت فوق رأس ألبين تتلمس شعره الأزرق بينما تقول بنبرة من الإعجاب:

أوووو... واااه... وووواأاه...

بالتأكيد إنهم ليسوا من البشر، إنهم كالأقزام يكسوهم الشعر الكثيف على كامل جسدهم. إنهم أحد عفاريت "قابيض".

ولكن الغريب في الأمر أن ألبين بدأ بالتحدث بذات طريقتهم... بالطبع، فالجن يعرف جميع اللغات. فدار بينهم حديث طويل، اتضح من خلاله أن ألبين قد كان نائمًا في شوارع ترسكافيا لمدة ثلاث ليالٍ، لدرجة أن العفاريت ظنته قطعة خشب ملائمة لسقف جحرهم.

وبينما قررت العفاريت الاستراحة هناك بين الحشائش الطويلة، تاه ألبين في حزنه وشوقه لقومه... اشتاق للعب بين أكوام الفطر العملاق، لسماع قصص القبيلة، لطعم ماء شجرة البركة. كل ذلك انتهى بمجرد الخراب، بالتأكيد.

ولكن سعاله أوقف شروده، لتأتي إليه إحدى إناث العفاريت بكيس من الجلد مليء بالماء، لتناوله إياه بينما تقول:

- ببهـه.

أخذ يتجرع الماء بمهل، ثم غط في النوم، بينما تنظر إليه هي بنظرات إعجاب. لكنها لم تستمر طويلًا بسبب صياح أحد العفاريت من بعيد، يتقدم نحوها يلوح بيده حاملاً بعض الحشائش التي تحتوي على أزهار صغيرة. ناولها إياها، ودار بينهما حديث صغير...

صغير جدًا، كل ذلك بسبب العوسق (صقر) الذي اكتشف مخبأ العفاريت.

بدأت العفاريت بالجري منتشرين في ذلك السهل الواسع، ولكن المفترس قد وضع عينه على فريسته مسبقًا. إنها تلك العفريتة وصاحبها المغفل جامدين في مكانهما. يقترب الصقر من الأرض، مجهزًا مخالبه للانقضاض، وفي تلك اللحظة قرر المغفل تنفيذ حركة حمقاء أخرى تعلمها من البشر، "التضحية"، ليقدم نفسه مجانًا للصقر.

وبالطبع، الصقر ليس لديه مانع، طالما أن الأمر سيان بالنسبة له. أما عفريتنا المغفل، فقد بدأ يصيح بذات الكلمة السابقة، بينما يلوح بيده لها لتقوم هي بذلك أيضًا. في حين تجمع كافة العفاريت بالقرب منهما، يتأملونه حتى تلاشى في السماء. حينها، تغيرت ملامح العفاريت؛ لقد أصبحت غير مبالية للأمر. ربما كانوا ينتظرون حدوث شيء مشوق. حتى تلك العفريتة أصبحت غير مهتمة، لتقضم تلك الأزهار بأسنانها الذهبية، بينما تسير عائدة إلى مكانها السابق بالقرب من ألبين.

ذئب الظلام:مؤامرة الشياطينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن