ذئب الظلام:مؤامرة الشياطين

III

( وسط الغابة المظلمة)

تجري نورما فوق الصخور المرتفعة عن مستوى المستنقع الضبابي، ساحبةً خلفها إبنها الصغير ألبين.
وبينما يلاعب الرياح شعرها الأبيض المجعد المائل للأزرق، يتصاعد خفقان قلبها كلما نظرت للوراء...

كان شيء ما يلاحقهما، ولكن ضباب المستنقع يخفيه لا يظهر إلا أصوات تقدمهم نحوها، مع تلك الاصوات الهمجية، وكأنهم يضحكون.. نعم يبدوا أنهم قطيع ليس فردًا واحدًا من يتبعها.
تباً لهذا المستنقع! لماذا مساحته كبيرة جداً؟ لقد شعر ابن نورما ألبين بالإرهاق حتى انه كاد أن ينزلق بسبب الطحالب الموجودة على تلك الصخور، ولكن نورما شدته بقوة لتضعه بين ساعد ومرفق يدها، لتكمل مسيرها بالجري والقفز. لقد كانت تملك رشاقة غير عادية لا يملكها بشري عادي، ولكننا لا يمكن أن نصفها بالبشري.. إنها مختلفة هي وابنها.. تلك البشرة الفاتحة الباهتة التي توجد بها زخارف سوداء تشبه الوشم ولكنه مختلف وكأنه غائر في وجهها.. ولا ننسى شعرها الأزرق الطويل، وتلك الملابس البدائية.. كل هذا يبعث الفضول نحوهما.

وها هي الآن وأخيرًا تبتعد عن المستنقع اللعين.. بقت لها عقبة واحدة سلسة من الأشجار اليابسة.. كانت مثل الحاجز الذي يفصل بين شيئين ومع اقترابها نحوه مدت يدها وأغمضت عينيها، كانت تأمل أن ينجح ما في بالها، ولكن للأسف لم تستطع تجاوز ذلك الحيز وقفت أمامه عاجزة بائسة، نظرت للخلف لترى خطوات أعدائها تقترب، ازدادت أنفاسها حتى بدأ صوتها يتدردد في ذهنها.

ولكن بصيص الأمل قد عاد مع ذلك الضوء الذي يشع خلفها لتنظر إليه، أنه ناتج عن فتح البوابة! لقد استطاع ألبين فعلها! فرحت نورما، ولكن الفرحة لم تكتمل، أنهم يقتربون بسرعة، يكادون يتخطون المستنقع، لذلك حاولت نورما تخطي لحظات الوداع، لتدفع إبنها للجهة الآخرى، وقبل أن توشك البوابة على الإنغلاق، صرخت:

ـ إياك والاقتراب من البشر!

(السهول الشمالية)

يقال دائماً: لا يمكن أن نرجع تلك اللحظات التي مضت، رغم أننا يمكننا السير للخلف، فلماذا نحرم أنفسنا من عيش تلك الأوقات مجددًا؟! أيعقل أنها ربما هشة مثل الجليد؟ إن سرنا عليه بقوة، فسوف يتحطم ورائنا، حينها لا يمكننا الرجوع، ذلك هو خطئنا، كان يجب ألا نتهور في المرح والجري، كان يجب أن نتمهل حتى لا يحدث ما حدث.