chapter5

32 4 12
                                    

الفصل الخامس: قيلولة طويلة

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

الفصل الخامس: قيلولة طويلة

(الغابة المظلمة)

الكثير من الحيوانات ترقد في قيلولة طويلة تدوم فصلًا كاملًا على الأقل، ولكن بالنسبة للإنسان، فذلك يُدعى الموت. لا يهم إن كان قلبك ينبض أم لا، فستظل بالنسبة لهم ميتًا حتى تفتح عينيك، وهكذا سيعلمون أنك حي.

إذًا، هل يُعقل أن أديت الصغيرة ميتة؟ فهي متكورة على نفسها منذ ثلاثة أيام متتالية. هل يُعقل حقًا أن يحل عليها الموت في هذا الكهف المظلم البائس، وحيدة ومتجمدة؟ ربما... نعم، ربما سوف تستيقظ إن لامست أشعة الشمس عينيها. دعونا نترقب حدوث ذلك لبعض دقائق، بينما نتأمل هذا الكهف، برغم صعوبة ذلك بسبب الظلام الذي يغزوه. لكن من الواضح أنه ليس كبيرًا جدًا ولا يبدو أنه يحتوي على أنفاق أو ممرات ضيقة، فقط فتحتان: فتحة صغيرة في الأسفل التي دخلت منها أديت، وفتحة أخرى في الأعلى تحتاج فقط أن تتسلق بضع صخور عملاقة للوصول إليها.

انتهى وقت الانتظار سريعًا. ظهرت الشمس وأرسلت أشعتها لتدخل من فتحتي الكهف، لتجعل المخفي ظاهرًا. كل شيء ظاهر الآن: صخرة صخرة يمكن رؤيتها بسهولة، وبقيت رؤية عيني أديت تفتح هو الأمل المنتظر الآن. وأخيرًا بدأت رموش عينيها بالرفرفة. إنه دليل كافٍ لإبطال تخميننا، ومن طريقة استيقاظها نستنتج أنها نامت مرتاحة طوال تلك الأيام. يبدو أن ذلك الفراء الأسود كان غطاءً مريحًا، لكنه لم يظل مريحًا للأبد.

شعرت أديت بذلك الفرو وهو يهتز، وبطريقة غريزية قفزت مبتعدة، ولكن الأمر لم ينتهِ بطريقة جيدة، إذ تعثرت بأحد الصخور مسببةً ضجة من المستحيل ألا توقظ ذلك الكائن. شعرت بخفقان قلبها المرتجف، ولم تجد خيارًا آخر سوى أن تزحف، رغم أن ذلك لن يفيدها بشيء. فقد رفع رأسه عن الأرض وحدق إليها بعينيه الزرقاوين البارزتين كالقمر وسط ذلك الفرو الأسود القاتم. بالطبع، هو ذئب الظلام، من غيره بهذه الهيئة؟

اهربي!! اهربي!!... تلك الكلمة عالقة في ذهنها، ولكن رجلها المتشنجة عنيدة، لا تريد الوقوف. إنها لحظة الاستسلام، نعم، إنها ذات اللحظة التي يتعب فيها الغزال بعد مطاردة طويلة مع الفهد، فينجح الفهد في الاصطياد، ولكن ليس لأنه ماهر، لا... ذلك حدث فقط لأن الغزال يئس من الركض في دائرة مصيره المغلقة... ذلك حدث فقط لأنه أراد أن ينهي الأمر بسرعة وحسب.

أغمضت عينيها بينما تشعر بخطواته تقترب ببطء، كان ذلك يزيد من حدة خوفها المكتوم. ولكن ذلك الصوت؟!... صوت الخطوات لقد اختفى. لا بد أنه بالقرب منها الآن. أجل، هو قريب، قريب جدًا، يمكنها أن تشعر به وهو يشمها، ثم توقف عن ذلك... هل يعقل أنه رحل؟!.. ربما ظن أنها ميتة لذلك رحل. أرادت التأكد من ذلك، لتفتح عينيها بشكل خافت. تبا... ما زال هنا فوق رأسها.

...

قاعدة بين صخور الغابرو الخشنة، أحد أنواع الصخور النارية. كم هي مذهلة هذه الصخور بالنسبة لها! إنها المرة الأولى التي ترى هذا اللون المميز، الأخضر القاتم المتداخل مع اللون الأسود مع تلك الحبيبات اللامعة. في عالمها السابق، لا توجد مثل هذه الصخور إطلاقًا، ربما لأنها تتكون فقط في باطن الأرض، أما هنا فهناك الكثير منها، الحاد واللامع. ولكن لماذا تشعر بشعور غريب يتحرك بداخل قلبها؟!.. إنه الشعور بالغرابة.

أجل، غريب ما حدث قبل قليل، كيف جعل روحها باقية في جثمانها حتى الآن؟ كيف يعقل لحيوان مفترس مثله أن يترك فريسته دون أي خدش؟.. أم أنها لم تعجبه؟ هل بسبب جسدها الضئيل؟ ربما هو يعلم أن لحمها لن يشبعه... أم أنه بسبب رائحتها؟!.. هذا السبب معقول، فهي منذ أسبوع ربما لم تستحم. نعم، هي تحتاج للاستحمام. ولكن... هل يمكنها الخروج من كهفه هكذا أم يجب أن تستأذن منه؟ لا بالطبع لا، لماذا قد تستأذن من حيوان؟ أجل، ذلك تصرف أحمق.

رفعت رجليها بمهل حتى لا يتسلل صوتها إلى أذنيه النائمتين. أهو حقًا ذئب؟ يبدو كالدب، ينام طوال الوقت. ولكن تلك نقطة نصر لها، يمكنها الهرب الآن. من يعلم، ربما يغير رأيه المرة القادمة.

إن الأمر سهل حقًا، بضع خطوات أخرى وتخرج من هذا الكهف المريع. ولكن رجلها العرجة لم تساعدها على ذلك، فكانت ترتطم بالحصى التي أفاق مع تدحرجها الذئب. رفع رأسه لينظر إليها بعينيه الصارمتين، ذلك جعلها ترتعش، وبطريقة حمقاء قالت:

ـ أريد الذهاب للاستحمام فقط.

أغمض عينيه قليلًا مما جعلهما أكثر حدة، ثم أعاد رأسه للنوم. تبا، ما هذا؟ أيعقل أنه يفهمها؟! إن الأمر يدعو للشك حقًا، ولكن ليس لديها الوقت للتفكير. وكان الاستعجال لن يفيدها بشيء هنا... أجل، هنا في عالم لا تعرف عنه شيئًا، لديها اتجاهان فقط: يمينًا حيث يوجد طريق مسدود، وفي الجهة الأخرى المجهول. فأي جهة ستختار للإبحار فيها؟!

.

ذئب الظلام:مؤامرة الشياطينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن