II

35 5 0
                                    


قبل أسبوعين

(قرية فرسيف)

قرية فرسيف البسيطة قليلة السكان التي كلما غصت في أطرافها الغربية وجدت السكير و المتشرد و اليتيم..لا بأس بها فهي أفضل من القرى النائية البعيدة عن مدينة ترسكافيا..ما دمت تعيش في أوساطها فأنت بعيد عن الظلام الحالك الذي يغزو الغابة التي تطل على الجهة الغربية من المملكة، و للأسف قرية فرسيف قريبة منها ما يفصلها عنها سوى خط من السهول العشبية تلك الغابة يطلق عليها الناس بالغابة المظلمة، ربما بسبب الاشجار الطويلة المتشابكة التي تغطي فتحات السماء
لتحمي أرضها من أشعة الشمس القوية أم أنه يوجد سبب
آخر ليطلق عليها هذا الأسم؟..

و مع بزوغ الفجر، و رائحة الخبز الساخن الذي يعم أرجاء القرية، في ذات الوقت تقوم سلفيا بوضع وعاء من حساء الخضار لابنها ألفونس

ولكننا لا يمكن أن نسميه بهذا المسمى.. فالخضار قليلة لا تزيد عن قاع الوعاء، و الباقي مجرد ماء مع القليل من الملح..أنه بسبب الفقر الذي تعيشه العائلات الكادحة في تلك الازمنة المظلمة، و بدون أي كلمة هرولت سلفيا مبتعدة فهي دائما تحاول الاسراع في كل اعمالها حتى تتفرغ لابنتها المريضة آديت

و هاهي الان تتجه نحو الغرفة بينما تعرج بسبب تلك التقرحات الكثيرة التي في رجلها اليمنى لتفتح قفل الباب وقبل دخولها أخذت نظرة إستطلاعية لابنها و هو يشرب الحساء دون تذمر هكذا هو حال ألفونس دائما قليل الحديث و ما يقال له يفعله دون تذمر.. متميز عن باقي الصبية الذين بعمره.. و بعد أن انتهت من مراقبته دخلت لتلك الغرفة الفارغة التي لا يوجد بها سوى بعض الملابس التي جميعها متلطخة بالدماء، و بالزاوية الاخرى ابنتها آديت بشعرها الاسود المنسدل على أكتافها

تقترب سلفيا منها فتجلس بقربها، ثم وضعت يدها بجانب الاخرى لتقوم بالدعاء، وبعد أن انتهت اقتربت أكثر من آديت لتنظر لعين ابنتها السوداوتين بتمعن دقيق، و كأنها تبحث عن شيء فيهما و بعد أن تأكدت من أنه غير موجود ما في بالها فرحت، لتبعد أصابع يديها عن جفن ابنتها ثم قالت تطمئن فؤادها:

ـ جيد جداً لا يوجد أي ازرراق في عينك يا آديت

ثم وضعت يديها على كتف ابنتها النحيفين لتقول:

ـ ربما هذه المرة حقاً قد شفيتي لن تتألمي مجددًا

ابتسمت آديت فرحة لتقول:

ـ حقاً!!..إذا لن أرى المخلوقات السوداء مجددا...هم دائما يأتون و يسخرون مني

...ثقل لسان سلفيا لم تستطع قول كلمة بعد ما سمعته لبرهة ثم قالت :

ـ ما الذي ترينه حبيبتي؟!...

و بينما تنتظر سلفيا الاجابة من ابنتها فتحت باب الغرفة أنه زوج سلفيا " اغنيوس" بوجهه المتصبب بالعرق بعد عمله طوال الليل في محله.. يسخن و يبرد ثم يدق ثم يسخن و يبرد مجددًا حتى يصبح ذلك الحديد سيف لامع لأحد الفرسان المحاربين ...

 يسخن و يبرد ثم يدق ثم يسخن و يبرد مجددًا حتى يصبح ذلك الحديد سيف لامع لأحد الفرسان المحاربين

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

في ذات الوقت عربة تجرها الخيول تغزو قرية فرسيف.. تلك العربة تصميمها عادي لا يجعلك تسرح في الذهول، و لكن ما كان عليها لن يجعلك تشعر بالذهول وحسب بل ربما سيتتبعها نظرك.. ذلك القفص الأسود الكبير الذي يتدلى منه سناسل، وأصفاد تنتظر سجينها بكل شوق

توقفت تلك العربة وسط، أم لنقول حواف وسط قرية فرسيف لينزل منها أحد الفرسان متجها نحو المتشرد العجوز المتواري عن البرد اسفل نافذة أحد المنازل، الذي جمد في مكانه ليس بسبب البرد بل بسبب إقتراب خطوات الفارس إليه، ومع تلك النظرة الحادة نظر لعينيه الشاحبتين و هو يقول:

ـ أين تقطن سلفيا وستون

و بدون النطق بكلمة أشار الرجل العجوز باصبعه المليء بالتقرحات للمنزل الذي بالجهة المجاورة

أوجه الحارس نظره للمنزل منزل قديم صغير ذو باب معدنية يبدو من شكلها أنها صنعت بإتقان إنها مختلفة عن ذلك المنزل العتيق

نظر الفارس إلى زميله و صاح:

ـ يقول أنها في ذاك المنزل

ذئب الظلام:مؤامرة الشياطينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن