في حين وصولنا الى مواقف السيارات اخبرني جدي انه سيقيم حفلة عشاء على شرف خروج "Liza" من المستشفى، فرح الجميع بهذا الخبر ولكنني اعتذرت عن الحضور، وعلى الرغم من اصرار الجميع الا انني رفضت وتوجهت الى سيارتي وكانت "Jina" خلفي تماماً، سألتها لما لا تذهب معهم، اخبرتني انها لا تريد تركي لوحدي وتريد البقاء معي، اخبرتها بالمقابل ان تركب معي في سيارتي وسأرسل شخص ما ليأخذ سيارتها لمنزلها.
في طريقنا الي وجهتنا اخبرتها انني سأتوجه الى العنوان الذي ارسله لي جدي واخبرتها بالفعل عن ما دار من حديث بيننا، شعرت بيدها على فخذي مما جعلني اشيح نظري عن الطريق قليلاً لأنظر لها ومن ثم عاودت النظر الى الطريق، وكانت تبتسم والدموع تملأ عينيها، لم اكن اعلم انها حساسة الى هذه الدرجة، ولكني اعتقد ان هذه شخصيتها الحقيقة التي تظهرها فقط امامي؛ لأنه وكما قد لاحظت مسبقاً فهي تتعامل مع الجميع وكأنهم فقط كقمامة ليس وكأنها متعجرفه او شيء من هذا القبيل، بل هي فقط لا تتحدث معهم كثيراً او تضحك او تجلس معهم، الهذه الدرجة لدي تأثير كبير عليها. بدأت تخبرني عن مدى سعادتها لمجرد سماعها انني احاول تذكر الماضي من اجلها وما الى ذلك.
الى ان وصلنا الى وجهتنا، (منزلي) كان منزل بسيط اعلى قمة التل وكان ذو طابقين يكسوه اثار الحروق مازالت متواجدة على جدرانه المهدمة اثر انفجارٍ ما وكانت الاشجار تحيط به من جميع الجوانب بالاضافة الى انه كان المنزل الوحيد المتواجد على هذه التلة وذلك يعني انه بعيد عن باقي المنازل والقرى، امسكت "Jina" بيدي مشجعةً لي للدخول الى المنزل وبالطبع ذهبنا معاً الى داخل المنزل وكان ضوء القمر يتخلل من الفتحات المتواجدة بالسقف، ذهب كلٌ منا في طريقه باحثاً عن دليل او تلميح لأي شيء قد يذكرني بالماضي وبالفعل وجدت دمية كان نصفها السفلي محترق وكانت عينيها زرقاء، ومضت ذكرى من الذكريات في ذهني.
الكاتبة: ومن هنا ستبدأ بعض الاحداث من ماضي "Shiri" بالظهور:-
ذكرى 1 (بداية تعقد الامور): كانت "Shiri" تلعب بدميتها ذات الاعين الزرقاء بجانب المدفأة وتتمتم بلحن الاغنية التي كانت والدتها تغنيها لها عندما كانت في عمر ال4 سنوات، لم تدم سعادتها طويلاً في حين دخول والدها الذي يترنح يمنةً وشمالاً وبيده قنينة خمر قد انهى نصفها بالفعل، ذهب للجلوس على الكنبة المقابلة للمدفئة وكانت "Shiri" تنظر الى كل حركة كان يقوم بها، وهو بدوره كان ينظر اليها بنظرة تملؤها الحزن وفجأة هم بالبكاء، تركت "Shiri" دمتيها بجانب المدفأة وتوجهت الى والدها الذي يبكي بحرقة ومسحت دموعه التي تنهمر بيديها الصغيرتين، ولكن عندما ألتفت والدها اليها تحولت نظرة الحزن الى كره مما جعله فجأة ينقض على جسدها الصغير واضعاً يديه حول رقبتها محاولاً خنقها وكان يصرخ بشدة:( انتي هي السبب، انتي من قام بفعل هذا لها، انتي قتلتيها، بسببك قد خسرت قطعةً من قلبي، لماذا لم تموتِ انتي بدلاً منها، لماذا كان يجب علي خسارة عزيزتي "Amanda")، في حين انقطاع انفاس الطفلة "Shiri" دخل شخصٌ ما، مسرعاً نحوهما محاولاً ابعاد الاب عن جسد هذه الطفلة الهزيلة، وبالفعل استطاع بعد ان اخذ قنينة الخمر وكسرها على رأس والد "Shiri"، وبالمقابل سقط والد "Shiri" فاقداً للوعي.
كانت تلك زوجة والد "Shiri" التي قد تزوجها والدها لسبب واحد فقط، وهو الاعتناء بالصغيرة في حين ذهابه الى شرب الخمر وقضاء وقته في السُكر وغيره، فقد دنت حاله الى هذه الدرجة بعد وفاة زوجته "Amanda"
تلك الزوجة الجميلة ذات الاعين الرمادية والشعر الحريري الاسود وبشرتها الحنطية التي كانت تحب عائلتها وتحب زوجها المصون وتجمعهما علاقة قوية قبل وبعد الزواج، كانا فرحين بأول طفل قد انجباه وهي "Shiri" كانت هي مصدر سعادتهما الى ان جاءت تلك الليلة التي اضطر فيها الزوج البقاء في العمل الى وقت متأخر، وكانت "Shiri" في ذلك الوقت تعاني بعض الحمى الشديدة، تطلب الامر احضار الطبيب الى المنزل ولكن لسوء احوال الطقس لم تستطع "Amanda" الاتصال بأي شخص، فأُضطرت لأخذ "Shiri" ولفها بغطاء ثقيل وبدلت ثيابها هي الاخرى وهمت للخروج في الجو العاصف وكان المطر كالشلال غزير للغاية.وهي في طريقها الى منزل الطبيب الكامن بالقرية الوحيدة القريبة من التل، كانت تركض بأقصى سرعتها ناسيةً ظروف الطقس، كل ما كان يدور في عقلها هو طفلتها المريضة.
ضربت صاعقة جذع شجرة مما سبب في سقوط جذع على "Amanda" ولكن ذلك لم يمنعها من حماية طفلتها من ذلك الجذع، ولكن عند سقوط الجذع على "Amanda" كان نصف جسدها عالق تحت هذا الجذع مما سبب لها صعوبة في التحرك، وكانت "Shiri" التي تبكي بكاء شديد بعيدة عن متناول يديها حاولت الخروج من تحت جذع الشجرة ولكنها لم تقوى على ذلك، بقيت تحاول الى ان جاءت صاعقة اخرى قد اضاءت الاشجار بحريق كبير، وكان الحريق ينتقل ببطئ بين الاشجار على الرغم من غزارة الامطار.
بدأت "Amanda" بالصراخ طالبةً النجدة ولكن لم يكن هناك من مجيب فقد كانت ماتزال في وسط التل حيث لا يوجد احد بالقرب منها، ولكنها لم تستسلم حاولت الخروج والحفر تحت نصفها السفلي محاولة تكوين فجوة مابين جسدها والجذع، لم تلقي بالاً الى يديها اللتان بدأتا تنزفا الدم، كل ماكان يدور في ذهنها هو انقاذ ابنتها فقط، ولكن استوقفها صوت زئير، وجهت نظرها الى مصدر الصوت، فقد كان فهد من الفصيلة السوداء معه طفله الصغير، بدأ التنفس لدى "Amanda" يضعف ونبضات قلبها تسرع، كانت عينيها تدور مابين ابنتها والفهد الاسود الذي يقترب ببطئ اليها. بدأت بالصراخ و رمي التراب والصخور وغصن الاشجار على الفهد الاسود ولكنها لم تستطع ابعاده عن طفلتها، وضعت يديها على فمها وحاولت التوسل بصوتها المكتوم:( اتوسل إليك دع طفلتي وشأنها، يمكنك ألتهامي والتخلص مني، ولكن دع ملاكي الصغير وشأنها)، نظر الفهد الاسود الى "Amanda" قليلاً ولكنه لم يلقي بالاً لها، عند اقترابه من "Shiri" كشر عن انيابه ممسكاً الغطاء الذي يغطي "Shiri" وحملها بعيداً عن والدتها.
وبذلك بقيت "Amanda" تحت الجذع تصرخ من اعماق قلبها والدموع والوحل والامطار تغطي وجهها والدماء تسيل من يديها ولم تعد تشعر بجزءها السفلي، استسلمت هذه المره ولم تعد تحاول الخروج من تحت الجذع وكانت النيران تقترب منها ببطئ، اغمضت عينيها وبدأت تتمتم بتلك الاغنية التي كانت تغنيها ل"Shiri" قبل خروجها من المنزل:( ايتها الارواح الزرقاء... خذيني بين يديك... دعيني اشعر باللهيب الازرق الذي يكمن بين قلبيك... قلبيك اللذان يحويان الزمردتين.... امديني بقواك... قواك التي تكمن في قلب بحيرة الانين....) فتحت "Amanda" عينيها لتجد الفهد الاسود امامها مباشرةً.
أنت تقرأ
بصيص امل
General Fictionصحيح اني اصبحت ام في عمر مبكرة الا اني حظيت بأجمل طفلتين وهن اخوتي الصغار صحيح اني لم احظى بالحب الذي تحلم به كل فتاة ولكن يكفيني حب اخوتي لي صحيح اني لم اشعر بالامان طوال حياتي ولكن احرص على اشعارهن بالامان انا فقط لا اريد ان يمسسهن أي مكروه.