26

262 19 3
                                    

أردفت "Jiana" بينما تتوجه الى الآخرى(هل ما قد كتب في تلك الأوراق سبب عبوسك الأن؟)، أجابت "Shiri" (يمكنك قول ذلك... هل يمكنني ان أحصل على عناق دافئ؟) لم تتردد التنينة الحمراء وقامت بسحب "Shiri" في عناق دافئ، أزاح القليل من تلك المشاعر المتضاربة في أعماق ذات الأعين الرمادية، ولكن على الرغم من ذلك لم تتزحزح من ذلك العناق الا عند وصول التنينة الزرقاء.

قامت "Shiri" بإغلاق المنزل بالمفتاح بعد ان ألقت عليه نظرة اخيرة، واخبرت التوأمتان بوجهتهما التالية وهي الكهف الذي قد رسمته "Selvinaz" بالخريطة، وفي طريقهما إليه اخبرتهما عن تلك القصة التي قد كتبتها زوجة اباها، وانها هي اقرب للواقعية مقارنةً بتلك القصة التي قالتها جدتهما، وستقوم بقطع الشك باليقين عما قريب، ولكن الأن هي قد صبت جام اهتمامها الى وجود الفهود السوداء في الكهف والذي قد توجهوا اليه بالفعل. وعند وصولهم الى ذلك الكهف كان الأمر كما قد وصفته "Selvinaz" لم يكن هناك الكثير منهم، بل كان عددهم قليل جداً، فبالطبع بعد تلك المعركة التي قامت بينهم وبين التنانين فقد تكبدوا خسائر فادحة.

توجهت "Shiri" الى داخل الكهف لتجد مجموعة صغيرة ايضاً كانت تعتني بالجراء، (حفيدة ابنة ابليس!) صدر ذلك الصوت من مؤخرة الكهف المظلم، ولا يوجد الا ضوء القمر الطفيف يتخلل من سقف الكهف، عند توجه صاحب هذا الصوت الى ضوء القمر اتضحت ملامحه قليلاً، كان بالتأكيد احد تلك الفهود ولكنه كان بهيئته البشرية، ( نعم انها انا) اجابت "Shiri" وهي تتفحص المحيط أكثر حذراً، ولكن لم يكن هنالك احدًا يلقي لها بالًا، فقط من كان يصب جام اهتمامه لها هو ذلك الشخص الذي يقف تحت ضوء القمر، (مرحبًا بك! كنت أعرف انك ستأتين قريباً ولكنني لم اتوقع ان يكون لقائنا بهذه السرعة، هل يمكنك ان تتبعيني؟)، أجابت "Shiri" بإمأة فقط، بينما التوأمتان كانتا تراقبان بصمت.

عند خروجهم من الكهف توجه الأربعة الى منطقة قريبة من الكهف ولكن لا يوجد بها كائن حي واحد، فكل ما اراده ذلك الشخص هو بعض الخصوصية، قام بالتلميح ل"Shiri" عدة مرات بأن تأمر التوأمتان بالبقاء بالكهف ولكنها لم تلقي بالًا لذلك، (حسنًا دعيني أعرفك عن نفسي اولـ...)، قاطعته "Shiri" واخبرته انها تعرفه بالفعل، فهو "Demon" الشخص الذي اعتنى بجدتها ابنة ابليس الاولى، ضحك هو بدوره واردف: (نعم انه انا، حسنًأ بما انك الان تعرفين من انا ومن اكون وماذا كنت افعل، لا يمكنني اخبارك بأي شيء اخر، كنت اريد شرح التفاصيل لك، ولكن اتضح ان "Selvinaz" اخبرتك بكل شيء)، أردفت "Shiri" بدورها: (نعم لقد قرأت رسالتها التي تركتها لي، والان بما انك القائد الأكبر لقطيع الفهود السوداء، أريد ان أطلب منك طلب، أعلم انه سيكون من الصعب عليك القيام به ولكن هذا ما اتمناه وان كان جدي الاكبر ابليس وزوجته على قيد الحياه لتمنوا ذلك ايضاً)، عقد "Demon" حاجبيه وقام بسؤالها عن مطلبها.

 اخرجت تنهيدة صغيرة من فمها وقامت بوضع يدها على يده وأردفت: (أعلم انني مازلت في سن صغيرة وانني لا افقه الكثير عن قواي، ولكن بعد قراءتي لرسالة والدتي اتضحت لي العديد من الامور عن قواي، ومن ضمن قواي تلك هو استطاعتي دمج العوالم في بعضها كما فعل جدي الأكبر ابليس وكما كتبت والدتي انني انا من بين الأحفاد السابقين قد تمركزت قوى جدي الأكبر بداخلي وبنسبة أكبر من الآخرين، فما اريد قوله هو انني اطلب منك القيام بإقناع جميع الفهود عن دمج عالمهم الخاص بعالم التنانين، اعلم ان ذلك سيكون صعب وسيغضب الجميع ولكن هذا يجب ان يحدث منذ القدم، هذا ما كان يجب على جدي القيام به قبل تلك المعركة الكبيرة، بالاضافة انني سأقوم بجعل التنانين الملكية تقدم اعتذار رسمي الى قطيع الفهود السوداء فردًا فردًا، وكما قلت ذلك سيكون صعباً بالاضافة الى ان بعض الفهود قد لا ترضى بهذا الامر ولكن على هذه الكراهية انت تنتهي، فأنني أشعر بوجود خطر كبير قادم عما قريب وهذا الخطر يحتاج الى تعاون كل العوالم وتكاتفهم ولجعل ذلك يحدث، يجب ان ندفن كل الكراهية التي تكونت عن غير قصد.)

كان الجميع في صدمة كبيرة من هذا المطلب الهائل الذي قامت "Shiri" بإلقائه، وامتزجت صدمة التوأمتان بغضب كبير كان بادٍ على وجهيهما ولكن "Shiri" لم تلقي لهما بالًا، بل كل ما كانت تنتظره هو موافقة "Demon" وبالفعل بعد تردد وتفكير وافق ولكنه لن يضمن موافقة الفهود السوداء على هذا المطلب، ربتت "Shiri" على كتفه لتطمئنه ومن ثم اخبرته انها ستذهب الى عالم زهور زنبقة العنكبوت للتحدث مع التنانين الملكية، وبالفعل بعد ان ودعت "Demon" اخبرت التوأمتان انها ستذهب للعالم الان لتتحدث مع الجميع، ولكن التوأمتان لم تقوما بالرد وما زال الغضب يجتاحهما، امسكت "Shiri" بيد الاثنتان وأردفت:( انتما الان تعرفان الحقيقة، لذلك يجب ان تساعداني في ارجاع الامور الي نصابها، أعلم اننا لم نتأكد من صحة تلك القصة بعد، ولكنني قد اخبرتكم مسبقاً انها اقرب للواقع)، لم تنطقا الاثنتان بكلمة وماتزال تعابير وجههما متجهمة ولكن على الرغم من ذلك ذهبتا مع معشوقتهما الى عالم زنبقة العنكبوت للتحدث مع تنانين نسل الشياطين "التنانين الملكية".

في بادئ الامر واجهت "Shiri" صعوبة بإقناع الجميع، ولكن وبإعجوبة استطاعت اخضاعهم للأمر والموافقة على ذلك، ومن هذه اللحظة يجب على التنانين الملكية اخبار الشعب بهذا القرار الذي تم الموافقة عليه مسبقًا وسيتم تطبيقه قريبًا، خرجت "Shiri" من القصر بعد ان انتهت حديثها مع الجميع، وتركت التوأمتان مع والدهما و والدتهما فهما مازالتا غاضبتان منها لسبب تجهله، توجهت الى الحديقة التي احتوت على تلك البحيرة "الانين" و وجدت قبر "Angel" بقرب البحيرة، جلست بجانب القبر وبدأت بالمسح على التراب بخفة:( شكرًا لك، سأكون بخير طالما اشعر بطاقتك بجانبي، وباالمناسبة ان استطعتي ايجاد كلٌ من والدتي و "selvinaz" اخبريهما ان مرادهما سيتحقق قريبًا وسيعم السلام على العالمان.)، اشاحت نظرها عن القبر و وجهته للسماء التي تكسوها الغيوم السوداء، وبدأ العبوس يتسلل الى وجهها وبدأت بالهمس:(نعم سيعم السلام على العالمان بينما ستعم الكارثة على عالمي الخاص)، وبدأت تلك الدموع الخروج من عينيها وقد اختلطت مع قطرات المطر التي بدأت تتساقط بغزارة، بدأ صدرها يعلو وينخفض بقوة بسبب تلك الشهقات، في هذه اللحظة تمنت وارادت احتضان احدى التوأمتان حقًا، ولكن لا اثر لكلتيهما، هذا ما زاد من حزن "Shiri" فقد اعتادت على احتضان الاثنتان في كل الأحوال، والان بسبب غضبهما الذي ماتزال تجهل سببه ابعدهما عنها ولا يمكنها احتضانهما، ولكن عدم وجودهم الأن قد يساعد "Shiri" في الأعتياد على غيابهما عن حياتها في المستقبل.

 بعد ان هدأت نهضت من مكانها وألقت نظرة خاطفة على القصر ومن ثم عادت الى العالم الآخر "الأرض"، من دون ان تعلم التوأمتان عن ذلك، وتوجهت الى منزل والديها، لا تعلم ما هو السبب ولكن لديها رغبة ملحة بالذهاب الى المنزل الذي ولدت فيه، ربما ظناً منها بأن المنزل الذي ولدت فيه سيبعث لها الأمان والأطمئنان، وبالفعل عند وصولها للمنزل، كان الحطام متناثر في الأرجاء وآثار الحروق متواجدة ايضًا، لم تقم بالدخول الى المنزل، بل جلست امامه وبدأت التساؤلات تجول في رأسها: عن كيف ستكون حياتها لو لم تقم زوجة والدها بقتل نفسها و والدها؟ ماذا سيحدث ان ماتت "Shiri" و والدتها في ذلك اليوم العاصف؟ ان لم تكن تملك هذه القوى هل سيحبها والدها؟ وغيرها من الاسئلة التي يصعب حلها، ولكن قاطع حبل أفكارها صوت فتاة رقيقة ذات جمال مبهر:( مالذي تفعلينه هنا؟)، نظرت "Shiri" اليها مطولًا ولكنها لم تجب، بل همت بالذهاب بإتجاه الغابة، الا ان وقوف الفتاة امامها فجأة اوقفها، (اسمي "Sara") اردفت الفتاة ذلك بينما تمد يدها بحماس بإنتظار "Shiri" لتصافحها.

بصيص املحيث تعيش القصص. اكتشف الآن