19

429 23 2
                                    

اخرجت تنهيدة طويلة هذه المرة واتصلت على "Carla" لإخبرها انني لن اعمل في الشركة مباشرة بل فقط عن بعد وان ارادت مني شيء في غاية الاهمية يمكنها ان تزور منزلي الاخر الذي كنا نعيش فيه وانتظاري هناك، بعد ان انهيت مكالمتي معها اتصلت على "James" الشقيق التوأم ل"Jack" لأخبره بأن يحمي الطفلتين في حين غيابي واخبرته بتفاصيل العنوان وان يحترس في طريقه الى هنا والتأكد من عدم ملاحقة شخص ما له وارسلت رساله بالمثل لشقيقه ومعشوقه الكامنان في المنزل مع الصغيرتين، كنت اريد ارسال رساله كذلك الى "Jina" لأخبرها ان تخرج واننا سنذهب الى منزلي مرة اخرى ولكني ترددت بفعل ذلك، لم أقم بأخذ السيارة بل ذهبت مشياً على قدماي.

في حين وصولي للشارع العام شعرت بوجودها خلفي، نعم لقد لحقت بي "Jina"، عندما التففت للنظر إليها بالطبع كان الغضب يجتاحها، توجهت الي مهرولة وعانقتني من دون ان تنبس ببنت شفه، وكالعادة وضعت جم قوتها بهذا العناق، لم ابادلها العناق كل مافعلته هو انني ربت على ظهرها بالمقابل، ابتعدت عني قليلاً والصقت جبهتها بخاصتي وبقيت صامته لوقت قصير ثم ابتعدت عني وسألتني الى اين سنذهب؟ لم اجبها بل اوقفت حافلة مواصلات وذهب للجلوس بمؤخرة الحافلة وهي بدورها جلست بجانبي، لم تتحدث قط فقط كل ما شعرت به هو نظراتها لي، وكانت ممسكة ببيدي وتضغط بقوة عليها، تنهدت واملت رأسي على كتفها وضغطت على يدها، شعرت بأبتسامتها على جبيني بينما تقبلني وامالت هي الاخرى رأسها على رأسي.

بعد ذلك وصلنا الى محطة الحافلات القريبة من منزلي واكملنا الطريق سيراً على الاقدام متجهين الى اقرب بحيرة، كانت "Jina" ماتزال ممسكة بيدي وكنت ممسكة بيدي الاخرى هاتفي واضعةً الخريطة امامي، وبالفعل وصلنا الى البحيرة القريبة من الشارع العام، كانت خلابة جداً وكانت تحطيها زهور زنبقة العنكبوت ولكن كان لونها ازرق، سمعت تأوه قوي يخرج من "Jina" عندما وجهت بنظري اليها كانت تضع يدها على فمها وعيناها مغمضتان، سألتها ما ان كانت بخير واومأت كإجابة، لم اشعر او ألحظ بشيء غريب بشأن هذه البحيرة غير تصرف "Jina" هذا، سحبتها بإتجاه البحيرة التالية التي تبعد عن هذه البحيرة الا بعض امتار قليلة فقط، وبالطبع كانت هناك ولكنها تختلف قليلاً عن التي سبقتها كان لون زهور زنبقة العنكبوت احمر، وكما توقعت تأوهت "Jina" مرة اخرى واغمضت عينيها ولكن هذه المرة بطريقة خفيفة جداً، وقامت بتكرار هذا الامر في باقي البحيرات الذين قمنا بالمرور بهم.

بعد ان توجهنا الى منزلي المحترق والذي بدأت فيه الأحداث جلسنا على الارض وكانت "Jina" تتنفس بصعوبة، بقيت انظر إليها الى ان هدأت، نظرت الي بعد ذلك بقلق:(تعلمين انه لا يمكنني اخبارك عن ما يحدث صحيح؟) اومأت لها كإجابة:(لهذا لم اسألك منذ ان بدأتِ بالتصرف بغرابة) استلقيت على الأرض وبدأت بالتفكير في تلك البحيرات، فقد كان ترتيبهم غريب ففي البداية كانت زهور زنبقة العنكبوت بالبحيرة الاولى زرقاء ومن ثم البحيرة الثانيه حمراء ومن ثم الثالثة زرقاء وهكذا، قمت بترديد كلمات الاغنية في عقلي مرة اخرى، فتحت هاتفي وبحثت عن تاريخ معين، سألتني "Jina" عن ماذا ابحث، وجهت لها الهاتف وامسكته بيديها، واتسعت عينيها بصدمة كبيرة.

(هل حقاً تذكرتي ام فقط كنتي تخمنين؟)، هززت رأسي نفياً:(خمنت، ربطت الامور ببعضها خاصة ان اغنية والدتي ساعدتني كثيراً على حل هذا اللغز، فبحيرة الانين هي واحدة من ضمن تلك البحيرات وهي الوحيدة الحقيقية او يمكننا قول هما بحيرتان حقيقيتان، اذا عدنا للأغنية فقد ذكرت بحيرة الانين بالاضافة الى ذكرها امر تنينان فهل يمكن ان احدى هذان التنينان متفرقان، فمثلاً يوجد تنين في بحيرة والتنين الاخر في البحيرة الاخرى؟ وبالنسبة لهذا التاريخ فقد ربطته بالقمر الاحمر، ففي هذا التاريخ الذي اريتك اياه سيحدث خسوف هجين للقمر مما يؤدي الى احمرار لون القمر وهو مايطلق عليه العلماء بإسم القمر الدموي، وسيحدث ذلك بعد شهرين من الان أي بعد احتفالنا بالسنة الجديدة وسيكون في شهر يناير، والتاريخ سيكون 15/1 أي يوم ميلادك يا "Jina"!!)

تنهدت ونهضت من مكاني و وجهت نظري اليها:("Jina" انتِ هي التنين الذي يخص احدى بحيرات زهور زنبقة العنكبوت الزرقاء بينما ذلك الصوت الهامس فهو التنين الذي يخص زهور زنبقة العنكبوت الحمراء!!! بالنسبة الى الزمردتين فهما ايضاً يشيران اليكِ والى التنين الاخر لا اعلم كيف ولكنني سأقوم بالبحث اكثر وهناك بعض ثغرات اريد ملؤها والان كل ما احتاجه التركيز والصبر) ارتسمت ابتسامة خائبة الامل على وجهي واكملت:(لا احتاج الى اجابتك بعد فهذا مجرد تخمين، بالاضافة الى ان الستار سيُكشف في تاريخ يوم ميلادك) صمت قليلاً مترقبة لأي ردة فعل قد تقوم به، ولكنها لم تفعل شيء فقط نهضت من مكانها واعطتني هاتفي وهي تبتسم ابتسامة مطمئنة، ظللت أحدق بعينيها لفترة يمكنني القول عنها طويلة، وكانت الرياح تهب بقوة محركة خصلات شعرها الحريري القصير، قاطعت اتصالنا البصري بإغماض عيناي وألتفت متوجهةً الى محطة الحافلات القريبة.

في طريقنا الى المحطة سمعت صوت امرأة ينادي بإسمي، لا اعلم لماذا ولكن شعرت بقلبي يرفرف فجأةً، وجهت نظري الى مصدر الصوت ولكنه كان يتعمق الى داخل الغابة، وجهت نظري الى "Jina" وكنت اريد ان اسألها ما ان كانت تسمع ذلك الصوت ام لا، ولكن ملامح الغضب عادت وكست وجهها مرة اخرى، توجهت الي مسرعة وامسكت يدي بقوة محاولةً سحبي معها بإتجاه المحطة.

بصيص املحيث تعيش القصص. اكتشف الآن