الفصل الثالث

2.6K 221 408
                                    

"‏صلى عليك الله يا خير الورى
قد صار حبك في شراييني دمًا"💙!

•ﷺ.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}💙

**************************************
#غيبوبة.
#ليصبح_كل_ما_تعيشه_غيبوبة_في_الحياة.
#زينب_إسماعيل.
#الفصل_الثالث.

"الحُب ليس مُتعبًا، هُم لم يكونوا يومًا مُحبينك!"
أميرة الطيب.

التوتر سيد الموقف، القنبلة التي فجرها عمر طال لهيبها كل من حسن وأمير ليتفاقم غضبهما، فتساءل حسن بعصبية:
_لأ معلش فهمني أنت بتفكر إزاي، يعني إيه ترمي أختك لواحد اغتصبها وتديله حق فيها عشان يكمل عليها بالشرع والقانون؟ أنت اتجننت!
احتدت نظرات عمر ليجيبه بصوت يحمل نبرة الحدة ذاتها:
_حسن الزم حدودك وانتبه إنك بتتكلم مع أخوك الكبير.
رد حسن بنفس النبرة العصبية:
_وهو أخويا الكبير مش المفروض يعقل الكلام قبل ما يقوله!
حاول أمير أن يخفف من حدة النقاش الدائر فقال:
_اهدى بس يا حسن، أكيد عمر قصده حاجة فيها مصلحة نور، استنى نفهم.
صرخ حسن قائلًا:
_نفهم إيه! ده بيقولك نجوزهاله، مصلحتها إزاي يعني!
ظل عمر هادئًا أو كما يراه حسن؛ باردًا!
يعلم جيدًا أن حسن هو الأقرب لنور وأنه لم يتقبل بعد ما حدث لها حتى يتقبل ما سيحدث، لكن ما باليد حيلة، لذا أخذ نفسًا عميقًا ثم زفره قائلًا:
_تقدر تقولي مين هيقبل يتجوز نور بعدين وهي كده؟ ولا هنخليها من غير جواز والناس تستلمها كلام؟ ولا هنستنى نشوف مُخطط البيه اللي اسمه عز ده إيه واللي جايز جدًا يكون ناوي يفضحها؟ أنت متخيل لو حد شم خبر بالموضوع شركتنا هيحصل فيها إيه؟ أسهمنا هتنزل الأرض، كلنا هنتدمر، الناس مبترحمش!
فُتحت عينا حسن على مصراعيهما من شدة ذهوله، ثم بدأت تميل للاحمرار شيئًا فشيئًا حين صرخ:
_تتحرق الناس وتولع الشركة، أنت بتقول إيه؟ أنت مستوعب اللي بتقوله! عايز ترمي نور عشان شوية ناس ملهاش لازمة ولا عشان شركة وأسهم وفلوس وزفت! أنت عقلك راح فين؟ د.. دي نور، نور يا عمر!
صرخ عمر فجأة:
_ما تفهم بقى، نور خلاص، حصلها اللي حصلها، عايزنا نقعد جنبها نغني ظلموه، ولا نحافظ عاللي فاضل ومنخسرش أكتر من كده؟
هز حسن رأسه يمينًا ويسارًا بغير اقتناع ثم ترك المنزل وغادر.

***********************
مر أسبوع على الحادثة المشؤومة، وقد بدأت نور بالكلام مجددًا بعد محاولات شتى من والديها وإخوانها وريم، جلست ريم إلى جوارها تحاول أن تطعمها قائلة:
- عشان خاطري يا نور، عشان خاطري المعلقة دي بس.
أعرضت نور عن الطعام بملامح مشمئزة، ثم قالت:
_بس بقى يا ريم، مش طايقة آكل أكتر من كده.
نظرت ريم إلى الطعام الذي لم ينقص شيئًا بحزن:
_هو أنتي كلتي حاجة أصلا!
أوشكت نور أن ترد إلا أن طرقات خفيفة على الباب منعتها من الاسترسال، أذنت ريم للطارق وإذا بهما أمير وعمر، نظرت ريم إليهما متسائلة:
_امال فين بشمهندس حسن؟
أجابها عمر بهدوء:
_حسن برة.
ثم التفت إلى نور متسائلًا:
_عاملة إيه النهاردة يا نور؟
هزت نور رأسها بهدوء دلالة على أنها بخير، فجلس عمر قائلًا بتريّث:
_بصي يا نور، أنا عارف إن اللي حصلك مش سهل، بس كمان دي مش نهاية الدنيا، لازم تعدي الموضوع بأقل خساير ممكنة، وتراعي إنك مش في المصيبة دي لوحدك.
قطبت نور جبينها بتعجب ثم تساءلت:
_أقل خساير ممكنة! هو لسة فاضل حاجة أنا مخسرتهاش؟
حاول عمر أن يتحدث إلا أن مقاطعة نور أوقفته حين سألت:
_في إيه يا عمر؟ عايز تقول إيه؟
ازدرد عمر ريقه، ثم نظر إلى عمق عينيها قائلًا:
_احنا كنا عند عز أنا وأخواتك دلوقتي.
تنبهت حواسها كما حدث لريم، ثم نظرتا إليه تحثانه على إكمال حديثه، وكان حديثه خارج نطاق توقعاتهما، حيث قال:
_عز وافق يتجوزك.
-نعم!
صمتها الذي كان ردًا بليغًا على حديث عمر لم تستطع ريم أن تؤيده، بل خرجت منها تلك الكلمة باستنكار لتتابع:
_يتجوزها يعني إيه! ده بدل ما ترفعوا عليه قضية وتجيبولها حقها!
تنهد عمر قائلًا:
_يتجوزها يعني يتجوزها يا ريم، يعني يصلح غلطته، أنتي متخيلة لو رفعنا قضية هنعرف نثبت حاجة؟ كل الفكرة إن سيرتها هتبقى على كل لسان، الصحافة مش هتسيبنا، كل شركاتنا هتقف، ضيفي لكده إن الناس مش هتشوفها مظلومة، أكيد أنتي عارفة السخافات اللي ممكن تتقال في موقف زي ده؛ كنتي لابسة إيه، طب إيه اللي وداكي هناك، طب تعرفيه ولا لأ، وكلام أسوء من ده بمراحل!
ثم التفت إلى نور ليربت على ذراعها متابعًا بهدوء:
_نور أنا بعمل كل ده عشان مصلحتك.
نفضت نور يده عنها قائلة بجمود:
_بس متقولش مصلحتي، أنت خايف على سمعتك وفلوسك يا عمر بيه.
أغمض عمر عينيه بضيق ثم فتحهما على سؤالها:
_بابا وماما وحسن موافقين؟ عشان كده حسن مرضيش يدخل معاكم، وأنت يا أمير موافق؟
اقترب أمير ليجيب بحزن:
_نور يا حبيبتي، عمر مش قصده حاجة، دي مش سمعته هو دي سمعتك أنتي.
أومأت برأسها إيجابًا دون أن يرف لها جفن، ثم قالت:
_تمام، ممكن تسيبوني لوحدي؟
تحرك عمر وهو يقول:
_فكري كويس يا نور، احنا اتفقنا على فرحك كمان شهر.
ظلت ريم محلها وقد اتخذت الدموع من وجنتيها مجرى لهم، حاولت التحدث إلا أن نور شبه طردتها بحجة أنها تود الاختلاء بنفسها، كما خرج عمر وتبعه أمير، ليجدا حسن بالخارج ودموعه فد غادرت عينيه لأول مرة منذ أن بلغ، نظر لهما بقهر قبل أن يندفع لغرفته مغلقًا الباب خلفه بغضب وهو يتذكر زيارتهم لعز.
أتى عز على صوت دقات الباب وقد شعر بالغضب من سفر أمه وأخذها للخادمة معها في رحلة العمل خاصتها، وما إن فتح حتى فوجئ بالشباب الثلاثة يقفون أمامه.
_أنت عز المصري؟
تساءل عمر بنبرة هادئة، في الوقت الذي استعاد فيه عز ذكرى رؤيتهم في حفل تكريم نور للمرة الأولى والأخيرة، وهنا أوجس في نفسه خيفةً من أن يكونوا قد أتوا ليفعلوا به شيئًا مستغلين وحدته، لكن الشباب لم يعطوه فرصة؛ حيث دفعه حسن بحدة إلى الداخل هاتفًا:
_طالما وشه جاب ألوان كده يبقى هو سي زفت.
سقط عز إثر دفعة حسن التي لم يحسب لها حسابًا قبل أن يستقيم مجددًا ليسألهم:
_أنتو عايزين مني إيه؟
ناظره أمير باحتقار، بينما تحدث حسن ساخرًا:
_لا والله؟ احنا اللي عايزين إيه؟
ثم أمسكه من تلاليب قميصه قائلًا بغضب:
_عملت فيها كده ليه، عملتلك إيه!
ثم بدأ بضربه وهو يشعر بطاقة هائلة تحتاج لأن يفرغها، لحظات قضاها في ضربه قبل أن يمسك به أخويه، ليقول أمير:
_ميستاهلش توسخ إيدك بيه يا حسن.
بينما قال عمر بغضب:
_حسن احنا متفقناش على كده، اقعد خلينا نتكلم!
تناول عز منديلًا من العلبة التي سقطت معه من فوق الطاولة أثناء تعدي حسن عليه ثم بدأ في مسح وجهه من الدماء قائلًا:
_أنا عارف إني غلطت، بس أنا مستعد أصلح غلطتي.
_يا بجاحتك يا أخي!
قالها حسن بحدة وهو على وشك ضربه من جديد إلا أن عمر حال بينه وبين ذلك ثم قال موجهًا حديثه لعز:
_يعني أنت موافق تتجوز نور؟
_طبعًا!
قالها عز بعدم تصديق، ولم يكن يتخيل أن حيلته ستمكنه من الوصول لمراده بتلك السرعة، قبل أن يفاجئ بلكمة حسن الذي هتف بغضب:
_طبعًا يا خسيس يا واطي، ما فعلًا، هو أنت كنت تطول يا جربوع يا معفن.
هذا قبل أن يدفعه عمر بغضب نحو أمير صارخًا:
_حسن! أنا قلت إيه؟
ظل حسن على غضبه الذي تجمع في مقلتيه وهو ينظر لعز، قبل أن يبدأ عمر في شرح ما سيحدث والذي رضخ له عز بصدر رحب!
عاد حسن من تلك الذكرى القريبة لتتردد في أذنيه جملة قيلت بقهر من ذكرى أقرب؛ "عشان كده حسن مدخلش معاكم؟"، قبل أن يضع وجهه بين كفيه محاولًا كتم شهقاته التي لو سمح لها بأن تعلو لأحدثت صممًا لكل من حوله!

غيبوبة "ليصبح كل ما تعيشه غيبوبة في الحياة" {مكتملة}💙! حيث تعيش القصص. اكتشف الآن