الفصل الثاني والثلاثون

844 61 4
                                    

"صلَّى عليكَ اللَّه يا بدرَ الدُّجى
ما قالَ عبدٌ في التَّشهُّدِ أَشهَدُ"💙!
•ﷺ.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}💙

**************************************
#غيبوبة.
#ليصبح_كل_ما_تعيشه_غيبوبة_في_الحياة.
#زينب_إسماعيل.
#الفصل_الثاني_والثلاثون.

"لكنّها الحياة يا صديقي؛ تستمر رغم وجعك، وتسير رغم تعبك، وأنت الخاسر الوحيد هنا!"
                                                              رحمة نبيل.

صدمة جديدة سقطت على رأسه لتحتد نظرته رغمًا عنه وهو يحاول جاهدًا أن يتدارك الأمر بحكمة، وأي حكمة تلك التي قد تتلبسه بعد جملتها!
ابتلع عز ريقه وقد أغمض عينيه لثانيتين يستدعي فيهما الهدوء، ثم سألها بنبرة مختنقة:
_ليه؟
سألها ولم يُعطِها فرصة للإجابة، بل تابع بهدوء انفلت منه ليصبح صراخًا في آخر كلمة:
_مش عايزة تخلفي مني ليه!
انتفض جسدها إثر صرخته لتتراجع تلقائيًا خطوة للوراء، وما كادت تعود الأخرى حتى تصنمت محلها من قبضتيه على ذراعيها!
نظرت له والدموع تلمع في مقلتيها في الوقت الذي أعاد فيه سؤاله بحدة:
_ليه عملتي كده؟
ظلت عيناها تتحركان يمينًا ويسارًا تحادثان مقلتيه دون أن تنبس ببنت شفة، ليعود قائلًا بعصبية أشد:
_ما تنطقي!
_لأنه ما بدِّياك تضطر إنه تكون أب لطفل مني!
قالتها وقد فاض بها الوجع الجسدي والنفسي، وتحررت دموعها المحتبسة خلف عينيها، فيما سألها عز بصدمة:
_يعني إيه أضطر أكون أب لطفل منك؟ أنا قلتلك إني مش عايز منك أطفال!
أغمضت عينيها تستدعي بعض الهدوء، فيما علت وتيرة أنفاسه وهو يردد:
_لأ كلميني هنا؛ ردي عليا، أنا صدر مني ما يدل على كده حتى ولو بدون قصد؟
_عز أنت عم توجِّعني!
قالتها وقد تغضّن جبينها من فرط الألم، ليترك يديها تلقائيًا، وقد انتبه لتوّه أنه كان يضغط عليهما بكل قوته!
نظر عز لآثار يديه على ذراعيها وهي تدلكهما حتى تخفف من حدة الوجع الذي تستشعره، ثم رفع عينيه لخاصتها ليتيه كُليًًا في الفيروز الذي أصبح غارقًا في بحر دموعها!
أغمض عز عينيه محاولًا بكل طاقته أن يهدأ ولو قليلًا، ثم أشار لها نحو إحدى الأرائك قائلًا:
_اقعدي خلينا نتكلم.
تحركت دون أدنى اعتراض نحو الأريكة، وقد نال منها الوهن مبلغًا، مسحت دموعها في محاولة منها للسيطرة على نفسها، فيما بدأ هو الحديث:
_ممكن تفهميني بقى إيه معنى الكلام اللي قولتيه ده؟
ورغمًا عنها عادت دموعها لتسكن عينيها، لكنها منعتهم بكل ما أوتيت من قوة أن يغادروهما، لتبدأ في تفسير الأمر بقولها:
_أنا بعرف إنه لساتك بتحبها لنور، وصدقني أنا مو متضايقة، أنا اتزوجتك وأنا متقبلة هاد الشيء، كل اللي اتمنيته إنه تحبني كمان لإلي، بعرف إنه أنت كنت بتتمنى شيري منها، وبالنسبة لكريم الله يرحمه، وزين حبيبي بعرف إنه يمكن ما قدرت أمهم تفهم عليك، بس أنا فهمانة عليك منيح، وبعرف إنه نور هي..
_تتحرق نور!
ارتجفت عين إثر كلمتيه هاتين، بينما كان هو يضغط على أسنانه بشدة ليكظم غيظه قبل أن يتابع:
_والمفروض إنك كده فهماني صح؟ أنتي كده مش فاهمة أي حاجة!
لا تنكر أنها صُدمت مما قال بخصوص نور، وحتى الآن لا تعلم حقًّا سبب غضبه، لكن حديثه هذا يحتاج لتفسير!
_شو بتقصد؟
نفخ عز منفسًا القليل عن نفسه بدلًا من شعوره بنار مستعرة تكاد تحرقه من الداخل، ليبتلع ريقه مستحضرًا لهجة الطبيب النفسي الهادئ وهو يمسك بيديها قائلًا:
_تفتكري يا عين لو أنا مكنتش عايز سالي تخلف كانت هتخلف؟ كنت هتجوزها ليه أصلا؟ طب اتجوزتك ليه!
بدت عين تائهة وهي تنظر لكفيه اللذان يحتضنان خاصتها، ولا شك أن لمسة يديه ونبرته الحانية؛ كلا الأمرين ساهم بقدر لا بأس به في شعورها بالتشتت!
رفع عز نظراتها إليه بلمسة هادئة لذقنها متابعًا بدفء:
_عين والله العظيم أنا بحبك أنتي، نور ماضي، وأصبحت بالنسبالي لا شيء غير ذنب محسسني بتأنيب ضمير، وكل اللي عاوزه منها إنها تسامحني، لكن والله العظيم أنا من ساعة ما اتجوزتك وأنا مفيش في قلبي غيرك، حتى لما حصل اللي حصل عند فارس وريم كان قصدي إن غلطي حصل لما حبيتها زمان، بس دلوقتي لأ!
احمرّ وجه عين خجلًا دون إرادة منها من أثر لمسته وحديثه، وكأنها مازالت بكر المشاعر لم تسمع كلمة حب سابقًا، وبكر الجسد لم يمسها قبل الآن!
ابتلعت ريقها بحياء يظل يلازمها دومًا خصوصًا عند الحديث معه، ثم قالت:
_أنا فكرت إنه ما عاد بدك أطفال.
_طب ومجيتيش اتكلمتي معايا ليه يا عين؟
سألها بنبرة حانية استدعت دموعها من جديد وهي تقول:
_شو بدك ياني إحكي معك؟ عز أنت نسيان إنه أنا اللي قلتلك إني بحبك بالأول؟
أجابها بلهفة واضحة:
_لأ فاكر، بس أنتي اللي نسيتي ردي عليكي وقتها؛ لما قلتلك إني أنا كمان بحبك بس خايف تكون نور مكرهاكي فيا، وإني كمان كنت مستكترك عليا عشان أنتي مسبقلكيش الجواز وأنا متجوز مرتين قبلك، وعشان أنتي بريئة وجميلة وأنا متخيلتش إني بكل عيوبي دي أستحق حد بنقائك.
أخفضت وجهها تخفي عبراتها التي كونت غشاوة أمام عينيها ليعيد رفع رأسها قائلًا بحب:
_متوطيش راسك يا عين، والله العظيم أنا بحبك، وحقك عليا إني وصلتك للشعور ده، بس إن شاء الله هعوضك عن كل شيء وحش حسيتيه بسببي، أنا بس عايزك توعديني تفضفضيلي دايمًا باللي يشغل بالك، متكتميش جواكي وتمثلي إنك بخير، توعديني؟
_بوعدك.
أومأت تعده بما أراد، ليضمها إليه سابحًا بأفكاره؛ ترى كيف أذاها بهذا القدر دون أن يدري!

غيبوبة "ليصبح كل ما تعيشه غيبوبة في الحياة" {مكتملة}💙! حيث تعيش القصص. اكتشف الآن