الفصل السادس

2.1K 192 164
                                    

"صَلّىٰ وسلّم ذُو الجلالِ عليْكَ يا
خيرَ الأنامِ وصَفوةَ الأنسابِ"💙!

•ﷺ.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}💙

**************************************
#غيبوبة.
#ليصبح_كل_ما_تعيشه_غيبوبة_في_الحياة.
#زينب_إسماعيل.
#الفصل_السادس.

"وجدتُ في وجودكِ أُنسِي، ضيعتُ في غيابكِ نفسِي!"
                                                           هالة أحمد.

أسبوعان مرا عليه وهو ضائع بدونها، يفتقد لمعة عينيها السوداء، وتصرفاتها الهوجاء، وصوتها الغنّاء!
استغل غياب ريم التي عاملته الفترة الماضية أسوء معاملة، كما أنها حجبت عنه رؤيتها، ولم يكن له وجه كي يطالب بحقه فيها، والآن لقد رحلت لترد على بشرى، وكم يشكر حاليا شركات الهاتف المحمول أن أوقعوا الشبكة لتضطر إلى الخروج من غرفة نور!
جلس بجانبها ممسكًا بيديها قائلًا بندم:
_أنا آسف يا نور، عارف إن أسفي ملهوش أي معنى بس أنا بجد آسف، سامحيني أرجوكي، أنا مش عارف كان عقلي فين لما عملت اللي عملته، أنا ندمان على كل حاجة وصلتنا لهنا، أرجوكي قومي، اعملي فيّا اللي أنتي عايزاه بس قومي، فين خناقاتك معايا، فين..
_أنت بتعمل إيه هنا؟ اطلع بره!
التفت إلى ريم التي تحدثه بعدائية ليقول بانكسار:
_ريم أرجوكي..
قاطعته بحدة:
_بلا ترجوني بلا نيلة، أنت عايز منها إيه تاني يا أخي؟ ما كفاية بقى اللي..
صمتت فجأة حين رأت فارس أمامها يجوب طرقات المشفى، ومؤكد أنه يبحث عن نور!
خرجت فورًا ليتبعها عز، وبمجرد أن رآها فارس، اقترب بوجه خائف يتساءل:
_ريم إيه اللي حصل؟ نور.. نور عاملة إيه؟ أنا لسة عارف اللي حصل.
بكت ريم قائلة:
_نور في غيبوبة بقالها أسبوعين يا فارس.
عاد خطوة إلى الخلف ليلتصق بالحائط، ظل يناظر ريم الباكية بأعين تائهة، أوشكت عيناه أن تدمع لكنه حجمها عن ذلك، شعر بوهن بقدميه التي لم تعد قادرة على حمله فهوى على أقرب مقعد، وضع رأسه بين كفيه واحتل الصمت لسانه، فيما هبط عز ليأتي بكوب قهوة يساعده على الإفاقة؛ حيث يشعر بالدوار من قلة النوم.
جلست ريم على بُعد كرسي واحد من فارس لتتساءل بصوت مبحوح من أثر البكاء:
_لسة بتحبها؟
رفع رأسه ليتنهد بألم وهو يقول:
_كان هيجرى إيه لو وافقت تتجوزني أنا؟ كنت هحبها وهصونها وهنسيها كل حاجة، مكنتش هخليها تحس للحظة إنها معيوبة لأني مكنتش حاسس بده، وهي تقولي شفقة!
ازدردت ريم ريقها قائلة:
_فارس، نور كانت بنت لحد ما اتجوزت عز، وكل اللي حصل ده كان تمثيلية منه عشان تضطر تقبل بيه!
اتسعت عيناه بصدمة لا تضاهيها صدمة، نظر لها بعدم تصديق، كاد يكذب أذنيه إلا أن ملامحها تؤكد ما سمعه، وقف فجأة ليركل الحائط صارخًا بوجع:
_كان هيجرى إيه لو سمعت كلامي واتجوزنا!
دلف عز في تلك اللحظة ليوقن من سماعه كلمات فارس الأخيرة أن نور قد أخبرت ريم بما حدث، وأن ريم لم تدخر جهدًا في إبلاغ فارس.
وقف بهدوء أمام غرفة نور، وما إن لاحظ فارس وجوده، حتى هجم عليه ممسكًا بثيابه بحدة ليهزه بعنف صارخًا به وغضب الكون قد اجتمع بنبرته:
_ليه عملت كل ده؟ ليه! أنت كنت عارف إني بحبها و عمرك ما فكرت فيها، ليه خدتها مني؟ عشان تدمرها بالشكل ده! استفدت إيه؟ ده أنا كنت صاحبك، أعز أصحابك! ما تنطق!
ومع كلمته الأخيرة لكمه بشدة حتى أطاح به أرضًا، ولم يحاول عز حتى الدفاع عن نفسه، كان يعلم صدق كل ما قاله، استحقر ذاته بشدة، فاستسلم للكمات فارس علها تغسله من الداخل.
لم يحتمل فارس أكثر فبكى، ظل يبكي لدقائق حتى يزول الاختناق الذي يشعر به لكنه لم يزُل بل ازداد!
وضعت ريم باطن كفها على وجهها تكتم شهقاتها التي كادت تنفلت منها لتصم الآذان، وكلٌّ يبكي على ليلاه!
بينما جلس عز محله حيث أوقعه فارس، ليستند بظهره إلى حائط الغرفة، ضامًّا قدميه إلى أسفل ذقنه يحيطهما بذراعيه، وللعجب؛ أنه هو الآخر يبكي!
أفاقوا من حالة السكون التي كانوا بها على تحية بشرى لهم، والتي تساءلت بعد السلام بتعجب:
_مالكم فيه إيه!
مسحت ريم دموعها قائلة:
_مفيش يا دكتورة، هو..
اقترب فارس مقاطعًا بلهفة:
_أنتي الدكتورة؟ نور هتفوق امتى، وحالتها إيه، لو محتاجة تسافر برة احنا ممكن نسفرها، حضرتك ساكتة ليه؟
نظرت له بشرى بتمعن ثم قالت:
_هو حضرتك ادتني فرصة أتكلم! أنت مين أصلا؟
أخبرها باسمه لتتساءل عن هويته بالنسبة لنور، ليجيب:
_زميلها.
_بس؟
هكذا سألته برفعة حاجب، لتتشتت عيناه في كل الاتجاهات، وما أنقذه إلا هتاف ريم:
_نور فاقت!

غيبوبة "ليصبح كل ما تعيشه غيبوبة في الحياة" {مكتملة}💙! حيث تعيش القصص. اكتشف الآن