الجزء الثاني الفصل السابع عشر

761 49 4
                                    

"صلّوا علىَ خير منْ وَطئ الثّرى
وسلِّمُوا حَتى تَنالوا المُبتغى"💙!

•ﷺ.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}💙

**************************************
#غيبوبة.
#ليصبح_كل_ما_تعيشه_غيبوبة_في_الحياة.
#زينب_إسماعيل.
#الجزء_الثاني.
#الفصل_السابع_عشر.

الفصل السابع عشر/
"الأمل؛ إنه الشعور بأن المستقبل سيكون أفضل، الشعور بالتفاؤل والإيجابية، الشعور بأنك ستتغلب على الظروف الصعبة!"
                                                               حمزة زايد.

انخفضت رقية لمستوى أخيها تحاول تحريكه ليبدي أي ردة فعل، لكن جسده كان ساكنًا وقد غاب كليًّا عن الوعي بما يحدث حوله!
أتت جميلة التي كانت بالقرب، وخلفها هرع ياسين وطارق ما إن وصلتهم صرخة رقية، حمله طارق على سريره، بينما وقف ياسين يشاهد سكونه برعبٍ ظهر جليًّا على محياه، لقد بات يخشى السكون ويمقته!
_ياسين أنت اتكلمت معاه تاني؟
تساءل طارق بنبرة قلقة، فنظر له ياسين بخوف قبل أن يجيب باهتزاز:
_هو اللي بدأ الكلام، أنا.. أنا مكانش قصدي!
قصد بحديثه أن ينفي عن نفسه شُبهة كونه المتسبب في حالة أبيه التي لا يعلم لها تشخيصًا بعد، بينما أشار طارق لرقية كي تأتي بجهاز الضغط ليرى إن كان ضغطه قد تأثر بالحديث فتسبب له بتلك الإغماءة، وبعد أن فعلت رقية ما طُلب منها، وبدأ طارق يقيس ضغط دم فارس، ما هي إلا ثوان حتى نزع السماعات من أذنه هاتفًا بإقرار:
_ضغطه عالي أوي؛ ١٢٠/٢٢٠، لازم يتنقل المستشفى!

***********************
هاتفت نور جميلة لتطلب منها أن تعود كي تنضم إلى جلسة الفتيات المرحة التي أقمنها من أجل إسعاد شيرويت، وكي ينسينها ما مرت به، لكنها فوجئت بجميلة تبكي وهي تردد:
_احنا في المستشفى يا نور، خالو فارس تعبان أوي!
دقائق وكان الجميع موجودين بالمشفى من أجل الاطمئنان على فارس، ورغم أن ما فعله ياسين كان جارحًا للبعض وربما مهينًا، إلا أنها لم تكُن صُحبة يوم وليلة!
فتح فارس عينيه على مهلٍ ليجد نفسه محاطًا بدفء العائلة، التي لطالما اعتاد على وجودها، والتي لا يدري كيف سيهجرها!
_فارس أنت كويس؟
نظر فارس نحو شقيقته ليغمض عينيه مومئًا بخفة لكي يطمئنها عليه، ثم عاد بنظره للأوجه المحيطة به، يشكر الجميع على اهتمامهم ويؤكد عليهم أنه بخير.
اعتدل فارس بمساعدة طارق ليصبح جالسًا، ثم دار ببصره في الغرفة بحثًا عن ياسين؛ الوحيد الذي يود هو أن يطمئن عليه وليس العكس، حتى وجده يقف وحيدًا في أحد أركان الغرفة، وتكسو علامات الخوف وجهه!
_ياسين..
همس بها فارس ولم يقوَ على المتابعة، بينما اتجهت جميع الأنظار نحو ياسين الذي بدأ في التحرك بتخاذل نحو أبيه، ودموعه المحتبسة خلف مقلتيه يبدو للعيان من لمعة عينيه أنها غزيرة؛ ربما إن تحررت.. أغرقت!
تأسف فارس بنبرة متعبة، يود لو كان اعتذاره كافيًا، لأنه لا يحتمل أن يرى نفسه مذنبًا في عين ابنه بعد أن كان قدوته الأولى، بينما عرفت الكلمات طريقها لتغادر فم ياسين، والذي تساءل بنبرة متحشرجة:
_ليه؟
غادرته بصعوبة بالغة، قبل أن يكمل سؤاله بنفس النبرة:
_ليه بتعمل فيا كده؟
تحررت دموعه أخيرًا وهو يتابع سيل أسئلته:
_طب أنا عيل بيمر بفترة صعبة وبيغلط، أنت يا بابا مش قادر تستحملني شوية؟
هز فارس رأسه نافيًا، وقبل أن يخبره بأنه على استعداد لأن يتحمله العمر كله، فوجئ به ينهار في البكاء وهو يقول:
_امال إيه؟ ليه ترجعلي إحساس إنك ممكن تسيبني زيها، أنا لسة متعافتش من خوفي من غيابها عشان تخوفني عليك!
جذبه فارس إلى صدره ليضمه بكل ما أوتي من قوة وهنت على مدار سنوات عمره التي مرت، ومع ذلك لم يتوانَ عن دعم ابنه قدر استطاعته، بينما أجهش ياسين في البكاء بين أحضانه وتعالت شهقاته بحُرقة مع ارتعاشة جسده التي أظهرت مدى خوفه، وكأنه فقد ريم للتو!
دقائق مرت قبل أن يهدأ ياسين قليلًا، مع بقاء دموعه التي تأبى التوقف، واحمرار عينيه التي ترفض أن تعود لصفائها الذي ورثه عن أبيه، ومع هذا؛ لم يتردد ياسين في إعادة اعتذاره.. لشيرويت التي أومأت متقبلة إياه بهدوء وقد أدركت أن ما بينهما لم يكُن حبًّا حقيقيًّا، وأنها تستحق الأفضل، ونور التي شعرت بالأسى لأجله، وعز الذي عفا عنه بعد أن رآه بكل هذا التخبط والتشتت، وزين الذي تجاوز لأنه شهد تجاوز أخته وعلم أنها لم تحبه كفاية حتى تتأذى بغيابه، وجميعهم لا يأبهون سوى للأذى، هم لا يريدون أن يتأذى قلب أحد!
نظر ياسين نحو أحمد الذي وقف بجوار شيرويت دون تعليق يستجديه بنظراته أن يعفو عنه لأنه أمسى في حالة تستحق العفو، بل والشفقة إن لزم الأمر!
ظل أحمد صامتًا للحظات قبل أن يتحرك نحو ياسين ليربت على كتفه قائلًا:
_أنا اللي آسف، مكانش من حقي أمد إيدي عليك، بس كان غصب عني.
ثم برر بنبرة حزينة:
_بكرة لما ربنا يديلك نعمة من عنده على هيئة بنت تعيش في حضنك تلاتين سنة وتشوف حد بيجرحها حتى ولو بدون قصد هتعذرني.
ثم تبسم ساخرًا من حديثه وهو يقول:
_إيه اللي أنا بقوله ده!
وبعد أن اختفت الابتسامة الساخرة عاد ليقول بجدية:
_إن شاء الله ربنا يعوضك خير ومتتوجعش تاني أبدًا.
وهنا تحديدًا ألقى ياسين بنفسه بين ذراعيه بحثًا عن السكينة التي أخبرته شيرويت أنها تجدها في ضمة أحمد دونًا عن الجميع؛ حتى أمها وأبوها!
شدد أحمد من ضمته وقد أدرك أنه كان قاسيًا عليه بعض الشيء، لكنه رغمًا عنه كان غاضبًا من أجل شيرويت؛ ابنته الوحيدة!
حركت شيرويت عينيها نحو جهة أخرى حتى لا يبدو عليها التأثر بياسين، فالتقت عيناها بعيني فارس الذي اعتذر لها بنظراته وشفتيه اللتان نطقتا الاعتذار بصمت، لتومئ برأسها بدموع القبول، وحقا تقبلته!

غيبوبة "ليصبح كل ما تعيشه غيبوبة في الحياة" {مكتملة}💙! حيث تعيش القصص. اكتشف الآن