الجزء الثاني الفصل الثاني عشر

591 44 15
                                    

"صلّى عليك اللّهُ ما لفظَ الورى
حرفًا من الأذكارِ والقرآن"💙!

•ﷺ.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}💙

**************************************
#غيبوبة.
#ليصبح_كل_ما_تعيشه_غيبوبة_في_الحياة.
#زينب_إسماعيل.
#الجزء_الثاني.
#الفصل_الثاني_عشر.

"إن المصائب لا تأتي فُرادى!"
                                        لقائلها.

دقت جميلة باب منزل عز ووقفت بهدوء في انتظار أن تفتح لها نور التي اتفقت معها على الخروج لشراء بعض الحاجيات، وقبل أن تعيد دقه وجدت الباب يُفتح ليطل من خلفه زين بهيئته التي تفتنها!
صُدمت جميلة من وجوده بالمنزل؛ فآخر ما عرفته أنه انتقل للعيش بمنزل روان، ولو كانت على علم بعودته لما أتت أبدًا!
كتمت جميلة أنفاسها محاولةً السيطرة على قلبها الذي عهدها أن يقاوم، وما إن لمح طيفه حتى خان العهد!
انتبه زين لسكونها فتحرك جانبًا لتتمكن من العبور هاتفًا بلطف:
_أهلا يا جميلة اتفضلي.
حطمت نبرة صوته كل دفاعاتها الواهية، فأغلقت عينيها ترجو من الله الثبات، ثم نظرت أرضًا وهي تخطو للداخل، لتسمع صوته يعلو مجددًا وهو ينادي:
_نور.. جميلة هنا.
سماع اسمها من بين شفتيه بنبرته التي وقعت فيها تلك كان له بالغ الأثر في القضاء على ما تبقى من ثباتها، جهاد النفس فيما تحب من أصعب المعارك التي قد يعيشها المرء في حياته؛ لأن القلب وما يريد، فهو لا يقبل بسلطان عليه!
_هي تقريبًا مش سامعاني، تقدري تطلعيلها، هي فوق في الأوضة اللي جنب أوضتها.
قالها زين بهدوء حينما لم يصل إليه رد من نور، ثم أكمل طريقه الذي قطعته طرقات جميلة للمطبخ ليرى ما الذي ستعده له أمه الحنون هذا اليوم.
أغمضت جميلة عينيها تكتم شوقها الجارف نحو زين؛ حبيب القلب منذ قديم الأزل والذي لم ينتبه يومًا لوجودها في محيطه أصلًا، ثم بدأت في صعود الدرج بخطواتٍ محملة بالألم والخيبة!
كان باب الغرفة المجاورة لغرفة نور مفتوحًا، ونور تظهر منه بوضوح، فدلفت جميلة دون أن تطرقه، لتفاجئ نور بوجودها.
_جميلة! أنتي جيتي امتى؟
تساءلت نور باستغراب من ظهورها المفاجئ، وكانت قد نست تمامًا موعدها الذي حددته مسبقًا مع جميلة، بينما تحركت الأخيرة لتجلس على السرير بوهن يحتل قلبها قبل أن تسألها:
_مقولتيليش ليه إن زين رجع البيت؟
تركت نور الثياب التي كانت تطويها جانبًا، ثم تحركت لتجلس بجوار صديقتها مهشمة القلب قائلة:
_هو لسة جاي وملحقتش أكلمك أحكيلك عاللي حصل.
كانت تشعر بالتعاطف نحوها لأنها تدرك إلى أي حد وصلت مشاعر جميلة بها دون أن يبادلها أخوها أيًّا منها، ورغم اعتراضها على تعليق جميلة قلبها بما لا تعرف هل سيكون لها أم لا، إلا أنها لم تستطِع أن تملك شعورًا مغايرًا له!
نظرت جميلة للثياب المجاورة بنظرة لم تتجاوز لحظة، قبل أن تقطب ما بين حاجبيها متسائلة بتعجب:
_أنتي جبتي الهدوم دي امتى؟ وغيرتي أوضتك ليه؟
وقبل أن تجيبها نور، خرجت روان من حمام الغرفة قائلة بمرح:
_الواحد كان محتاج يقف تحت الماية بشكل مش طبيعي، هو ده الانتعاش اللي بجد!
وقفت جميلة فجأة ما إن سمعت صوتها، لتجدها مبتسمةً بإشراق على خلاف حالها في اليوم الذي رأتها فيه محطمة بالمشفى.
شملتها جميلة بأنظارها محاولة الوصول إلى ما أحبه زين فيها، قبل أن تتحدث نور كي لا تنتبه روان لنظرات صديقتها:
_دي حاجة روان، الحمد لله اقتنعت تيجي تعيش معانا هنا.
نظرت لها جميلة بصدمة لم تستطِع السيطرة عليها، كما عجزت نور أن تخفيها عن عين روان، التي تقدمت بهدوء لتمد يدها لجميلة مرحبة بها:
_أنا روان.
انتقلت نظرات جميلة إلى كفها الممدود تشعر وكأنها عاجزة عن لمسه، تنفر منها بلا سبب منطقي، ورغمًا عنها لا تستوعب أنها تستطيع مصافحتها!
تخطت جميلة كل تلك الأحاسيس السلبية لتبادل روان السلام وهي تقول بابتسامة مصطنعة:
_وأنا جميلة.
اتسعت ابتسامة روان وهي تقول بانبهار:
_ما شاء الله اسم على مسمى، أنتي فعلًا جميلة أوي.
ابتسمت نور بتوتر حاولت أن تخفيه، وقبل أن تفعل انتبهن لمجيء عين التي رحبت بجميلة بهدوء قبل أن توجه حديثها لروان:
_حبيبتي إن شالله عجبتك الغرفة، إذا بدك تغيري شي خبريني.
ابتسمت روان بهدوء وهي تنفي الأمر بقولها:
_لأ أبدًا يا طنط الأوضة جميلة أوي، تسلم إيد حضرتك.
_يسلموا يا عمري.
قالتها عين بلطفها المعهود، ثم وجهت الحديث لثلاثتهن:
_هلأ أنا بدي روح عالسوق لأنه بدي أشتري أشياء كتير ناقصة من البيت، وبس إجي رح نتغدى، اتفقنا؟
ضربت نور على جبهتها قائلة بتذكر:
_إزاي نسيت! أنا كنت متفقة مع جميلة ننزل نشتري شوية حاجات برضه.
قالت جميلة:
_ما أنا كنت جاية عشان كده.
ثم نظرت بطرف عينها لروان قائلة:
_بس شكلك مش فاضية، نخليها وقت تاني.
علقت عين على الأمر بقولها:
_وليش وقت تاني؟ هلأ بنروح كلنا عالسوق وبتاخدوا روان معكن كمان لتشتري شو ما بدها، يلا جهزولي حالكن رح أنطركن تحت.
قالتها ثم غادرت الغرفة دون أن تعطي فرصة لإحداهن كي تعترض!
وخلال دقائق كانت الفتاتان على أهبة الاستعداد للخروج، لتنزلا بصحبة جميلة إلى الأسفل.
انتبه زين لتجهز الجميع للخروج فتساءل:
_على فين العزم؟
أجابه عز وهو ينظر للساعة في هاتفه:
_أمك وأخواتك محتاجين يشتروا شوية حاجات فهننزل وسط البلد.
انتهز زين فرصة تواجد أمه وأختيه معًا فقال:
_أنا بقالي شهر عايز أشتري شوية هدوم ومش عايز أتعب ماما ولا أعطل نور إن حد فيهم ييجي ينقيلي حاجة كويسة، وأنا طبعًا فاشل في الحوارات دي، استنوني بقى تلات ثواني هجيب موبايلي ومفاتيحي من جوا وآجي معاكم.
قالها ثم ركض نحو غرفته ليسمع عز وقد علا صوته قائلًا:
_أنا هسخن العربية على ما تيجي.
قالها ثم تحرك بصحبة البقية للخارج؛ لتتخذ كل موضعها كما عز الذي جلس بالكرسي المجاور للسائق قبل أن يلحق بهم زين ويجلس أمام مقود السيارة متجهًا نحو السوق.
بدأ الجميع بانتقاء الأشياء التي تنقصه في سعادة عمت قلوبهم، إلا جميلة التي كان الوجوم يحتل ملامحها؛ خصوصًا وهي ترى المزاح المتبادل بين زين وروان، والتلامس المشروع وهي تنتقي له ثيابًا تلائمه وتقيسها على جسده حتى شعرت بالاختناق وتمنت أن تنتهي تلك النزهة بأسرع ما يمكن.
وكما تمنت جميلة؛ انتهى الجميع من شراء ما يلزمه، ليعودوا إلى السيارة حاملين أكياسًا وحقائب عدة، وقبل أن يتحرك زين بهم دق هاتف عز برقم مشفى سالي، تجاهل الرنين في بداية الأمر حتى لا يتسبب في ضيق زين وروان، لكن تكراره أقلقه، فأجاب ليفاجئ بما حدث:
_انتحرت!
التفت الجميع نحو عز ما إن سمعوا همسته المصدومة، قبل أن يجدوه يتابع:
_طيب أنا جاي حالًا.
أغلق عز الهاتف ليواجه أعين الجميع المصوبة نحوه باستفسار لم تنطقه ألسنتهم، فابتلع ريقه قائلًا بحزن:
_سالي انتحرت!

غيبوبة "ليصبح كل ما تعيشه غيبوبة في الحياة" {مكتملة}💙! حيث تعيش القصص. اكتشف الآن