الفصل السادس عشر

1.4K 116 51
                                    

"صَلَّى عليكَ اللهُ ما رُفِعَ النِّدا
وتحرَّكتْ بالباقياتِ شِفاه"💙!

•ﷺ.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}💙


**************************************
#غيبوبة.
#ليصبح_كل_ما_تعيشه_غيبوبة_في_الحياة.
#زينب_إسماعيل.
#الفصل_السادس_عشر.

"أما بعد: فالعين بالعين، والقلب بالقلب، والروح بالروح، والقصاص فى حبك واجب!"
                                                          رضوى محمد.

احتدم الموقف، والجميع ينتظر جواب أحمد الذي أفاق لتوّه من موجة الشرود التي غرق بها، ليحاط بنظرات نور المتسائلة، وفارس المصدومة، وعين وريم الفضولية!
أنقذته بشرى من براثن تلك النظرات حين قالت بمداعبة:
_أنا مكانش فارق معايا غير ريم، كنت بفكر كانت هتغلس على مين لو كان جرالك حاجة.
ضحك الجميع حتى ريم، التي لم تتذمر، رغم أن الحوار دائر عليها، بل قالت:
_آه صحيح يا نور كنت هغلس على مين!
تدخل فارس قائلًا بمرح:
_وأنتي يعني بيهمك يا ريم، يا ستي غلسي عليا، بدل ما بقالك فترة مختفية كده.
ابتسمت ريم تلقائيًا حين وجه إليها الحديث؛ لا سيما كونه قد لاحظ غيابها الفترة الماضية، فشردت في كلماته دون أن تدري، وعندما لاحظ هو شرودها قال ببراءة مصطنعة:
_متقوليش إني ظالمك!
خفتت بسمتها لاإراديا وهي تقول:
_لأ يا فارس مش ظالمني.
ثم تابعت بنبرة لاحظ الجميع الألم المتخفي بها:
_وحتى لو ظلمتني، أنا عارفة إنك متقصدش!
حاولت عين تلطيف الأجواء حتى لا ينتبه فارس لشيء، حين قالت:
_بعتقد فينا نروح، ولا بدكن تضلوا بالمشفى!
لكن قد فات الأوان!

*********************
وصلت نور إلى منزلها بصحبة الجميع، واستئذنت ريم للعودة لمنزلها، حاولت عين أن تصاحبها إليه لكنها رفضت، وأكدت لها أنها بخير، فاتجهت عين لعملها.
وصلت ريم لمنزلها، وما إن همّت بفتح الباب حتى فوجئت بفارس أمام وجهها!
_فارس!
قالتها بتعجب وقد قطبت ما بين حاجبيها، لتجده يقول دون مقدمات:
_عايز أتكلم معاكي.
_خير!
_هنتكلم واحنا واقفين؟
_طب تعالى نروح أي كافيه.
التفتت لتسير معه لكنه لم يتحرك، فعادت بنظرها إليه ليقول:
_مش عايز حد حوالينا، عايز نتكلم براحتنا.
نقلت عينيها بين عينيه محاولة سبر أغواره، لكنه كان غامضًا بما يكفي ليزيد حيرتها، مما جعلها تتساءل بقلق:
_فيه إيه يا فارس؟
أشار لباب المنزل قائلًا بهدوء غريب:
_افتحي خلينا نتكلم جوّا.
استوقفته بقولها:
_جوّا فين، عين مش هنا!
سحب المفتاح من يدها وهو يقول ببرود:
_أكيد في حد من الشغالات جوّا، وأنا مش هاكلك!
رفعت حاجبيها دلالة على تعجبها الشديد، منذ متى وفارس هكذا، نعم قد لاحظت في الآونة الأخيرة أنه أصبح متساهلًا عن ذي قبل، لكنه لم يصل لكونه يود مجالستها وحدهما!
دخلت خلفه ولازالت متعجبة من أفعاله تلك، حتى جلست أمامه، وقد طلبت من إحدى الخادمات أن تحضر له مشروبًا باردًا، وضعت حقيبتها جانبًا ثم تساءلت:
_خير يا فارس في إيه؟
نظر لها فارس مَلِيًّا، ثم قال:
_أنا اللي في إيه يا ريم ولا أنتي! بقالك فترة بتتجنبيني، مبنتقابلش، ولما بكلمك مبترديش عليا، ولا عارف أوصلك، ولولا اللي حصل لنور النهاردة مكنتش هشوفك برضه، ممكن أفهم بتهربي مني ليه؟
وقفت لتدور في المكان بارتباك لازمها حتى في حديثها:
_عادي يعني يا فارس م..
_من غير لف ودوران، أو كدب!
مقاطعته تلك جعلتها تنفجر بمكنونات صدرها، لتلقي بما يجيش به دفعة واحدة، صارخة:
_عايز نتقابل ليه يا فارس؟ أنا أبقالك إيه؟ أختك؟ قريبتك؟ صاحبتك!
قاطعها بحزم، وهو يردد آخر ما توقعت قوله:
_حبيبتي.
ثم اقترب من محل وقوفها متابعًا بنبرة دافئة:
_الإنسانة اللي بحبها وبتمناها.
ورغم أنها تمنت تلك الكلمة مرارًا، إلا أن تلفظه بها جعلها تضحك بسخرية من نفسها قائلة:
_طب ما أنا كمان بحبك وبتمناك، عادي يعني!
اقترب ليحاول مسح دموعها التي هطلت فجأة بحديثه الصادق:
_ريم أنا لما قربت منك الفترة اللي فاتت، شفت فيكي حاجات؛ حب نور كان عاميني عنها، آه حبيتك بس خفت أظلمك؛ لأنه رغم حبي ليكي مكنتش لسة قادر أنساها، كنت بتلكك بالشغل عشان أشوفك وأتكلم معاكي، خفت أصارحك، افتكرت يوم فرح نور لما قالتلي إن في حاجة منعتها تفكر فيا لما اتأكدت إني بحبها يوم ما جت تعزيني في رنا، وافتكرت إنك في اليوم ده كنتي عندي ومشيتي فجأة بدون سبب، وافتكرت عين لما كانت أغلب الوقت تبان زي ما تكون بتهون عليكي، واتأكدت النهاردة إن مش أنا بس اللي حبيتك يا ريم، أنا آسف على كل الوجع اللي عيشتيه بسببي ده، عارف إن أسفي متأخر شوية بس متعشم تسامحيني!
تجاهلا كل ثوابت الدين غير آبهين لما يترتب عليه ذلك، مع أنهم قد عانوا مرارًا، لكن يبدو أن المرء اعتاد المعاناة حتى أصبح أسيرًا لها!
غشت الدموع عينيها وتعالت شهقاتها لدرجة جعلته يكره نفسه أن كان سببًا في شعورها ذاك، استغرقت بضع دقائق حتى استطاعت أن تتحدث من بين دموعها:
_أنت عارف أنا حبيتك قد إيه؟ متخيل نمت كام ليلة بتمناك وببكي لأني مش معاك؟ أنت اتجوزت رنا عشان تعاند نفسك وتفهم نور إنها مش فارقة، بس أنا اللي دفعت التمن من وجع قلبي، حبك أذاني أوي يا فارس!
_تتجوزيني؟
كلمة بسيطة تحمل أحلامها كلها، لكنها تخشى أن ينقلب الحلم كابوسًا مروّعًا، فتساءلت:
_ونور؟
ابتسم بهدوء وهو ينقل نظراته بين عينيها التي ولأول مرة يلحظ لونهما العسلي، ثم تخطى مشاعره التي تبعثرت حين دقق النظر فيها ليجيب:
_نور بقت مجرد صديقة عادية لما شفتها مبسوطة مع أحمد، أنا يهمني سعادتها حتى لو مش معايا، ريم أنا محبتش نور عشان أمتلكها، أنا حبيت فيها حاجات غير كده كتير، وهي حاليا من حق اللي يستحقها بجد، ريم أنا واثق من حبي ليكي، اديني بس فرصة أثبتهولك.
زادت دموعها لتطلب منه تعهدًا بعدم أذية قلبها، ليبتسم قائلًا:
_أوعدك يا ريم.
مسحت دموعها وهي تؤكد عليه:
_أنت وعدتني يا فارس، لو هتجرحني بلاش عشان خاطري.
ابتسم قائلًا بدفء:
_وبوعدك تاني يا ريم، ثقي فيا المرادي وأنا مش هخذلك أبدًا.
أنهى حديثه لينتقل إلى الحوار عن العرس وما يلزمه، فشاركته الكلام بشغف لم يقل رغم تأخره لسنوات، حتى اتفقا على كل شيء.

غيبوبة "ليصبح كل ما تعيشه غيبوبة في الحياة" {مكتملة}💙! حيث تعيش القصص. اكتشف الآن