"صلُّوا على القمر المُنير فإنَّه
نورٌ تبيّن في الغمامِ المُظلِمِ"💙!•ﷺ.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}💙
**************************************
#غيبوبة.
#ليصبح_كل_ما_تعيشه_غيبوبة_في_الحياة.
#زينب_إسماعيل.
#الجزء_الثاني.
#الفصل_التاسع_عشر."الحب هو أن تكون الإجابات مطمئِنة، وليست منطقيّة!"
لقائلها.اختفت ابتسامة زين، وتشكلت سحابة عابسة على وجه عز، فيما غطت علامات القلق هيئة رقية، التي كانت تقف إلى جوار عين المتعجبة من رد طارق!
كانت جميلة في حالة من الصدمة، لم تتجاوز جملة عز بعد حتى تفاجئ بتعليق طارق، ولاإراديًّا وجهت أنظارها لنور وروان الواقفتين بجانبها، لتخص نور بسؤال من عينيها عما يحدث، والتي ابتسمت لها تطمئنها رغم توترها من حديث والد صديقتها؛ فهي تدرك جيدًا ماذا تعني جميلة لأبيها، لكن ليس لدرجة أن يرفض زين!
تبادل عز النظرات مع ابنه قبل أن يعود لطارق متسائلًا بعدم فهم:
_يعني إيه مش فاهم؟
أنزل طارق ساقه الموضوعة فوق الأخرى أرضًا، ليجلس بأريحية وهو يفسر:
_يعني جميلة بنتي دي تحفة فنية نادرة الوجود، تشوفوها من بعيد كده، لكن محدش يلمسها!
شدد على جملته الأخيرة التي غادرته بنبرة حادة مع نظرة ثاقبة خص بها زين الذي تجرأ ليأتي إلى هنا طالبًا فتاته ويودها أن تكون له، وهو لن يسمح بهذا العبث!
رفع عز حاجبيه باستغراب من حديث طارق، قبل أن يتساءل باستهزاء:
_هتحطها في النيش إياك؟
عبست قسمات طارق التي كانت لينة منذ دقائق، ثم علق بغيظ:
_ميخصكش! بنتي وأنا حر فيها.
_ما حد ييجي يعقله ده، شوفي جوزك يا رقية!
هتف بها عز بسخرية وقد ظن في البداية أن طارق يمزح، لكنه يبدو جادًا، وهذا بالفعل مثير للسخرية!
أتت النساء خلف رقية التي جلست إلى جوار طارق مبتسمة بتوتر وهي تقول:
_طارق ميقصدش كده، أنت عارف غلاوة البنات يا عز.
_لأ أقصد، ومتدخليش أنتي، حسابك بعدين معايا عشان شكلك كنتي عارفة بطلبه ومع ذلك خبيتي عليا.
كان طارق حادًا في حديثه، حتى أن الجميع استغربوا طريقة محادثته لرقية، لذا تدخلت عين في الحوار لتلطيف الأجواء بقولها:
_هي ما دخلها، أنا اللي طلبت منها ما تخبر حد، مشان تكون القصة مفاجأة.
_مفاجأة وحشة!
_طارق!
رددتها رقية بصدمة من وقاحة زوجها مع ضيوفهم، ولم تكن تتخيل أنه مهما كان رافضًا للأمر، سيتصرف بهذا الشكل!
تنهد طارق مستغفرًا وهو يدير وجهه للجهة الأخرى، لتقع عيناه على جميلة التي كانت غافلة تمامًا عن ردة فعله، فقط كانت تنظر نحو زين بأعين تلتمع من فرط السعادة!
_أوف!
همس بها طارق من بين أسنانه بغيظ؛ لقد كاد ينسى أن جميلة مغرمة بزين، إنه الآن مقيد من يده التي تؤلمه!
عاد طارق بنظره إلى زين متسائلًا:
_عايز تتجوز جميلة ليه يا زين؟
فوجئ زين بالسؤال كما ردة الفعل، وقد كان يترك الأمر لأبيه، لكن طارق خصه بالسؤال، وعليه أن يجيب!
ازدرد زين ريقه وهو ينظر للجميع حوله قبل أن يعود بنظره لطارق مجيبًا بتوتر:
_عشان هي جميلة!
رفع طارق حاجبه ليدرك زين ما قاله، قبل أن يبرر:
_جميلة لذاتها، لدينها، لأخلاقها، لشخصيتها، لنقائها، لحاجات كتير لما حسيت إنها هتفتني قررت آخد خطوة علشان متبقاش النظرة التانية عليّ.
كان صادقًا لدرجة أعجزت طارق عن التعليق بسخرية، خصوصًا حين عاد بنظره لجميلة ورأى دموع الفرحة محتبسة خلف مقلتيها، إن ابنته واقعة بزين لأقصى درجة، وبالتالي هو لن يستطيع إبعاده دون إيلامها!
دقائق قضوها في إقناعه بالموافقة، وحين لمح الرجاء في عيني فتاته اضطر لأن يرضح لرغبتهم التي تخالف هواه، لكنه مع ذلك تمسك ببقايا كبرياء وهو يقول:
_وجعتوا دماغي ووافقت، ملمحش طيفك بقى قريب منها قبل ما تخلص تعليم، الخطوبة ما هي إلا وعد بالزواج، تمام كده؟
صدمة جديدة حلت على جميع الجالسين، قبل أن يتجاهل عز حديث طارق وهو يشير لابنه نحو مقاعد مكشوفة بجهة أخرى من الرواق:
_قوم يا زين؛ خد جميلة واقعدوا اتكلموا شوية هناك.
رفع زين عينيه برفق ليتبين ردة فعل طارق الذي كان في أوج غضبه، قبل أن يسمع أباه يعيد:
_يلا يا زين متتكسفش.
ثم أشار لجميلة هي الأخرى:
_يلا يا عروسة.
_عز!
هتف بها طارق بحدة دفعت عز للرد بوقاحة:
_تعرف تنقطنا بسكاتك!
وقبل أن تطول عز شذرات غضب طارق أمسكت رقية بذراعه ترجوه أن يهدأ ويمرر الأمر على خير، في الوقت الذي أمسكت فيه عين بيد زين ليتحرك نحو المكان الذي أشار إليه والده، كما دفعت الفتاتان جميلة متيبسة الجسد لتجلس قبالته!
_أبوكي عايز يولع فيا، ومعتقدش هيصبر علينا كتير، فاتكلمي أرجوكي.
قالها زين برجاء وهو ينظر إلى جميلة التي لم تفارق عيناها الأرض من فرط الخجل الذي ألم بها رغم أن السعادة كانت تبدو وكأنها على وشك أن تقفز من عينيها؛ إنها لحظات القلق الأكثر طمأنينة!
ازدردت جميلة ريقها تحاول جاهدة أن تهدئ من ضربات قلبها التي إن استمرت على هذا المنوال ستفضحها أمامه دون شك، لذا تجاهلتها وهي تسأله:
_عايزني أتكلم أقول إيه؟
ابتسم زين بحنو بالغ وهو يرى خجلها يسيطر عليها بهذا الشكل الذي يحبه ويتمناه، وكيف لا وقد نشأ بين عين البريئة، ونسختها المصغرة المتمثلة في أخته نور، وأثناء شروده بها عاتب نفسه بشدة؛ كيف لم ينتبه لها من قبل!
_أنتي تتكلمي تقولي اللي أنتي عايزاه، بس أنا عايزك تقولي حاجة واحدة وبعدين براحتك لحد ما أبوكي ييجي يشيلني من هنا.
ضحكت جميلة بخفوت على حديثه مدركة تمامًا مدى صحته، والدها لو طال أن يحمله من هنا لفعلها حقًّا!
_تتجوزيني؟
قالها بدفء غريب تسلل إلى قلبها لترفع عينيها إليه رغمًا عنها للمرة الأولى وهو ينظر لها، تبحث عن مصدر هذا الدفء، لتجده متمثلًا في زين؛ حب الطفولة والمراهقة والشباب، والذي لطالما تمنت أن يكون حب العمر!
_أنا هعتبر النظرة دي هي الإجابة!
قالها زين بحب تبينته للمرة الأولى وهي ترى شعاع الدفء الذي تسلل إلى داخلها يطل من عينيه ليشملها بنظرة دافئة بثها فيها كل مشاعره التي أراد أن يخبرها بها، قبل أن تنتبه إلى أنها شردت كثيرًا وهي تنظر له، لتخفض عينيها سريعًا؛ تتساءل في نفسها؛ أي سلاح امتلكه أجبرها أن تكون أسيرة له بهذا الشكل!
التفت زين على صوت طارق الذي علا وهو يتشاجر مع عز، ليعود بنظره إلى جميلة هاتفًا بضحك:
_أبوكي هيموت من غيرته عليكي.
ثم تابع بعبث:
_وبصراحة حقه!
وقف زين بعد حديثه قائلًا:
_تعالي نروحلهم قبل ما يقفشوا في بعض عن كده.
وكانت هي مسلوبة الإرادة بما يكفي لتتبعه دون تعليق!
_ تقعد مخطوبة أربع سنين ليه إن شاء الله؟ إيه ممعاكش تجهزها!
تساءل عز بنبرة متهكمة، زادت من غيظ طارق الذي أجاب:
_وأنت مالك يا أخي! بنتي وأنا أدرى بمصلحتها، مش عايز المسؤولية تشغلها عن دراستها!
تنهد عز محاولًا استدعاء الهدوء الذي أخرجه طارق عنه قبل أن يقول:
_ماشي يا طارق، مش هيتجوزوا غير لما تخلص تعليم.
وقبل أن تكتمل تنهيدة الراحة التي خرجت من طارق؛ تابع عز:
_بس هيكتب عليها دلوقتي، كتب الكتاب مش مسؤولية، وهم مش لسة هيتعرفوا عشان يلتزموا بضوابط خطوبة، وكلمة كمان أقسم بالله لأتصل بفارس ييجي يبقى وكيلها وآخدهم أجوزهم غصب عنك!
قال عز جملته الأخيرة بنبرة مهددة، لم يكن طارق لينصاع لها لولا أن رأى ابنته على وشك أن تطير من الفرحة، وهو رغم أنانيته فيها، إلا أنه لم يكُن يومًا أنانيًّا معها!
أنت تقرأ
غيبوبة "ليصبح كل ما تعيشه غيبوبة في الحياة" {مكتملة}💙!
Mystery / Thrillerرواية أروع من أن توصف💙!