الفصل الرابع

2.4K 215 291
                                    

"صلى الإلهُ عَلَى الشَّفِيعِ المُجْتَبَى
مَا أسْفَرَتْ شمسٌ وَدَارَ الكوكَبُ"💙!

•ﷺ.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}💙

**************************************
#غيبوبة.
#ليصبح_كل_ما_تعيشه_غيبوبة_في_الحياة.
#زينب_إسماعيل.
#الفصل_الرابع.

"وبكت كما لم تفعل من قبل، بكت بكل الحواس كأنها لا تبكي، بل تذوب دفعة واحدة وتمطر!"
                                                                شيماء سعد.

أشرق صباح لم تتمنّ يومًا أن يأتي، فكرة أن تموت ثم تُبث الروح فيك مجددًا، وما تكاد تلتقط أنفاسك حتى تُقتل بأبشع الصور.. في حد ذاتها مميتة!
هكذا هي؛ كانت ميتة أحيتها كلماته، لكنه سلبها حق الحياة في نفس الوقت الذي منحها فيه إياه!
الألم الذي يسكن روحها يوازي ذاك الذي يحتل جسدها، ضلوعها تئن بصمت، وشهقاتها تصرخ بخفوت، والوجع الذي تشعر به لا تضاهيه أوجاع الكون أجمع!
تململ في سريره ليفتح عينيه ببطء من ضوء الشمس الذي داعب مقلتيه، بدأ يفيق شيئًا فشيئًا حتى قام ليفاجئ بها متكومة في أحد أركان الغرفة، وتبدو كالصنم!
كانت تجلس في زواية ما ضامة ذقنها إلى ركبتيها، تبكي بلا صوت، فقط سيل من الدموع يندفع من عينيها ليشق طريقه عبر وجنتيها، ومع كل دقيقة تمر يزداد انهمارًا، وجهها شاحب كأنما فارقته الحياة، عيناها متورمتان من أثر البكاء طوال الليل، لتبدو على وشك الاحتضار!
اقترب عز منها ليسألها ببرود، وكأن شيئًا لم يحدث:
_أنتي منمتيش؟
لم تحرك ساكنًا، بل ظلت على حالتها كما هي، ليتابع هو بضيق:
_ما خلاص بقى يا نور، أنا مضربتكيش بالنار يعني، واللي حصل بيننا ده شيء طبيعي، أنتي مراتي شرعًا وقانونًا!
شرعًا وقانونًا!
أي شرع وأي قانون؟
القانون الذي تحايل عليه بتمثيل جريمة لم تحدث حتى يرتكبها بعد ذلك دون عقاب!
أم الشرع الذي لا يعرف عنه حتى مبادئه!
تنهد بملل من عدم استجابتها، ثم غير أسلوبه أملًا في إخراجها من هذه الحالة قائلًا:
_نور، أنا عارف إنك زعلانة مني، بس لازم أنتي كمان تعرفي إنه غصب عني، إزاي تبقي ملكي وأحرم نفسي منك، يا نور أنا بحبك!
الحب وما يندرج تحته من مصائب شتى هو بريء منها، الحب الذي هو أسمى من نظرة محرمة، أو تفكير شهواني، الحب الذي كرهته على يديه، الحب الذي لا يعلم عنه شيئًا!
وقف ليرسم ابتسامة هادئة على شفتيه ثم اتجه إلى المطبخ، وبعد دقائق عاد ولازالت الابتسامة الهادئة تزين ثغره ليقول:
_ابسطي يا ستي، أول مرة أعمل فطار لحد.
بدأ ينظر إلى الأطباق الموجودة أمامه واحدًا تلو الآخر وهو يرى الأصناف الجاهزة التي لم يفعل شيئًا سوى جلبها من الثلاجة إلى الأطباق الموضوعة على الصينية، ليردف بمرح:
_هو مش أنا اللي عامله أوي يعني، بس هنعتبر كده عشان روحي المعنوية، يلا افتحي ب..
لم يكَد يكمل جملته حتى انتفضت لتلقي بما أتى به أرضًا، تهشمت الأطباق وافترش الطعام الأرض، ودوّى صراخها:
_أنت إيه؟ مبتحسش؟ معندكش دم؟ مفيش إحساس؟ ما كفاية اللي عملته فيا، حل عني بقى، آه..
صرخت بتأوه حين قطع حديثها قبضته التي كادت تمزق خصلاتها، لتسمعه يهمس جوار أذنها بفحيح:
_صوتك ميعلاش عليا، وأجيب الأكل لحد عندك تاكلي ورجلك فوق رقبتك، ووشك ده يتفرد عشان مزعلكيش، فاهمة ولا أشرحلك أكتر؟
تزامنت صرختها الثانية من شدة ضغطه على شعرها مع عُلُو صوته فجأة:
_اوعي تفتكري إني مش هقدر عليكي، لأ فوقي يا نور، أنا عز المصري، عارفة يعني إيه ولا أعرفك!
ومع آخر جملة قالها أصبح صوته جهوريًّا ليرمي بها على السرير قائلًا بتحذير:
_حسك عينك اللي حصل ده يتكرر تاني، أنتي لسة متعرفينيش، خلينا حبايب أحسن، ومتتعوديش تقفي قدامي كتير عشان متندميش!
ثم خرج لتتكوم مجددًا حول نفسها، ظلت تبكي بألم شديد حتى جفت مآقيها، ترجو طوق نجاة تتمسك به، ولكنها تعلم أنه قد فات الأوان، فقد فقدت أعز ما تملك، أو هكذا ظنت!

غيبوبة "ليصبح كل ما تعيشه غيبوبة في الحياة" {مكتملة}💙! حيث تعيش القصص. اكتشف الآن