الجزء الثاني الفصل الرابع عشر

636 47 16
                                    

"صلى عليكَ إلهي كُلّما شَرَقت
شمسٌ لتعلن بعد اللّيل إصباحًا"💙!

•ﷺ.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}💙

**************************************
#غيبوبة.
#ليصبح_كل_ما_تعيشه_غيبوبة_في_الحياة.
#زينب_إسماعيل.
#الجزء_الثاني.
#الفصل_الرابع_عشر.

"كل ما في الأرض من فلسفة لا يُعزّي فاقدًا عمن فقد!"
                                                        إيليا أبو ماضي.

أتى رمضان ليداوي جراح الجميع ويربت على قلوبهم بالطمأنينة التي تحل بحلوله، والدفء الذي يتوغل إلى النفوس بمجرد قدومه.
جلس ياسين بغرفة أمه متذكرًا كيف كان رمضان في حضورها كل عام، وكيف سيكون بعد أن غادرت بدءًا من الآن!
رمضان نفسه لكن ينقصه طعامها الشهي وحضورها المميز، ينقصه أن تكون ريم هنا!
انتبه ياسين على صوت فارس وهو يقول:
_ياسين أنت لسة ملبستش؟ يلا زمان كله اتجمع، عمك أحمد مبيحبش حد يتأخر عن الفطار.
أومئ ياسين بهدوء ناسب انكساره في الآونة الأخيرة، ثم قال:
_حاضر يا بابا، طالع ألبس أهه.
تركه فارس ليرد على أحمد الذي هاتفه ليوبخه على التأخير، وقبل أن يغادر غرفة ريم، وقعت عيناه على مذكراتها الموضوعة بين ثيابها بالخزانة بإهمال، والتي غفل عنها رغم شوقه لقراءاتها، فتناولها مغلقًا الخزانة قبل أن يتوجه لغرفته ويرتدي ثيابه تاركًا إياها أسفل وسادته، ينوي أن يبدأ فيها حين يعود.

***********************
اجتمعت النساء داخل منزل نور؛ كل منهن تحاول ألا تستدعي حزنها على ريم فتفسد فرحة الكل بأول أيام شهر رمضان المبارك، لذا؛ ما إن علا صوت الأذان حتى دعت كل منهن لريم قبل أن تفطر، في حين زادت روان دعوة لأميها، وهي ترجو من الله أن ينير قبرهما ويغفر لهما.
تناولوا الإفطار في جو هادئ يشوبه القليل من الحزن لغياب المرح المعتاد الذي كانت تضفيه ريم على جلستهن، لكن في النهاية.. انتهى الإفطار.
لاحظت روان نظرات غريبة من جميلة، والتي لم تجِد لها معنى، وحين أمعنت التفكير في الأمر، اكتشفت أنها منذ رأتها للمرة الأولى كانت نظراتها نفسها رغم أنه كان اللقاء الأول.
وقفت روان بصُحبة نور وشيرويت وجميلة في المطبخ بعد أن حملن الأطباق إليه؛ واحدة تشرف على جلي الصحون بالصابون، وأخرى تتولى تخليصها منه بالماء، وثالثة تجهز أكواب الشاي، ورابعة ترص أطباق الحلوى التي تعتبر طقسًا أساسيًا في ليالي رمضان.
تحركت شيرويت حاملة أكواب الشاي للخارج؛ حيث يجتمع الرجال، وخلفها جميلة بأطباق الحلوى، فانفردت روان بنور لتسألها مباشرة:
_نور هي جميلة طبعها مع الكل كده ولا هي متضايقة مني في حاجة؟
تعجبت نور من ملاحظة روان لغرابة جميلة معها مع أنها لم تعرفها من قبل، وهي نفسها لا تعلم السبب، فردت باستغراب وهي تجيبها:
_هتضايق منك في إيه، لأ عادي.
_لأ مش عادي.
نفت روان، ثم فسرت:
_هي بتبصلي بنظرات مليانة غيظ وضيق، بحسها مش طايقاني، وفي نفس الوقت في لمعة حزن في عينيها جنب كل ده.
أنهت حديثها ثم ضيقت عينيها وهي تنظر لنور مجددًا تتساءل:
_هي بتحب زين؟
بهتت نور من وقع السؤال على أذنيها، واضطربت ملامحها بشكل واضح لروان؛ حيث لم تستطِع مجابهة صراحتها اللامتناهية، وقبل أن تعلق، تابعت روان:
_تبقى بتحبه، أنا حسيت بكده، حتى اتكلمت معاه في الموضوع ده بس هو استغرب وقالي مستحيل وبتاع، لكن أنا قلت أكيد سرها معاكي وهتبقي عارفة اللي هو ميعرفهوش.
تنهدت نور وهي تنظر للخارج لتتأكد من أن جميلة لم تعُد بعد حتى تأخذ أطباق الحلوى المتبقية للنساء، ثم عادت بنظرها إلى روان لتسأل بصوت منخفض:
_اتكلمتي مع زين قولتيله إيه؟
رفعت روان حاجبها الأيسر قائلة بمراوغة:
_مش هقولك عشان أنتي بتلفي وتدوري عليا.
وقبل أن تتحدث نور مجددًا؛ ظهرت جميلة وخلفها شيرويت، لتأخذا ما بقي للنساء.
_أنتو لسة مخلصتوش؟ يلا عشان الشاي هيبرد والكنافة مش هيبقى منها حاجة، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
ألقت شيرويت حديثها بنبرة محذرة، ثم تحركت للخارج وخلفها جميلة الصامتة، قبل أن تعود نور لتحادث روان بشيء من القلق:
_جميلة صاحبة عمري، وزين أخويا الوحيد، آه بتحبه، وآه هو مش واخد باله منها، بس ليه هتبقى مش طايقاكي، أنتي إيه دخلك، ده أخوكي!
ضربت روان رأسها برفق وهي تشرح الأمر:
_ركزي يا أم مخ تخين، أنا ظهرت في حياة زين قبل ما نعرف إننا أخوات، وكلكم عرفتوا إننا حبينا بعض، فأنا بالنسبة لجميلة البنت اللي سرقت منها قلب زين، كوني طلعت أخته ده لا يمنع إنها تحس بالحقد عليا لأني كنت الحب الأول في حياته، حتى لو كل الكلام ده مبقاش موجود ولا ليه لازمة.
_أنتي فهمتي كل ده إزاي؟
تساءلت نور بتعجب واضح، فضحكت روان بود قبل أن تقول لها:
_أنتي بس لسة صغيرة ومجربتيش تعيشي قصة حب قبل كده، بكرة تعرفي.
وضعت آخر الأطباق التي غمرتها بالماء في مكانه ليجف، ثم تحركت تنوي الالتحاق بمجلس النساء قبل أن تستوقفها نور متسائلة:
_طب وبعدين؟ جميلة مش كويسة، هي بطلت تتكلم، بس أنا حاسة بيها.
ربتت روان على كتفها بحب قبل أن تطمئنها بقولها:
_متقلقيش، سيبيها عليا.

غيبوبة "ليصبح كل ما تعيشه غيبوبة في الحياة" {مكتملة}💙! حيث تعيش القصص. اكتشف الآن