الفصل العاشر

1.7K 163 53
                                    

"صَلَّى عليك اللهُ ما طيرٌ شَدا
في الواحةٍ الغنّاءِ باحَ وغرَّدا"💙!

•ﷺ.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}💙

**************************************
#غيبوبة.
#ليصبح_كل_ما_تعيشه_غيبوبة_في_الحياة.
#زينب_إسماعيل.
#الفصل_العاشر.

"ويحقُ لكِ أن تتوهجي وتُنيري العالم بتوهُجكِ، أن تُضاء عُتمتكِ، فتزهري مِن جديد!"
هاجر وليد.

وأخيرًا زالت الغمة وأصبحت حرة!
جلست نور تتذكر طلاقها وهي تنظر لوجهها بالمرآة، ترى عكس اسمها شكلا وموضوعًا، مررت عينيها على ملامحها لتقول بحزن:
_ضلمتي يا نور!
أغمضت عينيها لتهوي دمعة هادئة على وجنتها اليسرى قبل أن تتجه للهاتف الذي تعالى رنينه برقم غريب.
_آلو.
خرجت منها بنبرة متثاقلة، قابلت نقيضتها المليئة بالحيوية، والحماس، والحب!
_ازيك يا نور.
خفق قلبها بعنف ما إن سمعت صوته الذي أعلمها هويته على الفور، أبعدت الهاتف عنها لثوان ظلت تتنفس فيها سريعًا، وكم كانت ممتنة لذلك الهاتف الذي لا يكشف هيئتها!
أصاب القلق قلب أحمد الذي لم يتبين منها أي رد ليتساءل:
_نور أنتي كويسة؟
ازدردت ريقها، ثم تنحنحت لتجلي صوتها قبل أن ترد:
_أيوة مين معايا.
ابتسم بهدوء لكشفه تصنعها عدم معرفته، مما جعله يراوغها قائلًا:
_أنتي مستنية مين يكلمك يطمن عليكي غيري؟
اهتزت حدقتي نور لتسأله بارتباك واضح:
_أنت جبت رقمي منين؟
اتسعت ابتسامته حين قال:
_عرفت من عين خبر حلو عنك وأصريت آخد نمرة تليفونك، مبروك طلاقك.
ضحكت بشدة من سخرية الموقف برمته، الحالة الوحيدة التي يبارك للمرأة فيها على طلاقها، استثناء هي!
تاه في نغمة ضحكاتها لتتسع ابتسامته أكثر وأكثر حتى قال:
_عايز أقابل الدكتورة بتاعتك.
ابتسمت بخجل لتقول:
_هاخدلك معاد منها حاضر.
أنهى حديثه بقوله:
_أشوفك بكرة في الاستديو، أظن كفاية هروب كده.
ثم أغلق دون أن ينتظر ردها، وكأنها كانت سترد!

***********************
صباح يوم جديد استقبلته نور بحماس زائد وقد شعرت وكأنها عصفور خرج من القفص أخيرًا، تقابلت مع عين لتتجها إلى محل عملهما سويا، دقائق ورأت أحمد من بعيد يضحك بشدة بصحبة فتاة توليها ظهرها!
انقبضت معالمها لتبدأ بالرجوع للخلف، وعين تحاول إقناعها بكل الطرق أن أحمد ليس من الشباب الذين يجالسون الفتيات، وأنه يجب عليها أن تفهم من هذه أولًا، لكن رد نور كان قاطعًا:
_يعرف بنات أو ميعرفش متفرقش معايا، هو حر في حياته، وأنا كمان حرة، يلا نمشي.
_بس نور..
قاطعت توسلها بحزم حين قالت:
_يلا يا عين.
وبالفعل أوشكت نور أن تذهب بصحبة عين إلا أن صياحًا باسمها تعرفه جيدًا جعلها تلتفت، لتفاجئ بأن جليسة أحمد، ما هي إلا بشرى؛ طبيبتها النفسية!
نظرت لعين بتعجب لتسألها:
_هي بشرى عرفت أحمد منين؟ أنا لسة مكلمتهاش!
حركت عين كتفيها دلالة على عدم المعرفة لتقطب نور حاجبيها باستغراب، ثم اتجهت إليهما، بينما منذ قليل كان أحمد ينتظر قدومها بفارغ الصبر وعيناه لا تفارقان باب الدخول، حتى التمعتا فور رؤيتها لتشاكسه بشرى قائلة:
_هي الحلوة هلت ولا إيه؟
لم يتمالك نفسه من الضحك وهو يرى شقيقته الكبرى الجادّة تمزح لمجرد علمها بأنه أصبح يحب إحداهن، عاد يتذكر يوم لقائه الأول بنور حين رجع لمنزله ليمسك بالحاسوب الخاص به يقلب بين صورها لتمسكه بشرى، وكأنها ضبطته بالجرم المشهود!
_قفشتك، بتحب جديد من غير ما تقولي!
أغلق أحمد الحاسوب فورًا لتتابع بشهقة:
_يا نهارك ما يعلم بحاله إلا ربنا، أنت مش عايز توريهالي!
رفع كلتي يديه ليقول بهدوء:
_ممكن تهدي، أول ما أرسى هعرفك عليها، دلوقتي ادعيلي بس.
أومأت بغيظ:
_ماشي يا أحمد بيه.
ثم انصرفت ليفاجئ بها في اليوم التالي ترتدي ثيابها وتصر على الخروج معه حتى لمحل عمله، كي ترى تلك التي حركت قلبه، طالما لا يريد هو أن يفصح عنها، ومنذ ذلك الحين لا تنفك عن اصطحابه حتى جاءت معه اليوم للمرة السابعة على التوالي أملًا في رؤيتها!
أفاق من شروده على صوت بشرى وهي تنادي نور!
اقتربت نور لتسلم على بشرى التي سألتها:
_أنتي بتعملي إيه هنا؟
أجابتها نور بأن هذا محل عملها لتتابع بشرى وهي تضرب جبينها بتذكر:
_يا خبر، بتشتغلي مع نفس شركة الإنتاج اللي بيشتغل معاها أحمد وأنا معرفش!
تدخل أحمد في الحوار متسائلًا:
_أنتو تعرفوا بعض!
أمسكت بشرى بيد نور مرددةً:
_نور يا سيدي تبقى إحدى صديقاتي المقربات، وأحمد يا نور يبقى أخويا الوحيد.
_أخوكي!
خرجت بنبرة مصدومة من نور وعين التي وضعت كفها على فمها تكتم شهقة كادت أن تنفلت منها، وقطع التوتر الذي ساد الموقف ضحكات نور الهيستيرية والتي لم يعلم سببها إلا عين!
تحدثت نور من بين ضحكاتها:
_مش محتاجة تكدبي وتقولي إني صاحبتك يا دكتورة.
_دكتورة!
ضحكت نور بصوت أعلى على همسة أحمد المصدومة:
_آه، الدكتورة بتاعتي.
ثم أشارت لبشرى نحو أحمد وهي تتابع:
_العريس اللي متقدملي.
_إيه!
شهقة مستنكرة غادرت كل من أحمد وبشرى اللذان نظرا لبعضهما بصدمة، لتعلو ضحكات نور بشكل ملفت للانتباه، حتى وضعت كفها أعلى شفتيها قائلة:
_آسفة آسفة بس مقدرتش مضحكش.
ثم التفتت تنوي المغادرة حين أمسك أحمد بمعصمها قائلًا:
_أنتي متفقتيش معايا هنتجوز امتى!
ضحكت نور مجددًا لتقول:
_معلش أصلك لسة مش متخيل، الدكتورة هتشرحلك وأوعدك هترجع في كلامك، بس بجد شكرًا يا بشمهندس، أنت من غير ما تاخد بالك ساعدتني آخد خطوة مهمة أوي في حياتي، بجد شكرا.
ثم سحبت يدها وانطلقت بعيدًا بعد أن تخلصت بصعوبة من مرافقة عين بحجة أنها تود الاختلاء بذاتها.

غيبوبة "ليصبح كل ما تعيشه غيبوبة في الحياة" {مكتملة}💙! حيث تعيش القصص. اكتشف الآن