"فور أن استمعت "حفصة" إلى صوت إغلاق باب الغرفة، خرجت من المرحاض؛ لتتوجّه إلى باب الغرفة وتُحكم إغلاقه جيّدًا، وكأنها تُحاول التخلّص من كل سبيلٍ قد يجمعُها بطيفِ أي شخصٍ عدا ذاتها.
توجّهت بعد ذلك إلى الفراش، وفور أن استقرّت فوقه، التقطت هاتفها؛ لتُهاتف "فريدة"، والتي ما إن أجابت اتصالها، حتى انطلقت تسرد عليها تفاصيل ما قاله والدها بانهيارٍ تركتها "حفصة" تُفرغه بعد أن أرغمت نفسها على الهدوء للحظات.
انتهت "فريدة"، وما إن سألت رفيقتها عن حالِها، حتى انفجرت "حفصة" في البكاء دون أن تقدر على الحديث.
بكت مُطوّلًا دون أن تشرح شيئًا مما حدث، وعلى الجانب الآخر استمعت لها "فريدة" بهدوء، تاركةً إياها تُفرغ ما بداخلِها بلا مُقاطعة.
- فريدة... أحمد بيرن تاني... هرد عليه.
ولم تنتبه إلى ردّها؛ فأغلقت المُكالمة وهي تستجيب لمُهاتفة زوجها التي لم تكن الأولى، والذي هتف فور أن وصل صوتها إلى مسامعه:
- أنا تحت يا حفصة، انزليلي.- أحمد.
همست باختناق، مُحاولةً إثنائِه عن أيٍّ مما يُريد، طالما أنه يتضمّن خروجها من غرفتها وهي في مثل حالتها تلك، لكنه عاد يهتف بثبات:
- يلا يا حفصة أنا مستنيكي قدام الفندق، سلام.وهكذا كانت أمامه بعد ما يقارب النصف ساعة وهي تُحاول السيطرة على نوبةِ بكائها التي لم تُنهها بعد.
- تعالي... هنتمشّى شوية.
هتف، ولم يدَع لها مجالًا للرفضِ أو الاعتراض، بل جذب كفّها بين يده التي نزع عنها قفازها لتوه، ثم انطلق يسير وهي إلى جوارِه.- حقك عليا يا حفصة.
هتف بعد فترةٍ طويلةٍ من الصمت، و"حفصة" لم ترد.لم تكُن تدري بما يجب عليها أن تُجيبه، لكنها لم تُحبّذ اعتذاره المُبطّن بالمُراعاة الذي زاد من اختناقها؛ فهو لم يُخطئ في شيء.
في كل ما دار ولا يزالُ يدور حولهما، لقد أدركت الآن أن "أحمد" لم يُخطئ بشيء، بل إنه لطالما كان مُراعيًا كما الآن، لماذا إذن يعتذر؟
- حفصة كلميني... قوليلي حاسة بإيه؟ عايزة إيه طيب وأنا هعملهولك.
لمَ فقط عليه أن يكون هكذا؟ ولمَ هي دائمًا هكذا؟
- حفصة... كلّميني وفهّميني مالك طيب وأنا والله هعملك اللي انتي عايزاه.

أنت تقرأ
اضطراب -قيد الكتابة-
Romanceقلبتُ عيناي بين عمّاتي وأعمامي الذين لاحظتُ وقوفهم معًا بعيدًا وقد انشغلوا في الحديث سويًا، لأنتبه بعد لحظات إلى الباب الذي فُتح، التفتُّ لأرى من الآتي؛ لأرى عمي الأكبر "حسين" يدلف سريعًا، ليدلف من خلفه ذلك الشاب الغريب. شاب!! رمقتُه ببطء من أعلاه ل...