الفصل الثاني
دلف لداخل غرفة نومه، سقط بجسده المثقل جالسًا على طرف التخت، زافرًا دفعة كثيفة من الهواء المحمل بهمومه التي لا تنتهي، شبك كفيه في الأمام، ناظرًا في الفراغ أمامه بتفكير متواصل، ألا يكفيه المسؤليات العديدة المعلقة بكاهله بصفته كبير للعائلة بعد أن نصبه جده الراحل قبل موته لهذه المهمة؛ واضعًا ثقته الكبيرة به، والتي جعلت الجميع يرضخون لطلبه، حتى وعلى غير اردتهم، وقد خلق ذلك له العديد من العداوت من داخل العائلة ومن خلفها، حتى لو ادعى اصحابها غير ذلك، لكنه يعلمهم ويعرف الطريقة الجيدة للتعامل معهم.
أما بداخل منزله، كيف يتصرف مع الطرف الأعوج، زوجته المغرورة بجمالها وحسبها ونسبها، ثم زواجها به، اكبر رأس في العائلة، مما خلق بداخلها التعالي حتى على أقرب القلوب إليه، شقيقة روحه" روح" هذه النسمة الرقيقة سبب تعبه ومشقته أيضًا.
لا يعلم السر بها، وبرفضها التام لكل طالب يتقدم لخطبتها، ابناء عُمد ورجال اصحاب مناصب، وعائلات لها وزنها في المحافظة بأكملها، ولكن لا فائدة، كم من المحاولات الشاقة التي أجراها معها في كل مرة منهم كي تقتنع؟ حتى الضغط بالخصام وهذه المشاعر الأخوية القوية بينهما، لا تأتي بهمها، وهي دائمًا ما تغلبه ببكاءها.
تبكي حتى تمزق نياط قلبه وجعًا على حالتها، وقد تزوجت كل فتيات العائلة وانجبن اعداد من الأطفال، وهي الوحيدة التي ما زالت على حالها، يقتله الشوق لزواجها، ورؤية من تنجبهم بالتأكيد سيأخذون قطعة من قلبه كوالدتهم، لكن ما السبيل والحمقاء زوجته، تضعها فوق رأسها وكأنها المتسبب الرئيسي لهذا الشقاق الدائم بينها وبينه؟
ما السبيل وقد نال خصومة أقرب الرجال من ابناء عمومته عارف؟ والذي قبلت به على مضض منذ عدة سنوات، وبعد إلحاح شديد منه، حتى صدمته بعد ذلك بطلبها لفسخ الخطبة، لقد كاد أن يجن وجاء رده حينئذٍ برفض تام، بعدما تأكد انه لا يوجد أسباب ظاهرة، سوى الحُجة الملازمة بها دائمًا، بأنها مختنقة وروحها غير مرتاحة.
اسباب واهية كان في استطاعته التغاضي عنها ولكن مع إصرارها، والبكاء المتواصل حتى وصل بها أن تمرض، مما أجبره على الرضوخ لرغبتها، متخليًا عن صداقة العمر لابن عمه، والحرج الشديد من والده، ثم نظرات اللوم التي تتبعه أينما ذهب حتى الآن.
لكن مهما حدث ومهما لاقى من اوجاع تترك صداها مرار في حلقه، لن يأبى سوى بمصلحتها، سيكرر المحاولات لكن ابدًا لن يجبرها على الزواج بأحدهم على غير رضاها، ابدًا
❈-❈-❈
مضجع على فراش تخته بجسد منهك، وانفاس متقطعة، يدلك بكف يده على صدره، وزوجته جالسة بجواره تتطلع إليه بألم، وتربت على كفه بحنو، حتى خرج سؤالها بشفقة:
- وبعدين يا عبده؟ إيه اللي هيعود عليه من كتر التفكير وشيل الهموم؟ سوى المرض ولا أي حاجة عفشة لا جدر الله، سيب امورك لله يا راجل.
![](https://img.wattpad.com/cover/349691278-288-k922050.jpg)
أنت تقرأ
ميراث الندم الجزء الاول والجزء التاني نسائم الروح
ChickLitوضعها القدر تحت رعايته، لتستنجد به من غدر أعز الأحباب لديها، من أجل حمايتها، متعشمة في رجولته كي يساندها، حتى تسترد حقها وما سلب بخسة منها، ولكن ما لم تحسب حسابه هو أن تقع اسيرة بين يديه، وقد اغراه الطمع في فتنتها، يريد الاستئثار بها ، يختلق الحجج و...