الفصل الخامس عشر

22.1K 907 38
                                    

الفصل الخامس عشر

أحكمت لف الحجاب حول رأسها، بعد أن ارتدت عباءتها السوداء، ثم جهزت صغيرها جيدًا قبل أن تخرج به من غرفتها نحو الذهاب الى الوجهة التي تقصدها.

- انا طالعة ياما ومش هتأخر بإذن الله.
هتفت بها على عجالة نحو والدتها التي كانت ترتشف من كوب الشاي خاصتها بعد الانتهاء مباشرةً من وجبة الإفطار، والتي ردت توقفها:

- استني يا نادية، برضوا منشفة راسك وهتروحي لوحدك؟

استدارت اليها بتنهيدة متعبة، فهذا السؤال سأمت من تكرار الإجابة عليه منذ الأمس:
- تاني ياما؟ ما انا جولتلك كذا مرة روحي معايا من امبارح، انتي اللي مُصرة انك تتأخري،  وانا مينفعش أأجل ولا اتأخر.

قابلت جليلة قولها بضجر، لتقارعها بانفعال:
- وانتي لو مروحتيش هتتكتبي غياب يعني؟ مش جادرة تستني على ما اروح اطل على حال البيت واشوف البهايم شبعانة ولا جعانة، ولا الطير كمان، مرة اخوكي محدش يعتمد عليها

- يوووه ياما، ما انا عارفاكي والله سايبة حالك ومالك ومجدرة، بس كمان مينفعش اتأخر على جدتي سكينة، انا سايباها اخر مرة عيانة، ودي انتي عارفة كويس جوي معزتها عندي.

زمت المرأة شفتيها تطالعها بغيظ، وقد غلبتها بحجتها، ولكنها لن تكف عن المحاولة :
- اسمعيني يا نادية، انا مجدرة يا بتي خوفك ع المرة اللي معتبراها جدتك صح، ولا حماتك اللي تتحط ع الجرح يطيب، بس احنا عملنا اللي علينا ، ايام العزا خمس تاشر يوم لحد ما خلصت مجصرناش، ولا حتى بعد كدة، بس كفاية بجى، احنا مضامنينش عمك دا ابو مخ مهفوف.

- يعني هيعمل ايه ده كمان معايا؟ سيبك ياما من الكلام ده، انا عايزة اروح اقضي الواجب مع ستي، واسلم على امي سليمة وبعدها هاجي على طول، ايه اللي يخليني بجى اصطدم معاه ولا اكلمه اساسًا؟ ربنا يهديه.

همت لتتحرك ولكن جليلة أجفلتها بقولها:
- طب وغازي الدهشان؟
تحفزت مرددة خلفها باستهجان:
- ماله كمان غازي الدهشان؟ ايه دخله في مشوار تافه زي ده؟

نهضت جليلة في محاولة لإقناعها وقد فاض بها من رأسها اليابس:
- مالهوش يا نادية، بس انتي شوفتي بنفسك، كذا مرة يشدد على عدم المرواح هناك، الراجل شايلنا من ع الارض شيل، فيها ايه بجى لما نطيعه؟

امتقع وجهها لتردف بعند نابع من رفضها التام لفرض سلطته عليها:
- حتى لو كان شايلنا من ع الأرض شيل، دخله ايه كمان يفرض احكامه عليا؟ انا طالعة ومش هستني الإذن منه، وخليه بجى يمنعني كمان لو يعرف؟

قالتها والتفت ذاهبة على الفور ، غير اَبهه بنداء والدتها من خلفها
- يا بت استني ميبجاش مخك ناشف، استني يا بت

❈-❈-❈

- نادية.
هل ارتجفت للتو؟ أم انه التوتر الطبيعي بعد تحديها لنصائح والدتها،  وضربها لتعليماته بعرض الحائط؟
ابتعلت تلتف له بتماسك واهي لتقابل بهيئته المهيبة، وهو يتقدم بخطواته الواثقة نحوها، حتى توقف أمامها ليسألها بهدوء:

ميراث الندم   الجزء الاول والجزء التاني نسائم الروححيث تعيش القصص. اكتشف الآن