الفصل الواحد والثلاثون

19.9K 719 39
                                    

الفصل الواحد والثلاثون

دلفت اليه داخل الغرفة، وقد كان جالسًا متربع القدمين على الفراش يشاهد بتركيز شديد، بالشاشة العملاقة الملعقة امامه على الحائط، إحدى مباريات المصارعة الحرة، قبل ان تجذب انتابهه بقولها الساخر:

- اخيييييه ع الجرف، ولا الريحة المعفنة، خبر ايه يا ناجي؟ هو انت اتسبحت في الطين بجلبيتك اياك؟ ييييي.

تطلع نحو ما تمسكه بيداها وتشير عليه، جلبابه الذي توسخ بالطين داخل حوض البرسيم والذي وقع بثقله داخله، بدفعة غاشمة لهذا الثور بسيوني، يذكر انه قد خلعها مع جميع ما كان يرتديه، بسلة الملابس ، قبل ان يستحم.

ردد مقلدًا نبرة صوتها بسخرية وحنق يتسائل:
- ييييييي! ولما انتي جرفانة جوي كدة، سحبتيها ليه من سلة الغسيل وجاية ماسكاها بطرف يدك، ايه اللي غاصبك؟

قابلت صيحة انفاعله ببرود ، لتضيف عليه بسماجة:
- يعني دي جزاتي يا واد ابوي، اني عايز اطمن واعرف ايه اللي حصل وخلاك تتبهدل كدة؟ اتكعبلت في حوض مروي جديد من غير ما تاخد بالك يعني؟ ولا اتزحلجت في زيطة في الشارع ؟ ولا ديب طلع عليك ومرضغك.....

- ديب لما ياكلك ويكسر عضمك كسير، ما تغوري يا فتنة، انا دماغي بتاكلني من الصبح، ونفسي الاجي حد افش غلي فيه، غوري بغتاتك دي.

أتت رئيسة على صياحه العالي لترى ما الذي اصابه :
- مالك يا ناجي بتزعج ليه؟ وانتي ايه الجلبية الزوبطة اللي مسكاها في يدك دي يا بت؟

توجهت بالاَخيرة نحو فتنة بالإشارة على الجلباب الذي تمسكه بيداها، ليسبقها ناجي في الرد :

- بتك بتستهزأ بيا ياما، جاي تتمسخر على جلبيتي اللي اتربرت في الطين لما كنت بجري على شوية عيال حرامية، نزلوا من الجبل امبارح، وانا لما لمحتهم نزلت فريت وراهم ليسرجوا حد من البلد.

قصة لطيفة اختلقها فجأة، صدقتها رئيسة حتى اشفقت عليه، لتسأله بقلق:
- لا اله الا الله، طب وليه مبلغتش ابوك ولا جماعة من العيلة ، يطلعوا معاك لحد ما تهججوا العيال دي
وتوجفوهم من أولها، انت تجري وراهم لوحدك غلط يا ناجي.

- اهو اللي حصل عاد.
ردد بها متقمصًا دوره، حتى اثار ابتسامة شقيقته، والتي عقبت تدعي الأسف:
- وه يا واد ابوي، كل ده حصلك؟ انا مسكت الجلبية وجيت اهزر معاك، لكن مكنتش اعرف ان كل دا حصلك، دا انت على كدة بطل.

رمقها بسخط، فرائحة السخرية المبطنة في كلماتها، تجعله يود القفز من محله، حتى يهجم عليها ويخرسها بالقبضة القاتلة، كما يرى الاَن أبطاله المفضلين على شاشة التلفاز، ولكنه اضطر للسكوت، معطيًا الدفة لوالدته في توبيخها، والتي وللعجب تقبلته صامتة بأدب القرود مما زاد من دهشته، حتى فاجئته بقولها فور خروج والدته، حاملة معها الجلباب من أجل تنظيفه:

ميراث الندم   الجزء الاول والجزء التاني نسائم الروححيث تعيش القصص. اكتشف الآن