الفصل الثاني عشر
وقف في انتظارها، يراقب السيارة التي تقترب وتدلف من الباب الحديدي الذي انفتح على مصراعيه، من يرى الصورة الخارجية وهذا الجمود الذي يعلو قسماته، يثمن بالفعل دوره كمسؤل وراعي لعائلة كبيرة ولها وزنها المؤثر في البلدة والمحافظة بأكملها
يبدوا كجدار شامخ، عود صلب؛ وكأنه صنع من الخرسان، يبعث في القلوب رهبة غريزية برؤيته، قوي البنية وسريع البديهة، حاسم وحازم في البت في الأمور المصيرية دون تردد، كلها صفات لا تتوافر إلا في قلة قليلة من الرجال المُختارين،
لكن هذا من الخارج، أما داخله، ومن له الحق برؤية ما بداخله؟
وقد ارتجف قلبه الاَن كعصفور بللته الأمطار في أقصى فصول الشتاء بردًا، هذا بمجرد رؤيتها تترجل من باب السيارة خلف شقيقها، الخطوة الأولى نحو ما يتنماه، جاءت اليه بأقدامها، لتبقى تحت أبصاره، حتى يفرد جناحيه عليها وعلى طفلها، ويظلل عليهما من كل خطر، يمنع عنها أي أذى حتى لو كان الثمن هو روحه، لقد كلفه الأمر لحظات من اصعب ما مر عليه، على طول سنوات عمره التي تعدت الرابعة والثلاثون، أن يشهد انهيارها، ولوعتها في افتقاد وحيدها، أن يكون سببًا في حزنها ولو لمدة ساعتين من الزمن، كنتيجة طبيعية لحيلته البسيطة.قبل يوم
((- فهمت يا واد انا بجولك ايه؟
أوما له الرجل الذي يقف امامه، يحرك رأسه بتفهم لم يقتنع به غازي ، ليعود ويشدد عليه بالسؤال مرة أخرى:.- طب سمعني انا جولتلك ايه عشان اتأكد.
ابتلع الرجل ريقه بخوف من الخطأ أمامه، ثم سرعان ما أجابه بلهفة:- ايوة يا بيه، هروح اتجنص حوالين المكان وانجي الوقت الهادي في الشارع، واول ما الاجي الواد لوحديه هجعد الاعبه واشاغله باللعب اللي معايا، لحد ما اخليه ياجي وينضم وسط العيال اللي هشغلهم السماعات واخليها فرح وانا بلففهم معايا
- جدع .
قالها غازي ليردف متسائلًا بتشديد:
- الأهم بجى في الموضوع دا كله، هتعرف تخبيه عن العيون من بين العيال؟تبسم الرجل بزهو يجيبه:
- دي ساهلة خالص يا بيه، كفاية بس البسه طربوش ورق من اللي بنعمله، حتى خلي الواد يفرح بيه،لاح على وجهه اقتناع طمئن الرجل لحظات، قبل ان يتجهم فجأة رافعًا إصبعه أمام وجهه بتهديد:
- تخلي بالك زين من الواد، عايزه ينسى نفسه في الضحك واللعب معاك، لو عرفت بس انه زعل ولا تعب هتعرف اللي هيحصلك، انت مش هتغيب عن عين الرجالة ثانية واحدة حتى، فهمني:على الفور تمتم الرحل ردًا عليه بفزع
- فاهمك يا بيه فاهمك))عاد من شروده يسحب شهيقًا مطولًا حبسه داخله قبل أن يزفره بعنف ويتقدم بخطواته نحو استقبالهم، يُذكر نفسه ان خطوته على قدر صعوبتها لكنها لم تكن الا للمصلحة، من أجل أمانها وأمان طفلها لن يتهاون ولن يترك أمرًا للصدفة بعد الاَن
![](https://img.wattpad.com/cover/349691278-288-k922050.jpg)
أنت تقرأ
ميراث الندم الجزء الاول والجزء التاني نسائم الروح
Chick-Litوضعها القدر تحت رعايته، لتستنجد به من غدر أعز الأحباب لديها، من أجل حمايتها، متعشمة في رجولته كي يساندها، حتى تسترد حقها وما سلب بخسة منها، ولكن ما لم تحسب حسابه هو أن تقع اسيرة بين يديه، وقد اغراه الطمع في فتنتها، يريد الاستئثار بها ، يختلق الحجج و...