الفصل الواحد والعشرون
- مش بعادة يعني حد يشوف وشك في ساعة صبحية كدة، ليكون صرفوك من الشغل؟
توجهت له بالسؤال، تستغرب الزيارة المفاجأة منه في هذا الوقت من الصباح، وقد اذهلها بافتراشه الارض بجوارها، في هذه البقعة المشمسة بمدخل المنزل، ليزيد من دهشتها بالرد ضاحكًا:- وه يا حجة سكينة، يعني عشان بس زورتك بدري النهاردة يبجى على طول كدة تظني انهم صرفوني، لا يا ستي النهاردة اجازة من الحكومة نفسها،
- أممم.
زامت بها لتعقب بعدم اقتناع:
- ما هو دا يخليني استغرب اكتر، هو انت بتطلع اساسًا من بيتك يوم اجازتك؟ دا انت ما بتصدج تاخد اليوم كله نوم.......... يبجى أكيد دا مشوار مهم اللي خلالك تلبس وتتأنتك كدة على وش النهار.قالت الاخيرة بإشارة نحو الجلباب الجديد المنشي الذي يرتديه، بالإضافة لرائحة العطر الذي تفوح منه بقوة، وذقنه الحليق باهتمام يلفت الانظار نحوه، ليتنشي هو من داخله لهذا الإطراء الغير مباشر، مستشبرًا داخله بانتباه والدته، لهذه الهيئة الجديدة منه.
عدل من ياقة جلبابه في الأعلى ليردف بزهو:
- لا يا ستي مفيش اي مشوار، انا جايلك النهاردة مخصوص اشوفك يا غالية، عشان اطمن على صحتك، خصوصي بعد ما عرفت ان جوز الحربيات بنتتك هجوا على بلادهم مع عيالهم التيران.ردت بشبه ابتسامة ساخرة لاحت على جانب فمها:
- والله وفيك الخير يا سيدي، بس عشان تعرف يعني، خواتك روحوا لأجل ما يخلصوا مصالحهم بس هناك، لكنهم كام يوم كدة وراجعين، اهم ع الحال ده بجالهم مدة، يروحوا وياجوا الحمد لله الطربج بجى سهل معاهم بعد العربية اللي جابها عيسى.- يعني واخدين الطربج سويجة.
عقب بها باستنكار رافعًا طرف شفته ، ليستطرد بحنق:
- ما تجوليلهم يتلموا بجى في بيوتهم ومع عيالهم، لزومها ايه الشحططة والخيلة الكدابة دي؟ ولا هما ما صدجوا السكة خليتلهم وافتكروا انهم اصحاب بيت صح؟ ايه؟ نسيوا اللي عملوه لما مضوا بالتنازل على حجهم فيه.اغتمت ملامحها المتجعدة، لتشيح بوجهها عنه ناظرة للخارج، متمتمة باستياء:
- والله هما مش محتاجين حد يفكرهم، بس ع الأجل بيعملوا بأصلهم مع امهم وبيجوا يرعوها ويراعوا مصالحها مع عيالهم، ولا عايزنا انا وبت عمك نبجى محتاجين للناس؟بحماس مفاجئ رد فاردًا اصابع كفه الكبرى على صدره أمامها:
- وتحتاجوا ليه للناس وانا موجود؟ انا سداد ياما، وان كنت بعدت نفسي السنين اللي فاتت عشان ما ازعجكمش، فدا لسبب انتي عارفاه زين، لكن خلاص عاد، مفيش بعاد تاني، والواحد لازم يشيل المسؤلية اللي عليه، مش يسيبها للغريب- مين الغريب؟
رددت بها غاضبة، وقد بدات تتستشف الاَن داخلها السبب الحقيقي لتبدل حال ابنها ، وتعمده الاَن لتحسين صورته ، والتي طال تشوهها؛ حتى لم يعد هناك فرصة للتصحيح، لتردف كلماتها بقوة علّه يستفيق:
أنت تقرأ
ميراث الندم الجزء الاول والجزء التاني نسائم الروح
ChickLitوضعها القدر تحت رعايته، لتستنجد به من غدر أعز الأحباب لديها، من أجل حمايتها، متعشمة في رجولته كي يساندها، حتى تسترد حقها وما سلب بخسة منها، ولكن ما لم تحسب حسابه هو أن تقع اسيرة بين يديه، وقد اغراه الطمع في فتنتها، يريد الاستئثار بها ، يختلق الحجج و...