الفصل العشرون

18.4K 780 63
                                    

الفصل العشرون

في الجلسة التي جمعتهم حول الجدة الكبيرة، ولديها بجوارها، تتحدث معهما بسجيتها، غير عالمة بما يحدث حولها، والاثنان يتجاوبان معها في حديث يبدوا عادي، حتى لا ينتابها الشك في شيء، نظرا لزيارتهما المفاجأة لمنزل العائلة اليوم.

اتخذ غازي جلسته في الطرف بعيدًا، لينفرد بالحديث الخافت مع صديقه:

- شوفت عمك يا عارف؟ كانه الموضوع جاله على هواه ، وما صدج يلاجي جنازة عشان يشبع فيها لطم.

رد يجيبه برزانة كعادته، رغم ثقل ما يحمله بداخله من مشاعر قاتلة، وأبصاره موجهه نحوها، تلك التي جلست بزاوية وحدها بوجه منطفئ، ذهب عنه الاشراق المعتاد، لا تقوى على رفع نظرها نحو أحد منهم، ولكنها مرغمة على مشاركتهم الجلسة، حتى لا تثير بقلب جدتها الشك:

- عمك من يومه هوال يا غازي وانت عارفه، بس اطمن مش هينطج بحرف، عشان ابويا مشدد عليه، جدتي مش حمل أي زعل.

تحمحم غازي شاعرًا بالغصة التي جرحت حلقه، باستدراك جلي لتلميح ابن عمه، رغم علمه بحسن نيته، حتى عقب له ينكر بكذب مكشوف:

- تركيب وغش يا عارف، انا بس اعرف اللي عملها، وربنا لاكون معرفه مجامه زين؟

- بس انا عرفت اللي عملها؟
انتفض غازي، يردد سائلًا له بتحفز:
- مين يا عارف ابن الكلب ده؟ وجولي إنت عرفته ازاي؟
خرج صوته عاليًا بانفعال لم يقوى على كبته، حتى لفت انظار الرجلين ووالدتهما اليه، حتى مال نحوه عارف هامسًا بخفوت وحذر:
- وطي صوتك يا عم الحج، بنجولك المرة تعبانة، ولو على اجابة السؤال، انا عرفت باسلوبي اسم صاحب الرقم،

التف اليه بأعين نارية، يسأله باستهجان:
- وجاعد جمبي ساكت يا عارف!
زم شفتيه الأخير نحوه باستياء، ثم رفع شاشة الهاتف امام عينيه يرد
- يا عم افهم انا عارف جبل ما اجي هنا على طول، وبرضك صراحة مش عارفة اتصرف ازاي مع صاحبة الرقم ؟ اصله كمان مش بأسمها ، دا بإسم جوزها الميت 

ضيق غازي عينيه ليغمغم بقراءة الأسم المدون على الشاشة بتفكير عميق:
-  عبادي السناري...... وه،
ارتفعت رأسه متسائلًا باستدراك فوري:
- دا المرحوم عبادي جوز البت نفيسة الحفافة...... يا بت ال......

توقف فجأة يستعيد بذهنه مشهدها، وهي تهرول من باب المنزل الخلفي بخطواتها المسرعة، وكأنها تهرب من جرم فعلته......

نهض فجأة وبدون استئذان يجفل الجالسين بندائه:.
- بسيوني، انت يا واد يا بسيوني، تعالي عايزك حالا يا واد.

القت فاطمة بالسؤال نحو حفيدها عارف:
- واد عمك ماله النهاردة، ؟ شكله مش طبيعي،
أومأ يجيبها على عجالة وهو ينهض ليلحق به:
- مفيش يا جدة، حاجة بسيطة كدة، انت عارفة غازي جلبه حامي في أي حاجة.

ميراث الندم   الجزء الاول والجزء التاني نسائم الروححيث تعيش القصص. اكتشف الآن