أنفاس الشتاء

-⑤-

بعد أن انتهى الزفاف على خير بقيت زينب تفكر طوال الليل بما حصل بينهما و عن الكلام الذي قالته لها صديقتها تمالكها نوع من الشك ، لكن كلما تذكرت مريم ابتسمت دون أن تشعر لتتحرك فوق فراشها لم تستطع تمالك نفسها . احمرت وجنتيها فجأة حينما استوعبت بأنها كانت قريبة منها لأبعد الحدود حيث كان يفصل بينهما فاصل صغير تتصارع بينه أنفاسهما الشتوية ، زادت نبضات قلبها تدريجيا لم تعرف ما يجري معها بالضبط لكن كلام كاترين مازال يؤثر عليها .
لمحت سقوط الثلوج على ضوء القمر كيف كان منظره خلابا بعد ثواني استسلمت لنوم كالملاك الصغير ، استفاقت مبكرا فقد تذكرت بأنها تعمل في متجر فاطمة زهراء ولا يجب عليها التأخر . تناولت فطورها بسرعة لتقبل جبين والدتها ، وضعت سترتها لتمشي بخطوات سريعة على الأرض الثلجية الفاتنة بينما أنفاسها الملتهبة تظهر ليحمر انفها نظرا لشدة برودة اليوم من رغم أن الشمس أعلنت شروقها في ذلك اليوم ، وصلت بينما هي تلهث لتستغرب من تواجد الشيخ عبد الله هناك لكنها ابتسمت له لتلقي التحية بلطف : السلام عليكم شيخنا نورت المحل كأنك عم تنتظر مديرتنا ؟..
قهقه بلطف ليقترب منها ليضع يده على رأسها : ماشاء الله عليك يا زينب صايرة مرآة هلا اتذكر كنتي توصلي لركبتي الوقت عم يمر بسرعة صراحة اي خبرتني رفيقتك إنها رح توصل بعد شوي بدي ياها بموضوع مهم ..
_ طب شيخنا رجاء اقعد و رح جبلك احلى فنجان قهوة ليش تعذب حالها بالوقفة معقولة ..
ابتسمت أكثر بينما يقابل وجهها الملائكي : طالما منك ليش لا بيسعدني هاد شيء رح اقعد لكان ..
_ معقولة اتركك هيك بلاما ضيفك شيء خوذ راحتك رجاء ( ياترى شو الو شغل مع المديرة اكيد بخصوص مريم بالي مشغول اليوم لعمى بس ذكرتها احمريت شوفي جنانك وين موصلك زينب ) ...

اتجهت إلى مطبخ المتجر لتجد البعض وصل و بدأ في تحضير العجائن و كذلك رغيف الخبز ألقت التحية عليهم جميعها ، لمحتها كاترين لتهرع إليها بحماس بينما هي تقوم بوضع الغلاية لكي تعد القهوة لشيخ . بقيت تستمع إلى همسات صديقتها التي لم تنتهي بينما تراقب قهوتها : ليكي تخيلي انو مريم بعتتوا كرمالك البنت اصلن بتساوي كل شيء مشان تقضي نهار معك صحيح خبرتنا زهراء المديرة تبعنا انو رح تجيب موظفة جديدة يا ترى مين ..
قهقهت لتسكب القهوة على الفنجان لتضعه على صحن صغير : ممكن تكون أفنان ليش لا هلا رح اخذ القهوة لشيخ و بجي ساعدك بيلي تركتيه يتخمر انشغلي فيه هلا ..
_ ياويلي من هي زينب طيب طيب رح ننشغل فيه قال أفنان لو يطلع كلامها صح ياويلي كيف رح اتصرف لك ..

وضعت فنجان القهوة له ليقاطعهما صوت أجراس الباب لتدخل صاحبة المحل فاطمة لتبتسم لشيخ بقيت تمسح عنها الثلج بينما تلهث ، نظرت ناحية زينب لتتحدث : سلام عليكم شيخنا نورت محلي بجد اليوم دخلت البركة عليه زينب رجاء بنتي اعمليلي فنجان قهوة تلاقيني قعدت عند شيخنا ..
_ طيب من عيوني رح اجي فورا ..
حينما غادرت زينب جلست أمام الشيخ عبد الله الذي كان يتناول قهوته بهدوء ليقهقه : شكلي رح اجي كل يوم كرمال قهوة زينب ماشاء الله بجد المهم يا ستنا اجيت مشان حاكيكي بخصوصها ..
_ معقولة شيخنا مرحب فيك المحل كل يوم هاد شرف لالي بدك تحاكيني بخصوص زينب طيب اتفضل ..
كان سوف يتحدث لكن فضل حينما تغادر زينب فقد وضعت فنجان القهوة لفاطمة لتغادر بهدوء بينما الفضول يقتلها لتعرف ما الحديث الذي سوف يجري بينهما ، ارتشفت من قهوتها بينما رائحتها ملفتة لتقاطع كلامه قبل أن يكمل: صراحة معك حق قهوة زينب مافي منها رجاء كمل حكيك ..
_ هو اجيت مشان أخذها لزينب من شغل بس راتبها مارح يتغير أنا يلي رح ادفعوا حفيدتي طلبت هاد شيء هي بتكون رفيقتها المقربة بتعرفيني مافيني ارفضلها طلب ..
_ معقولة شيخ عبد الله بصير يلي بدك ياه هلا رح خبر زينب طالما هاد شيء بيسعد حفيدتك على عيني و راسي كمان طبيعي البنتين يتعلقوا ببعض هنن رفقات من طفولة ..
_ وانا قلت نفسي شيء لهيك وافقت على طلب مريم بدون تفكير بتمنى تجي معي رح تنبسط لما تلاقيها بالبيت رح وصي سيف يجيبها كل يوم صبح..
_ طيب شيخنا لكان اعذرني رح روح خبر البنت و بجيك مارح اتأخر استمتع بقهوتك هلا ..
وقف ليصافحها بينما هو يقهقه : منيح لكان هيك مشان تعملي قهوة بتجنن متل هي ..
ابتسمت له لتقهقه بدورها : بصير شيخنا بصير زينب يا زينب وينك يا بنتي مين كب زيت هيك بعدين لما أسألكم تقولولي و الحسين مو أنا إذا مو انتو مين اه منكم انتبهوا منيح الزيت ما يهمني يلي بتهمني صحتكم لو وحدة فيكم تنزلق لا قدر الله ..
ردت عليها كاترين بينما تمسحه من على الأرض: هي انا بعتذر منك كنت شاردة شوي رح نظف المكان لا تشغلي بالك ..
_ طيب كاترين ديري بالك عحالك بنتي هاد زينب مو لعبة يلا حبيبتي زينب تعي معي شيخ بدو ياك ..